خاص : كتبت – نشوى الحفني :
حملة: “اسمي اسم أمي”؛ التي بدأت على نطاق محدود منذ 2018، انتشارها بدأ يُثير جدلاً واسعًا في “العراق”، وذلك مع سعي منظمات حقوقية ومدنية وشخصيات برلمانية لتعديل قانون بطاقة الهوية في البلاد، بما يسمح بتسمية الأطفال على أمهاتهم أيضًا، حيث انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض، وذهبت قوى وشخصيات دينية لحد اعتباره تشجيعًا للإنجاب خارج إطار الزواج، والتهجم على المشاركين في الحملة.
القائمون على الحملة يأملون في أن ينهي هذا التعديل؛ في حال إقراره واعتماده، معاناة آلاف الأطفال الأبرياء المولودين من أمهات عراقيات، من المحرومين من الحق في إثبات هويتهم وكينونتهم القانونية والاعتبارية، كمواطنين كاملي الحقوق والأهلية، من خلال حملة: “اسمي اسم أمي”.
كانت تلك الحملة قد بدأت على نطاق محدود؛ منذ 26 كانون أول/ديسمبر 2018، ثم اتسعت في الآونة الأخيرة، ويشارك فيها عدد من أعضاء “البرلمان العراقي” ونواب في برلمان “إقليم كُردستان العراق” والحقوقيين وناشطي المجتمع المدني.
وأنضم لها مؤخرًا مجموعة من الشخصيات العامة الفنية والثقافية العراقية؛ وخاصة في “إقليم كُردستان العراق”، لدعمها حملة عبر نشر أسمائهم في صفحاتهم على مواقع السوشيال ميديا، مقرونة بأسماء أمهاتهم.
وتتمثل الحملة في إعداد مسودة تعديل خاص لقانون البطاقة الوطنية العراقية رقم (3) لسنة (2016)، بغية إيجاد: “حل مناسب” للأطفال مجهولي النسب.
وتهدف الحملة، التي طفت على السطح مجددًا، أن تجد حلولاً قانونية وتشريعية لمئات الأطفال الذين جاءوا على وقع احتلال (داعش) الإرهابي للمدن المستباحة، وما زالوا للآن يفتقدون هوية تُثبت النسب والكُنية.
وتقترح تعديل فقرتين من قانون البطاقة الوطنية، حيث تُنص المادة (19) من قانون البطاقة الوطنية العراقية على: “يُعد الاسم كاملاً إذا تضمن اسم الشخص المجرد واسم أبيه، واسم الجد الصحيح، واللقب إن وجد”، لكن التعديل يقترح: “يُعد الاسم كاملاً إذا تضمن اسم الشخص المجرد واسم أبيه أو أمه واسم الجد الصحيح من الطرفين واللقب إن وجد”.
وتنُص المادة (20) من القانون: “يُعد اللقيط أو مجهول النسب مسلمًا عراقيًا ما لم يثُبت خلاف ذلك”، والتعديل المقترح هو كالتالي: “يُعد المولود أو الطفل الذي تم العثور عليه مسلمًا عراقيًا أو معتنقًا دين أحد الوالدين الذي نسب إليه ما لم يثُبت خلاف ذلك”.
ونصت الأسباب الموجبة، التي جاءت في مسودة التعديلات المقترحة من قبل تلك المنظمات بأن: “نساء وأطفال العراق محرومون من حق تثبيت نسب المولود إلى الأم في وقت السلام والحرب، في وقت يجب أن تكون الأمهات والأطفال مستفيدين من هذا الحق البدائي، بحيث يكونون ذوي هويتهم الحقيقية والحفاظ عليها وحمايتها، من أجل الموازنة الجندرية وتحقيق المساواة بين المرأة والرجل وقت أخذ نسب أطفالهم”.
اكتشاف 90 طفل مجهول النسب في “نينوى”..
وقبل عامين، كانت رئيسة شؤون المرأة والطفل في ديوان محافظة نينوى، “سكينة محمد علي”، قد كشفت وجود 90 طفلاً مجهولي النسب.
تلك التداعيات، دفعت القضاء الأعلى في المحافظة إلى استثناء المحافظة والسماح للأزواج الذين لم ينجبوا أطفالاً حصرًا بتبني طفل واحد بعد توفر الشروط، وعلى أن يكون الزوجان من محافظة “نينوى”.
إنتهاء القراءة الأولية للتعديلات المقترحة..
وتؤكد عضو البرلمان السابق، في برلمان كُردستان، “تلار لطيف”، أن: “الحملة تسير وفق سلسلة من المراحل، بدأت بجمع التواقيع النيابية لتعديل قانون البطاقة الوطنية العراقية”، مؤكدة: “أنهينا هذه المرحلة بنجاح وأنهى البرلمان العراقي القراءة الأولى للتعديلات المقترحة في مشروع القانون”.
وتقول “تلار لطيف”؛ إن: “المرحلة الأخرى من الحملة اعتمدت مشاركة الشخصيات الاجتماعية والسياسية وكذلك الفنية في التحشيد والدعم؛ حتى تكون قوة ضاغطة بما يكفي لتعديل القانون وتشريع نصوص تنقذ هؤلاء الأطفال من لعنة مجهول النسب”.
مخاوف من التحول لقنابل إرهاب مستقبلاً..
وترى الناشطة في مجال حقوق المرأة والطفل، “سارة فخري”، أن: “بقاء هؤلاء الأطفال دون هوية أحوال؛ سيكون لها أثرها النفسي الكبير عليهم، وعلى تلك العوائل التي نُكبت نسائها بتلك الزيجات المغتصبة”، محذرة من تجاهل مظلومية تلك الشريحة والخوف مستقبلاً أن يتحولوا إلى قنابل إرهاب وأمراض تهدد الأمن والاستقرار المجتمعي.
4000 طفل مجهول النسب..
وتقول عضوة لجنة الطفل والمرأة في البرلمان العراقي، “ريزان شيخ دلير”: “نعكف منذ العام 2018؛ على إعداد هذا القانون، الذي يُعد قانونًا عصريًا عادلاً سيسمح بمعالجة قضية تمس حيوات ومستقبل آلاف الأطفال في العراق، ممن ولدوا في ظروف عصيبة معينة خارج إطار الزوجية إثر عمليات اغتصاب مثلاً كما حدث؛ خاصة خلال احتلال تنظيم (داعش) الإرهابي، لمناطق واسعة من العراق خاصة في سهل نينوى، حيث الغالبية المسيحية، وفي منطقة سنجار الإيزيدية، حيث مارس التنظيم عمليات اغتصاب جماعي وسبي واسترقاق بحق آلاف النساء والفتيات الصغار والقصر في تلك المناطق”.
وتضيف “ريزان”، التي تُعد من أبرز المشرفين على الحملة: “رئيس الوزراء العراقي مثلاً أقر، في مدينة جنيف، خلال مؤتمر دولي في العام 2016، بوجود أكثر من: 04 آلاف طفل في العراق، ولدوا نتاج عمليات اغتصاب؛ قام إرهابيو (داعش) بحق مواطنات عراقيات، وهذا رقم كبير حيث لا يُعقل ترك كل هؤلاء الأطفال الأبرياء هكذا لا حقوق مدنية، وتحميلهم وزر جرائم لم يرتكبوها”.
وتتابع: “نحن نتحفظ أساسًا على مصطلحي اللقيط ومجهول النسب، الواردين في قانون البطاقة الوطنية العراقية، حيث يُطالب مشروع التعديل باستبدال كلمة اللقيط بالمولود حديثًا، والمجهول النسب بالمولود المعثور عليه”.
وفي مثال حي لذلك، تقول إحدى ضحايا (داعش) العراقيات، التي أنجبت طفلة بفعل اغتصابها من داعشي، رافضة كشف هويتها: “اضطررت لإعطاء الطفلة لسيدة خمسينية لا تنجب أطفالاً، بفعل تأخرها في الزواج، وقد قامت بتسجيلها على اسم زوجها، حيث لم يكن بمقدوري إبقائها معي وتربيتها، حيث يرفض أهلي ذلك، كما أن نظرة المجتمع عامة لهؤلاء الأطفال، هي كما ولو أنهم لعنة تُذكر بما فعله الدواعش من مجازر وفظائع”.
مضيفة أن: “طفلتي لا ذنب لها؛ وهي ضحية كما أنا، لكن قررت مكرهة التخلي عنها، علها تحظى بفرصة للتنشئة والرعاية الكريمة، وبمستقبل أفضل، أما أنا وعشرات الآلاف مثلي من ضحايا الاسترزاق الجنسي الداعشي، فسنبقى مهما طال الزمن نُعاني جراء ما حل بنا من استعباد واغتصاب وإمتهان كرامة، على يد الإرهابيين الدواعش”.