17 نوفمبر، 2024 7:26 ص
Search
Close this search box.

استقالة “صالح” في الميزان .. بين الإنحياز لإرادة الشعب والتأمر لصالح أميركا !

استقالة “صالح” في الميزان .. بين الإنحياز لإرادة الشعب والتأمر لصالح أميركا !

خاص : كتب – سعد عبدالعزيز :

وضع الرئيس العراقي، “برهم صالح”، أمس الخميس، استعداده للاستقالة من منصبه تحت تصرف “مجلس النواب”. كما إعتذر عن تكليف مرشح كتلة (البناء) بالمجلس، “أسعد العيداني”، لتشكيل الحكومة المقبلة.

يأتي ذلك وسط احتجاجات غاضبة ضد القادة السياسيين الذين مازالوا يتفاوضون للبحث عن مرشح بديل لرئيس الوزراء المستقيل، “عادل عبدالمهدي”.

وقال “صالح”، للبرلمان؛ إن: “مسؤوليتي الوطنية في هذا الظرف تفرض عليّ الاستقالة”، وأضاف أن: “منصب رئيس الجمهورية يجب أن يستجيب لإرادة الشعب”، لذا: “أضع استعدادي للاستقالة أمام البرلمان العراقي تفاديًا للإخلال بمبدأ دستوري”.

وبحسب المادة (75) من الدستور العراقي، يحق لرئيس الجمهورية تقديم استقالته تحريريًا إلى رئيس “مجلس النواب”، وتُعد نافذة بعد مضي 7 أيام من تاريخ إيداعها لدى “مجلس النواب”. ويحل نائب رئيس الجمهورية محل الرئيس عند غيابه، كما يحل محله عند خلو منصبه لأي سبب كان، وعلى “مجلس النواب” انتخاب رئيس جديد، خلال مدة لا تتجاوز 30 يومًا من تاريخ الخلو.

“صالح” يخضع للإملاءاتِ الأميركيّةِ..

فور التلويح بالاستقالة؛ شنت (كتائب حزب الله)، المقربة من “إيران”، هجومًا حادًا على الرئيس العراقي بعد رفض مرشح كتلة (البناء) لرئاسة الحكومة. وذكرت الكتائب، في بيان لها: “لقد طالَ انتظارُ أبناءِ شعبنا العراقيّ العزيزِ لاختيارِ شخصيةٍ قادرةٍ على تحمّلِ مسؤوليةِ رئاسةِ الحكومة، ثم التمهيدُ للانتخاباتِ المُبكرة، على وفقِ الأُطُرِ الدستوريةِ، وهو ما أدخلَ الواقعَ السياسيّ في أزمةٍ خانقةٍ كان أحدُ أسبابِ تعقيدِها هو التعاملُ المريبُ لرئيسِ الجمهوريةِ بخرقِهِ الدستورَ بعد رفضِهِ أداءَ مهمّتِه وواجبِه الدستوريّ بتكليفِ الشخصيةِ التي ترشّحُها الكتلةُ الأكبرَ لرئاسةِ الوزراءِ، تَخَضُّعًا للإملاءاتِ الأميركيّةِ، ولضغوطِ أطرافٍ مشبوهةٍ تعملُ على استغلالِ التظاهراتِ لفرضِ إرادتها الخبيثة”.

“صالح” يجر العراق للمجهول !

كما دعا تحالف (البناء)، الكتلة الأكثر عددًا في البرلمان العراقي، مساء أمس الخميس، البرلمان، إلى إتخاذ الإجراءات القانونية بحق الرئيس العراقي، “بهم صالح”، لحنثه اليمين وخرقه الدستور.

وقال النائب “عدي عواد”، عضو تحالف (البناء) في البرلمان العراقي: “نحن أمام أزمة كبيرة، وقرار الرئيس الاستقالة على خلفية عدم التفاهم مع كتلة (البناء) البرلمانية على مرشح لتولي تشكيل الحكومة تهرّب، إنه لم يكن شجاعًا … بل كان جبانًا في مواجهة الأزمة”. مُضيفًا: “كان الأجدر بالرئيس أن يقدم مرشحًا مقنعًا للبرلمان، وألا يهرب إلى محافظة السليمانية ويترك البلاد في أزمة خانقة”.

ورأى “عواد” أن: “موقف الرئيس، صالح، هو جزء من مؤامرة أميركية بإبعاد المرشح، أسعد العيداني، وجر العراق إلى المجهول”.

إيران تتهم “صالح” بالتآمر على نفوذها..

يُذكر أن “طهران” كانت قد أطلقت، منذ قرابة أسبوع؛ حملة ضد الرئيس العراقي، “برهم صالح”، متهمة إياه بالتواطؤ مع “الولايات المتحدة” و”إسرائيل” والخليج لتنصيب رئيس وزراء عراقي جديد مناهض للنفوذ الإيراني في بلاده.

ووفقًا للرؤية الإيرانية، ينبغي على الرئيس، “صالح”، أن يتشاور بسرية تامة مع ممثليها في “العراق” لاختيار رئيس الوزراء الجديد، من دون الخوض في التفاصيل.

وفي ظل استمرار الاحتجاجات الغاضبة التي أطاحت بحكومة، “عادل عبدالمهدي”، فإن الإنصياع للرؤية الإيرانية بالنسبة إلى الرئيس العراقي يُعد انتحارًا سياسيًا، لذلك بدا أن “صالح” يحاول أن يبدو معارضًا لتوجهات “طهران” في هذا الملف.

المرحلة المقبلة لا تبشر بالخير..

يرى المحلل السياسي، “حامد شهاب”؛ أن السلطات الأربع أو الرئاسات الأربع في “العراق” لم تشهد غياب الرؤية وفقدان المسؤولية الوطنية والأخلاقية إزاء مصير البلد الذي تتهدده الفوضى والانفلات، مثلما تشهده الآن. مضيفًا: إن المرحلة المقبلة سوداوية ومتشائمة الى أبعد الحدود، وهي لا تبشر بالخير، إن بقي هؤلاء الساسة يغامرون بمستقبل هذا الشعب ويعرضونه لمهازل الفوضى والفلتان والإنهيارات التي لا يمكن التنبؤ بما ستخلفه مرة أخرى على العراقيين من محن ومرارات أليمة ودماء تسيل كالأنهار على مذبح الحرية.

مؤكدًا على أن الكتلة الأكبر هي الشعب العراقي.. حيث أصبح الحق بيد المتظاهرين، وهم من سيعيدون الحق للشعب العراقي كونهم هم الكتلة الكبرى، التي تقرها القوانين والشرائع، وهم من لهم الكلمة العليا، في تقرير مستقبل “العراق”.

إصرار على ترشيح شخصيات مرفوضة !

يرى مركز “الروابط” للبحوث والدراسات الإستراتيجية، أن موقف الرئيس، “صالح”، الرافض للضغوط السياسية، يمكن قراءته من عدة زوايا، أولها: استمرار تضارب الرؤى بين رئيس جمهورية “العراق” والكتلة النيابية التي تدفع إلى تسمية شخصية بعينها لمنصب رئيس الوزراء، وهي شخصية مرفوضة من قِبل الشعب العراقي. وهنا ينبغي على الرئيس الاستجابة لصوت الرعية.

وثانيًا: أن التلويح بالاستقالة، أو التهديد بها، من قِبل “صالح” على قبول بتكليف، “أسعد العيداني”، يدل على أن رئيس الجمهورية بنى موقفه السياسي هذا، بناءً على فهم عميق لما يجري من حركة احتجاجية واسعة في “العراق”، فالرئيس بهذا الرفض إنحاز إلى مطالب الشعب العراقي، وهو موقف وطني بإمتياز، لأنه رفض الإصغاء لـ”إيران” فيما يتعلق بعملية اختيار رئيس الوزراء.

ثالثًا: أن إصرار “إيران” وحلفائها من المجتمع السياسي والأمني والنيابي في “العراق”؛ على ترشيح شخصية سياسية مرفوضة من قِبل الشعب العراقي، يعني إما أن “إيران” وحلفائها بـ”العراق” يتجاهلون تمامًا مطالب الشعب العراقي، أو أنهما ينكرون تمامًا أيضَا المشهد الاحتجاجي العارم الذي يشهده “العراق”، منذ تشرين أول/أكتوبر الماضي، الذي مرده تحكم “إيران” وحلفائها بـ”العراق”.

خلاصة القول؛ أن النظام السياسي في “إيران” كي لا يخسر “العراق”، قد يقدم على أفعال لا تقل بشاعة عن أفعال “هولاكو”، لكن على صانع القرار السياسي والعسكري والأمني الإيراني أن يدرك بأن كل غزاة “العراق” إندثروا وبقي “العراق” شامخًا.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة