استهداف “الخضراء” .. انتقام من “أصحاب الكهف” أم تهديد “ترامب” لنيته ضرب إيران ؟

استهداف “الخضراء” .. انتقام من “أصحاب الكهف” أم تهديد “ترامب” لنيته ضرب إيران ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

تزامنًا مع الإعلان عن سحب جزئي للقوات الأميركية من العراق، وفي خرق للهدنة مع واشنطن، استهدف عدد من الصواريخ، مساء الثلاثاء، “المنطقة الخضراء” وسفارة الولايات المتحدة في بغداد.

ويُعد الهجوم الصاروخي الأخير، هو الأول منذ أكثر من شهر لهدنة أعلنتها الفصائل المسلحة، حيث أعلنت، أنها لن تستهدف السفارة الأميركية شرط أن تُعلن “واشنطن” سحب جميع قواتها في موعد قريب.

وأصدرت قيادة العمليات المشتركة، بيانًا أكد سقوط 7 صواريخ (كاتيوشا) استهدفت “المنطقة الخضراء” وأوقعت عددًا من الضحايا.

وذكرت القيادة في بيان؛ أنه: “مع استمرار الحكومة العراقية بتحقيق المكتسبات السيادية، ورفع مستوى مهنية وكفاءة قواتنا الأمنية وجاهزيتها لمجابهة التهديدات الإرهابية، وهو ما تكلل بالإعلان عن سحب المئات من القوات الأجنبية من العراق، تُصر بعض القوى الخارجة على القانون، وعلى الإجماع الوطني، وعلى رؤية المرجعية الدينية، على إعاقة مسار تحقيق المنجزات السيادية، وتؤكد من جديد رهانها على خلط الأوراق ومحاربة الاستقرار، خدمة لمصالحها وأهدافها الضيقة البعيدة كل البُعد عن المصلحة الوطنية”.

وأضافت قيادة العمليات، أن: “ما شهدته العاصمة بغداد، مساء الثلاثاء، من سقوط عدد من المقذوفات على ساحة الاحتفالات والمناطق المحيطة بها، وقرب مدينة الطب والزوراء وأدى إلى استشهاد طفلة وإصابة خمسة من المدنيين، لن يمر دون ملاحقة وحساب”.

وتابعت أن: “أجهزتنا الأمنية والاستخبارية، قد شرعت بإجراءات تشخيص الجناة لينالوا جزاءهم العادل”.

“أصحاب الكهف” تتبنى الهجوم..

إلى ذلك، أكدت مصادر عراقية أن ميليشيا تطلق على نفسها اسم جماعة (أصحاب الكهف) تبنت عملية استهداف السفارة الأميركية في “بغداد”، بعد اعتقال عدد من عناصرها في مدينة “الفلوجة”، بحسب (سكاي نيوز عربية).

وكانت “القوات الأمنية اعتقلت، يوم الإثنين، 3 من جماعة (الكهف) في منطقة بين بغداد والفلوجة”.

وكانت القيادة العسكرية قد اعلنت، مطلع تشرين أول/أكتوبر الماضي، اعتقال عدد من “مطلقي الصواريخ”، ووعدت حينها بكشف الأسماء على الرأي العام، لكن هذا لم يحدث حتى الآن.

عمل إرهابي..

وأدان وزير الخارجية العراقي، “فؤاد حسين”، الهجوم الصاروخي الذي استهدف مقر السفارة الأميركية في “بغداد”، واصفًا إياه بأنه: “عمل إرهابي وإجرامي وفاضح”.

وقال “حسين”: “إنه هجوم على الحكومة العراقية والشعب العراقي؛ ونحن ندين مثل هذه العمليات”.

إدانة بريطانية ومصرية..

وبشكل متسارع، أدان السفير البريطاني في العراق، “ستيفن هيكي”، الأربعاء، الهجوم الصاروخي الذي استهدف “المنطقة الخضراء”.

وذكر “هيكي”، في تغريدة عبر منصته بـ (تويتر)، قائلاً: “أعرب عن تعازيّ لضحايا الهجمات الصاروخية التي وقعت يوم أمس”.

وأضاف: “أدين هذه الهجمات من قِبل الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون؛ والتي تؤدي فقط إلى ترويع العراقيين والإضرار باستقرار العراق”.

كما أعربت “جمهورية مصر”، الأربعاء، عن بالغ إدانتها للهجوم الصاروخي الذي استهدف “المنطقة الخضراء” في العاصمة العراقية.

وبحسب بيان رسمي؛ تقدمت “مصر”: “حكومة وشعبًا، لحكومة جمهورية العراق، وشعبها الشقيق بصادق تعازيها في هذا الحادث البغيض وتمنياتها بالشفاء العاجل للمُصابين”.

وشدد البيان، على استنكار “جمهورية مصر”: “الكامل لتلك المُمارسات العدوانية الآثمة”، داعيةً كافة الأطراف إلى: “النأي بالعراق عن أية تجاذبات لا تُعلي مصالحه الوطنية”، فيما أشار البيان إلى تأكيد: “مصر على دعمها للعراق الشقيق فيما يتخذه من إجراءات لحماية أمنه ولُحمته الوطنية”.

يُذكر أنه منذ أشهر تتعرض “المنطقة الخضراء”، (تضم مقرات حكومية وبعثات سفارات أجنبية)، في بغداد، إلى جانب قواعد عسكرية تستضيف قوات “التحالف الدولي”، وأرتال تنقل معدات لوجيستية، لقصف صاروخي، وهجمات بعبوات ناسفة من قِبل جهات لا تزال مجهولة.

دعوة لمحاسبة واعتقال القائمين بالهجوم..

فيما رأت السفارة الأميركية، في “بغداد”، الأربعاء، أن استهداف “الخضراء” بقصف صاروخي، كان يقصد مبنى السفارة.

وقالت السفارة في بيان: “تدين حكومة الولايات المتحدة بشدة الهجوم الصاروخي الذي وقع، يوم أمس، في بغداد وأسفر عن مقتل طفل عراقي وإصابة مدنيين عراقيين آخرين”.

وأضافت: “يستمر الخارجون عن القانون في زعزعة استقرار العراق، وقتل المواطنين العراقيين، وتهديد سيادة العراق”، داعية الحكومة إلى: “اعتقال ومحاسبة أولئك الذين يواصلون إرتكاب أعمال العنف ضد الدولة العراقية”.

وأعلن العقيد “واين ماروتو”، المتحدث باسم “التحالف الدولي”، في وقت سابق، إن الهجوم الصاروخي الذي استهدف قاعدة عسكرية عراقية في “المنطقة الخضراء”، وسط العاصمة بغداد؛ لم يُسفر عن خسائر في صفوف قوات التحالف.

رسالة مدروسة ولا يوجد طرف ثالث..

وتوالت التعليقات من الفصائل العراقية، فرأى المتحدث باسم (كتائب سيد الشهداء)، “كاظم الفرطوسي”؛ أن قصف القاعدة العسكرية في السفارة الأميركية، ليلة الثلاثاء، رسالة مدروسة بدقة عالية، بالتالي على القوات الأميركية أن تعي أن المهلة لا تستمر إلى الأبد.

وقال إنه: “ليس هناك اتفاق ما بين الفصائل والقوات الأميركية، وإنما هناك مهلة منحتها الفصائل للإدارة الأميركية لسحب قواتها من العراق”، مبينًا أن: “الفصائل التي أعطت المهلة لم تتبنَ العملية الأخيرة”.

وأضاف، أن: “المهلة ليست مستمرة إلى الأبد؛ بالنتيجة على الإدارة الأميركية أن تستجيب بسحب كامل قواتها من العراق، من أجل تجنب ضربات مماثلة”.

وأوضح أنه: “ليس هناك طرفًا ثالثًا أو محاولة لخلط الأوراق، كما يروج لها البعض، لأن الرد متوقع باعتباره حق متاح لجميع العراقيين المتمكنين عسكريًا”.

وأستدرك أن: “ضربات البارحة كانت رسالة دقيقة يجب أن تقرأ بشكل صحيح، وتدل على أن الذي استهدف يعي ماذا يريد والقضية مدروسة بشكل دقيق”.

تعليق إغلاق السفارة الأميركية..

وكانت الصواريخ، التي تسقط بشكل شبه يومي على “المنطقة الخضراء” وقرب السفارة الأميركية، قد دفعت “الولايات المتحدة” إلى أن تتجه إلى قرار بغلق سفارتها في “بغداد” وسحب بعثتها الدبلوماسية، لتسارع الحكومة العراقية بإقناع الإدارة الأميركية بالعدول عن القرار، لتعلق الأخيرة قرارها دون إلغائه، وفقًا لما قاله وزير الخارجية العراقي، “فؤاد حسين”، آنذاك.

مخالف لقواعد العمل الدبلوماسي..

من جهته؛ وصف النائب عن تحالف (الفتح)، “حنين قدو”، بيان السفارة الأميركية في “بغداد”؛ بشأن قصف المنطقة الخضراء بـ”غير المسؤول”، فيما أشار إلى أن السفارة تحاول، بين فترة وأخرى، زعزعة وإرباك الشارع العراقي، وفقًا لقوله.

وقال “قدو” إن: “بيان السفارة الأميركية الأخير غير مسؤول ومخالف لأعراف وقواعد العمل الدبلوماسي، وإلا كيف حددت السفارة هوية الجهات التي استهدفت الخضراء ؟”.

وأضاف أن: “جميع الفصائل التي منحت القوات الأميركية مهلة الانسحاب؛ رفضت وأدانت القصف الصاروخي الذي تعرضت له الخضراء مؤخرًا”، لافتًا إلى أن: “السفارة بهذه الاتهامات؛ تحاول زعزعة وإرباك الشارع العراقي”.

تحذير من سيناريو أسوأ !

فيما حذر وزير الخارجية العراقي الأسبق، “هوشيار زيباري”، من الذكرى السنوية لمقتل قائد (فيلق القدس) الإيراني السابق، “قاسم سليماني”، ونائب رئيس هيئة (الحشد الشعبي)، “أبومهدي المهندس”.

وكتب في تغريدة على حسابه في (تويتر): “الهجمات الصاروخية على المنطقة الخضراء في العاصمة بغداد؛ هي تصعيد خطير من قِبل الميليشيات المسلحة الجامحة”.

وأضاف: “يأتي الأسوأ في الذكرى الأولى لقتل، قاسم سليماني وأبومهدي المهندس. حكومة العراق يجب أن تكون مستعدة لأسوأ سيناريو”.

استعراض للقوة..

من جهته؛ يرى الخبير في الشأن الأمني، “حميد العبيدي”، أن: “استهداف السفارة الأميركية قد يكون بالفعل ردًا على عملية الفلوجة، ورسائل من تلك الميليشيات إلى جهاز مكافحة الإرهاب، وقوات التحالف الدولي، بضرورة إطلاق سراح عناصرهاط.

وأضاف أن: “تبني تلك المجموعات لهذه العملية يعكس رغبة في إطلاع الرأي العام على أنها تقف وراء هذا الاستهداف، فضلاً عن إعلانها اعتقال عدد من عناصرها، ما ينبيء بأنها تستعرض قوتها، وتوصل رسائل بعدم ترك عناصرها”.

ولفت إلى أن: “تفسيرًا آخر يظهر وراء تلك العملية المفاجئة، وهي ربما تلقي تلك المجموعات أوامر سريعة من إيران بشن هجمات على السفارة الأميركية، في ظل الأنباء المتداولة عن عزم الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، توجيه ضربة إليها قبل ترك الرئاسة”.

ولم تتضح للمراقبين العراقيين لغاية الآن، طبيعة تشكيلات المجموعات الجديدة من الميليشيات أو قادتها، فيما تسعى الحكومة العراقية برئاسة، “مصطفى الكاظمي”، إلى إنهاء تلك الفصائل، وسط ترجيحات بتصنيف بعضها إرهابية؛ لملاحقتها وفق “قانون الإرهاب” العراقي.

فرض العقوبات على القطاعات الاقتصادية والشخصيات السياسية..

وعلق الباحث بمعهد “هدسون” للدراسات في واشنطن، “مايكل بريغنت”، على الحادث قائلاً؛ أن هناك أكثر من رسالة تُرسل من “بغداد” إلى “واشنطن” عبر استهداف السفارة الأميركية.

وأضاف أن الولايات المتحدة، إذا كانت رئاسة “ترامب” أو “بايدن”، فإنها ستواصل عملية متابعة الجماعات التي تستهدف المنشآت الأميركية في العراق وسترد بقوة ضد أي هجمات.

وتابع بالقول أن الرد على الهجمات ليس بإغلاق السفارة الأميركية فقط، وإنما ستفرض عقوبات على القطاعات الاقتصادية العراقية وشخصيات سياسية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة