خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في إطار حسم ما يدور من صراعات على الساحة العراقية، اتفقت الرئاسات الثلاث في “العراق”، مساء أمس الأربعاء، على: “النأي بالبلاد عن الصراعات”، على خلفية المواجهة العسكرية الأخيرة بين “الولايات المتحدة” و”إيران”.
وذكرت الرئاسة العراقية، في بيان لها، إن: “الرئاسات الثلاث اتفقت، خلال اجتماع رؤساء الجمهورية برهم صالح، والوزراء عادل عبدالمهدي، والبرلمان محمد الحلبوسي، في قصر السلام ببغداد، على مواصلة مبدأ مراعاة مصالح العراق وأمنه السياسي والمالي، في الموقف الوطني المتوازن من الأزمات الإقليمية والدولية المحيطة، وبما ينأى به عن الصراعات، والتأكيد على التهدئة وضبط النفس ومنع التصعيد”، حسب وكالة الأنباء العراقية، (واع).
الحرص على السيادة الوطنية وصونها من التدخلات الخارجية..
ولفت البيان؛ إلى أن: “الرئاسات الثلاث ركزت على ضرورة مراعاة الحرص على السيادة الوطنية وصونها من التدخلات الخارجية، والحيلولة دون حصول التجاوزات على هذا الصعيد”.
وبخصوص الأزمة الداخلية، شددت الرئاسات: “على أهمية الإسراع بتشكيل الحكومة الجديدة وتلبية متطلبات الإصلاح في مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والخدمية، بما يحفظ سيادة العراق وأمن العراقيين من تحديات الإرهاب”.
وفي 3 كانون ثان/يناير الجاري، قتلت “الولايات المتحدة” قائد (فيلق القدس) الإيراني، “قاسم سليماني”، والقيادي في (الحشد الشعبي) العراقي، “أبومهدي المهندس”، في غارة جوية قرب “مطار بغداد”.
وردت “إيران”، بعدها بـ 5 أيام، بإطلاق صواريخ (باليستية) على قاعدتين عسكريتين تستضيفان جنودًا أميركيين، شمالي وغربي “العراق”.
دعوات إخراج القوات الأميركية..
وأثارت المواجهة العسكرية “الأميركية-الإيرانية”، غضبًا شعبيًا وحكوميًا واسعًا في “العراق”، وسط مخاوف من تحول البلاد إلى ساحة نزاع مفتوحة بين “واشنطن” و”طهران”، وعلى خلفية الصراع، قررت “بغداد” إخراج القوات الأجنبية من البلاد، لكن “واشنطن” ترفض ذلك، وهدد الرئيس، “دونالد ترامب”، بفرض عقوبات على “بغداد”.
تهديدات بقطع المساعدات العسكرية..
في هذا؛ قالت صحيفة (وول ستريت) الأميركية، إن إدارة الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، تستعد لإمكانية قطع 250 مليون دولار، من المساعدات العسكرية لـ”العراق”، إذا واصلت الحكومة العراقية تهديداتها بطرد القوات الأميركية من البلاد.
ولفتت الصحيفة الأميركية، في تقرير لها أمس الأول الثلاثاء، إلى أن “وزارة الخارجية” و”وزارة الدفاع”، (البنتاغون)، تجهزان خيارات خفض مبلغ 250 مليون دولار، من التمويل، الذي وافق عليه “الكونغرس”، إضافة إلى أنها ستُعيد النظر في حزمة واسعة من المساعدات الاقتصادية والعسكرية، التي لم يتم النظر فيها بعد.
وذكرت الصحيفة أن وزارتي، “الدفاع” و”الخارجية”؛ ناقشتا تمويل المساعدات العسكرية لـ”العراق”، خلال مراسلات عبر البريد الإلكتروني، أطلعت عليها، مشيرًة إلى أن المراسلات المتبادلة تشير إلى أن مكتب شؤون الشرق الأدنى بـ”وزارة الخارجية” الأميركية، يعمل على قطع تمويل قيمته 250 مليون دولار، ضمن برنامج المساعدات العسكرية الخارجية لـ”العراق”، الذي تم إعتماده في ميزانية العام المالي الجاري.
وتقول الرسائل، التي كشفتها الصحيفة الأميركية، إن مكتب شؤون الشرق الأدنى في “الخارجية” يُخطط لطرح سؤال على مكتب الإدارة والموازنة بـ”البيت الأبيض”، عن إمكانية إنهاء طلب بـ 100 مليون دولار أخرى، من المقرر وضعها في ميزانية عام 2021، بحسب الصحيفة، التي ذكرت أن الرسائل ربطت ذلك بتطورات الوضع على الأرض في “العراق”.
وتقول رسالة أخرى: “إن ذلك لا يمنع الكونغرس من بحث مزيد من الإجراءات الخاصة بالمساعدات العسكرية للعراق، بسبب تغير الأوضاع هناك”.
وتشير (وول ستريت) إلى أن الرسائل البريدية تؤكد أنه لم يتم إتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن، حتى الآن، وأن مسؤولين كبار بالإدارة الأميركية، أمروا بمراجعة المساعدات المالية، التي يمكن تعليقها أو إعادة توجيهها إلى شيء آخر، في حالة طلب “العراق” من القوات الأميركية مغادرة البلاد نهائيًا.
وذكرت إحدى الرسائل الإلكترونية، بين “الخارجية” و(البنتاغون)، أن وزير الخارجية، “مايك بومبيو”، أصدر توجيهات لإعادة تخصيص تمويل المساعدات العسكرية لـ”العراق”، إلى أغراض أخرى، أو لمكان آخر، بحسب الصحيفة.
وقال مسؤول بوزارة الخارجية إن “الولايات المتحدة الأميركية” تراجع بصورة مستمرة المساعدات العسكرية الأجنبية، للتأكد من توافقها مع أهداف السياسة الخارجية، لتحقيق الاستخدام الأمثل لأموال دافعي الضرائب الأميركيين.
وأضاف المسؤول الأميركي: “حتى الآن، لم يحدث أي تغيير فيما يتعلق بالمساعدات العسكرية الأميركية للعراق”، بحسب الصحيفة الأميركية، التي أشارت إلى أنها لم تحصل على تعليق من المسؤولين العراقيين على هذا الأمر.
استئناف العمليات العسكرية..
إلا أنه أفادت صحيفة (نيويورك تايمز)، بأن “الولايات المتحدة” استأنفت، أمس الأربعاء؛ عملياتها العسكرية المشتركة مع القوات العراقية، بعد أن توقفت عقب مقتل الجنرال الإيراني، “قاسم سليماني”، بغارة جوية أميركية في “بغداد”، مطلع كانون ثان/يناير الجاري.
ونقلت الصحيفة الأميركية، عن مسؤولَين عسكريين أميركيين لم تذكر اسميهما قولهما؛ إن “وزارة الدفاع الأميركية” تريد أن تستأنف في أسرع وقت ممكن تعاونها مع الجيش العراقي في مجال مكافحة تنظيم (داعش)، لكي لا يستغل التنظيم الوضع الراهن، حسبما ذكرت (فرانس برس).
لا انسحاب من العراق حاليًا..
إلى ذلك؛ قال نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، “جوي هود”، في مقابلة مع (العربية) و(الحدث) حول “العراق”، إن الإدارة الأميركية تتطلع إلى تعزيز علاقة الشراكة الإستراتيجية، نافيًا “أي حديث الآن حول انسحاب القوات الأميركية من العراق”.
ودعا “هود”، “العراق”، إلى التعجيل في تعيين رئيس وزراء قوي يُسيطر على القوى الأمنية ويقود “العراق” نحو الإزدهار وتعزيز السيادة.
كما أكد المسؤول الأميركي أن: “الوقت الحالي هو الأنسب للولايات المتحدة والعراق من أجل الجلوس معًا للحديث عن الإلتزام بالشراكة الإستراتيجية على المستوى الدبلوماسي والمالي والاقتصادي والأمني”، مضيفًا أن: “الوقت الحالي ليس وقت الحديث عن الانسحاب”.
الحكومة ترغب في استمرار مهمة الجيش الألماني..
في سياق متصل؛ أعلن وزير الخارجية الألماني، “هايكو ماس”، أمس، أن الحكومة العراقية ترغب في استمرار مهمة الجيش الألماني في “العراق”.
وقال الوزير، المنتمي إلى “الحزب الاشتراكي الديمقراطي” في البرلمان الألماني؛ إن رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، أكد لممثلين للحكومة الألمانية، أمس الأول الثلاثاء، أن: “بغداد تجد أن لها مصلحة كبيرة في استمرار مهمة التحالف الدولي؛ وأعرب في محادثات معنًا عن تأييده لبقاء الجيش الألماني في العراق”.
وفي إشارة إلى قرار “البرلمان العراقي”، الذي دعا إلى سحب كل القوات الأجنبية على أراضي “العراق”، قال “ماس”: “لن نتجاوز هذا القرار”، وطالب الحكومة بأن تتحدث مع البرلمان، وقال: “لقد قلنا للمسؤولين إننا سنظل دائمًا نحترم سيادة العراق، وهذا يعني أننا نحترم كل قرار، لكننا ندعو إلى السماح لنا بمواصلة الدعم الذي قدمناه حتى الآن، لأننا نعتبر أن أي شيء آخر سيسهم في زعزعة الاستقرار في العراق”.
القادة العراقيون يحسمون الأمر سرًا..
والإثنين، قال وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، إن: “جميع” القادة العراقيين أبلغوه، في مجالس خاصة، بأنهم يؤيّدون الوجود العسكري الأميركي في بلدهم؛ على الرغم من المطالبات العلنية بخروج الجنود الأميركيين من “العراق”.
غير أن الوزير الأميركي لم يستبعد خفض عدد جنود بلاده المنتشرين في “بلاد الرافدين”؛ تماشيًا مع رغبة “ترامب”، الذي ما فتيء يؤكد عزمه على الانسحاب من العمليات العسكرية المكلفة في الشرق الأوسط.
وبمبادرة من “واشنطن”؛ توقفت العمليات العسكرية المشتركة بين البلدين، في 5 كانون ثان/يناير 2020، أي بعد يومين من مقتل قائد (فيلق القدس)، في “الحرس الثوري” الإيراني، “قاسم سليماني”، بغارة شنّتها طائرة أميركية مُسيّرة قرب “مطار بغداد”.