وكالات – كتابات :
كشف استطلاع رأي جديد أجراه موقع (ڤوكس)، بالتعاون مع مؤسسة (داتا فور بروغريس-Data for Progress)، مؤسسة فكرية أميركية يسارية وشركة لاستطلاعات الرأي، لمعرفة أسباب الموقف الإنتقائي الذي يتَّخذه بعض الأميركيين تجاه اللاجئين الأفغان.
ما الأسباب التي تقف وراء المعاملة الإنتقائية التي ينتهجها بعض الأميركيين تجاه اللاجئين الأفغان ؟.. وقد زاد عدد اللاجئين الأفغان، أغلبهم من المتعاونين مع “الولايات المتحدة”، طوال 20 عامًا من احتلال “أفغانستان”، الذين يُريدون الذهاب إلى “الولايات المتحدة”، في أعقاب الانسحاب الأميركي من “أفغانستان” وسيطرة حركة (طالبان) على مقاليد الأمور في البلاد. وقد نشر موقع (ڤوكس) الإخباري تقريرًا للإجابة عن هذه التساؤلات.
وفي البداية، يُشير التقرير الذي أعدَّته، “نيكول ناريا”، مراسلة الموقع التي تهتم بشؤون الهجرة، إلى أنه على الرغم من أن الأميركيين يدعمون بقوة الجهود الرامية إلى إعادة توطين اللاجئين الأفغان في “الولايات المتحدة”، فإنهم على الأرجح يرحِّبون بالأفغان الذين عملوا مباشرةً مع القوات الأميركية، أثناء مهمة “أميركا” العسكرية في “أفغانستان”، التي دامت 20 عامًا، أكثر من أولئك الذين لم يتعاونوا مع تلك القوات.
لماذا الآن تقبلون اللاجئين ؟
ولفتت “ناريا” إلى أن هناك استطلاعًا جديدًا أجراه موقع (ڤوكس)؛ بالتعاون مع مؤسسة (داتا فور بروغريس)، في المدة من: 17 إلى 20 أيلول/سبتمبر 2021؛ أظهر أن: 74% من الناخبين المحتملين – من بينهم: 78% من الديمقراطيين؛ و66% من الجمهوريين – يفضلون إعادة توطين الأفغان الذين كانوا حلفاء عسكريين لـ”الولايات المتحدة”، مثل المترجمين أو القوات الخاصة من الأفغانيين.
كما أيَّد: 58% من الأشخاص، الذين شملهم الاستطلاع، من بينهم: 73% من الديمقراطيين؛ و40% من الجمهوريين، إعادة توطين الأفغان الأميركيين الذين فرُّوا من العنف والاضطهاد على يد (طالبان) التي تطبَّق رؤيتها الخاصة للشريعة الإسلامية. ولا تزال غالبية الناخبين المحتملين على هذا الرأي. لكن نتائج الاستطلاع تُشير إلى وجود عوائق مصطنعة فيما يخص رغبة بعض الأميركيين لحماية اللاجئين المعرَّضين للخطر، (لماذا الآن تقبلون اللاجئين ؟)؛ إذ أصبحت هجرة اللاجئين تُعد إسفينًا سياسيًّا.
هل تراجع دور أميركا على الصعيد العالمي ؟
ترجح الكاتبة أن هذا التناقض الموضَّح في النتائج السابقة؛ قد يكون بسبب التصور السائد في أوساط بعض الأميركيين بأنهم مدينون بدَيْنٍ ثقيل للأفغان الذين عرَّضوا حياتهم للخطر ووضعوا أرواحهم على أكُفِّهم من أجل مساعدة القوات الأميركية، وأن مسؤوليتهم هي العمل بالمبدأ العسكري المتمثل في عدم ترك أي أحد خلف الركب، حتى ولو كان من غير الممكن اتخاذ موقف ليبرالي بطريقة أخرى بشأن قضايا الهجرة.
واستدركت “ناريا” قائلةً: لكن قد لا يشعر بعض الأميركيين بالمستوى نفسه من الإحساس بالمسؤولية تجاه محنة المدنيين الأفغان – ومنهم العاملون في المنظمات غير الحكومية وناشطو حقوق النوع الاجتماعي، وجماعات مناصرة الأقليات الأخرى – على الرغم من أن انسحاب “أميركا” والجهود الفاشلة التي بذلتها لبناء الدولة قد عرَّضت هؤلاء الأفغانيين للخطر.
إنها إشارة واضحة على أن هناك إجماعًا فريدًا بين الحزبين؛ بأن دور “أميركا” بوصفها قائدًا إنسانيًّا عالميًّا قد تدهور، وأن جهود اليمين لتغيير مشاعر الناخبين تجاه اللاجئين قد تكون آتت أكلها. وجادل الجمهوريون وهم مخطئون، بمن فيهم الرئيس السابق، “دونالد ترامب”، وزعيم الأقلية في مجلس النواب، “كيفن مكارثي”، والسيناتور “تيد كروز”، عن ولاية “تكساس”، و”جي. دي. فانس”؛ المرشح في “مجلس الشيوخ” عن ولاية “أوهايو”، إذ قالوا إن الأفغان الوافدين لم يجرِ التأكد من أنهم معرضون بالفعل لتهديدات إرهابية محتملة، كما يجب إخضاعهم لفحص أمني شامل في دول خارجية قبل وضعهم على متن طائرات للسفر إلى “الولايات المتحدة”، فضلًا عن إخضاعهم لفحوصات صحية وتطعيمات.
وفيما يخص الناخبين الجمهوريين، الذين تأثروا بخطاب “ترامب” المناهض للهجرة، في عام 2016، بغض النظر عن مدى مصداقيته، قد تكون هذه المشاعر رسالة سيتردد صداها في انتخابات التجديد النصفي لـ”الكونغرس”، العام المقبل.
الأميركيون الأقل دعمًا لإعادة توطين اللاجئين في دولهم ومجتمعاتهم..
وأفادت الكاتبة أنه من غير المرجح أن يفضِّل الأميركيون إعادة توطين الأفغان؛ إذا حدث ذلك في أماكن قريبة من أماكن سكنهم وأعمالهم. ووفقًا لاستطلاع موقع (ڤوكس) ومؤسسة (داتا فور بروغريس)، قال: 53% إنهم سيدعمون إعادة توطين الأفغان الذين جرى إجلاؤهم من بلادهم في جميع أنحاء “الولايات المتحدة”، لكن: 48% قالوا إنهم سيؤيدون القيام بذلك في ولاياتهم، و44% فقط سيرحبون بهم في مجتمعاتهم.
وضمن المستقلِّين، يبدو أن هناك فجوة كبيرة من نوع خاص – نحو 11 نقطة مئوية – دعمًا لإعادة توطين اللاجئين في مجتمعاتهم مقابل توطين اللاجئين في جميع أنحاء “الولايات المتحدة”. بينما كانت نسبة دعم إعادة توطين اللاجئين أقل من: 33% في صفوف الجمهوريين، بغض النظر عن المكان الذي سيذهبون إليه.
تقول “ناريا” في حسرة: هذا أمر مؤسف، إذ بغض النظر عن حالة الإيثار الواضحة المتمثلة في المسارعة إلى مساعدة الفئات السكانية الضعيفة، يجب على الأميركيين أن يطالبوا بأعلى صوتهم بإحضار اللاجئين إلى مجتمعاتهم لأغراض نفعية ستعود على الأميركيين أيضًا.
تقول “غيروزاليم ديمساس”، مراسلة السياسة في موقع (ڤوكس)، إنه: “في البلدات الصغيرة أو المدن المُتردية، يمكن أن يساعد اللاجئون في عكس اتجاهات هجرة السكان التي تهدد القدرة المالية لأي منطقة يريد السكان الهجرة إليها. بل في الأماكن المتنامية، حيث يسعى كثير من الناس للعيش والعمل، ويوفر اللاجئون فائدة اقتصادية واضحة”.
ويتفق الاقتصاديون بوجه عام على أن النمو السكاني يدعم النمو الاقتصادي في البلدان الغنية. لكن “الولايات المتحدة” تشهد انخفاضًا كبيرًا في النمو السكاني، وبدأت بعض أجزاء “الولايات المتحدة” بالفعل في المعاناة من بعض الجوانب السلبية: تقلص القواعد الضريبية في المناطق الريفية؛ صعَّب الأمور على الميزانيات الحكومية، حتى إنها باتت غير قادرة على دعم الخدمات الأساسية، مثل البنية التحتية والمدارس الحكومية. وفي ظل تباطؤ النمو السكاني، من المرجح أن يزداد الضغط من أجل تخفيض الضرائب. وفي الوقت نفسه، يستمر السكان الحاليون في التقدم في السن؛ إذ يقدر مكتب الإحصاء أن واحدًا من كل خمسة مقيمين في “الولايات المتحدة” سيكون في سن التقاعد بحلول عام 2030.
ومع وجود: 80% من الأميركيين؛ الذين يعيشون في مقاطعات انخفض عدد سكانها جدًّا على مدار العقد الماضي، يمكن أن يساعد تدفق اللاجئين في مكافحة التدهور الديموغرافي.
وبعد ست سنوات من العيش في “الولايات المتحدة”، يعمل اللاجئون أيضًا بمعدلات أعلى من الأميركيين الأصليين المولودين في “الولايات المتحدة”، ويدفع هؤلاء اللاجئون ما متوسطه: 21 ألف دولار في صورة ضرائب، وهذا المبلغ أكبر مما كانوا يتلقونه في صورة إعانات، خلال العقدين الأولين لهم في البلاد.
خطوات مهمة يجب اتخاذها لإعادة توطين اللاجئين..
ونوَّهت الكاتبة إلى أن هناك بعض الطرق التي يمكن لواضعي السياسات من خلالها تشجيع الدول والمحليات على تفضيل مزيد من عمليات إعادة توطين اللاجئين. وأعلن الرئيس، “جو بايدن”، بالفعل أنه يعتزم رفع الحد الأقصى السنوي لقبول اللاجئين إلى: 125 ألفًا ابتداء من تشرين أول/أكتوبر 2021، وهي خطوة يؤيدها أقل من نصف الناخبين المحتملين، وفقًا لاستطلاع موقع (ڤوكس) ومؤسسة (داتا فور بروغريس). (قد لا يتأثر بعض اللاجئين الأفغان على الفور بالحد الأقصى لقبول اللاجئين في الولايات المتحدة؛ بسبب طريقة تصنيف الولايات المتحدة لهم).
ويسعى “بايدن” أيضًا إلى وضع برنامج خاص لرعاية اللاجئين، والذي من شأنه أن يسمح للمنظمات والمجموعات الخاصة بتقديم الدعم المالي لعدد أكبر من اللاجئين لإعادة توطينهم في “الولايات المتحدة”. وبالإضافة إلى ذلك، كان هناك أيضًا مقترحات عدة، والتي أقرَّ بعضها حكام ولايات من الجمهوريين، لإنشاء برنامج تأشيرات تصدرها الولايات؛ والذي من شأنه أن يسمح للولايات المشاركة في هذا البرنامج بزيادة مستويات الهجرة الخاصة بها بناءً على احتياجات سوق العمل المحلية، (يتيح هذا البرنامج لكل ولاية مُشارِكة أن تصدر تصريح عمل مؤقت، بهدف إدارة التدفق وتنظيم عدد المهاجرين المؤقتين الذين يرغبون في العيش والعمل داخل حدودها).
وأختتمت المراسلة تقريرها؛ بتأكيد أن هناك وضعًا اقتصاديًّا واضحًا يحتاج إلى إعادة توطين اللاجئين الأفغان في “الولايات المتحدة”، والذي من شأنه أن يُغيِّر مواقف الأميركيين حتى يصبح اللاجئون جيرانًا لهم. لكن الأمر متروك لكل من الديمقراطيين والجمهوريين لتحقيق هذا التغيُّر – وإقناع الولايات والمجتمعات الأميركية بالترحيب باللاجئين.