29 ديسمبر، 2024 12:02 ص

استياء عام من مستعمرات المسؤولين وإفلات جماعاتهم من العقاب

استياء عام من مستعمرات المسؤولين وإفلات جماعاتهم من العقاب

نهاد جاسم من بغداد : ابدى عدد من الصحفيين والنواب استياءهم من ظاهرة الافلات من العقاب بعد تكرار حوادث اعتداء حمايات المسؤولين وبعض ابناء المسؤولين واقاربهم، فيما رجح نائب في البرلمان العراقي ان عدم امتثال هذه الفئة للقانون، ومنهم قاتل المغدور محمد بديوي الشمري، لا يمكن ان يحدث لولا تاكدهم من عدم تعرضهم للملاحقة.
ويتناقل عراقيون اخبار تعرض مواطنين لاعتداء عناصر حمايات مسؤولين ونواب وميليشيات تابعة لهم. واحدث التطورات جاء بيد ضابط في حماية “المربع الرئاسي” الذي قتل الصحفي محمد بديوي الشمري باطلاق رصاص من مسدسه الشخصي.
النائب المستقل اسكندر وتوت استنكر في اتصال مع “العالم” “الجريمة البشعة التي راح ضحيتها التدريسي في الجامعة المستنصرية ومدير مكتب اذاعة العراق الحر ببغداد، الشهيد محمد بديوي الشمري، على يد ضابط في البيشمركة في مدخل (المربع الرئاسي).”
ووصف هذا الفعل بـ”المستهتر والهمجي”، مطالبا بانزال اقصى عقوبة بالجاني “ليكون عبرة لغيره، ولايقاف هذا الاستهتار من جانب حمايات الشخصيات او من الذين يرتبطون بهم او ذويهم”.
ولفت النائب وتوت الى ان “الجاني لم يكن ليجرؤ على هذا الفعل لولا انه يعرف انه سيكون في مامن” من العقاب.
وقال ان “عملية القاء القبض عليه شكلية”، مرجحا “اطلاق سراحه من طريق صفقة”.
صحفي من بغداد، فضل عدم ذكر اسمه خوفا من الانتقام، قال ان مقتل المغدور الزميل محمد بديوي “لا يخص الميليشيا الكردية حصرا، التي تعمل بغطاء شخصية رسمية”، بل ان هذا الاعتداء يتصل بنحو وثيق بـ”سلوك مجموعات مسلحة لا تخضع الا لسلطة جهة معينة تعمل تحت غطاء الدولة وحصانة المنصب”.
وقال ان “البيشمركة، او ما يطلق عليه الفوج الرئاسي، تشرف عليه الان زوجة طالباني السيدة هيرو ابراهيم احمد، ومجموعة عائدة لها”. ولاحظ ان “حالها حال مجموعات اخرى تابعة لمسؤلين”.
وتابع الصحفي ان حالات “اعتداء اخرى ارتكبها حمايات مسؤولين اخرين واقاربهم في بغداد تشير الى سلوك ميليشاوي يهدد السلم العام ويقوض الثقة بالمسؤولين وحاشياتهم”.
وقال ان “منطقة الكرادة ومناطق تجارية اخرى من بغداد تشهد بين مدة واخرى حادثا من هذا النوع”.
واكد الصحفي ان من خلال تجربته المهنية “هناك ميليشات لكل مسؤول”، مضيفا ان “الكرادة مثلا فيها (مربع) يعود لطالباني و(مربع) يعود لعمار الحكيم و(مربعات) اخرى اصغر حجما يحكمها اخرون”.
وراى الصحفي ان “هذه (المربعات) وسلوك حمايات ساكنيها من افظع العلامات على تردي الدولة العراقية عموما وانعدام قدرتها على بسط سيطرتها وعجزها عن تنفيذ القانون”. ووصف الصحفي (مربعات المسؤولين) بـ”المستعمرات”.
وختم الصحفي حديثه بالاشارة الى ان “من المفارقة ان ما افشل تمديد وجود القوات الاميركية بعد العام 2011 سبب واحد فقط هو عدم منح الحصانة لافراد الجيش الاميركي”، في حين ان “حاشيات المسؤولين والمرتبطين بهم يقتلون العراقيين ويفلتون من العقاب”.
وكان عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، حامد المطلك، وصف قتل محمد بديوي، الصحفي والأستاذ الجامعي، بانه “نوع من الإرهاب”. وأكد المطلك “ضرورة أن يحترم رجل القانون القانون وحقوق الإنسان، إذ أن حماية المواطن لا تكون باستهدافه وقتله”، مشددا على ضرورة “تطبيق القانون بأدق تفاصيله في هذا الحادث، لكي يحقق الأمن ويعرف كل إنسان موقعه عندما يتجاوز القانون”.
وكان مصدر في الشرطة العراقية اكد يوم السبت أن قوة من البيشمركة، حماية رئيس الجمهورية جلال الطالباني، قتلت الاستاذ الجامعي محمد بديوي، الذي يشغل منصب مدير مكتب اذاعة العراق الحر لدى توجهه الى مكتب الاذاعة في منطقة الجادرية قرب مدخل الجسر ذي الطابقين وسط بغداد.
وتوجهت قوة بقيادة قائد عمليات بغداد الى مقر حماية طالباني لاعتقال قاتل محمد بديوي، الا ان بيشمركة الرئيس منعت القوة من الدخول رافضة تسليم القاتل.
رئيس مرصد الحريات الصحفية، زياد العجيلي، اكد السبت ان ضابطا في قوات البيشمركة المتمركزة عند جسر الطابقين في بغداد أطلق النار على مدير مكتب اذاعة العراق الحر في بغداد الدكتور محمد بديوي موضحا ان بديوي فارق الحياة فور تلقيه رصاصة في رأسه.
وفي وقت لاحق من مساء يوم السبت، ذكر زياد العجيلي في برنامج على قناة العراقية ان القاتل كاد ان يهرَّب الى منطقة المنصور ومنها ينقلونه الى كردستان، لولا اتصال من عادل عبد المهدي، نائب رئيس الجمهورية السابق، بالسيدة هيرو ابراهيم، التي وافقت على تسليم القاتل.
ويشير الصحفي، الذي شدد على عدم ذكر اسمه ومكان عمله، الى “مجموعة كانت تعمل في مكتب السيد عادل عبد المهدي، عندما كان نائبا لرئيس الجمهورية، سطت على مصرف الزوية، في الكرادة، وقتلت الحراس وسرقت المصرف، ولم تتمكن القوات الامنية القاء القبض عليهم للجوئهم الى (مكان امن)”.
واكد “انهم افلتوا من العقاب ايضا”.
وتوجه عشرات الصحفيين يوم السبت الى موقع حادث مقتل محمد بديوي ونظموا وقفة احتجاجية، مطالبين بالكشف عن ملابسات الحادث وتقديم الجاني الى العدالة.
شاهد عيان على مقتل الدكتور محمد بديوي الشمري قال ان الضابط الذي قتل المدني (الشمري) فر الى داخل المنطقة الرئاسية، لافتا الى ان عملية القتل نفذت امام انظار الشارع.
وروى شاهد العيان ان سيارة صالون حمراء نوع كورولا يستقلها ضابط كردي برتبة نقيب، واخر برتبة ملازم، زاحمت سيارة بيضاء نوع سنتافيا في مدخل المجمع الرئاسي بمنطقة الجادرية.
وأضاف “عند اعتراض صاحب السيارة البيضاء السنتافيا (الشمري) على مخالفة صاحب السيارة الحمراء الضابط ترجل الضابطان من السيارة وتبادلا الصياح، لكن الشمري تكلم معهما بكل ادب واخبرهما ان تصرفهما غير صحيح ويجب احترام السير وانه مدير مكتب اعلامي في المجمع الرئاسي”.
وتابع “عند تبادل الصياح بينهما انهال جنود نقطة التفتيش على المدني (الشمري) بالضرب ومعهما الضابطان، ورغم ان الشمري تمكن من تخليص نفسه الا ان الضابط النقيب اطلق عليه النار في الحال وارداه قتيلا وانتشر دم ولحم القتيل على سيارتي”.
ولفت شاهد العيان الى ان عملية قتل المدني (الشمري) حدثت امام انظار المواطنين وسط الشارع، لافتا الى ان القاتل النقيب فر الى داخل المجمع الرئاسي.
ولاحظ الصحفي، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، ان الشريط المصور الذي عرضته قناة العراقية مساء السبت، يظهر ما قيل انه القاتل بلباس مدني واصغر عمرا من ان يكون برتبة نقيب”، مشككا في ان يكون “الشخص الذي ظهر في شريط قناة العراقية المصور هو (القاتل الحقيقي).
وقال الصحفي ان “للاسف بعض وسائل الاعلام الكردية حاولت تزييف عملية القتل”، مشيرا الى ان صحيفة اليكترونية مرتبطة بالاقليم “زعمت ان زياد العجيلي، مدير مرصد الحريات الصحفية، قال لها ان الشمري قتل بعد رفضه التوقف عند نقطة التفتيش”.  وتابع ان “العقيد سامان آمر الفوج الرئاسي قال لمحطة تلفزيونية كردية ان الضابط ضرب المجني عليه باخمص المسدس وانطلقت الرصاصة”! ورجح الصحفي، متفقا مع النائب اسكندر وتوت، ان يتم “تسوية الموضوع” بلا عقوبة.
من جهته اكد رؤساء تحرير الصحف الاهلية، صحيفة هاولاتي، آوينة ومجلة لفين بعد اجتماعهم بمركز ميترو للدفاع عن حقوق الصحفيين، مكتب السليمانية، ان “مقتل الصحفي محمد بديوي جريمة مشهودة وعلى القضاء العراقي ان يأخذ دوره في التحقيق بالحادث واصدار قراره باستقلالية وحياد”، داعين الى ان “تكون عملية تسليم القاتل فاتحة لتسليم جميع المطلوبين في حوادث قتل الصحفيين ومكافحة الافلات من العقاب، واعادة التحقيق في الجرائم السابقة التي طالت الصحفيين وتقديم القتلة الى العدالة”.
ولفت المجتمعون الى ان “البعض حاول تصوير الحادث وكأن مواطنا كرديا قد قتل مواطنا عربيا وليس ضابطا بزي رسمي قتل صحفيا في ظروف غامضة”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة