خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
“آلية الزناد” تعني عودة عقوبات “مجلس الأمن” ضد “إيران”؛ والتي صدَّرت في العام 2006م، وكانت سببًا في فرض قيود على الاقتصاد، والسياسة، والهيكل الاجتماعي الإيراني. بحسّب ما افتتح به “إبراهيم متقي”، تحليله المنشور بصحيفة (اعتماد) الإيرانية.
وتكفلت الحوزة الدبلوماسية بتمهيد أجواء الحد من العقوبات عبر المفاوضات الثنائية ومتعدَّدة الأطراف. وبالفعل بدأت في العام 2013م، المفاوضات الجدية للحد من عقوبات “مجلس الأمن”؛ حيث تبلورت آنذاك مفاوضات إيرانية واسعة ومتعدَّدة الأطراف شملت “الولايات المتحدة الأميركية” ودول “الاتحاد الأوروبي”، والتي أفضت في العام 2015م، إلى التوقّيع على “البرنامج الشامل للإجراءات المشتركة”.
ومن ثم تهيأت أجواء الوصول إلى اتفاق مع القوى الكبرى أعضاء “مجلس الأمن” برفقة “ألمانيا”.
ماهية مفهوم “آلية الزناد” ؟
العقوبات الاقتصادية بمثابة أداة في السياسة الدولية، تؤثر على الهيكل السياسي والاجتماعي للدول.
وتعرضت “إيران”؛ بعد الثورة، للعقوبات، والقيود الدولية، والضغوط متعدَّدة الأطراف، انعكست تداعياتها على حوزة الأمن القومي. وتندرج سياسة العقوبات تحت الآليات التي تضع الدول المستَّهدفة بإزاء قيود اقتصادية شاملة ومتعدَّدة الأطراف، بمقدور كل منها تقليل مُعامل التحمل السياسي والاستراتيجي.
وبعد الثورة تعرضت “إيران” لعقوبات أحادية الجانب بعد احتلال السفارة الأميركية. وبعض العقوبات الأخرى كانت ذا طابع متعدَّد الأطراف، وكانت في الغالب من جانب هيئات مثل “البرلمان الأوروبي” أو “مجلس الأمن”؛ التابع لـ”الأمم المتحدة”.
الشكل الثالث من القيود الاقتصادية ضد “إيران”؛ يتمثّل في العقوبات الثانوية، تنص على معاقبة الدول والشركات التي تتجاهل العقوبات الأميركية على “إيران”.
وبالنظر إلى دورها في الاقتصاد والسياسة العالمية، أُجبرت جميع الدول والشركات الاقتصادية على تقليل علاقاتها الاقتصادية والفنية مع “إيران” إلى الحد الأدنى.
وتُشير عمليات تحول السلطة في “إيران” إلى حقيقة أن النظام يواجه قيودًا اقتصادية، كلما استفاد من آليات مبنّية على حرية العمل السياسي والاستراتيجي بهدف تعزيز قدراته الوطنية. وبالعادة تتخذ هذه القيود شكل تعليمات تنفيذية من الرئيس، أو قوانين من “الكونغرس” الأميركي، أو إصدار قرارات تقيّيدية من “مجلس الأمن”.
وقد ازدادت تدريجيًا اتجاهات وإشارات “الولايات المتحدة” الخاصة بتقييّد “إيران”.
وكما سبقت الإشارة، فكلما حاولت “الجمهورية الإيرانية” تعزيز قدراتها الاقتصادية، كانت تواجه ضغوطًا وقيودًا دولية في إطار العقوبات الاقتصادية. وتُعتبر سياسة العقوبات من منظور؛ “ريتشارد نفيو”، الخبير الأميركي، جزءًا من استراتيجية التأثير على السياسة الأمنية الإيرانية، وهي عملية تركت آثارها تدريجيًا على الاقتصاد السياسي والفضاء الاجتماعي في “إيران”.
أهداف مجلس إدارة النظام العالمي تجاه إيران..
وتجاهلت استراتيجية سياسة “إيران” الخارجية، خلال فترة رئاسة؛ “أحمدي نجاد”، عقوبات “مجلس الأمن” الاقتصادية على “إيران”. ثم كشف الواقع بعد العام 2005م، عن اشتراك أهداف “الولايات المتحدة” و”أوروبا” مع “روسيا” و”الصين” بشأن “إيران”، حيث لم ترغب هذه الدول، كأعضاء في مجلس إدارة النظام العالمي، في تخصّيب (اليورانيوم) داخل “إيران”، ومن ثم فرضوا قيودًا شاملة في إطار القرارات (1636) و(1737) الصادرة عن “مجلس الأمن” ضد “إيران”.
لكن زادت إيرادات “إيران” الاقتصادية، بشكلٍ ساعدها على خلق الظروف اللازمة لتشكيل؛ “دولة شبه مستقلة” في السياسة العالمية. ثم واجهت هذه العملية عوائق من النظام العالمي، وصدرت ضد “إيران” عقوبات أخرى مثل القرار (1929)، وهو ما اعتبرته؛ “هيلاري كلينتون”، وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك، بمثابة رمز: لـ”العقوبات القاسية”.
العقوبات بمثابة تقييّد للقوة الإيرانية..
استخدم المحللون من أمثال؛ “توماس فريديمن”، مفهوم “النفط السياسي”؛ للإشارة إلى الظروف التي مكنّت “إيران” من تحقيق علامات على: “الاعتماد الذاتي” و”الاستقلال الاقتصادي”، بفضل استفادتها من إيرادات صادرات النفط، ومن ثم لم تعبأ بتوجهات السياسة والنظام العالمي.
ويمكن ربط تشكيل مفهوم “الدولة فوق الطبقية” و”الدولة المستقلة دوليًا” بسياسة ونموذج سلوك الدول التي تُحاول تعزيز مكانتها في مجال السياسة العالمية، دون النظر إلى الأهداف أو تقسيّم العمل الدولي.
وتنجح الدول فوق الطبقية أو التي تتمتع بحرية في الفعل السياسي والدولي، في تطوير مكانتها على المدى القصير، لكنها تواجه بالنهاية تحديات، الأول: دور المؤسسات الدولية والقيود من جانب هذه المؤسسات. والثاني: يتعلق بالتغييّرات التكنولوجية.
وفي العام 2013م؛ كان المحور الرئيس في السياسة الخارجية لحكومة الرئيس؛ “حسن روحاني”، هو التحرر من العقوبات. وقرر فريق السياسة الخارجية آنذاك؛ بلورة شكل جديد من النماذج الاقتصادية والاستراتيجية.
وانتهت المفاوضات النووية بالتوقّيع على برنامج الإجراءات المشتركة، لكن تم إدراج “آلية الزناد” في القرار رقم (2231)، كرمز عالمي على الالتزام بـ”الاتفاق النووي”.
بعبارة أخرى؛ يمكن القول، إن “آلية الزناد” كانت جزء من “الاتفاق النووي” بين “إيران” والقوى العالمية الكبرى.