خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
في عالم اليوم والمعروف باسم عصر العولمة؛ يمكن اعتبار معنى القوة أمرًا متحولًا، وهذا يعني أن القوة العسكرية لم تُعدّ تُفسر أو تُفهم على أنها تُمثل كل شيء، وإنما تسبَّبت أبعاد القوة الأخرى ومنها الأدوات الناعمة مثل الثقافة ودمجها مع المفاهيم الحديثة مثل “الذكاء الاصطناعي”، أن تتحول القوة بمعناها الجديد إلى منتج وسبب ارتقاء مكانة الدول الجيوسياسية، ومن ثم فإن تعزيز مكانة الدول لا يعني، في العصر الحالي، تطويرها وترقيتها، ولكن مكانة إدراكها لمختلف الأوامر مثل “الذكاء الاصطناعي” سوف يمكنها من فهم القوة بمعنى جديد. بحسّب “پرهام پوررمضان”؛ الباحث بعلم السياسة، في تحليله المنشور بصحيفة (اعتماد) الإيرانية.
وفيما يتعلق بدراسة التكنولوجيا المتطورة؛ فقد تحول “الذكاء الاصطناعي” أحد الأركان الأساسية للتطور الاقتصادي، والاجتماعي، والاستراتيجي في العالم.
الاهتمام الإماراتي بـ”الذكاء الاصطناعي”..
و”الإمارات العربية المتحدة”؛ باعتبارها من رواد تطوير والاستفادة من التكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط، وضعت خطط طموحة للتحول إلى قطب عالمي لـ”الذكاء الاصطناعي”، بوازع من إدراك أهمية هذه التكنولوجيا.
ولا يسعى هذا البلد للتحرر اقتصاديًا من الاعتماد على العوائد النفطية فقط، وإنما امتلاك مكانة متقدمة على صعيد تكنولوجيا المستقبل، عبر ضخ استثمارات هائلة، وسياسات ذكية، والتعاون الدولي.
و”الإمارات”؛ باعتبارها أحد رواد التطور الرقمي في الشرق الأوسط، تتخذ من “الذكاء الاصطناعي” ركنًا أساسيًا في التنمية الاقتصادية والتكنولوجية. ويعتزم هذا البلد بتبّني استراتيجيات طويلة الأمد، واستثمارات هائلة، وسياسات داعمة، التحول إلى أحد أقطاب “الذكاء الاصطناعي” العالمية.
ماذا تريد الإمارات من الذكاء الاصطناعي ؟
والسؤال: ماذا تُريد “الإمارات العربية” تحديدًا من “الذكاء الاصطناعي” ؟ في هذه المقالة سوف نبحث في الأهداف الاستراتيجية الإماراتية في مجال “الذكاء الاصطناعي”، والخطط المفتاحية، والتحديات المرتقبة، وتأثير هذه التكنولوجيا على الاقتصاد والمجتمع الإماراتي.
تسعى “الإمارات”؛ ككل الدول النفطية الخليجية الأخرى، للحد من الاعتماد على العوائد النفطية. و”الذكاء الاصطناعي”؛ باعتباره أحد الدوافع الأساسية للاقتصاد القائم على المعرفة، يُسّاهم في خلق صناعات جديدة، وزيادة فرص الاستفادة وجذب الاستثمارات الأجنبية.
وتتنافس “دبي” و”أبوظبي” مع مدن مثل “سنغافورة”؛ على التحول إلى مركز عالمي للتكنولوجيا. والمشاريع من مثل (دبي الذكية) و(استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031)؛ تعكس عزم هذا البلد على الريادة في مجالات رئيسة مثل السيارات ذاتية القيادة، والمدن الذكية، والصحة الرقمية.
وتستّفيد “الإمارات” من “الذكاء الاصطناعي” في تحسّين الخدمات الحكومية. ويمكن متابعة النماذج على ذلك في استخدام “شرطة دبي” روبوتات ذكية في مراقبة الأمن الحضري؛ وتقديم الخدمات للمواطن.
وفي العام 2017م؛ أنشأت “الإمارات” أول “وزارة للذكاء الاقتصادي” في العالم، وأطلقت الاستراتيجية الوطنية لـ”الذكاء الاصطناعي 2031″، والتي تشمل عدة أهداف رئيسة مثل تطوير البُنية التحتية التكنولوجية، والاستثمار في الشركات الناشئة والابتكار والتركيز على المجالات الرئيسة مثل الصحة والزراعة.
سيناريوهات منتظرة..
وبالنظر إلى ما سبق، يمكن القول إن هناك سيناريوهين يمكن تصورهما لسياسات “الذكاء الاصطناعي” في “الإمارات العربية المتحدة”:
الأول: أن تبرز كقطب تكنولوجي عالمي بلا حدود، وفيه سوف تستّفيد من الاستثمارات الكبيرة، والتعاون الدولي الاستراتيجي، والتخطيط الذكي، للتحول إلى أحد أقطاب “الذكاء الاصطناعي” العالمي المتقدم.
وتُعتبر “دبي” و”أبوظبي” مدينتين مختبرتين لتكنولوجيات المستقبل، حيث يتم تطبيق أحدث إنجازات “الذكاء الاصطناعي” في مجالات الحوكمة، والصحة، والنقل، والطاقة بشكلٍ عملي.
الثاني: القوة الإقليمية وقيادة “الذكاء الاصطناعي” بتكنولوجيا محلية؛ حيث تتحول “الإمارات” إلى قطب مسيّطر في “الذكاء الاصطناعي” بالشرق الأوسط، اعتمادًا على تكنولوجيا وأدوات محلية، بدلًا من الاعتماد على أطراف عالمية.
وتقديم نموذج فريد للتقدم في مجال “الذكاء الاصطناعي” من خلال التركيز على الأمن السيبراني، وسيّادة البيانات، والابتكار المحلي بالتوازي مع المحافظة على الاستقلال التكنولوجي والهوية الثقافية.
وقد وضعت “الإمارات”؛ من خلال التخطيط الاستراتيجي، “الذكاء الاصطناعي” كأحد الركائز الأساسية لتطوير مستقبلها.
أهداف لدولة الإمارات..
وتتمثل الأهداف الرئيسة للدولة في:
تحويل الاقتصاد نحو الرقمنة وتقليل الاعتماد على النفط.
تعزيز الأمن الوطني والحوكمة الذكية.
التحول إلى مركز عالمي للتكنولوجيا وزيادة النفوذ الدولي.
ورغم التحديات مثل القضايا الأخلاقية والمنافسة العالمية، إلا أن “الإمارات” تسّير بخُطى ثابتة نحو أن تُصبح واحدة من أكثر الدول تقدمًا في مجال “الذكاء الاصطناعي”، من خلال استثمارات ضخمة، وتعاون دولي، وتطوير البُنية التحتية التكنولوجية.
وفي النهاية، يمكن القول: لا تسعى “الإمارات” فقط لاستخدام “الذكاء الاصطناعي” في تحقيق الرفاهية المحلية، وإنما ترسيّخ مكانتها كلاعب رئيس في الساحة التكنولوجية العالمية من خلال هذه التقنية.