خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
يفصلنا عن إجراء الانتخابات الرئاسية في دورتها الرابعة عشر؛ أقل من شهر، وكلما اقتربنا من موعد الانتخابات، يزداد تنّور الانتخابات اشتعالًا، وتكتسّي الأجواء بالصّبغة السياسية. بحسّب المقال التحليلي الذي أعده “عارف دهقاندار”، والمنشور بصحيفة (اعتماد) الإيرانية.
وفي هذا المقال؛ نعتزم مناقشة استراتيجية السياسة الخارجية في الحكومة الرابعة عشر؛ استنادًا إلى الترتيبات التي تبلورت مع الانتخابات.
تهميش موضوع السياسة الخارجية..
قضية السياسة الخارجية، من جُملة المسائل التي لطالما كانت محل نقاش التيارات السياسية الإيرانية في الدورات الانتخابية السابقة، وربما يمكن اعتبار العام 2013م؛ بمثابة منعطف بالنسبة لتأثير السياسة الخارجية في نتائج الانتخابات؛ حيث كان أحد طرف الانتخابات؛ “حسن روحاني”، مسؤول الملف النووي الإيراني في الفترة: (2003-2005م)، وفي المقابل؛ “سعيد جليلي”، مسؤول الملف النووي الإيراني في الفترة: (2007-2012م).
لكن وبالنظر إلى عدم تأهل “علي لاريجاني”؛ سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الأسبق، في هذه الدورة كان المتوقع تهميش موضوع السياسة الخارجية بشكلٍ كبير؛ لا سيما المفاوضات النووية وكيفية تعامل النظام مع مشكلة العقوبات، وأن تنصّب المناظرات الانتخابية على موضوعات أخرى مثل القضايا الاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية.
الحديث عن المفاوضات النووية تعود إلى السطح..
لكن يتضح انطلاقًا من ربط؛ “مصطفى پور محمدي”، موضوع الاقتصاد بمشكلة العقوبات في أول مناظرة، والجدال مع “علي رضا زاكاني”، بشأن هذا الموضوع، وكذلك دعم؛ “محمد جواد ظريف”، وزير الخارجية الأسبق، للمرشح “مسعود پزشكيان”، ومشاركته في الطاولة السياسية إلى جانبه كخبير، والحديث عن مسألة العقوبات، وانتقاداته مسّار المفاوضات في عهد تولي “جليلي” و”كني” مسؤولية الملف النووي، وتخصيص المناظرة الختامية للحديث عن السياسة الخارجية، أن مسألة المباحثات النووية وكيفية التعامل العقوبات قد تؤثر على نتيجة الانتخابات المقبلة على غِرار ما حدث في العام 2012م.
ومن المتوقع أن نواجه في الانتخابات الرئاسية الرابعة عشر؛ ثلاثة أقطاب حقيقية، أحدها مرشح “الجبهة الإصلاحية”، وأعنى “مسعود پزشكيان”، ويرأس القطبان الآخران، المُّرشحان الأساسيان عن “التيار الأصولي”؛ وأعني “محمد باقر قاليباف” و”سعيد جليلي”، وبالنظر إلى الاختلافات الخطيرة بينهما تجاه القضايا العامة كالاقتصاد، والسياسية الخارجية، من المسّتبعد أن يتحالفا معًا.
الاختلاف بين الأقطاب الانتخابية حول السياسة الخارجية..
ورُغم عدم إقامة المناظرة الخاصة بالسياسة الخارجية حتى كتابة هذا المقال، لكن يبدو بناءً على الخبرات السابقة أن الاختلاف الرئيس بينهم سيكون حول كيفية التعامل مع “الولايات المتحدة الأميركية”، والمشكلة النووية والعقوبات.
وبحسّب التقسّيم القطبي سالف الذكر، فإننا بصّدد ثلاث مواقف رئيسة فيما يخص الشأن الدولي والموضوع النووي، على النحو التالي:
01 – التأكيد على إلغاء العقوبات الاقتصادية عبر المفاوضات المباشرة مع “الولايات المتحدة الأميركية”، وعدم تحقيق نتائج بالنسبة لسّائر الأولويات الأخرى في السياسة الخارجية الإيرانية دون حل مشاكل “أميركا” والغرب، وهو موقف في الغالب: “پزشكيان”؛ ومستشاريه من أمثال: “ظريف”، الذي أشار في أحاديثه الأخيرة إلى أن العقوبات وعدم الانضمام إلى مجموعة العمل المالي (فاتف)، هو أحد عقبات انضمام “إيران” إلى منظمة تعاون (شانغهاي).
02 – رفع العقوبات عن طريق التفاوض مع الغرب، إلى جانب العمل على إحباط آثارها، وهو موقف “محمد باقر قاليباف”؛ المرشح البراغماتي عن “التيار الأصولي”.
وهو من جُملة الشخصيات الذي أعلن في المناظرات الانتخابية للعام 2017م، في إطار دعم “الاتفاق النووي”: “لابد من استعمال حكومة قوية وصرف شيك الاتفاق النووي”.
كذلك صّدق؛ أثناء رئاسته البرلمان الحادي عشر، على قانون الإجراءات الاستراتيجية للقضاء على العقوبات.
03 – التأكيد على احباط وافشال العقوبات والتخطيط لإدارة الدولة على فرض بقاءها واستمرارها، وهذا موقف “سعيد جليلي”؛ الذي يعتقد أن الدنيا ليست “أميركا” وعدد من الدول الأوروبية، ولا يجب تعطيل مستقبل الدول وربطه بإلغاء العقوبات.
وبالنظر إلى التقدم الفني الإيراني في المجال النووي، وعدم إمكانية العودة للكثير عن القدرات الإيرانية، يبدو أن إحياء “الاتفاق النووي”، لم يُعد ينطوي على المزايا القديمة سواءً بالنسبة للغرب أو “إيران”.
ومع غموض مصير الحكومة الديمقراطية، فلا توجد عمليًا إمكانية لإبرام اتفاق طويل الأمد مع “الولايات المتحدة الأميركية” ولابد من الصبر حتى ظهور نتائج الانتخابات.
وربما أمكن بعد وضوح ماهية الرئيسان الإيراني والأميركي، تقديم تحليل أكثر دقة عن مستقبل المفاوضات والتحديات النووية.