وكالات : كتابات – بغداد :
بدأ خيط الجريمة والإرهاب بالإنكشاف حين ألقت القوات الأمنية القبض على سائق سيارة نقل البضائع الثقيلة، (التريلة)، ”أحمد”، بعد أن شكت بأمره، وحال نزوله منها أتضح حمله لعناصر مشبوهة في سيارة الحمل التي يقودها.
لم يكن الأمر صعبًا على السلطات الأمنية بإنتزاع الاعتراف من “أحمد”، فحال وقوعه في قبضة العدالة أنسابت كلماته أمام قاضي تحقيق محافظة “صلاح الدين”؛ قائلاً: “أنني أحد الزمر المنتمية إلى تنظيم (داعش) الإرهابي، حيث رددت البيعة لزعيمه الذي أسند لي العمل كناقل لصالحهم.
وفي إجابته على سؤال القاضي عن تحديد عمله أجاب: “كنت أنقل ملابس العصابة وأجهزة الاتصال الخاصة بهم، إضافة إلى بطاريات الشحن، أما مسار طريقي فكان محددًا من محافظة أربيل حتى قضاء سامراء”.
وفي حديثه عن آخر مهامه؛ قبل القاء القبض عليه، أجاب قائلاً: “كنت أحمل بالعجلة التي أقودها، عنصرين من عناصر التنظيم، كلفت بنقلهم من أربيل إلى قضاء الدور في محافظة صلاح الدين. لم أتحدث معهما، لكنني ظننتهما من القومية الكُردية، حيث كانا يحملان حقائب سفر بشكل يوحي أنهما سيبقيان لفترة طويلة في صلاح الدين. قمت بإنزالهما إلى المنطقة الصحراوية الواقعة بين قضائي سامراء والدور ليلتحقا بفلول التنظيم القاطنين هناك”.
بداية التجنيد..
بنظرات حائرة أنسابت كلمات “أ. ع. ك”، أمام قاضي التحقيق ليقول :
“كنت طالبًا في كلية الآداب، التابعة لجامعة سلجوق في تركيا، حيث أنني مواطن تركي من القومية الكُردية، تعرفت بالجامعة على صديق عراقي من كُردستان يدعى، (هـ)، كان يدرس بذات الكلية التي أدرس فيها. ومع تطور المعرفة بيننا دعاني ذات يوم إلى زيارة مدينته (أربيل)، وبالفعل رافقته إليها بحكم الصداقة والمعرفة، لكن حال وصولنا هناك وجدت أنه لا يرغب بأصطحابي إلى منزله؛ لنقضي يوم وصولنا بالتجول في الأسواق ومن ثم المبيت في غرفة خلف كراج أربيل.
“في اليوم الثاني طلب مني، (هـ)، مرافقته إلى بغداد، حيث استقللت وإياه سيارة حمل من نوع، (تريلة)، عرفت أن، (هـ)، يعرف سائقها المدعو، (أحمد)، ليتم وضعنا بالحوض الخلفي للسيارة، قطعنا كل تلك المسافة معه وبعد عبورنا سيطرة جسر تكريت وصلنا إلى منطقة تدعى بـ (الزلاية) لينزلنا السائق (أحمد) فيها على الشارع العام.
“كان الوقت حينها يشير إلى الساعة الواحدة والنصف فجرًا، حيث قمنا بالمشي على الأقدام لمدة ثلاث ساعات ونصف ليحضر ملثمان يرتديان الملابس العسكرية أقتادانا بزورق عبرنا به نهر دجلة؛ لنصل إلى منطقة الزلاية، حيث وجدنا تسعة أشخاص وخيمتين تعلوهما راية (داعش) لنلتقي بأفراد المجموعة، وهناك فوجئت أن لصديقي، (هـ)، لقبًا داعشيًا هو (صلاح الدين)”.
الفرار..
يقول المتهم: “منحوني كنُية داعشية لقبت خلالها بـ (خالد)، وبقيت معهم مدة (32) يومًا، قررت بعدها الهروب منهم. حصل ذلك أثناء ذهابي مع ثلاثة من عناصر التنظيم لجلب المواد الغذائية، فقد أخبرتهم حينها بحاجتي للإبتعاد عنهم قليلاً لقضاء حاجة، وحال ذهابي سارعت بالركض لمدة ساعة ونصف لألوذ بأحد الدور الذي أخبرت قاطنيه بأمري طالبًا منهم الاتصال بالشرطة لتسليمي إليهم. لم يمض وقت طويل على الاتصال حتى وصلت مفرزة أمنية سلمت لها نفسي”.
المواجهة..
في الموقف واجه “أ. ع”، السائق “أحمد”، الذي عرفه من صوته، وقد حاول مرارًا أمام قاضي التحقيق إنكار انتمائه لعصابات (داعش) الإرهابية ليصل به الأمر إلى تملصه من دينه بقوله: ”أنني ملحد” الفكر. ثم أنكر إرتكابه أية جريمة أثناء تواجده مع زمر التنظيم الإرهابي، (رغم قضائه 32 يومًا معهم)، نافيًا أن يكون قد بايع أو تسلم سلاح بشكل يخالف عقائد التنظيم الإرهابي !.
أثناء فترة احتجازه؛ أخبر “أ. ع. ك”، القوات الأمنية، عن مكان مقرات العصابات الإرهابية ومضافاتهم التي تواجد فيها، وفعلاً تم العثور عليها من قبلهم.
إكتمال الأدلة..
من خلال وقائع الدعوى وأدلتها المبسوطة على النحو المتقدم، أتضح للمحكمة أن المتهم، ”أ. ع. ك”، تركي الجنسية، قد اعترف اعترافًا مسؤولاً تحقيقيًا ومحاكمة بالانتماء للتنظيمات الإرهابية والعمل معهم من خلال حضوره من “تركيا” وتواجده مع أفراد المجموعة لمدة (32 يومًا)، وهم يحملون مختلف الأسلحة ومعروفين بحملهم الأفكار الإرهابية الداعشية المتطرفة، حيث أقر المتهم باعترافهم مضافًا إلى أقوال الشاهد، “أحمد”، الذي أكد قيامه بنقله مع رفيق له إلى ذات المكان الوارد في أقوال المتهم بناءً على أوامر التنظيم وتعزز اعتراف المتهم بقرينة استهداف تلك المجموعة وقتلهم من قبل القوات الأمنية بناءً على المعلومات الواردة في اعترافه لتكون الأدلة كافية ومقنعة لتجريمه مما تقدم.
القصاص..
تم الحكم على المجرم، “أ. ع. ك”، تركي الجنسية، بالسجن لمدة خمسة عشر سنة استنادًا لأحكام المادة الرابعة/1، وبدلالة المادة الثانية/1 و3 من قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لسنة 2005، واستدلالاً بالمادة 132/1 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969، المعدل عن جريمة الانتماء إلى تنظيم (داعش) الإرهابي والتواجد في المضافات مع عصابات (داعش) والعمل لمصلحتهم.