استهداف “الحلبوسي” بـ”الكاتيوشا” .. رسائل بالدم والنار من الميليشيات لـ”الصدر” بغية خلط الأوراق !

استهداف “الحلبوسي” بـ”الكاتيوشا” .. رسائل بالدم والنار من الميليشيات لـ”الصدر” بغية خلط الأوراق !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في ضربة جديدة لمساعي تشكيل الحكومة العراقية، وبعد ساعات على مصادقة “المحكمة الاتحادية العليا” على إعادة انتخاب؛ “محمد الحلبوسي”، على رأس الهيئة التشريعية، سقطت: 03 صواريخ (كاتيوشا) قرب منزله في “قضاء الكرمة”؛ بمحافظة “الأنبار”، غرب “بغداد”، الأمر الذي أسفر عن إصابة طفلين، فيما رد “الحلبوسي” على استهدافه؛ بالتعهد بالعمل من أجل الوصول إلى: “دولة يسودها العدل… وتندحر فيها قوى الإرهاب واللادولة”.

وفي 09 كانون ثان/يناير الجاري، أعيد انتخاب؛ “محمد الحلبوسي”، زعيم تحالف (تقدم): (37 مقعدًا)، رئيسًا للبرلمان للمرة الثانية على التوالي، حيث كان يترأس البرلمان السابق؛ منذ العام 2018، بينما طعنت القوى الشيعية الخاسرة على الجلسة وهددت بالتصعيد.

وفي الأيام الأخيرة؛ استهدفت هجمات عدة الأحزاب التي يمكن أن تتحالف مع تيار الزعيم؛ “مقتدى الصدر”، لتشكيل ائتلاف برلماني بُغية الاتفاق على شخصية تتولى رئاسة الحكومة بعد الانتخابات التشريعية التي أجريت؛ في العاشر من تشرين أول/أكتوبر الماضي.

ومدفوعًا بحيازته على العدد الأكبر من المقاعد: (73 مقعدًا؛ من أصل 329)، كرر “الصدر” إصراره على تشكيل: “حكومة أغلبية وطنية”؛ ما سيُشكّل انقطاعًا مع التقليد السياسي الذي يقضي بالتوافق بين الأطراف الشيعية الكبرى.

ويبدو أن (التيار الصدري) يتجه للتحالف مع كتل سُنية؛ لا سيما تحالف (تقدم)، وكُردية بارزة من أجل الحصول على الغالبية المطلقة؛ (النصف زائد واحد من أعضاء البرلمان)، لتسمية رئيس للوزراء، يقتضي العُرف أن يكون شيعيًا.

وحسم “الصدر” أمره، يوم الثلاثاء، مؤكدًا أنه لن يتحالف مع رئيس الوزراء الأسبق؛ “نوري المالكي”، موضحًا: “أبلغت العامري والفياض؛ برفضي التحالف مع، المالكي”، في إشارة إلى: “هادي العامري”، زعيم تحالف (الفتح)، و”فالح الفياض”؛ رئيس هيئة (الحشد الشعبي).

ورحب “الصدر”؛ في تغريدة، بقرار القضاء بشأن تثبيت شرعية جلسة البرلمان الأولى قائلا: “نحن ماضون بتشكيل حكومة أغلبية وطنية”.

دخول فصائل مسلحة إلى “الكرمة”..

حول الحادث، أكد قيادي في (الحشد العشائري) في “الكرمة”، أن سقوط الصواريخ على البلدة: “يحدث لأول مرة في مركز القضاء”؛ منذ تحريرها قبل أكثر من 05 سنوات.

وقال القيادي لموقع (المدى)؛ أن: “الصواريخ الثلاثة؛ سقط بعض منها بالقرب من منزل رئيس البرلمان، فيما أصيب طفل وأغمي على آخر”.

ورجح القيادي في (الحشد العشائري)؛ الذي طلب عدم نشر اسمه: “وقوف فصائل مسلحة تسللت إلى الكرمة؛ منذ فترة تحت أسماء أخرى”.

وتابع: “خلال الأزمة مع جلسة البرلمان الأولى؛ وصلت بعض الفصائل المكلفة بمهام بعيدة عن الكرمة – لم يذكر اسمها – واختبأت داخل مقرات فصائل أخرى قريبة من القضاء”.

وقال بيان خلية الإعلام الأمني الحكومية، أمس الأول، إنه: “بعد الحادث الإرهابي؛ الذي حصل يوم أمس الأول، في استهداف قضاء الكرمة، ومن خلال المتابعة والتفتيش، تمكنت مفارز وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية في وزارة الداخلية، من ضبط خمسة صواريخ معدة ومهيأة للإطلاق على القضاء ذاته”.

وأشارت الخلية إلى أنه: “تم ضبط الصواريخ بمنطقة ذراع دجلة، وشرعت الأجهزة الأمنية المختصة بالتعامل معها وفق السياقات، دون حادث يُذكر”.

وكانت الخلية قد ذكرت في بيانها الأول، أن: “عملاً إرهابيًا جبانًا يستهدف قضاء الكرمة؛ مسقط رأس رئيس مجلس النواب العراقي؛ محمد الحلبوسي، حيث سقطت ثلاثة صواريخ نوع (كاتيوشا)، في مركز القضاء، بعد أن انطلقت من جهة ذراع دجلة باتجاه مركز القضاء”.

وأضافت أن: “الصاروخ الأول سقط خلف مرآب البلدية، فيما سقط الثاني في شارع 20؛ أمام دار أحد المواطنين؛ والثالث سقط في منطقة الرشاد، مما أدى إلى جرح إثنين من المواطنين المارين بجروح طفيفة”.

تهديدات “جماعة أهل السُنة” !

وكانت قبل الهجوم بوقت قصير؛ قد ظهرت مجموعة من المسلحين، يُطلقون على أنفسهم: (أهل السُنة والجماعة)، هددوا باستهداف “الحلبوسي”.

وقال المسلحون الذين ظهروا ملثمين ويحملون أسلحة؛ في مقطع فيديو قصير، بأنهم: “سيتسمرون باستهداف الحلبوسي؛ لمحاولة التطبيع مع إسرائيل”.

وحذروا “الحلبوسي” من: “الهيمنة على القرار السُني”، ورددوا شعارات في نهاية المقطع التسجيلي ضد: “القوات الأميركية”، تستخدمه في العادة بعض الفصائل الشيعية في خطاباتها.

وجاء الهجوم بعد أيام قليلة من اتهامات مقربين من الفصائل، طالت رئيس البرلمان واتهمته بأنه يستخدم: “ميليشيا” لحراسته.

وزعمت تلك الأطراف أن: (أشباح الصحراء)، وهو الاسم الذي أطلق على تلك “الميليشيا”، هي جماعة مدربة على يد القوات الأميركية في قاعدة (عين الأسد)، غربي “الأنبار”، قد دخلت إلى “بغداد” تحت غطاء حماية رئيس البرلمان.

وحدث هذا متزامنًا مع تحذيرات أطلقتها قيادات شيعية من وجود: “مؤامرة” لإعادة (داعش) إلى “العراق”، عقب أحداث هجوم التنظيم على السجن في “الحسكة” السورية، ومقتل: 11 جنديًا في هجوم على قرية في شمال “ديالى”.

وروجت بعض الصفحات والمواقع الإخبارية القريبة من الفصائل؛ آنذاك، أنباء عن انسحاب: 07 ألوية تابعة لـ (الحشد العشائري) من حدود “الأنبار” مع “سوريا”، تمهيدًا لدخول المسلحين، حسب وصفها.

عمل إرهابي..

إلى ذلك، وصف الرئيس العراقي؛ “برهم صالح”، استهداف مقر رئيس البرلمان في “قضاء الكرمة”؛ بالصواريخ، بأنه عمل إرهابي. وقال “صالح”؛ في تغريدة على (تويتر) إن: “الهجوم الذي طال مقر رئيس مجلس النواب في الأنبار؛ وأسفر عن إصابة مدنيين، عمل إرهابي مُستنكر”، مطالبًا: بـ”الحفاظ على السلم الأهلي”.

يستخدمها “داعش” لإحداث فتنة بين الشعب العراقي..

وفي حين وحدت القوى السُنية، في المحافظات الغربية؛ موقفها حيال هذا الهجوم؛ بما في ذلك القوى التي كانت على خصومة مع “الحلبوسي”، رئيس البرلمان زعيم حزب (تقدم)، مطالبة الجهات الرسمية باتخاذ مواقف حاسمة حيال مثل هذه الأعمال، فإن قياديين في قوى (الإطار التنسيقي) الشيعي وجهوا الاتهامات إلى تنظيم (داعش) و”إسرائيل”؛ بالوقوف خلف الهجوم بهدف إحداث: “فتنة” بين مكونات الشعب العراقي.

وقال عضو البرلمان العراقي عن (الإطار التنسيقي)؛ “محمد حسن راضي”، في تصريح صحافي؛ إن: “(الإطار التنسيقي) لا يؤمن بمبدأ السلاح والعنف، والقانون هو مسلكه في حسم الخلافات”، مستشهدًا بسحب متظاهريه من الشارع: “بعد قرار المحكمة الاتحادية بشأن نتائج الانتخابات”؛ التي كان يعترض عليها هذا المكون الشيعي. وقال “راضي” إن: “التفجيرات والتهديدات ليست من متبنيات (الإطار)”، عادًّا أن: “هناك من يُريد الصيد في الماء العكر؛ وخلق فتنة في المجتمع العراقي”.

اتهامات شيعية للسُنة والكُرد..

وكانت قيادات شيعية بارزة وجهت اتهامات إلى شخصيات من العرب السُنة والكُرد بتمزيق “البيت الشيعي”، وذلك على خلفية وقوف تحالف (تقدم وعزم)؛ بزعامة “محمد الحلبوسي” و”خميس الخنجر”، والحزب (الديمقراطي الكُردستاني)؛ بزعامة “مسعود بارزاني”، مع زعيم (التيار الصدري)؛ “مقتدى الصدر”، بهدف تشكيل “حكومة أغلبية وطنية”. وكان من أبرز القيادات الشيعية التي وجهت اتهامات مباشرة؛ لـ”الحلبوسي” و”بارزاني”، بالضلوع في مؤامرة تمزيق “البيت الشيعي”، هو رئيس هيئة (الحشد الشعبي)؛ “فالح الفياض”. وقبل “الفياض”، وجه مسؤول (كتائب حزب الله)؛ “أبوعلي العسكري”، تحذيرات إلى السُنة والكُرد نتيجة محاولتهم المزعومة إحداث شرخ داخل “البيت الشيعي”. غير أن “مقتدى الصدر”؛ أعلن رفضه هذه التهديدات وأبدى استعداده لحماية شركائه.

محاولة جبانة لخلق الفوضى..

وبدورها؛ أدانت بعثة “الأمم المتحدة”، في بيان لها، الهجوم بالصواريخ الذي استهدف مقر “الحلبوسي”، قائلة: “نُدين الهجوم بالصواريخ قرب مقر إقامة رئيس البرلمان؛ محمد الحلبوسي، بالأنبار، وهو ما أدى إلى إصابة عدد من المدنيين. هذه محاولة جبانة لخلق الفوضى. نُحث السلطات على تكثيف الجهود لمنع مثل هذه الأفعال والقبض على الجناة”.

العراق مقبل على تصعيد كبير من وكلاء “إيران” !

وعن الأهداف الكامنة وراء استهداف “الحلبوسي”، قال الأكاديمي العراقي؛ “وسام العبيدي”، إن قوى (الإطار التنسيقي)؛ التي مُنيت بخسارة مذلة في الانتخابات، تعمل على حصار “الصدر” عبر رسائل صاروخية لاعتراض مسار “حكومة أغلبية وطنية”، خشية فقدانها نفوذها.

مضيفًا أن “العراق”: “مقبل على تصعيد كبير من قِبل وكلاء إيران؛ الذين لا يكترثون للأوضاع الداخلية أو مصالح العراق؛ الذي يُحاول النهوض من كبوات متلاحقة”.

وأشار إلى أن تنظيم (داعش) أكبر المستفيدين من الواقع الحالي؛ والخلافات المستمرة بين السياسيين، وهو ما وضح جليًا عبر العديد من الهجمات التي طالت كل أنحاء “العراق”، وكان أحدثها مجزرة “ديالى”؛ التي راح ضحيتها: 11 عسكريًا.

رسائل بطعم النار والدم..

ومن جانبه؛ قال المحلل العراقي؛ “هاشم عبدالكريم”، إن الميليشيات الموالية لـ”إيران”: “لا تعرف إلا لغة العنف والإرهاب في تحقيق مآربها، وما يحدث هو رسائل بطعم النار والدم بأن حسابات الصناديق شيء والواقع على الأرض شيء آخر”.

موضحًا أن: “سياسة الميليشيات تقوم دائمًا على تهديد الدولة ومؤسساتها؛ حينما يتعرّضون لأي فعل مخالف لأجندتهم الخارجية”، مؤكدًا أن الهجمات التي شهدها “العراق”؛ خلال الأيام الأخيرة: “وسيلة ضغط لإثبات أن هناك مزيد من الأوراق يمكن لعبها، وهو أسلوب تقليدي عبر القيام بأعمال محدودة لإثبات وجود فائض قوة محتمل للخصوم”.

لافتًا إلى أن مضي “الصدر” في تشكيل “حكومة أغلبية وطنية”؛ سيدفع الطرف الآخر إلى التصعيد لإثنائه بهدف الحفاظ على مكتسباتهم وإمتيازاتهم، وكذلك خشية فتح الملفات الشائكة، ومحاسبتهم على جرائم السنوات الماضية.

انعكاس للأزمة السياسية يستهدف خلط الأوراق..

بدوره؛ اعتبر “سرمد البياتي”، وهو باحث في الشأن الأمني والسياسي، أن ما حدث في “الكرمة”؛ هو انعكاس للأزمة السياسية، قائلاً أنه قد حدث ما كنا نخشاه، وهو أن يتحول الخلاف السياسي من سجالات قانونية ودستورية إلى أعمال تضر بالمواطنين.

ومر أكثر من: 03 أشهر على الانتخابات التشريعية المبكرة؛ التي جرت في تشرين أول/أكتوبر الماضي، فيما لا تزال إجراءات تشكيل الحكومة متعثرة.

وتابع “البياتي”: “الهجوم هدفه خلط الأوراق؛ وبث الرعب في نفوس المواطنين وربما حتى السياسيين”.

واستهداف “الحلبوسي”؛ هو الثاني من نوعه بعد قصف منزل رئيس الوزراء؛ “مصطفى الكاظمي”، قبل أكثر من شهرين.

ودعا الباحث في الشأن الأمني، القيادة العسكرية؛ إلى استخدام: “طائرات مُسيرة بشكل دائم لتغطية الأجواء”، مشيرًا إلى أن هذا الإجراء: “بسيط وغير مكلف”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة