19 أبريل، 2024 6:56 م
Search
Close this search box.

ارتفاع معدلات الإكتئاب بين الإيرانيين .. والسينما الكوميدية مسكن مؤقت

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتب – محمد بناية :

إلى أي مدى يحتاج المجتمع الإيراني إلى البسمة؟.. هذا السؤال قد يكون بمثابة الخيط الذي يشكل نسيج الإجابة وفقاً للأوضاع السينمائية لاسيما في السنوات الأخيرة. وقد حظى فيلم “أنا لست من السيلفادور” بأكبر نسبة مشاهدة خلال العام الشمسي المنصرم، “من 21 مارس 2016 وحتى 20 مارس 2017″، وبالتالي فقد احتلت الأفلام الكوميدية صدارة المبيعات السينمائية مؤخراً. لكن إلى أي مدى يمكن مطابقة هذه الأعداد والأرقام على المجتمع الإيراني؟.. لقد حظيت أفلام “الجيد والسئ والجلف” و”الدورية 2″ بأعلى نسبة مشاهدة في أعياد “النيروز” للعام الجاري “عيد رأس السنة الشمسية”. وللأجابة على الأسئلة السابقة كان علينا النظر من زواية أخرى والبحث عن الإجابة عند علماء النفس. هل يحتاج مجتمعنا إلى البسمة؟.. هل يجب تسلية مجتمعنا مهما تكلف الأمر بحيث يكون سعيد؟.. والأهم إلى أى مدى تؤثر مشاهدة الأعمال الكوميدية في الوصول إلى مجتمع إيراني سليم ومعافى ترتفع فيه معدلات الاحباط واليأس؟.. وللحصول على إجابات أجرت صحيفة “صبا” الإيرانية، الصادرة عن المركز الفني الثقافي “صبا” الحكومي، حواراً مع “مهديس كامكار” الطبيب النفسي والباحث في مجال علوم النفس والاجتماع.

فيلم “القافلة”

ارتفاع معدلات الأدوية النفسية والمهدئات خلال الفترة الاخيرة..

اكدت الصحيفة الإيرانية في بداية تساؤلها للخبير في علوم النفس والإجتماع، على ان يولي الشعب الإيراني الأفلام السينمائية الكوميدية عناية خاصة. ومعدلات المبيعات تشير بوضوح إلى ذلك، لدرجة أنه إذا عُرض فيلم ما في نفس توقيت عرض آخر كوميدي، فغالباً ما يفقد الأول فرصة تحقيق أعلى مبيعات. وتشير أبحاث ودراسات خبراء علم النفس، إلى أن معظم الشعب الإيراني يعاني أعراض الاحباط بدرجات متفاوتة.. “في رأيكم ما معنى عناية الإيرانيين بالأفلام الكوميدية في مقابل معدلات الاحباط؟”

ليرد “مهديس كامكار” بان: “الأعمال الكوميدية والكرتونية محط اهتمام داخل كل المجتمعات.. الاهتمام بهذا النوع الفني في كل بقاع الكرة الأرضية هدفه صناعة دقائق من السرور والبسمة، والحقيقة تختلف معدلات المشاهدة بحسب جودة الأفلام، وحين تكون الجودة عالية فالمؤكد أن المبيعات ستكون أفضل. لكن في مجتمع مثل مجتمعنا يعاني من معدلات احباط مرتفعة، تجد للأسف وفرة في أساليب العلاج غير صحيحة مثل الاقبال على المسكرات والمخدرات. وأنا أقصد هنا أن المخدرات ليست بالضرورة غير قانونية. فالاحصائيات توضح لاسيما في الآونة الأخيرة اقبال صغار السن على تعاطي المخدرات، وبالتالي فإن التأثير السلبي لذلك ينعكس على نمو مؤشرات السلامة المجتمعية. وبخلاف المخدرات غير القانونية، ارتفعت معدلات الأدوية النفسية والمهدئات خلال الفترة الأخيرة. لأنه حين ترتفع معدلات الاحباط والاضطراب يقابلها انتشار استعمال الأدوية دون استشارة الطبيب بين الناس. وكلها مؤشرات على رغبة الناس في البحث عن مسكنات، لأنهم لا يتصورون بديلاً آخر. في غضون ذلك يقل في بلادنا انتاج الأفلام الكوميدية لأن انتاج مثل هذه النوعية من الأفلام يتطلب التحرك على حافة السياسة أو التعرض للقضايا الجنسية. في ظل هذه الأوضاع يجب عليك اتقان الحركة على هذه الحافة لأنك لو خرجت عن هذا الإطار لن يكون الفيلم كوميدياً. وكذا إذا لم تكن الظروف مهيأة على هذه الحافة، فيجب أن يدور الفيلم في فلك كوميديا الموقف. وفي إيران قلما يتجه السينمائيون إلى انتاج الأفلام الكوميدية ولذلك تقل مثل هذه النوعية من الأفلام. إن اقبال الناس على مشاهدة الأفلام الكوميدية، يمثل بالنسبة لهم ساعة من المرح. ويمكن القول إن اقبال الناس على الأفلام الكوميدية يمثل في الحقيقة نوعاً من العلاج دون استشارة الطبيب.

الناس تعتبر الأفلام الكوميدية علاج نفسي للخروج من كئباتها..

وجهت صحيفة “صبا” الإيرانية لضيفها عن مدى اعتقاده “أن الناس تتحرك صوب العلاج دون وعى، وأنهم حين يقبلون على الأفلام الكوميدية والساخرة، فإنهم يقصدون السينما بوازع من العلاج دون وعى؟”. فكان رد الطبيب النفسي “كامكار” بالإيجاب قائلاً: “بالضبط. حين تقوم بدراسة ميدانية، سوف تكتشفين أن الأفلام الأعلى مبيعاً هي الكوميدية وليست الأفلام ذات الجودة العالية.. إن حياة الناس الواقعية تراجيدية بالقدر الكافي الذي يفقدهم القدرة على الحزن والغم. لقد سمعت الناس مرات يقولون “أنا نفسي مأتم وحياتي ممتلئة بالألم والحزن ولا طاقة لدي على رؤية فيلم تراجيدي”.. بل إن الناس لا تلفت حتى إلى الأفلام ذات الطابع الفلسفي.. وأنا نفسي حين ذهبت إلى السينما لمشاهدة فيلم “سماء صفراء ضحلة” يمكنني القول إن السينما كانت خالية تقريباً. فالناس لا تبحث عن الحزن. وربما يكون هناك فيلم على قدر كبير من الجودة لكنه لا يحظى بالقبول من الناحية العامة”.

فيلم “الجيد والسئ والجلف”

تشير الصحيفة الإيرانية ايضاً إلى انه “يُنصح مرضى الاكئتاب بعدم مشاهدة الأفلام الحزينة، والتركيز على الأفلام والموسيقي الكوميدية. إلى أي مدى تؤثر هذه المقترحات على تحقيق السلامة المجتمعية؟”.. ليجيب “مهديس كامكار” قائلاً: كل هذه المقترحات تلعب دور مسكن. لأن شيوع الاكئتاب في مجتمع ما له أسباب أخرى. وهذه المسكنات لا تجدي نفعاً في حل المشكلة. هذه العلاجات عرضية، والأدوية العرضية لا تقضي على المرض.

تتساءل الصحيفة الإيرانية “صبا”: “ما المطلوب لعلاج مجتمع تزداد فيه احصائيات الاحباط يومياً؟.. ما هي الإمكانيات التي يمكن أن يستخدمها الفنان وبالأحرى المسؤولون لعلاج هذا المناخ المجتمعي وتحقيق السلامة النفسية؟”

مهديس كامكار: “لأن السياسات الفنية تخضع للضوابط التي يحددها المسؤولون، لا يمكن توقع انتاج الأفلام الكوميدية والساخرة. ويجب على الفنان تجاوز سيف الرقابة ويقوم بانتاج أعمال ذات جودة عالية ولا تتجاوز الخطوط الحمراء في الوقت نفسه. وبالنسبة إلى المسؤولين، فطالما لم يطرأ أى تحسن على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للشعب، فالمؤكد أن المجتمع لن يحظى بالبسمة والراحة النفسية. وهذه المسكنات نتائجها مؤقتة وسطحية”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب