خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
تابع العالم؛ منذ بداية هجوم الكيان الصهيوني الشامل على “قطاع غزة”، منذ تشرين أول/أكتوبر 2023م، واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية المعاصرة وأكثرها منهجية؛ تتضمن الحصار الكامل، وتدمير البُنية التحتية الأساسية، وقطع تدفق المواد الغذائية والعلاجية، ومهاجمة مراكز توفير الماء والطاقة، بهدف تركيع مجتمع مدني عبر سياسة التجويع. بحسب ما استهلت “ليلى تقربي”؛ خبير قانوني، تحليلها المنشور بصحيفة (اسكناس) الإيرانية.
هذا النهج يتطابق وانتهاك المادة (54) من البروتوكول الأول الإضافي رقم (1977) بـ”اتفاقيات جنيف” الرباعية.
وتبحث هذه المقالة، في مسؤولية الكيان الصهيوني عن التجويع المتعمَّد في “غزة”، بناءً على مصادر القانون الدولي الإنساني وممارسات المنظمات الدولية.
وتحظر المادة (54) من البروتوكول الأول الإضافي، الاستفادة من سياسة التجويع كأسلوب حرب، وتنص على: “منع استخدام التجويع كأداة حرب ضد المدنيين، وحظر تدمير أو إتلاف أو نقل الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيّد الحياة، مثل مصادر المياه والغذاء والمحاصيل الزراعية”.
وتهدف هذه المادة إلى حماية المدنيين في الصراعات الدولية المسلحة، والحيلولة دون الاستفادة من الوسائل التي قد تُهدّد بشكل مباشر حياة المدنيين.
أمثلة للانتهاكات في “حرب غزة”..
بحث التطورات الميدانية في “قطاع غزة”؛ منذ تشرين أول/أكتوبر 2023م، حتى الآن، تُثبّت قيام الكيان الصهيوني بشكلٍ ممنهج ومتعمدَّ، بالإجراءات التالية للاستفادة من سياسة التجويع كسلاح حربي:
01 – فرض حصار كامل على “غزة”: منذ بداية العمليات، تم وقف دخول المواد الغذائية والمياه والوقود والدواء إلى “قطاع غزة” عبر المعابر البرية، لا سيّما في (رفح) و(كرم أبو سالم).
02 – تدمير البُنية التحتية: تسبب قصف المزارع، وأنظمة الري، ومخازن الغذاء، والمخابز في تعطيل الكثير من مراكز توفير الماء والغذاء.
03 – الحيلولة دون تدفق المساعدات الإنسانية: تعرضت قوافل “الأمم المتحدة” الإغاثية، والمؤسسات غير الانتفاعية، غير مرة للهجوم أو العرقلة، وبلغ الأمر مستوى تدمير شاحنات الدقيق والماء في بعض الحالات.
04 – خلق مجاعة مصَّطنعة: بناءً على تقرير “برنامج الأغذية العالمي”؛ (WFP)، فإن أكثر من: (90%) من سكان “غزة” يُعانون من انعدام الأمن الغذائي على مستوى خطير؛ حيث أصبح خطر الموت بسبب الجوع، خاصة بين الأطفال، حقيقيًا وفعليًا.
مسؤولية الكيان الصهيوني الدولية..
في القانون الدولي؛ يُعدّ انتهاك القواعد الحاكمة، بما في ذلك القواعد الإنسانية، سببًا لقيام المسؤولية الدولية على عاتق الدولة المخالفة.
وفي هذه الحالة؛ فإن الكيان الصهيوني، بسبب أفعاله المتعمدَّة في تجويع المدنيين، يتحمل المسؤولية الدولية للأسباب التالية:
01 – انتهاك الالتزامات العرفية: البروتوكول الأول الإضافي، ولم تصدَّق عليه “إسرائيل”، لكن تُعرف بعض أجزاء البروتوكول مثل المادة (54) كقواعد عرفية دولية. وعليه فإن هذه المادة مُلزمة حتى بالنسبة للدول غير الأعضاء في الاتفاقية.
02 – المسؤولية الجنائية الدولية: استخدام المجاعة كسلاح حرب يُصنف في “قانون الجنائية الدولية”، جريمة حرب، وجريمة ضد الإنسانية في بعض الحالات. والمادة (8) من “لائحة روما”؛ (المحكمة الجنائية الدولية)، تُصنّف التدمير المتَّعمد للمصادر الضرورية للبقاء على قيّد الحياة، ضمن زمرة جرائم الحرب.
03 – ضرورة التعويض والمساءلة: بحسّب مقدَّمة مواد مسؤوليات الحكومات بـ”لجنة القانون الدولي”؛ (ILC)، يتعيّن على الدولة المسؤولة تعويض الخسائر، والحيلولة دون تكرار الأمر. وحال الاستمرار والتعمد، تُتخذ الإجراءات القانونية الدولية للمساءلة.
رد الفعل العالمي..
رُغم قوة الجرائم المرتكبة في “غزة” واتساع نطاقها، لا يتجاوز رد الفعل المجتمع الدولي تجاه المجاعة في “غزة”، مستوى الإدانات السياسية والبيانات العامة، مع هذا اعتبر مراسلو “الأمم المتحدة” الخاصون مرارًا وتكرارًا أن إجراءات النظام الصهيوني تُمثّل استخدامًا للجوع كسلاح.
وتقوم “المحكمة الجنائية الدولية”؛ (ICC)، حاليًا بدراسة ملفات تتعلق بجرائم حرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي قد تشمل أيضًا التسبب في المجاعات.
وأشارت “محكمة العدل الدولية”؛ (ICJ)، في قضية “جنوب إفريقيا” ضد “إسرائيل”، إلى نقاط حول احتمال حدوث “إبادة جماعية” واستخدام “المجاعة” كأداة.