خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
لطالما كان الشرق الأوسط من أكثر المناطق تعقيدًا بالنسبة لصانع السياسات الخارجية الأميركية. في غضون ذلك، يسعى “دونالد ترمب”؛ إلى إجراء تغييّر جذري في المعادلات الإقليمية مدفوعًا برؤية مختلفة وغير تقليدية. بحسّب ما استهل “عارف دهقاندار”؛ الباحث في شؤون الشرق الأوسط، تحليله المنشور بصحيفة (اعتماد) الإيرانية.
وهو يسّعى الآن بـ”خطة غزة” إلى توسيّع نطاق “الاتفاق الإبراهيمي”، الذي يعتبره أحد أهم إنجازات فترته الرئاسية الأولى، إلا أن هذه الاستراتيجية تواجه العديد من التحديات، بدءًا من مخالفة الدول العربية الحاسمة مقترح تهجير الفلسطينيين، وحتى غضب الرأي العام العربي المتصاعد، والتناقض الواضح بين المواقف الإسرائيلية والسعودية من تشكيل “دولة فلسطينية”. وهذا المقال يُناقش استراتيجية “ترمب” في الشرق الأوسط والعقبات المَّعقدة التي قد تتسبب في فشل أحلامه بتغيّر النُظم الإقليمية.
“الاتفاق الإبراهيمي”.. المحور الرئيس في استراتيحية “ترمب” الإقليمية..
أهم محاور استراتيجية الرئيس الأميركي في الشرق الأوسط، التي تقوم على إجراء تغييّر جذري في الهياكل القائمة وإعادة تعريف الدور الأميركي في المنطقة، توسيّع نطاق “الاتفاق الإيراهيمي”؛ والذي يعتبره أحد أكبر إنجازات السياسة الخارجية في فترته الرئاسية الأولى.
هذه الاتفاقية الموقّعة في العام 2020م؛ ساهمت في تطبيع العلاقات بين “إسرائيل” وأربع دول عربية: “الإمارات، البحرين، المغرب، والسودان”، والآن يسّعى “ترمب” إلى استكمال هذه اللعبة، بإضافة أهم قطعة؛ وأعني “المملكة العربية السعودية”.
وهو يعتقد أن انضمام “الرياض” قد يتمخض عن تطور كبير في المنطقة، وتغيّير موازنة القوة بالمنطقة لصالح حلفاء “الولايات المتحدة الأميركية”. وفي إطار هذه الاستراتيجية، قدم الرئيس الأميركي مقترحًا جديدًا يتعلق بـ”غزة”؛ وهو ما يعكس رؤيته غير التقليدية لقضايا المنطقة.
وهذا المقترح؛ ليس مجرد مناورة سياسية أو تكنيك مفاوضات، وإنما هو جزء من مُخطّط أكبر لإجراء تغييّر أساس في النُظم الإقليمية، يشمل تهجير (02) مليون فلسطيني من “قطاع غزة” وإعادة ترميم المنطقة. وهذا المُخطّط يُثبّت أن استراتيحية “ترمب” تقوم على أساس تحطيم التابوهات السياسية وتغييّر قواعد اللعبة بالمنطقة.
وهو يسّعى إلى تغيّير شكل القضية بالكامل وخلق واقع جديد في المنطقة بدلًا من التركيز على الحلول التقليدية؛ مثل المفاوضات الثنائية أو السّعي لتشّكيل “دولة فلسطينية”.
ومن المنظور الاقتصادي يرى “ترمب”؛ في هذا المقترح، وسيلة لخفض تكاليف “الولايات المتحدة” طويلة الأمد بالمنطقة.
مخالفة العالم العربي استراتيجية تهجيّر الفلسطينيين..
إلا أن هذه الاستراتيجية واجهت تحديات خطيرة وعميقة؛ أهمها مُخالفة الدول العربية؛ لا سيّما “المملكة العربية السعودية” التي أبدت من قبل مرونة في موقفها من “إسرائيل”، مُخطّط تهجير الفلسطينيين من “غزة”؛ واعتبرته تطهير عرقي، وأكدت في بيان أن تشكيل الحكومة الفلسطينية هو شرط مسبَّق: “غير قابل للتفاوض وغير قابل للمسَّاومة” لتطبيع العلاقات مع “إسرائيل”.
وهذا الموقف يُثبّت أن استراتيجية “ترمب” لا تتطابق والوقائع السياسية، والحساسية “الثقافية-التاريخية” بالمنطقة.
التحديث الآخر؛ هو مخالفة “مصر والأردن”، باعتبارهما دول محورية في “القضية الفلسطينية”، ذلك أن قبول المهجرَّين الفلسطينيين لا يُمثل قضية قانون دولي بالنسبة للبلدين، وإنما تهدّيد وجودي للاستقرار الداخلي في الدولتين.
كما يُمثّل الرأي العام في العالم العربي تحدي حقيقي بالغ التعقيد بالنسبة لتلك الاستراتيجية. وبعد (15) شهرًا من الحرب الدامية في “غزة”؛ ومقتل أكثر من: (46) ألف نسمة، رفع مستوى الغضب العام في الدول العربية إلى نقطة الغليان، بما في ذلك شعوب الدول التي وقّعت على “الاتفاق الإبراهيمي”؛ كـ”الإمارات العربية المتحدة”؛ الأمر الذي فرض على هذه الحكومات فتح أجواء الاحتجاجات.
ومعارضة الرأي العام العربي؛ لمخططات تهجيّر الفلسطينيين، قد يؤثر على علاقات “إسرائيل” والدول العربية.