14 نوفمبر، 2024 9:42 م
Search
Close this search box.

استخدام “غويتريش” للمادة “99” .. هل يجبر مجلس الأمن على اتخاذ قرار عاجل بوقف إطلاق النار ؟

استخدام “غويتريش” للمادة “99” .. هل يجبر مجلس الأمن على اتخاذ قرار عاجل بوقف إطلاق النار ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني:

في خطوةٍ أثارت غضب واستياء “إسرائيل”، وبعد شهرين من اندلاع الحرب في “قطاع غزة”، حذرت “الأمم المتحدة”، في وقتٍ سابق، من: “سيناريو أكثر رعبًا” في القطاع، قد تعجز معه العمليات الإنسانية عن التعامل مع حجم الكارثة المتفاقم.

وعلى إثره؛ أرسل الأمين العام للأمم المتحدة؛ “أنطونيو غوتيريش”، الأربعاء الماضي، خطابًا لـ”مجلس الأمن” عن “غزة”، تطرق فيه للمرة الأولى منذ توليه الأمانة العامة في 2017، إلى المادة (99) من ميثاق المنظمة الأممية معتمدًا على تأسيس المنظمة بهدف: “لفت انتباه مجلس الأمن إلى أي مسألة يرى أنها قد تُهدد حماية السّلم والأمن الدوليين”.

وقال “غوتيريش”؛ على منصة (إكس): “في مواجهة الخطر الجسّيم لانهيار النظام الإنساني في غزة، أحث مجلس الأمن على المساعدة في تجنب كارثة إنسانية وأناشد إعلان وقف إنساني لإطلاق النار”.

نظرًا لحجم الخسائر في الأرواح البشرية؛ أرسل الأمين العام لـ”الأمم المتحدة” خطابًا إلى رئيس “مجلس الأمن” يُفعّل فيه – للمرة الأولى – المادة التاسعة والتسعين من “ميثاق الأمم المتحدة”.

في خطابه؛ قال أمين عام “الأمم المتحدة”، إن أكثر من (08) أسابيع من الأعمال العدائية في “غزة” و”إسرائيل”، أدت إلى: “معاناة إنسانية مروعة”، مؤكدًا: “عدم وجود مكان آمن في غزة”، وعدم وجود حماية فعالة للمدنييّن، كما تحدث عن انهيار نظام الرعاية الصحية، وتحول المستشفيات إلى ساحات للمعارك.

أشار “غوتيريش” إلى قرار “مجلس الأمن” رقم (2712)؛ الذي يدعو إلى توسيّع نطاق توصيل الإمدادات لتلبية الاحتياجات الإنسانية للسكان المدنيين وخاصة الأطفال. وقال إن الظروف الراهنة تجعل القيام بالعمليات الإنسانية ذات المغزى، أمرًا مستحيلاً.

ما هي المادة “99” ؟

من  المواد في “ميثاق الأمم المتحدة”؛ التي تُحدد مهام الأمين العام، تُعد المادة (99) الأكثر أهمية، لأنها تهم السلام والأمن الدوليين. وتمنح الأمين العام سلطة: “لفت انتباه مجلس الأمن إلى أي مسألة يرى أنها قد تُهدد حفظ السّلم والأمن الدوليين”.

وتسمح المادة (99) للأمين العام ببدء مناقشة في “مجلس الأمن” حول قضية معينة للضغط على الأعضاء لاتخاذ إجراءات وخطوات حاسّمة لحفظ الأمن والسّلم الدوليين.

وكان “داغ همرشولد”؛ الأمين العام لـ”الأمم المتحدة”، قد قال بين 10 نيسان/إبريل 1953؛ و18 أيلول/سبتمبر 1961، إن: “المادة (99) أهم من أي مادة أخرى، لأنها حولت الأمين العام من مسؤول إداري بحت إلى مسؤول يتمتع بمسؤولية سياسية واضحة”.

تتعامل مع الحالات الصعبة على “مجلس الأمن”..

والهدف الأساس من المادة (99)؛ هو التعامل مع الحالات التي تواجه فيها ديناميكيات “مجلس الأمن الدولي” صعوبات في التوصل إلى اتفاق على مناقشة الصراعات الناشئة، وذلك لأن لفت انتباه المجلس إليها  من شأنه أن يدفع أعضاءه إلى التركيز على دورهم في منع نشّوب الصراعات، وتفعيل أدوات منصوص عليها في الفصل السابع. وهذا قد يدفع المجلس إلى اتخاذ خطوات فعالة.

وقال موقع (الحرة) الإخباري؛ أمس الخميس، أنه رُغم أن الوقاية من الصراعات، كانت دائمًا هدفًا رئيسًا للمجلس، إلا أنه كان في أغلب الحالات يمنع في تحقيقها، فغياب الإنذار المبكر، وتحليل المخاطر، والقدرة على جمع المعلومات الاستخبارية، كانت من بين الأسباب التي أدت إلى فشل “الأمم المتحدة” في الرد على الإبادة الجماعية في “رواندا”، أو “سربرينيتسا”، في 1994 و1995 مثلاً.

معنى اللجوء للمادة “99”..

ويُعتبر اللجوء إلى المادة (99)، نادرًا، وكانت المرة الأولى التي أدى فيها استخدم المادة (99) إلى اتخاذ “مجلس الأمن الدولي” إجراء، رسالة “همرشولد”؛ في 13 تموز/يوليو 1960، لعقد اجتماع عاجل للمجلس حول “الكونغو”.

وذكرت شبكة (سي. إن. إن) من جهتها؛ أنه حسّب مراجعة لأستاذ دراسات الدفاع في الكلية العسكرية الملكية في “كندا”، وكلية القوات الكندية “والتر دورن”، لتاريخ “الأمم المتحدة” في التعامل مع الصراعات، وبعد أكثر من: (100) صراع تدخل فيه الأمين العام، لم يتضمن سوى عدد قليل جدًا منها اللجوء رسّميًا للمادة (99)، بالإضافة إلى (03) دعوات صريحة اعترفت بها “الأمم المتحدة”؛ هي “الكونغو” 1960، و”إيران” 1979، و”لبنان” 1989.

خطوة دستورية تُفّعل الميثاق..

وردًا على أسئلة الصحافيين حول معنى ومغزى الخطاب؛ قال “ستيفان دوغاريك”؛ المتحدث باسم “الأمم المتحدة”، إن الأمين العام يُفعّل بذلك السلطة التي يمنحها له الميثاق فيما يمكن أن يُوصف بالخطوة الدستورية الكبرى، مضيفًا أن تلك المادة تُعد أقوى أداة يمتلكها الأمين العام في إطار “ميثاق الأمم المتحدة”.

أشار “دوغاريك” إلى أن تفعيل المادة لم يحدث منذ عقود، كما أن عددًا من الخطابات السابقة أشارت إلى التهديدات الماثلة أمام السّلم والأمن الدوليين، ولكن دون الاستناد إلى هذه المادة.

ولايته تهديد للسّلم العالمي !

ردًا على تلك الخطوة؛ اعتبر وزير خارجية إسرائيل؛ “إيلي كوهين”، أن ولاية أمين عام الأمم المتحدة؛ “أنطونيو غوتيريش”: “تهديد للسّلم العالمي” بعد إرساله خطابًا لـ”مجلس الأمن” حول “غزة” لتفعيل المادة (99) من ميثاق المنظمة.

وفي تعبير عن الانزعاج والغضب بسبب ما تحدث به “غوتيريش”، كتب وزير الخارجية؛ “كوهين”، عبر منصة (إكس)؛ “تويتر” سابقًا: “ولاية غوتيريش تُشكل خطرًا على السلام العالمي”.

وأشار إلى أن: “طلبه تفعيل المادة (99) والدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة؛ يُشكل دعمًا لمنظمة (حماس) الإرهابية وتصديقًا على قتل المسّنين واختطاف الأطفال واغتصاب النساء”.

وقال: “من يدعم السلام العالمي عليه أن يدعم تحرير غزة من (حماس)”، على حد تعبير “كوهين”.

جرس إنذار..

من جهتهم؛ يرى الخبراء والمراقبون، أن تفعيل هذه المادة “تُعد جرس إنذار” على ما آلت إليه الأوضاع في “قطاع غزة” المُحاصر منذ 07 تشرين أول/أكتوبر الماضي، في حين اعتبروا أنه من الصعوبة بمكان على “مجلس الأمن” تبّني قرار حاسّم بوقف: “فوري” لإطلاق النار، في ظل الدعم الأميركي للعملية العسكرية الإسرائيلي حتى تحقيق أهدافها المعلنة بتدمير القدرات العسكرية والسياسية لحركة (حماس).

تداعيات الخطوة..

ويرى أستاذ القانون الدولي؛ “أيمن سلامة:، في حديث خاص لموقع (سكاي نيوز عربية)، إن الأمين العام لـ”الأمم المتحدة” استخدم الصلاحيات التي يكفلها له ميثاق المنظمة الأممية، وخاصة المادة (99)؛ التي تنص على تنّبيه “مجلس الأمن”: لـ”أي مسألة”، وبالتالي لم تُحدد حالة أو موقفًا معينًا لتفعيلها، ما يعني أن صلاحية الأمين العام في صّدد تنبّيه “مجلس الأمن”: “واسعة”.

ويرى “سلامة” أن الباعث والغرض من هذه المادة هو: “التحذير الوقائي”، من جانب أمين عام “الأمم المتحدة” إلى “مجلس الأمن”، وقبل أن تتفاقم الأوضاع التي تُهدد السّلم والأمن الدوليين، في الحالة الراهنة لحرب “غزة”، لكنه يعتقد رُغم ذلك أنه كان يتعين على “غوتيريش” أن يقوم بتنبّيه “مجلس الأمن” بخطورة الموقف في “قطاع غزة”، بعد تفاقم الأوضاع الإنسانية بشكلٍ لم يحدث على هذا النحو في النزاعات المسلحة المماثلة وخلال فترة قصيرة.

وبشأن التداعيات المنتظرة من خطوة “غوتيرش”، أوضح أستاذ القانون الدولي، أن الخطاب الرسّمي للأمين العام لـ”الأمم المتحدة”، من شأنه أن يدفع “مجلس الأمن” لعقد جلسة عاجلة للنظر مرة ثانية في أمر التوصل لوقف إطلاق نار مسّتدام في “قطاع غزة”.

لكن الأمر لن يبدو سهلًا كحال المناقشات داخل المجلس منذ اندلاع الصراع؛ وفق “سلامة”، الذي أضاف أن: “القاصي والداني يُدرك أن الإدارة الأميركية؛ ومنذ 07 تشرين أول/أكتوبر؛ سواءً في أروقة مجلس الأمن أو خارجه ترفض مجرد طرح فكرة التوصل لوقف إطلاق نار مسّتدام إلا بعد أن تحقق إسرائيل أهدافها المعلنة”.

ولفت إلى أن المادة (99)؛ هي سلطة عُليا للأمين العام، كما أنها تتشابه مع المادة (35) من ذات الميثاق؛ التي تُرخّص للدول الأعضاء في “الأمم المتحدة” أو غير الأعضاء أن تقوم أيضًا بتنبّيه “مجلس الأمن” لأي نزاع أو موقف أو احتكاك من شأن استمراره تهديد السّلم والأمن الدوليين.

وأوضح أستاذ القانون الدولي؛ أن تفعيل “غوتيرش” للمادة (99)؛ زادت من الانتقادات الإسرائيلية الموجهة ضده، كما يتوقع أن ترتفع نبرة الهجوم ضده خلال الفترة المقبلة، كما تتبّدد فرصه للتجديد في منصبه.

يُذكر أنه في منتصف العام 2021، عينّت “الجمعية العامة للأمم المتحدة”، “أنطونيو غوتيريش”؛ أمينًا عامًا لولاية جديدة مدتها (05) سنوات إضافية.

ومع أنه؛ لا يوجد من الناحية الفنية، حدٍ أقصى لفترات الأمين العام الذي هو المسؤول الأعلى في “الأمم المتحدة”، لم يبق أيُّ أمين عام في هذا المنصب لأكثر من ولايتين.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة