استدعاء إستراتيجيات “الحرب الباردة” .. نصائح “فورين بوليسي” لانتصار أميركا أمام بكين وموسكو !

استدعاء إستراتيجيات “الحرب الباردة” .. نصائح “فورين بوليسي” لانتصار أميركا أمام بكين وموسكو !

وكالات – كتابات :

نشر موقع (فورين بوليسي) الأميركي؛ مقالاً للكاتب؛ “هال براندز”، أستاذ الشؤون الدولية في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة “جونز هوبكنز”، وعضو مجلس السياسة الخارجية بـ”وزارة الخارجية” الأميركية، بعنوان: “لماذا تُعد أزمات القوى العظمى شيئًا جيدًا ؟”.

ويُشير المقال إلى أن عالم اليوم يمر بالعديد من الأزمات الدولية الخطيرة والمتزايدة، ومن المؤكد أنه لا أحد يُرحب بالمخاطر التي تظهر الآن، لكن المقال يرى أنه يمكن لـ”الولايات المتحدة” وحلفائها استخدام لحظات التوتر الشديد لمعالجة نقاط ضعفهم العسكرية، وتقوية التحالفات الحيوية، وحشد الدعم المحلي لتدابير تنافسية أكثر حدة.

ويؤكد المقال أن مفتاح الازدهار في عصر التنافس بين القوى العظمى؛ هو اغتنام الفرص التي توفرها الأزمات.

وفي هذا السياق؛ يُشير المقال إلى أنه يجب على “الولايات المتحدة” الاستفادة من إرث “الحرب الباردة” لمواجهة الأزمات الحالية؛ إذ يمكن، وفقًا للمقال، السعي لتحسين القدرات العسكرية والاستفادة من الأخطاء في “الحرب الباردة” والحرب “الروسية-الأوكرانية” لمواجهة أزمة “تايوان” مع “الصين”، كما يمكن بناء إجماع عالمي وتشكيل تحالفات متوازنة.

ويمكن استعراض أبرز ما جاء في المقال على النحو الآتي:

أزمات مُعقدة..

يُشير المقال إلى العديد من الأزمات الدولية التي يشهدها العالم حاليًا، والتي تخلق تحديات كبرى على مستقبل العلاقات الدولية المعاصرة، ومن أهمها ما يأتي:

01 – العملية العسكرية الروسية في “أوكرانيا”: يؤكد المقال أن العملية العسكرية الروسية في “أوكرانيا”؛ أدت إلى زعزعة استقرار النصف الشرقي من “أوروبا”، وأثارت حربًا بالوكالة مع حلف الـ (ناتو)، وخلقت خطر تصعيد دائم في المنطقة ومحيطها الحيوي.

02 – التصادم “الصيني-الأميركي” غرب “المحيط الهاديء”: في “آسيا”، يرى المقال أن زيارة رئيسة “مجلس النواب” الأميركي؛ “نانسي بيلوسي”، إلى “تايوان”، قد تؤدي إلى أزمة خطيرة بين “الولايات المتحدة” و”الصين”.

ويؤكد المقال أنه نظرًا إلى الطريقة التي تتصادم بها مصالح البلدين الآن في النقاط الساخنة بجميع أنحاء منطقة غرب “المحيط الهاديء”، فإن السؤال ليس إذا ما كانا سيجدان نفسَيْهما في نوع من المواجهة الخطيرة، بل متى وأين وتحت أي ظروف ستحدث المواجهة ؟

03 – تجدد الأزمات النووية العالمية: وفقًا للمقال، تواجه “واشنطن” حاليًا تهديد تجدُّد الأزمات النووية مع كل من “إيران” و”كوريا الشمالية”.

ويرى المقال أن العالم يستعد للحظة انخراط أقوى الممثلين في العالم في اختبارات القوة العالية المخاطر.

فرص أميركية..

بحسب المقال؛ فإن الأزمات الدولية المعاصرة على خطورتها، تُمثل فرصًا لـ”الولايات المتحدة الأميركية”، التي يرى المقال أنه يمكن لها أن تُديرها بما يتوافق مع مصالحها الإستراتيجية؛ وذلك وفقًا للنقاط الآتية:

01 – اعتبار الأزمات فرصة لانتصار “واشنطن” على المنافسين: يُشير المقال إلى أن الأزمات الدولية؛ رغم كونها “مرعبة”، فإنها أيضًا تُمثل فرصًا للعمل البنَّاء الذي سيُساعد “الولايات المتحدة” على الانتصار في المنافسات التي طال أمدها في المستقبل.

ولإثبات ذلك، يستشهد المقال ببدايات “الحرب الباردة”؛ إذ شهدت أواخر الأربعينيات أزمات شبه متواصلة من “أوروبا الغربية” إلى “شرق آسيا”. وكانت المخاوف من الحرب منتشرة في كل مكان وسط خلافات متكررة بين القوى العظمى. ومع ذلك، حصلت “واشنطن” والعالم الغربي الناشيء؛ في نهاية المطاف، بهذه الأزمات على مزيج من القوة والمرونة، واستخدموها حافزًا للعديد من الإجراءات التي انتصرت في نهاية المطاف في “الحرب الباردة”.

فوفقًا للمقال، لم تكن السياسات “العظيمة”؛ التي وضعت “الولايات المتحدة”، في موقع النجاح مثل: “عقيدة ترومان”، و”خطة مارشال”، وإنشاء “حلف شمال الأطلسي” وغيرها، نتاجًا للتخطيط الهاديء والمدروس؛ بل وُلِدت من الإلحاح والإبداع نتيجة الأزمات.

02 – النظر إلى الأزمات قاعدةً لتنافس القوى العظمى: يؤكد المقال أن الأزمات تكون شائعة في بداية التنافس بين القوى العظمى؛ إذ لم يتم بعدُ تحديد الخطوط الحمراء بالكامل، وتظل مناطق التأثير سائدة، ولا تزال الأنماط الرئيسة للمنافسة قيد الإعداد.

وفي هذا الإطار يؤكد المقال إدعاءات؛ أن “الحرب الباردة” المبكرة لم تكن استثناءً؛ إذ حدثت الاصطدامات الدبلوماسية ومخاوف الحرب؛ عندما مارس “الاتحاد السوفياتي” السابق ضغوطًا على “إيران وتركيا”؛ في عام 1946. وشهد النصف الأول من عام 1947؛ أزمة أثارها التخريب الشيوعي والإكراه ضد “اليونان وتركيا”، وأخرى بسبب الإنهيار الاقتصادي القريب لـ”أوروبا الغربية”.

وجلبت أوائل عام 1948 المزيد من المشاكل؛ فمثلاً انقلاب مدعوم من “موسكو”؛ في “تشيكوسلوفاكيا”، وبداية حصار الزعيم السوفياتي آنذاك؛ “جوزيف ستالين”، لـ”برلين الغربية”. وفي “آسيا”، كانت الحرب الأهلية الصينية تُعكر صفو علاقات القوى العظمى في الوقت نفسه. وفي عام 1950، أدى اندلاع وتصعيد الحرب الكورية إلى توتر العالم بأسره. وما جعل هذه الفترة – بحسب مزاعم المقال – تحولاً جيوسياسيًا إلى هذا الحد هو أن “واشنطن” وحلفاءها قرنوا بإدارة الأزمات استغلال الأزمات.

03 – امتلاك “واشنطن” خبرات “الحرب الباردة” لتوظيف الأزمات: ففي عام 1946؛ اختار الرئيس؛ “هاري ترومان”، دعم “تركيا” ضد التهديد السوفياتي على أساس أنه يمكن أيضًا معرفة إذا ما كان الروس عازمين على غزو العالم.

وعندما تدخَّلت “الصين”؛ في الحرب الكورية؛ في أواخر عام 1950، خشي العديد من المسؤولين الأميركيين من أن الصراع العالمي كان وشيكًا.

وقد تجنب “ترومان”؛ في نهاية المطاف مثل هذه الكارثة من خلال مزج الحصافة والقوة؛ إذ رفضت “الولايات المتحدة” التراجع في المجالات التي اعتبرتها حاسمة؛ فقد دعمت “واشنطن”؛ “تركيا واليونان وإيران”، ضد ضغوط “موسكو” أو وكلائها، وبقيت “الولايات المتحدة” في “برلين الغربية” أثناء الحصار وخاضت حتى حربًا محدودة لإنقاذ “كوريا الجنوبية” من الدمار.

ومع ذلك؛ رفض التدخل في الحرب الأهلية في “الصين”؛ على الرغم من أن ذلك أدى إلى انتصار الشيوعية. وعندما أصبح واضحًا أن “ترومان” قد تجاوز الحدود في “كوريا” – بتحويل الحرب الدفاعية للحفاظ على الجنوب إلى حرب لاحقة لتحرير الشمال – استقرت “واشنطن” على مأزق محلي بدلاً من التعجيل بإشتعال احتدام أكبر. ومن خلال هذه الإجراءات، تجنبت “الولايات المتحدة” التراجعات الكارثية المحتملة في “الحرب الباردة”؛ مع الحد من خطر نشوب حرب عالمية جديدة. ومع ذلك، فإن “مبدأ ترومان” لم يكن مبادرة طويلة الأمد صيغت بعناية؛ فقد نشأت من أزمة غير متوقعة ناجمة عن تمرد شيوعي مكثف في “اليونان”، وترهيب دبلوماسي سوفياتي لـ”تركيا”، وإنهيار نفوذ “بريطانيا” المفلسة في المنطقة؛ بحسب ما يسوقه كاتب المقال من معلومات مضللة وزائفة.

وبالنسبة إلى “واشنطن”، أوضحت الأزمة أن تلاشي القوة البريطانية من شأنه أن يفرض مطالب جديدة ومستمرة على “الولايات المتحدة”؛ فقد أجبرت المسؤولين الأميركيين على ابتكار حزمة غير مسبوقة من المساعدات الاقتصادية والأمنية في وقت السلم لـ”أوروبا”. بعبارة أخرى، حفزت حالة الطواريء السريعة إندفاعة تاريخية من الإبداع الدبلوماسي والإقناع السياسي؛ حسب وصف الكاتب.

وبحسب مزاعم المقال، كانت “خطة مارشال” أكثر ابتكارًا؛ حيث حطمت الرقم القياسي بضخ: 12 مليار دولار من المساعدات الاقتصادية بهدف إحياء “أوروبا الغربية” ودمجها في مجتمع يُمكنه مقاومة النهب السوفياتي.

وقد اجتمعت هذه السياسة أيضًا في ثلاثة أسابيع فقط بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية في “أوروبا” وتزايد التوترات بين “الولايات المتحدة” و”الاتحاد السوفياتي” حول كيفية إدارة “ألمانيا” المحتلة، دون تضييع أي وقت.

إذ أعلن وزير الخارجية الأميركي؛ “جورج مارشال”، عن خطته؛ لذلك تخلت “الولايات المتحدة” عن ترددها السابق بشأن الدعم الطويل الأمد لـ”أوروبا”، وجمعت البرنامج الذي من شأنه أن يُحفز الإنتعاش الاقتصادي والسياسي للقارة.

ومع ذلك، تسببت “خطة مارشال” أيضًا في حدوث اضطرابات جديدة، بما في ذلك الاضطرابات العنيفة في بعض الأحيان من قبل الأحزاب الشيوعية في “أوروبا الغربية” والاستيلاء المدعوم من “الاتحاد السوفياتي” على “تشيكوسلوفاكيا”، في شباط/فبراير 1948؛ كما يدعي الكاتب من معلومات مضللة تاريخيًا.

كما أنشأت حكومات “أوروبا الغربية” تحالفًا عسكريًا، وسعت على نحو عاجل إلى ربط “الولايات المتحدة” والدول الموقعة على هذا الاتفاق. وكان هذا بداية نشأة معاهدة “شمال الأطلسي”، وهو مشروع ثوري كسر: 150 عامًا من عدم التشابك الدبلوماسي الأميركي،

ويؤكد المقال أنه لم يكن ممكنًا لولا الصدمة النفسية للانقلاب التشيكوسلوفاكي وحصار “برلين”؛ الذي تلاه بسرعة. كان الـ (ناتو) موجودًا في الغالب على الورق؛ في عام 1949، واستغرق الأمر أزمة نهائية لإنتاج هيكل التحالف الأميركي الذي نعرفه اليوم؛ حسب المقال.

إذ أدى اندلاع الحرب الكورية وتكثيفها إلى قيام “الولايات المتحدة” بإرسال قوات إضافية إلى “أوروبا”، والسعي إلى إعادة تسليح “ألمانيا الغربية”، وإنشاء هيكل قيادة موحد لـ (الناتو)، وإبرام اتفاقيات أمنية مع: “اليابان، والفلبين، وأستراليا، ونيوزيلندا”. وأطلقت العنان لبرنامج إعادة التسلح في العالم الديمقراطي؛ الذي يهدف إلى توفير قوة تقليدية وتفوق نووي دائم مقابل الكتلة السوفياتية.

04 – صعود موجة جديدة من التنافس مع “موسكو” و”بكين”: وفقًا للمقال، أجبرت أزمات “الحرب الباردة” المبكرة؛ “واشنطن”، على صياغة السياسات، وحشد التحالفات، وحشد الدعم المحلي، وبناء المواقف القوية التي ساعدتها في النهاية على التغلب على “الاتحاد السوفياتي”.

ويقول المقال إنه لا أحد يعرف على وجه التحديد كيف ستكون السنوات القليلة المقبلة، لكن حقبة جديدة من التنافس ظهرت بالتأكيد، ويجب – بحسب المقال – أن نتوقع موجة جديدة من الأزمات مع اشتداد منافسات “واشنطن” مع “موسكو وبكين”.

وفي هذا الإطار يسعى الزعيم الصيني؛ “شي جين بينغ”، إلى تحدي الوضع الراهن في “مضيق تايوان”؛ وفي أماكن أخرى في “شرق آسيا”؛ (كما يدعي الكاتب)، حيث تتعارض تطلعات “الصين” مع مصالح “الولايات المتحدة” وإلتزاماتها الأمنية؛ إذ كانت “واشنطن” تسعى إلى منع “بكين” من إكراه جيرانها أو تأكيد سيطرتها على “تايوان”، بينما دأبت “الصين” على إصدار تهديدات أكثر حدةً تجاه “تايوان” و”اليابان” والقوة العظمى التي تدعمها؛ بحسب مزاعم المقال الأميركي.

ويتوقع المقال أنه حتى لو لم تؤد زيارة “نانسي بيلوسي”؛ إلى أزمة أمنية خطيرة في منطقة “غرب المحيط الهاديء”، فإن شيئًا ما سيحدث.

وفي غضون ذلك؛ فإن “روسيا”؛ التي تُحقق نصرًا بطريقة ما في “أوكرانيا”، قد تؤكد نفسها في “أوروبا الشرقية” وأماكن أخرى؛ لذلك ستؤدي المنافسات بين القوى العظمى في “أوروبا” و”آسيا” على حدٍ سواء إلى زيادة حدة التوترات.

دروس مستفادة..

يؤكد المقال أنه يمكن لـ”واشنطن” تجنب إثارة الأزمات دون مبرر، لكنها ربما لا تستطيع تجنبها تمامًا. والأفضل – بحسب المقال – هو أن “الولايات المتحدة” يمكن أن تستخدم الأزمات بأسلوب إستراتيجي جيد؛ إذ يمكن للعالم الديمقراطي تحقيق أقصى استفادة من أزمة “أوكرانيا” من خلال ضمان عدم تعثرهم عند اندلاع الأزمة أو الحرب التالية؛ وذلك بحسب ما يأتي:

01 – كشف نوايا “بوتين” لاستعادة الإرث السوفياتي: يمكن أن تكشف الأزمات عن نوايا الخصم؛ إذ أظهرت أزمتا: 1946 و1947؛ أن “الاتحاد السوفياتي” لم يكن راضيًا عن المكاسب التي حققها خلال الحرب العالمية الثانية، ولكنه كان يسعى إلى مزيد من التوسع على حساب العالم غير الشيوعي.

وبحسب ما يدعيه المقال، يحدث أمر مُشابه في “أوكرانيا” اليوم؛ إذ تقتل القوات الروسية المدنيين وتذبح أسرى الحرب، كما أظهر “بوتين” ومساعدوه علانيةً رغبتهم في استعادة إرث “الاتحاد السوفياتي”. وبينما كانت الأزمة الحالية بمنزلة كارثة كبرى لـ”أوكرانيا”، فإنها ساعدت الغرب من خلال إظهار نوايا “بوتين” الحقيقية.

02 – معرفة نقاط الضعف العسكرية الأميركية وتصحيحها: يمكن للأزمات أن تكشف نقاط الضعف في الموقف العسكري الأميركي وتوفر فرصة لتصحيحها؛ إذ يجب على “الولايات المتحدة” وحلفائها – حسب التقرير – أن يكونوا “شاكرين” لأنهم اكتشفوا أوجه القصور في ترساناتهم وضعف قواعدهم الصناعية الدفاعية خلال حرب “أوكرانيا”؛ بدلاً من قواعدهم الخاصة، كما تواجه الديمقراطيات صفقات تجارية مؤلمة بين قدرتها على دعم “أوكرانيا” وقدرتها على الحفاظ على إمداد جيوشها على نحوٍ جيد.

ويرى المقال أن هذه معاينة مخيفة، ولكنها غنية بالمعلومات حول مدى سرعة نشوب حرب شاملة بين القوى العظمى، سواء في “أوروبا” أو في “غرب المحيط الهاديء”، من شأنها أن تستنفد مخزونات الذخيرة الغربية وتدمر السفن والطائرات والأصول الأخرى التي لا يمكن للديمقراطيات أن تعوضها بسهولة.

لذلك من المستحيل تجاهل هذه المشكلة الآن. ويمكن للعالم الديمقراطي الاستفادة القصوى من أزمة “أوكرانيا”؛ من خلال زيادة إنتاج أنظمة الأسلحة والذخائر الرئيسة، والاستثمار في مرونة أكبر في صناعاتها الدفاعية الهشة للغاية، والتأكد من أنها ليست كذلك.

03 – توسيع التحالفات القائمة وتشكيل تحالفات ناشئة: وفقًا للمقال، يمكن أن تؤدي الأزمات إلى تسريع تشكيل تحالفات متوازنة؛ إذ لم تُؤدِّ حرب “أوكرانيا” إلى توسيع الـ (ناتو) فقط من خلال كسر التناقض السويدي والفنلندي تجاه التحالف، لكنها غذَّت أيضًا تحالفًا عالميًا ناشئًا من الديمقراطيات – بما في ذلك دول مثل: “اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا” – التي تُعارض العدوان الاستبدادي في “أوروبا”، وربما في أي مكان آخر.

وبالمثل، يمكن لأزمة “مضيق تايوان” أن تُسّرع في إنشاء ترتيبات ثنائية ومتعددة الأطراف تهدف إلى التهدئة في “بكين”؛ وذلك مثل التخطيط العسكري الأميركي الأعمق بشأن حالات الطواريء لـ”تايوان” مع: “اليابان وأستراليا”، والمناقشات الواقعية للدور الذي قد تلعبه “الهند” أو “فيتنام” في حرب للسيطرة على “غرب المحيط الهاديء”، والتعبئة المسبقة للعقوبات الاقتصادية والتكنولوجية التي قد تستخدمها “واشنطن” وغيرها من الديمقراطيات المتقدمة في حالة العدوان الصيني، وحتى ظهور “الحوار الأمني الرباعي” – الذي قلل حتى الآن من أهمية القضايا الأمنية – باعتباره جيشًا أكثر مصداقية.

03 – اختراق حالة الجمود في الاستجابة الأميركية للأزمات: يمكن أن تخترق الأزمات حالة الجمود؛ فلم تكن “خطة مارشال” أو معاهدة “شمال الأطلسي” ممكنة في الأوقات العادية؛ فمنذ شباط/فبراير؛ نقلت “الولايات المتحدة” أسلحة وأموالاً إلى “أوكرانيا” أكثر من المتوقع، وقد فعلت ذلك بسرعة ملحوظة لأي شخص على دراية بالوتيرة الجليدية المعتادة لحكومة “الولايات المتحدة”.

والسؤال الذي يطرحه المقال الآن؛ هو إذا ما كان يمكن لـ”واشنطن” استخدام هذا في أي أزمة مستقبلية لتحقيق شيء مماثل على الجانب الآخر من العالم.

إذ يمكن لـ”الولايات المتحدة” أن تتبع برنامجًا موسعًا ومُعجلاً بشكل كبير للمبيعات العسكرية والمساعدة لـ”تايوان”؛ ما يُقلل الروتين الذي غالبًا ما يعوق مثل هذه البرامج، كما يمكن أن تقطع “تايوان” جمودها الذاتي من خلال زيادة ميزانيتها الدفاعية بدرجة كبيرة، واعتماد إستراتيجية تُركز على القدرات غير المتكافئة، مثل الصواريخ والطائرات بدون طيار، وبناء القدرة على المقاومة من قبل جميع السكان.

04 – بناء إجماع محلي لمواجهة التدابير التنافسية الأكثر حدةً: يؤكد المقال أن الأزمات فرص لبناء إجماع سياسي وزخم عالمي؛ فخلال “الحرب الباردة”، أقنعت الأزمات المبكرة؛ الرأي العام الأميركي بدعم النفقات والسياسات التي لم يكن من الممكن تصورها لو لم تكن التوترات عالية جدًا، كما يمكن للأزمات أن تحد من تهاون الأنظمة الديمقراطية؛ لأنها تكشف عن الخطر الذي يلوح في الأفق بدرجة أكثر وضوحًا.

ويرى المقال أن أحد الأسباب التي تجعل سياسة “واشنطن”؛ تجاه “الصين”، تبدو، في كثير من الأحيان، عالقةً في الحياد، هو أن العديد من الخطوات لجعل “الولايات المتحدة” أكثر قدرةً على المنافسة، من تقليل اعتماد سلسلة التوريد على “بكين” إلى إنفاق الأموال اللازمة لضمان دفاع مناسب، تحمل تكاليف اقتصادية وسياسية على المدى القريب.

ويمكن أن يتغير ذلك عندما تُذكِّر التوترات المتصاعدة الأميركيين بما أكَّده “ترومان”؛ في عام 1947، من أن تكلفة تجنب الإجراءات الصعبة قد تكون في النهاية أعلى من تكلفة اتخاذها؛ لذلك يمكن لأزمة خطيرة في “مضيق تايوان” أو “بحر الصين الشرقي” أن تُغير بدرجة كبيرة حسابات الشركات الأميركية التي ترددت حتى الآن في تقليل عملياتها في “الصين”، كما يمكن أن تُخفف من قيود الحكومة عندما يتعلق الأمر بالدبلوماسية والدفاع.

ختامًا.. يستشهد المقال بما قاله “جورج كينان”؛ الإستراتيجي السابق في “الحرب الباردة”، بأن الأزمات حتمية “تقريبًا” عندما تتنافس القوى العظمى، لكن المقال يتساءل في النهاية: هل يمكن لـ”واشنطن” أن تتنقل بين هذه الأزمان بأمان وتستخدمها لصالحها أم لا ؟

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة