خاص : كتب – سعد عبدالعزيز :
بعد القضاء على تنظيم (داعش) في “العراق”، ترى أغلب القوى السياسية العراقية، ولا سيما الموالية لـ”إيران”، وجوب انسحاب القوات الأميركية بعد أن أنجزت مهمتها.
وبالأمس الأربعاء، اعتبر (تحالف الفتح)، تصريحات السفير الأميركي لدى بغداد، “ماثيو تولر”، التي أدلى بها مؤخرًا بشأن بقاء قوات بلاده في “العراق”، بأنها تدخل سافر بالشأن الأمني والسياسي للبلاد.
وأكد (تحالف الفتح) أنه سيجمع التوقيعات النيابية اللازمة لمناقشة تصريحات “تولر”، والحد من التدخل الأميركي في الشأن الداخلي.
إنتهاك لسيادة العراق..
فيما ندد عضو التحالف، “فاضل الفتلاوي”، بتصريحات “تولر”، معتبرًا إياها تدخلًا بالشؤون الأمنية والسياسية للبلاد؛ لأن عمله من المُفترض أن يقتصر فقط على التمثيل الدبلوماسي لـ”واشنطن” ومتابعة قضايا رعاياها في “العراق”.
وأوضح “الفتلاوي”؛ أن تصريحات “تولر”، ببقاء القوات الأميركية في “العراق”، تُعد إنتهاكًا صارخًا لسيادة البلاد؛ وأن “مجلس النواب العراقي” سيقف بالضد منها في فصله التشريعي الثالث. وسيكون أول أوليات المجلس هو منع السفارة الأميركية من التدخل بالشأن الأمني والسياسي للعراق.
وكان السفير الأميركي، “تولر”، قد أكد، بداية الأسبوع الحالي، على أن وجود القوات الأميركية في “العراق”، جاء بطلب من النظام في “بغداد”؛ وإلى أن يتغير ذلك، فإن القوات الأميركية ستظل باقية في “العراق”.
السفارة الأميركية تتدخل في الشأن العراقي..
يُذكر أن السفارة الأميركية في “بغداد” كثيرًا ما تتدخل في الشأن العراقي، ففي شهر حزيران/يونيو الماضي؛ كشفت مصادر نيابية عن اعتراض السفارة الأميركية على قرار إحالة قائد عمليات “نينوى”، اللواء “نجم الجبوري”، على التقاعد.
وأبلغت السفارة الأميركية في “بغداد”، مكتب القائد العام للقوات المسلحة العراقية، عن قلقها من ذلك القرار الذي أطاح بأحد أبرز الضباط في الجيش العراقي، الذي تربطه علاقات قوية بقيادة القوات الأميركية في “العراق”.
وأشارت المصادر إلى أن اعتراض السفارة الأميركية على إحالة “الجبوري” على التقاعد، تعكس مخاوف “واشنطن” من احتمال أن يسيطر “الحشد الشعبي” على القرار الأمني في “نينوى”؛ من خلال تعيين قائد عسكري مُقرب منهم وتابع لـ”إيران”.
طهران تحث العراقيين على إخراج القوات الأميركية..
يرى كثير من المحللين أن “إيران” لها دور مباشر وغير مياشر في دفع القوى السياسية العراقية للمطالبة بطرد القوات الأميركية من “العراق”.
وكان المرشد الأعلى الإيراني، آية الله “علي خامنئي”، قد دعا العراقيين، في نيسان/إبريل من هذا العام، للتحرك من أجل إخراج ما تبقى من القوات الأميركية بأسرع وقت ممكن، وذلك خلال زيارة قام بها رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، إلى “طهران”.
فبعد أن شدد على عمق العلاقات “العراقية-الإيرانية”، دعا “خامنئي”، “بغداد”، لإخراج ما تبقى من القوات الأميركية على الأراضي العراقية، ورأى أن “واشنطن” لم تدعم الديمقراطية والنشاط السياسي في “العراق”.
وتأتي تلك الدعوة من “خامنئي” منسجمة مع دعوات مماثلة من قِبل بعض الساسة العراقيزن والأحزاب التي طالبت برحيل القوات الأميركية، أواخر العام الماضي، بعد زيارة مفاجئة أجراها الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، إلى “العراق”، دون أي تنسيق مع القيادة العراقية.
انقسام المواقف السياسية بشأن التدخل الأميركي..
من المُلاحظ أن دعوات إخراج القوات الأميركية من “العراق” تتراجع بضغوط من السفارة الأميركية وبمعارضة النواب الموالين لـ”الولايات المتحدة”.
فمنذ بداية إنعقاد جلسات “مجلس النواب العراقي”، في تشرين أول/أكتوبر من العام الماضي، اتفق عشرات النواب – أغلبهم موالين لـ”إيران” – على تقديم مشروع قرار يقضي بانسحاب القوات الأميركية بشكلٍ كاملٍ من “العراق” وفقًا لجدولٍ زمني محدد.
ولكن السفارة الأميركية سعت بكل السُبل ولا تزال – من خلال تجنيد النواب العراقيون الموالون لها – بإتجاه عدم إتخاذ قرار في “مجلس النواب” بانسحاب القوات الأميركية.
أهمية الوجود الأميركي في العراق..
ويبدو إنّ الدور الأميركي في “العراق” بدأ يتراجع تدريجيًا بعد الإنتهاء من قتال تنظيم (داعش).
ولاستعادة الدور الأميركي، والحد من النفوذ الإيراني في “العراق” والمنطقة، تعمل “واشنطن” علي تعزيز وجودها العسكري في “العراق” بصمت منها وبتواطؤ من حكومة “بغداد”؛ وتعمل على استقدام مزيد من الجنود والمستشارين بذريعة استكمال تدريب وحدات الجيش العراقي.
ويرى بعض النواب العراقيون، الموالون لـ”واشنطن”، أن الوجود الأميركي في “العراق” لا يمكن أن يؤدي إلى إنهاء النفوذ الإيراني والقضاء على الميليشيات الطائفية بشكل فوري، ولكن الوجود الأميركي في غاية الأهمية؛ لأنه يدفع “العراق” للإعتماد على نفسه في مجال الاقتصاد و الطاقة، وخفض مستوى العلاقات مع “إيران” وخلق علاقات إيجابية مع دول الجوار وإنهاء التفرد الإيراني بـ”العراق”، وهذه خطوة مهمة في الوقت الحالي مع استمرار العقوبات الاقتصادية التي أضعفت النظام الإيراني.