خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
الهجوم الإسرائيلي على “سورية” واستهداف مقر الرئاسة بذريعة حماية الدروز، أثار حيرة المحللين السياسيين بشأن جرأة رئيس الوزراء الصهيوني؛ “بنيامين نتانياهو”، على تنفيذ عمليات بالغة الأهمية تجاه منافسيّه في الإقليم، بعد وصول؛ “دونالد ترمب”، إلى الرئاسة في “الولايات المتحدة”، وتساءل المحللون: عن أهداف “نتانياهو” المستقبلية؟.. بحسّب ما استهل “إحسان أنصاري”؛ تقريره المنشور بصحيفة (اسكناس) الإيرانية.
وكان رئيس الوزراء الصهيوني قد أعلن؛ بتاريخ 08 آذار/مارس 2024م، أي بعد (طوفان الأقصى)، سعيّه لتغيّير حدود الشرق الأوسط، وأن التطورات الجديدة بالمنطقة تصَّب في صالح “إسرائيل”.
وربما أمكن تفسيّر بعض تصريحاته آنذاك؛ في إطار توهم القوة، لكن بمرور الوقت تبيّن أنه يسّعى عمليًا مقترح: “الشرق الأوسط الكبير”.
محاور المشروع..
والمشروع يُشيّر إلى مفهومين؛ الأول: “خطة ينون”، والثاني: “الشرق الأوسط الكبير”.
“خطة ينون”؛ عبارة عن مشروع استراتيجي إسرائيلي يقترح تقسيّم دول المنطقة إلى دويلات أصغر.
أما “الشرق الأوسط الكبير”؛ فهو مصطلح سياسي ابتكرته إدارة؛ “جورج بوش”، يُشيّر إلى منطقة أكثر اتساعًا من الشرق الأوسط، ويُعرف في الغالب عنوان: “الشرق الأوسط الجديد” أو “الشرق الأوسط الكبير”.
وكان المحلل الإسرائيلي؛ “عوديد ينون”، مستشار رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق؛ “أرئيل شارون”، قد طرح “خطة ينون” عام 1982م، بهدف تقسيّم دول الشرق الأوسط إلى دويلات أصغر وأضعف، بذريعة أن هذا الأمر سوف يخدم مصلحة “إسرائيل”، لأن الدول الأضعف تُمثّل خطرًا أقل على “إسرائيل”.
وتشمل هذه الخطة تقسيم دول مثل: “مصر والعراق ولبنان والأردن”.
لكن مشروع “الشرق الأوسط”؛ هو مقترح من إدارة “بوش”، كما سبقت الإشارة، ويُستّعمل في وصف منطقة أوسع من الشرق الأوسط تشمل دول “شمال إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى”.
وطُرح الموضوع في البداية بوصفه استراتيجية فرض الديمقراطية في هذه المنطقة وتطويرها اقتصاديًا، لكن عمليًا كان اُستخدم لتبرير للتدخل العسكري الأميركي في المنطقة.
مشروع “القرن الأميركي الجديد”..
والمشروع المعروف باسم: “الشرق الأوسط الكبير” هو جزء من مشروع “القرن الأميركي الجديد”، والذي يعتبره الخبراء بمثابة بيان تاريخي للمحافظين الأميركيين.
بناءً على هذه الخطة؛ فإن الجيش الأميركي أصغر بكثير من المطلوب للقيام بالمهام الموكلة إليه. ولهذا السبب، يجب توسيّع الجيش الأميركي ليتّمكن من اكتساب القُدرة على التواجد في جميع أنحاء العالم.
ومن المراحل المهمة في هذا المشروع، مسألة تأمين الطاقة لـ”الولايات المتحدة الأميركية”.
وفي هذا الصدّد يقوم مخطط “الشرق الأوسط الكبير”؛ بالأساس، على تفتيّت الدول الكبرى بالمنطقة أو تغيّير أنظمتها السياسية. ورغم أن تنفيذ هذه الخطة في إطار خطة “القرن الأميركي الجديد”، يُنسّب إلى المحافظين الجدَّد الأميركيين الذين غادروا “البيت الأبيض” الآن، إلا أنه يجب أن نعلم أن المؤسسات والمنَّظرين الذين توقعوا هذه البرامج، وكذلك الرأسماليين الذين يدعمونها، لا يزالون متشبّثين بشدة بتنفيذها خلال الخمسين سنة القادمة.
لماذا تعرضت “سورية” للهجوم الإسرائيلي ؟
الحرب الإسرائيلية على “إيران”؛ والتي استمرت مدة (12) يومًا، ثم الهجوم الإسرائيلي العشوائي على “سورية”، يُثبّت أن “إسرائيل” تحولت إلى أهم أدوات تنفيذ مشروع “الشرق الأوسط الكبير”، وربما تدخل دول أخرى في اللعبة مستقبلًا.
تتزامن العمليات الإسرائيلية الشديدة على “سورية”، مع صعود “أبو محمد الجولاني” الجديد والمَّطيع من جميع الجهات.
وقد أبدت الدول العربية أيضًا دعمًا ملحوظًا لـ”الجولاني” و”سورية”، مع هذا يبدو أن “إسرائيل” لا تُريد تشكيل حكومة واحدة في “سورية”.
والأساس بالنسبة للكيان الإسرائيلي؛ تقسيّم “سورية” وتصعيّد حكومة ضعيفة في “دمشق”، وضم “السويداء” والدروز إلى “إسرائيل”، ومنح الأكراد حكم ذاتي تمهيدًا للاستقلال عن “تركيا”.
كذلك من جُملة أهداف الهجوم؛ فرض السيّطرة الاستخباراتية والعسكرية على “سورية”، للتحكم في الحدود اللبنانية و(حزب الله)، واستخدام “سورية” كأداة ضغط في (صفقة القرن)، وإجبار النظام السوري على الابتعاد عن “تركيا”.
النقطة الأهم أن الحكومة الضعيفة والسيّطرة على الحدود العراقية، والسيّطرة على المجال الجوي السوري بهدف التزود بالوقود وتجديد الهجوم على “إيران”، من جُملة الأهداف الإسرائيلية من الهجوم على “سورية”.
والواقع أن “إسرائيل” تُريد فرض واقع جديد يُسّاعد في إبقاء مشروع الاحتلال. وتحظى هذه الاستراتيجية باهتمام إسرائيلي خاص؛ لا سيّما خلال السنوات الأخيرة.
وتأمل “إسرائيل” أن يُسّاهم الضعف العسكري في اجبار النظام السوري الجديد على السلام والتطبّيع مع “إسرائيل”، أو على الأقل تعدم القُدرة على مواجهة “إسرائيل” عسكريًا.