خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
بينما انتشرت الأخبار، قبل عشرة أيام تقريبًا؛ عن استضافة العاصمة العراقية، “بغداد”، لقاء الوفد الإيراني ونظيره السعودي، توجه وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، إلى “الدوحة”؛ ومنها إلى “بغداد”، بما يدعم التكهنات بشأن تحسن العلاقات “الإيرانية-السعودية”.
وإزدادت التوقعات بوساطة قطرية، بعد استضافة، “الدوحة”، وزير الخارجية السعودي؛ بعد ساعات من مغادرة وزير الخارجية الإيراني. بحسب “علي موسوي خلخالي”، في صحيفة (اعتماد) الإيرانية.
حفاوة الترحيب بـ”ظريف” في العراق..
وفي “بغداد”؛ حظي “ظريف” باستقبال منقطع النظير؛ بما يعكس حقيقة أن “إيران” ماتزال تتمتع بأعلى مكانة في الأوساط العراقية، ناهيك عن مكانة “ظريف” الخاصة، بين القيادات السياسية العراقية، بما ضاعف من حفاوة استقباله.
ومما لا شك فيه أن زيارة “ظريف”، إلى “بغداد”، تأتي في إطار آخر مساعي تحسين العلاقات الإيرانية مع دول المنطقة، وفي المقدمة “السعودية ومصر والأدرن”.
ففي إطار المفاوضات، مع الجانب السعودي، في “بغداد”؛ أجرى الوفد الإيراني لقاءات إيجابية مع الأطراف المصرية والأدرنية. وتحرص “الخارجية الإيرانية”، باعتبارها مسؤول السياسات الخارجية، باستمرار على توطيد العلاقات مع دول الجوار، لاسيما الدول العربية، وفي المقدمة منها: “مصر والسعودية” وحل الخلافات.
وتعتبر “إيران”، أن العلاقات الأخوية مع دول المنطقة؛ تكفل أمن واستقرار المنطقة، ولذلك لا تتدخر جهدًا في هذا الصدد.
التحالف الثلاثي “المصري-العراقي-الأردني”..
وقد بذل “العراق”، في السنوات الثلاث الأخيرة، الكثير من الجهد للتقارب مع الدول العربية، مثل: “مصر والأدرن ولبنان والسعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة”، وقد أثمرت هذه الجهود وأفضت عن تشكيل تحالف بين الثلاثي: “المصري-العراقي-الأردني”. وهو تحالف تغلب عليه النكهة الاقتصادية والسياسية أيضًا.
من جهة أخرى، توطدت العلاقات “العراقية-السعودية”، في الفترة الأخيرة، ولا أدل على ذلك من افتتاح معبر (عرعر) بين البلدين، والاستثمارات السعودية في البنية التحتية والزراعية العراقية، وكذلك تبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين بشكل منتظم.
وقد إزدادت وتيرة انفتاح “بغداد”، في السنوات الثلاث الأخيرة، ما تسبب في اكتساب “العراق”؛ مكانة خاصة في المجتمع العالمي، بحيث تحول إلى قوة مؤثرة ونافذة في الحوزة الإقليمية.
وكان “العراق” قد خسر هذه المكانة قرابة ثلاثة عقود؛ بسبب حكومة “البعث”؛ ثم سنوات انتشار آفة الإرهاب في الأراضي العراقية بشكل انعكس على أمن واستقرار “العراق”.
“الكاظمي” واستعادة مكانة العراق العربية..
في غضون ذلك، فإن علاقات “مصطفى الكاظمي”، الشخصية، (حتى قبل أن يتولى منصب رئيس الوزراء)، مع مختلف القيادات العربية، في خلق حالة من التقارب الاستثنائي بين “العراق” والدول العربية، على نحو يتجاوز علاقات الصداقة بين “العراق” وهذه البلدان، بحيث غلبت الرفقة على العلاقات بين المسؤولين.
ومثل هذه المكانة أتاحت لـ”العراق”؛ تحقيق الاستفادة القصوى من إمكانياته وقدراته وأضحى جسر اتصال بين دول المنطقة، وبخاصة بين الطرف الإيراني والأطراف السعودية، والمصرية، والأردنية، حيث استضاف “العراق”، قبل أيام، وفود هذه الدول للعمل على إصلاح العلاقات.
وجولة “ظريف”؛ في “قطر” ثم “العراق”، قد تؤثر على تقدم هذا المسار وتزيد من وتيرة تحسين العلاقات.
ورغم التسرع في توقع مستقبل العلاقات الإيرانية مع “الرياض” و”القاهرة” و”عمان”، لكن هناك أمل في استمرار المفاوضات والاتصالات بين هذه الأطراف بوساطة عراقية، والحد من التوتر وتحرك أجواء المنطقة باتجاه الاستقرار، لاسيما بعد إزاحة، “دونالد ترامب”، عن “البيت الأبيض”، وسياسات “جو بايدن”، التي تتعارض تمامًا مع سلفه؛ فيما يخص العلاقات مع دول المنطقة، وتفكير الدول العربية بالمنطقة في حلحلة الخلافات، بعد أن اتضح عدم وجود من يدعم استمرار سياسات التوتر.
وهذه المسألة تحفز قيادات الدول العربية على التفكير في حلول للخلافات مع “طهران”، والاستفادة من إمكانيات دول، كـ”العراق”، فضلًا عن العواصم العربية ذات العلاقات الجيدة مع “إيران”؛ في تحقيق هذا الهدف.