“اسكناس” الإيرانية تقرأ .. سيناريوهات ما بعد وقف إطلاق النار

“اسكناس” الإيرانية تقرأ .. سيناريوهات ما بعد وقف إطلاق النار

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

السيناريو الأكثر احتمالًا فيما يخص وقف إطلاق النار بين “إيران” و”إسرائيل”، استمرار الوضع الحالي الهش، أو نقل المواجهة إلى ميادين أخرى بالوكالة. بحسّب ما استهل التقرير الذي أعدته ونشرته صحيفة (اسكناس) الإيرانية.

ويعتقد بعض المحللين، ترجّيح الطرفين الإيراني والصهيوني، للسيّطرة على المواجهة المباشرة في إطار حسابات الردع.

وبعد (12) يومًا على تبادل النيران بشكلٍ مباشر بين “إيران” و”إسرائيل”، يُخيّم الصمت على الفضاء الجيوسياسي الإقليمي، وهو صمت نابع عن توازن متوتر ومؤقت أكثر مما ينبع من اتفاقية سلمية. وهذه الهدنة غير المكتوبة، ليست قائمة على اتفاق رسمي، ولا تدعمها ضمانات دولية، ولا تقوم على ثقة متبادلة. والسؤال: إلى أين تتجه هذه الهدنة؟

السيناريوهات الخمسة المحتملة لمستقبل وقف إطلاق النار..

بناءً على تحليل التوجهات والأنماط السلوكية السابقة ومواقف الفاعلين المؤثرين، نصل إلى خمسة سيناريوهات رئيسة حول مصير وقف إطلاق النار بين “إيران” والكيان الصهيوني:

الأول والأكثر احتمالًا: استمرار الوضع الراهن، أي وقف إطلاق النار الهش؛ حيث يُفضل الطرفان، لأسباب استراتيجية وارتفاع تكلفة الحرب، عدم الدخول في مواجهة علنية متكررة.

ويسّعى الكيان الصهيوني إلى تجنب حرب استنزاف تُهدّد صموده الداخلي، بينما تُركز “إيران” على إعادة ترتيب أولويات سياستها الخارجية، ومعالجة الأوضاع الاقتصادية، وإعادة تنظيم قواتها المسلحة بسرعة.

في هذا المسّار؛ تلعب “الصين وروسيا” إلى جانب دول “الخليج العربي” دورًا مؤثرًا، خاصة “الصين” التي تربط بين استقرار الخليج ومصالحها الاستراتيجية، وكانت قد توسطت سابقًا في المصالحة بين “طهران” و”الرياض”.

الثاني: العودة إلى الحرب الاستخباراتية وعمليات محدودة.

تاريخ “إسرائيل” الأمني؛ يُثبّت تفضيل “تل أبيب” خوض الحرب دون تحمل مسؤولية أفعالها. رد فعل “إيران” في مثل هذه الظروف قد يتجلى في ساحات قريبة من الكيان الصهيوني عبر استخدام القدرات المتاحة، بما في ذلك العمليات السيبرانية.

إذا تصاعد هذا النوع من المواجهة، يمكن القول إن وقف إطلاق النار يتحول إلى صراع خفي.

الثالث: انتهاك “إسرائيل” وقف إطلاق النار عبر هجوم محدود ومفاجيء.

هذا النمط ليس جديد على “إسرائيل”، فقد نفذّت سابقًا عمليات مثل الاغتيالات أو التخريب دون سابق إنذار.

رد فعل “إيران” في هذه الحالة، كما سبق الإعلان مرارًا، سيكون متناسبًا، مما يعني تبادل ضربات محدودة بين الطرفين.

الرابع: الانهيار الكامل لوقف إطلاق النار واندلاع حرب مباشرة.

ويبدأ هذا السيناريو في العادة بشرارة كارثية، مثل هجوم كبير على منشأة نووية أو عملية اغتيال كبيرة مشابهة لما حدث في حزيران/يونيو الماضي.

عندها سيكون مستوى الأزمة أعنف من الموجة الأولى، وقد تتوسّع مناطق الصراع.

في هذه الحالة؛ ستكون دول المنطقة، خاصة الخليجية التي تضم قواعد عسكرية أميركية، الأكثر قلقًا، وقد تلجأ إلى طلب تدخل فوري من “الصين” أو “روسيا” أو هيئات دولية للتوسّط.

الخامس: التوصل إلى اتفاق غير رسمي مستدَّام عبر وساطة قوى إقليمية أو عالمية.

رغم أن هذا السيناريو يبدو بعيدًا، إلا أنه ممكن إذا زاد ضغط القوى الكبرى لاستقرار سوق الطاقة.

وتُشيّر تقارير إلى أن “الصين وعُمان” لعبا أدوارًا فاعلة في الأشهر الأخيرة، وقد يعودان للوساطة لخفض التصعيد.

باختصار يمكن القول: المسّار الأكثر ترجّيحًا هو استمرار الوضع الهش الحالي أو انتقال المواجهة إلى ضربات محدودة.

ويعتقد بعض المحللين أن “إيران” و”إسرائيل” – في إطار حسابات الردع – تُفضّلان إبقاء المواجهة تحت السيّطرة، لكن خطأً استراتيجيًا واحدًا أو حادثًا أمنيًا قد يُقلب الموازين.

الصمود الاجتماعي والتماسك الوطني: ميدان حاسم خلف الجبهات..

يُعد الصمود الاجتماعي والتماسك الوطني من المتغيَّرات المؤثرة في تشكيل أو انهيار هذه السيناريوهات.

ففي “إيران”؛ وعلى الرُغم من الضغوط الاقتصادية والتحديات الداخلية، أظهرت التجربة أنه عند المواجهات الأمنية والتهديدات الخارجية، يميّل المجتمع إلى التلاحم ودعم المؤسسات الوطنية.

ويُعدّ الحضور اللافت للناس في مراسم تشييّع شهداء الهجوم الإسرائيلي الأخير على “إيران”، دليلًا على استعداد المجتمع نفسيًا للدفاع عن السيّادة الوطنية. هذا الصمود يُمكن أن يُشّكل دعامة أساسية لاستراتيجية الردع الإيرانية النشطة.

في المقابل،؛ يواجه الكيان الصهيوني أزمة حادة في التماسك الاجتماعي. فمن ناحية، هناك انقسامات إيديولوجية وسياسية داخلية، وغياب مفهوم “الأمة” بالتعريف الكلاسيكي، ومن ناحية أخرى، فإن أزمة الثقة في أعقاب الهجوم المفاجيء؛ في 07 تشرين أول/أكتوبر 2023م؛ قد أضعفت قدرة التعبئة الاجتماعية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة