4 مارس، 2024 4:52 م
Search
Close this search box.

اطلاعات .. وزمن اذلال العراقيين باق!!‏

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتب نجاح محمد علي : محمد القبانجي أول قارئ مقام عراقي تسجل له اسطوانة، وهو أول من أدخل ‏النهاوند في البيات، ولكنه اليوم يخترع وهو ميت “مقام الوطن” في: “يا واصف الليل وصفك بالمرح ‏ظالم/ نجم المسرة اختفى اشتوصف بعد ظالم/ مُرِّ المذلة فلا نقبل بها ظالم/ يا ربِّ هذي مصر ما يوم ‏شافتْ راح/ وهذا العراق الأبي من دمعه يشرب راح/ هذي ديار العرب (القدس) العز منها راح/ ياربِّ ‏ما تمْ صبر اغضب على الظالم..‏

في الجمهورية الاسلامية يوجد مخلوق اسمه وزارة الاستخبارات (إطلاعات)، ولديها عدة معتقلات ‏أحدها معتقل (209) وهو زنزانات انفرادية داخل سجن إيفين يقع في قرية إيفين شمال طهران وتعج ‏فيها الغربان بنعيق شؤمها الذي يتصبح به المعتقلون خصوصا مَنْ هم مثلي في الانفرادي. ‏
كنٌا نعتقد في إيران، (أقصد نفسي ومن هو على شاكلتي ممن تضاءل عنده الاحساس بالوطنية حتى ‏الصفر، وذاب في الامام الخميني كما ذاب هو في الاسلام) أن شرطي المرور يرفع يد الله في ‏التقاطعات وعلينا أن نطيعه واجبا (توصّليا) وبعضنا كان يقوم به كعبادة بقصد القربة لله تعالى ليسمو ‏بالنفس، وأن العالم محضر الله ومجلسه، فعليه ألا يعصي الله في مجلسه، فيحصل من طاعة شرطي ‏المرور على (ملكة) تجرُّه إلى معالي الصفات والأخلاق، وتبعده عن الرذائل حالة وعملا. ‏
لكن الإخوان في (إطلاعات) كانوا يعرفون (مقام الوطن) الا إنهم سخروا منٰا لأننا لم ندركه و(علامَ ‏الدهر شتتنه وطَرنه). وكان العراقي في نظرهم جاسوسا مهما علا وارتفع في سماء (الولاية) وذاب في ‏الامام الخميني، وهو يظل (بيـگانه) وإن قاتل مع الباسيج وحراس الثورة واختلط دمه بدمائهم في ‏الجبهة دفاعا عن ( الجمهورية الاسلامية) ضد (جيش صدام اليزيدي الكافر) وهو يشحن نفسه يوميا ‏ضد (الوطنية) باللعن والدعاء عليه بالموت بعد كل صلاة! ‏
لم نكن نحسب للوطن ومقامه حسابا ونحن نرتقي مقام (الولاية) حتى في معتقل (209) ، وأذكر أنني ‏خاطبت مرة جلادي (عرفت في المحكمة أن لقبه صابري) بعد بشرى رأيتها في المنام: ‏
‏- سأخرج من هذا السجن يوما ولو بعد عشرين سنة، وأعدك بأنني سأكتب ضد جرائم وزارة إطلاعات ‏وسأفضح أساليبكم ودوركم التخريبي، وتأكد أنني كلما طال بقائي هنا، كلما فهمت كم كُنتُ مخطئا ‏لأنني لم أستمع الى (مقام الوطن).‏
نعم كان سجن إيفين بالنسبة لنا مثلما سماه الامام الخميني بعد سقوط نظام الشاه جامعة، لكنْ لتخريج ‏سفراء بغض وكراهية بعد تعذيب جسدي ونفسي مر، حفرت بعضا منه على حائط زنزانتي رقم (77) ‏في قصيدة أتذكر منها هذا الأمل: وتعودُ أيامُ الصفاءِ ويلتقي خِلٌّ خليلَهْ/ ونعودُ نزهو مشرقين في دوحةِ ‏الحب الجميلهْ.‏
إيران (ليس كل الإيرانيين) كانت تذلنا بالاعتقال متى شاءت (إطلاعات). وكتبتُ الكثير عن تلك ‏الحقبة وأنا داخل إيران. وحتى بعد سقوط صدام، كتبت متسائلا عمّا إذا كان زمن إذلال العراقيين ‏مضى، وكان جواب (إطلاعات) إلغاء بطاقتي الصحفية وحجز جواز سفري المزور ومنعي من السفر ‏إلا بعد أكثر من شهرين من المعاناة أدت الى فصلي أيضا من قناة أبو ظبي، في ظروف مختلفة عن ‏زمن اعتقالي الطويل في الانفرادي ومحاكمتي في محكمة الثورة بتهم: العمل على تقويض الأمن ‏القومي والتجسس للأجانب (هكذا مفتوحة لأن كل عراقي هو جاسوس) ونشر الأكاذيب. يا جماعة ‏الخير.. إعتقال السيد أحمد القبانجي في إيران (أختلف معه خصوصا في مناقشته الغيب بتقنيات الدنيا) ‏وبعد أن صار للعراقيين ممن أذلتهم (دولة) يثير في نفسي تلك الأحاسيس التي فقدناها عن الوطن، وها ‏أنا اليوم أعود الى مقالي القديم (هل مضى زمن اذلال العراقيين؟)، وأستمع هذه المرة باحساس عميق ‏الى مقام (الوطن) الذي يفتقده “المقاولون السياسيون” ويظل يتغنى به الراحل القبانجي لعله يعيد شيئا ‏من الإحساس بهذا المقام الى الحاكمين في العراق الجديد ممن تدير (إطلاعات) الكثير منهم: ‏
سلامٌ على دارِ السلامِ جزيلُ/ وعُتبى على أنَّ العتابَ طويلُ.. والعاقل يفهم.‏
مسمار: ‏
لاتشغل فكرك بيها ربك هو يصفيها/ ويعدلها ما يخليها اصبر يا خوي شويه

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب