خاص : ترجمة – د. محمد بناية:
اختلف “العراق”؛ في الدورة الأولى لحكومة “محمد شيّاع السوداني”، حيث يسّعى هذا البلد إلى العودة مجددًا إلى خريطة التوازنات الإقليمية، وكان قد فقد مكانته الإقليمية منذ عقود؛ إذا كان هذا البلد يُدار إما بواسّطة أنظمة سياسية تقوم على “محور القومية”، أو وفق المطالب الدولية. بحسّب “مصطفى الربيعي”؛ في تقريره المنشور بصحيفة (اعتماد) الإيرانية.
وكانت ذروة كارثة وتراجع “العراق”؛ في عهد حكومة (البعث) برئاسة “صدام حسين”، ومخالفة هذا البلد الصريحة لـ”الثورة الإيرانية” وإشعال نيران الحرب نيابة عن الغرب ضد الثورة الوليدة، ومازال هذا البلد في عزلته دون القيام بأي دور دولي يُذكر.
ساحة لتسوية حسابات أميركية..
وتُعتبر مرحلة ما بعد احتلال “العراق”؛ عام 2003م، امتداد للفترات السابقة. ورغم ادعاءات “الولايات المتحدة الأميركية” وحلفاءها وتجاهل مصطلح الشرعية الدولية تمامًا والاستيلاء على “العراق”، عانت “بغداد” من عزلة مضاعفة على نحو ما أشار عدد من المسؤولين الأميركيين.
والحقيقة أن “بلاد ما بين النهرين” تحولت إلى ساحة لتسّوية حساب “الولايات المتحدة” مع (القاعدة) وغيرها من التنظيمات الإرهابية.
لكن نجحت المكونات القوية في “العراق”؛ مثل (الحشد الشعبي) والوعي العام العميق، بعد الانتصار على تنظيم (داعش) في العام 2017م، في منح هذا البلد حصانة داخلية.
عام على حكومة “السوداني”..
وقد حظيت الحكومة العراقية بشرعية غير مسّبوقة مصحوبة بقبول شعبي واضح في أعقاب التغلب على التحديات الأمنية الداخلية والأزمان السياسية الانتخابية عام 2018م. وقد مر الأسبوع الماضي عام على استلام حكومة “السوداني” العمل.
وقد نجح خلال هذه المدة من تقوية وتدعيم التناغم الداخلي، وإعادة “العرق” إلى مكانته في خريطة التوازنات الإقليمية والدولية.
ويرى المراقبون السياسيون أن “العراق”؛ تحت قيادة “السوداني”، قد شّرع في القيام بدور محوري ومؤثر في القضايا الإقليمية.
رؤية “السوداني” للسياسة الخارجية..
وقد طرح منذ اليوم الأول للقيام بمهام رئيس الوزراء، مفهومين في قالب رؤيته للسياسة الخارجية هما: الدبلوماسية البناءة، وتشّبيك المصالح الاقتصادية.
وقد أردك “السوداني”؛ صاحب التجارب الإدارية والتشّريعية منذ العام 2003م، أهمية مسابقة الزمن والتركيز على الأهداف بأسلوب علمي ومنظم، ولذلك حقق وحكومته وفق خبراء الشأن العراقي نجاحات بارزة على مستوى السياسة الداخلية والخارجية.
وكان قد قدم في قمة قادة الدول العربية مبادرة تشّبيك المصالح الاقتصادية لدول المنطقة بهدف حفظها بمنأى عن تدخل القوى الأجنبية. ومن هذا المنطلق تعهد بالمسؤولية عن المشروع التنموي محور (طريق التنمية)؛ والذي يجعل من “العراق” شبكة تصل الشرق بالغرب والشمال بالجنوب. وطلب إلى دول المنطقة المشاركة الفعالة في تنفيذ المشروع.
والرغبة العراقية في القيام بدور محوري بالمنطقة يتضح من وسّاطة “السوداني”؛ بين “إيران” و”السعودية” وعدد من الدول العربية.
وقد برز هذا الدور الإقليمي الفعال في المواقف الأصولية المعلنة من جانب رئيس الوزراء العراقي بخصوص عمليات (طوفان الأقصى)، والدعم الصريح للشعب والتطلعات الفلسطينية، واصطفاف “العراق” إلى جانب المقاومة في “غزة” ضد الاحتلال والتجاوزات الصهيونية.
وقد استمع العالم إلى الموقف الأصولي العراقي بخصوص الحق التاريخي للشعب الفلسطيني على لسان “السوداني”؛ في “قمة القاهرة”. وحديث رئيس الوزراء العراقي في “قمة قادة الدول العربية”؛ كان مفاجأة تاريخية، لا سيما تأكيده على أنه لا يحق لأي طرف تحديد مصير الشعب الفلسطيني.
وفي هذا الصّدد زار “طهران” والتقى المرشد الأعلى للثورة؛ “علي خامنئي”، والرئيس “إبراهيم رئيسي”، وكرر موقف “العراق” الصريح بشأن إدانة الاعتداءات الصهيونية، ودعم الشعب الفلسطيني، وإدانة ازدواجية المجتمع الدولي والغربي حيال هذه الحرب غير العادلة ضد المدنيّين في “قطاع غزة”.
وهذه الزيارة كانت تهدف إلى تقوية الدور العراقي؛ حيث يُعرف هذا التوجه باسم: “النهج الجديد”، وفق قيادات هذا البلد. وبالنظر إلى أن الدول العربية في مواقفها تلعب دور المتفرج أو المطبع، يبرز الدور العراقي بقيادة “السوداني” على خلفية الموقف من إدانة الاعتداءات الصهيونية، ومطالبة “الولايات المتحدة” والغرب بإنهاء الدعم السياسي والعسكري لـ”الكيان الصهيوني”.
علاوة على ذلك يتألم “العراق”؛ الذي يطرح نفسه كطرف محوري ومؤثر في التفاعلات الإقليمية، من تداعيات الحرب الصهيونية غير العادلة ضد الشعب الفلسطيني في “غزة” و”الضفة الغربية”.