“اسكناس” تكشف .. التداعيات الإقليمية للدبلوماسية الأميركية ودور زيارة “ترمب” للسعودية

“اسكناس” تكشف .. التداعيات الإقليمية للدبلوماسية الأميركية ودور زيارة “ترمب” للسعودية

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

قرار الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، المحتمل بشأن تغييّر اسم “الخليج الفارسي” إلى “العربي” أو “خليج السعودية”؛ خلال زياراته المرتقبة إلى “المملكة العربية السعودية”؛ خلال الأيام المقبلة، أثار التكهنات في وسائل الإعلام المختلفة مثل: (New York Post) و(ABC News) و(Times Washington)، تعتبر خطوة استراتيجية وجيوسياسية. بحسّب ما استهل “وحيد افراسياب”؛ الباحث في الدراسات الإقليمية، تحليله المنشور بصحيفة (اسكناس) الإيرانية.

التداعيات الثقافية والرمزية..

وسيكون لتلك الخطوة تداعيات أكثر من مجرد تغييّر الاسم؛ في ضوء الأبعاد الثقافية، والرمزية، والإيديولوجية، وإنما ترتبط بعُمق بمكونات الهوية الوطنية والمنافسات الإقليمية بين “إيران” والدول العربية.

واسم الخليج يُعتبر جزءً لا ينفك عن التاريخ والهوية الوطنية الإيرانية منذ القدم. وهو اسم لا يؤشر فقط للسوابق التاريخية لتلك المنطقة، وإنما يعكس كذلك القيم الثقافية والحضارية التي أسهمت في المحافظة عليها الأجيال المتعاقبة.

في المقابل، تؤكد بعض الدول والمنظمات الدولية على الاستفادة من مصطلح “الخليج العربي”؛ بهدف تقوية الهوية القومية والتضامن الثقافي بين العرب.

ومن هنا طرح الجدل حول اسم هذه المنطقة خلال السنوات الأخيرة؛ كأحد محاور الخلاف الثقافي بين “إيران” والدول العربية، خلافًا يعود جذوره إلى اختلافات تاريخية وجغرافية.

ضمن سياسة “ضغوط الحد الأقصى”..

وخطوة “ترمب” المحتَّملة؛ خلال زيارة “السعودية”، بشأن تغيير اسم الخليج إلى “العربي” أو “خليج السعودية”، يُمثل بوضوح جزءً من سياسة “ضغوط الحد الأقصى” ضد “إيران”، والتي تهدف إلى إضعاف النفوذ الإيراني بالمنطقة، وكذلك تقوية التضامن الإقليمي ضدها.

وهو يُريد بتلك الخطوة أن يُثبّت لحلفائه العرب، الحسم ضد “إيران”، وتدعيم مصالح الدول العربية. وهذه الخطوة تنطوي، بخلاف مسّار المفاوضات النووية والمسّاعي الدبلوماسية للحد من التوتر الراهن، على بُعد مثيَّر للتحفيز قد يعُمق الفجوات الجيوسياسية والإيديولوجية.

من منظور الداخل الإيراني، لا يُمثّل تغيّير اسم الخليج إلى “العربي” خطوة سياسية فقط، وإنما يُعتبر تحريف للتاريخ والهوية الوطنية. وسوف تُمثّل في “إيران” خطوة مهينة وعدائية، وسوف يتبعها ردود أفعال موحدة.

سوف يتعامل الإيرانيين من خطوة “ترمب” باعتبارها تحريف وتزوير للهوية الإيرانية. وهو أمر سوف يبعث على تقوية أحساس التضامن والقومية الإيرانية في الداخل. ورد الفعل هذا، بالإضافة إلى التعبير عن الاستياء من سياسة “ضغوط الحد الأقصى” الأميركية، يُتيح للمسؤولين الإيرانيين إمكانية التأكيد على أحقيتهم وحقوقهم التاريخية.

خدمة لمصالح الحلفاء بالمنطقة..

وتغييّر اسم الخليج من المنظور الاستراتيجي، يشمل مجموعة من الأبعاد والأطراف الإقليمية. وهذه الخطوة تخدم من جهة أهداف “السعودية” وحلفاء “الولايات المتحدة” في خلق أجواء تهدف إلى تقييّد نفوذ “إيران” بوصفها قوة إقليمية.

من جهة أخرى، التوترات الراهنة تثَّير قلق دول مثل “الصين”؛ حيث ستواجه استثمارات “بكين” الهامة في قطاعات الطاقة، والنقل، والبُنية الاستراتيجية، موجة من التوترات السياسية، والاضطرابات الإقليمية. الأمر الذي قد يُهدّد المشاريع الرئيسة الاقتصادية والاستراتيجيات التنموية الصينية. وبالتالي فإن تغيير اسم الخليج لا يُمثل فقط أداة ضغط على “إيران”، وإنما هو جزء من منافسات جيوسياسية أكبر بين “الولايات المتحدة” و”الصين”.

الأمر الذي قد يُزيد من تعقيد الأجواء الإقليمية. وفي حال تطبيق سياسة “الحد الأقصى” الأميركية ضد “إيران”، فستكون نقطة مُحددة في العلاقات الإقليمية والدولية. وتهدف هذه السياسية إلى استعراض عزم “الولايات المتحدة” على التصدي للنفوذ الإيراني على المستوى العالمي وبين حلفاءها الإقليميين، كما تنطوي على ماهية هجومية.

وهذا القرار من المنظور الجيوسياسي والدبلوماسي قد يُمثّل مؤشرًا على تغييّر أنماط “واشنطن” السلوكية تجاه “إيران” وحلفاءها الإقليميين.

وكانت “الصين” قد بذلت؛ خلال السنوات الأخيرة، جهود كبيرة لبناء علاقات متوازنة بين “إيران” و”السعودية”، كعامل رئيس في الحد من التوترات الإقليمية، إلا أن السياسة الأميركية الجديدة قد تُمثّل عقبة على مسّار التجانس، وتُمهد الأجواء لإعادة تعريف العلاقات بين القوى الإقليمية.

وسوف تبعث هذه السياسة على تشديد الفجوات الجيوسياسي وزيادة التوترات الإقليمية بدلًا من تقوية الثبات والاستقرار.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة