وكالات – كتابات :
“حمام السباحة، ومكتبات ولوحات فنية”، أدوات لا يمكن تخيل أنها تتواجد في مكان يعج بمن يوصفون بالمتطرفين الإسلاميين، ولكنها بالفعل، بعض محتويات المركز السعودي لتأهيل المتطرفين الذي يراه البعض أنه قد يكون بديلاً أكثر إنسانية لمعتقل “غوانتانامو”، الذي تُريد “الولايات المتحدة” إغلاقه.
لم يكن أحد في المبنى المُعّد كمركز إعادة الإدماج والتأهيل للمتطرفين الإسلاميين. كان حمام السباحة ساكنًا. كانت الأضواء مضاءة في معرض أعمال العلاج بالفن، لكن لم يكن هناك زوار.
فلقد كان المستفيدون من برنامج الحكومة السعودية، الذي يُساعد السجناء على العودة إلى المجتمع، في إجازة للزيارات العائلية في عيد الأضحى، تاركين المكان فارغًا، حسبما ورد في تقرير لصحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية.
فقط لوحة في المعرض قدمت لمحة عن التسامح الديني الذي هو السمة المميزة للبرنامج: كانت لامرأة تشم زهرة، وشعرها مكشوف ويتمايل على سماء الليل، حسب وصف الصحيفة الأميركية.
نشأ البرنامج، بمركز في “الرياض” وآخر في “جدة”، من حملة لمكافحة الإرهاب بدأت في عام 2004؛ لإعادة تثقيف المواطنين السعوديين الذين شقوا طريقهم إلى ديارهم من معسكرات تدريب الجهاديين في “أفغانستان” وغيرها ممن تأثروا بها، وكان يُعرف باسم: “مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية”.
خضع حوالي: 06 آلاف رجل لشكل من أشكال البرنامج، من بينهم: 137 معتقلاً سابقًا في السجن العسكري الأميركي في “خليج غوانتانامو”، ولم يُدن أي منهم بارتكاب جرائم حرب.
أُرسل آخر معتقل في “غوانتانامو” إلى البرنامج؛ في عام 2017، قبل أن يُفكك الرئيس الأميركي السابق؛ “دونالد ترامب”، المكتب الذي تفاوض بشأن عمليات النقل.
والسؤال المطروح الآن هو: ما إذا كان المركز يتناسب مع جهود الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، لإغلاق سجن “غوانتانامو”، الذي افتتح في منطقة “خليج الخنازير”؛ بـ”كوبا”، منذ نحو 20 عامًا، لاحتجاز الإرهابيين المُشتبه بهم الذين اعتُقلوا من جميع أنحاء العالم في أعقاب هجمات 11 أيلول/سبتمبر.
على مدار السنين، احتجزت “الولايات المتحدة” حوالي: 780 رجلاً وصبيًا في “خليج غوانتانامو”، وكان هناك حوالي: 660؛ في عام 2003. كان المواطنون السعوديون محل اهتمام خاص لأن: 15 من الخاطفين للطائرات؛ الـ 19، في هجمات 11 أيلول/سبتمبر، كانوا سعوديين.
نصف معتقلي “غوانتانامو” تمت تبرئتهم..
أفرجت إدارة “ترامب” عن سجين واحد فقط من “غوانتانامو”، وهو ناشط معترف به في (القاعدة) ويقضي حاليًا عقوبة بالسجن في “الرياض”؛ بموجب اتفاق يعود إلى عهد “أوباما”.
أعادت إدارة “بايدن” مواطنًا سعوديًا آخر؛ في آيار/مايو، لكن بموجب اتفاق لإرساله للعلاج النفسي لمرض انفصام الشخصية، وليس لإعادة التأهيل.
بُرِّئ أكثر من نصف المعتقلين حاليًا في “غوانتانامو” للإفراج عنهم، لكن يتعين عليهم انتظار إدارة “بايدن” للعثور على دولة مستعدة لاستيعابهم في الترتيبات الأمنية. معظمهم من “اليمن”، وهي واحدة من عدة دول يعتبرها “الكونغرس” غير مستقرة للغاية لاستقبال رجال من “غوانتانامو”.
ويخوض معتقلون آخرون مفاوضات بشأن الإقرار بالذنب مع مناقشات حول ما إذا كان بإمكان المُدّانين قضاء مدة عقوبتهم في الحجز الأجنبي.
حاولت إدارة “أوباما” إغلاق السجن، وكانت “المملكة السعودية” واحدة من الدول التي احتلت مكانة بارزة في خطط إعادة توطين المعتقلين. وكانت “سلطنة عُمان” الأخرى، التي استقبلت: 28 رجلاً يمنيًا في مشروع سري للغاية وجد لهم زوجات ومنازل ووظائف، طالما أنهم لم يخبروا جيرانهم بأنهم قضوا وقتًا في “غوانتانامو”، وفقًا لمعتقلين سابقين.
لم يُحاكم أيٌّ من هؤلاء الرجال الذين أُعيد توطينهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
بعض المعتقلين أرسلوا لـ”الإمارات”..
أرسلت إدارة “أوباما”؛ 20 سجينًا إلى “الإمارات”، معظمهم يمنيون؛ ولكن أيضًا العديد من الأفغان ورجل من “روسيا”. لكن الدولة سجنتهم بشكل أساس ثم أعادتهم جميعًا بشكل مفاجيء باستثناء رجل روسي، مما أثار احتجاجات حقوقية بأن العائدين يواجهون خطر الاضطهاد.
مع اعتبار هذا البرنامج فاشلاً، كانت إدارة “بايدن” تبحث عن خيارات أخرى للمعتقلين الذين خرجوا من “غوانتانامو”، وعلى رأسهم اليمنيون.
وتشمل الحالات الصعبة الأخرى مسلمًا عديم الجنسية من عرق “الروهينغا”، باكستاني تلقى تعليمه في ولاية “ماريلاند” الأميركية وأصبح مخبرًا للحكومة الأميركية ويخشى الاضطهاد إذا أعيد إلى وطنه، ومواطنًا سعوديًا ينتقد العائلة الحاكمة في المملكة.
قصة المركز السعودي لتأهيل المتطرفين الذي يُعد خيارًا بديلاً لـ”غوانتانامو”..
أبرزت زيارة أميركية حديثة إلى حرم “المركز السعودي لتأهيل المتطرفين”؛ البني المغبر في ضواحي “الرياض”، خيارًا لاستضافة هؤلاء.
أُسِّسَ البرنامج على يد؛ الأمير “محمد بن نايف”، وزير الداخلية وولي العهد السعودي السابق؛ الذي كان له علاقات وثيقة بـ”وكالات الاستخبارات المركزية الأميركية”.
عندما طُرِدَ من السلطة من قِبل الحاكم الفعلي للمملكة، ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان”، أُعيدَت تسمية البرنامج ليُصبح “مركز الإرشاد والرعاية”، حسب تقرير الصحيفة الأميركية.
كيف يُقنع المشاركين بالتخلي عن أفكارهم المتطرفة ؟
وكما وصفه المديرون، يمزج البرنامج دروسًا حول التفسيرات اللاعنفية للشريعة مع اللياقة البدنية والترفيه والاستشارات التي تهدف إلى إعادة أولئك الذين يتخرجون إلى عائلاتهم. أو، كما وصفها أحد الموظفين، عكس اتجاه “غسيل الدماغ الذي يحدث” عندما ينجذب شاب إلى التطرف الديني.
قال “ونيان عبيد السبيعي”، مدير البرنامج الذي يحمل رتبة لواء، إن المكتبة تنصح بالقراءة عن السعوديين الناجحين، “لتجنب القدوة الخاطئة، والإبتعاد عن الطرق التي تحولك إلى الظلام أو الموت”.
وقال اللواء “ونيان عبيد السبيعي”، إن سجينين سابقين في “غوانتانامو” في نظام السجون السعودي سيُقبلان في البرنامج بمجرد إنتهاء فترة عقوبتهما. أحدهما هو “أحمد محمد هزاع الدربي”، إرهابي (القاعدة) الذي أفرجت عنه إدارة “ترامب”، أما الآخر فهويته غير معروفة.
ليس فندقًا 05 نجوم للمتطرفين.. وهذا ما حدث للمتخرجين منه..
شعر مدير البرنامج بالقلق من تصوير المركز السعودي لتأهيل المتطرفين؛ وكأنه فندق خمس نجوم للمتطرفين.
قال: “هذه ليست مكافأة. لم يعودوا سجناء. عليهم العودة إلى المجتمع. نُريدهم أن يشعروا بالقبول، وهذه فرصة أخرى”.
من بين: 137 رجلاً أُرسلوا إلى “المملكة السعودية” من “غوانتانامو”، بعضهم عن طريق السجن السعودي، انضم: 116 رجلاً إلى المجتمع وظلوا بعيدين عن المشاكل، وأُعيد القبض على: 12، وقُتل ثمانية، وواحد “مطلوب”، وفقًا لصحيفة حقائق البرنامج.
لم تُحدد “المملكة السعودية”؛ خلال زيارة الوفد الأميركي إلى المركز السعودي لتأهيل المتطرفين أيًا من الرجال عادوا للتطرف. لكن بعض القتلى معروفون، ولا سيما أولئك الذين أرسلوا أثناء إدارة “جورج دبليو بوش”؛ ثم فروا إلى “اليمن”، حيث انضموا إلى (القاعدة) في “شبه الجزيرة العربية”.
في “الرياض”، يعيش المشاركون في البرنامج في حجرات، وغرف نوم فردية مرتبة حول فناء به مسجد ومطبخ وموقد صغير في الهواء الطلق لإعداد الشاي في ليالي الصحراء الباردة.
الزيارات الأولى للمُدّرجين السعوديين في البرنامج إلى منازلهم قصيرة، حسب وصف مسؤولي البرنامج، ولكنها تتطور إلى إقامة طويلة الأمد مع العائلة – على سبيل المثال، وصلت الإجازة التي أفرغت المركز فعلاً؛ في تموز/يوليو/تموز 2022، إلى مدة أسبوعين.
جهاز الأمن غير مرئي في “المركز السعودي لتأهيل المتطرفين”، ولكنه موجود، فموظفو الأمن ومقدمو الرعاية يرتدون نفس الرداء الأبيض الخليجي الكلاسيكي وغطاء الرأس الأحمر الذي يُفضله موظفو الحكومة ورجال الأعمال.
في صالة الألعاب الرياضية، أشار مرشد إلى الكاميرا في زاوية منطقة رفع الأثقال وأوضح أن تعابير الوجه هناك كانت تحت المراقبة.
في صالة العرض الخاصة بالفنون، وصف المعالج بالفنون؛ “عوض اليامي”، برنامجه بأنه فرصة للرجال للتعبير عن مشاعرهم وقيام رعاة البرنامج بتقييمهم.
يعرض أحد أقسام المعرض أعمال سجناء “غوانتانامو” السابقين.
قال الدكتور “اليامي”: “هناك الكثير من الأشياء الغريبة هنا”، يتجه فن كثير من المشاركين الآخرين في البرنامج نحو مشاهد الصحراء والمواضيع السعودية الأخرى.