ارتفاع “الدولار” أمام “الدينار” يدفع الشارع للانفجار .. فهل يحتوي “الكاظمي” الأزمة قبل اندلاعها ؟

ارتفاع “الدولار” أمام “الدينار” يدفع الشارع للانفجار .. فهل يحتوي “الكاظمي” الأزمة قبل اندلاعها ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

وسط لغط كثير دائر حول الأسباب التي أدت لارتفاع سعر الدولار مقابل الدينار العراقي، وتبادل الاتهامات بين إصدار الإشاعات واتهام “البنك المركزي” بنيته اتخاذ خطوات لرفع سعره؛ وهو ما يمكن أن يجعل المواطن العراقي يعيش وضعًا كارثيًا بسبب ارتفاع الأسعار في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة التي تواجه العراق ويصعب حلها، وما زاد الأمر صعوبة هو جائحة (كورونا)، التي أثرت سلبًا على كافة المستويات، خاصة الاقتصادي منها.

وارتفعت أسعار الدولار أمام الدينار، أمس، بعدة محافظات لتصل إلى أكثر من 130 ألف دينار مقابل كل 100 دولار.

وسجلت بورصتا “الكفاح” و”الحارثية”، في “بغداد”، سعر صرف بلغ 132 ألف دينار عراقي مقابل 100 دولار، فيما كان سعر الصرف، صباح أمس؛ لا يتعدى 128 ألف دينار مقابل الـ 100 دولار.

وارتفع سعر الدولار في مكاتب الصيرفة بـ”بغداد”؛ ليبلغ سعر البيع 133 ألف دينار مقابل الـ 100 دولار، بينما بلغت أسعار الشراء 131 ألف دينار للقيمة ذاتها.

وارتفع سعرف صرف الدولار في أسواق “أربيل” إلى 130 ألف دينار مقابل كل 100 دولار.

هذه القفزة تأتي مع تداول أنباء عن نية “البنك المركزي”؛ تثبيت سعر الدولار على 130 ألف دينار لكل 100 دولار، لتغطية عجز الموازنة.

وهو ما نفاه المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي، “مظهر محمد صالح”، الثلاثاء 08 كانون أول/ديسمبر 2020، مؤكدًا عدم وجود توجه حكومي لرفع سعر صرف الدولار، قائلاً إن: “الحديث عن وجود توجه حكومي لرفع سعر صرف الدولار، لغاية الوصول إلى مستوى 150 ألف دينار مقابل الـ 100 دولار، غير صحيح على الإطلاق ولا توجد خطة مطروحة من قِبل الحكومة لهكذا خيار”، مبينًا أن: “هذا الارتفاع مؤقت، وستشهد قادم الأيام انخفاضًا جديدًا بسعر الصرف”.

وحدد “صالح”، ارتفاع الدولار بسببين: الأول هو: “قرب إقرار مشروع قانون الموازنة، وما أثير من معلومات متضاربة حول تصحيح سعر الصرف، ولدت بدورها إشارات غامضة في الفترة القصيرة”، و”السبب الثاني هو اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والمناكفات السياسية، وما تولده من إشارات ومعلومات تتعلق بالمكاسب السياسية، أو لأسباب التهيئة للانتخابات، ما يعطي حالة عالية من اللايقين عند صنّاع السوق بشأن الوضعين السياسي والاقتصادي للبلاد”.

وأشار “صالح” إلى أن: “جميع هذه العوامل تؤدي إلى قلق في قرارات البيع والشراء بالعُملة الأجنبية، والتحفظ بسعر يرتفع قليلاً عن توازن السوق، ومستويات استقرارها”.

بسبب تصريحات بعض السياسيين والمحللين الاقتصاديين..

إلى ذلك، حدد فرع “البنك المركزي” في محافظة “البصرة”، سبب ارتفاع سعر الدولار، أمس الإثنين؛ إلى: “تصريحات أطلقها بعض السياسيين والمحللين الاقتصاديين؛ حول معالجة الأزمة المالية بأن رفع الدولار مقابل الدينار سيساهم باستقرار الاقتصاد”.

وبينت إدارة البنك، أن: “هذا الأمر غير مبني على دراسة”، مؤكدة أن: “سعر الصرف الرسمي، هو 120 ألف دينار لكل 100 دولار”، فيما كشفت عن: “إجراءات للحفاظ على استقرار ذلك؛ منها ضخ قرابة الـ 250 مليون دولار يوميًا تمهيدًا لإنتهاء هذا الارتفاع في غضون الأسبوع المقبل”.

وقال مدير الفرع، “قاسم رهيف”، في تصريحات صحافية، إن: “تلك التصريحات أشارت إلى أنه واحدة من حلول معالجة الأزمة الاقتصادية في العراق، هو خفض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار، وهي تصريحات ليست مبنية على الموثوقية أو كونها صادرة من البنك المركزي، لكنها بالتالي أدت إلى زيادة الطلب على العُملة الأجنبية، وزيادة الطلب من قِبل المجتمع المحلي وبعض أصحاب رؤوس الأموال وآخرين متخوفين من الوضع الاقتصادي، فقد أدى إلى تقليل المعروض وارتفاع الأسعار”.

وأضاف “رهيف” أن: “السعر الرسمي، كما معتمد وفق نشرات البنك المركزي، هو 120 ألف دينار لكل 100 دولار”.

سيؤدي لارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية..

وحول تأثيرات ارتفاع سعر الدولار على الأسواق، بيّن “رهيف” أنه: “إذا ارتفع سعر صرف الدولار سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية والإنتاجية بشكل كبير، وحتى إن انخفض سعر الصرف؛ فإن بعض السلع سوف لا تنخفض أسعارها، وهو ما يعتبر واحدة من المشاكل، لذلك فإن البنك المركزي حرص على أن يكون سعر الصرف ثابت”.

لا خطة للبنك المركزي لرفع سعر الدولار !

ونفى في الوقت ذاته؛ أن: “يكون لدى البنك المركزي خطة لرفع سعر صرف الدولار، كما يقال، سيما وأن هكذا خطط ليست من اختصاص البنك بل من اختصاص وزارة المالية؛ على اعتبار أن الدولار أصلاً ملك للمالية، وكما هو معروف فإن الدولار يأتي نتيجة بيع النفط وهي تعتبر إيرادات وزارة المالية، وأن البنك المركزي يقوم بدور الوساطة بين المالية وبعض المستفيدين من الدولار بهدف تحويلة إلى الدينار العراقي؛ ومن ثم إلى وزارة المالية والتي ستقوم بدورها بتوزيعه على شكل نفقات ورواتب وما شابه”.

وزاد أن: “الوزارة لم تبلغ البنك بأنها تريد رفع السعر، ولا حتى البنك المركزي في نيته خفض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار”.

وحول توقعاتهم بشأن الفترة التي سيبقى عليها هذا السعر قال “رهيف”؛ أنه: “من التوقع أن ينتهي هذا الموضوع الأسبوع المقبل؛ رغم صعوبة التوقعات في حال وجدت الحلول الحقيقية في عملية ضخ كمية أكبر من الدولار في الأسواق؛ فإنها لم تستمر هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل”.

العمل على محورين لحل الأزمة..

من جهتها؛ أعلنت “رابطة المصارف الخاصة” بالعراق، يوم الأحد الماضي، عن العمل على محورين لدعم مختلف الشرائح المجتمعية، فيما بينت أن التصريحات السلبية حول انخفاض قيمة الدينار العراقي، أسهمت بارتفاع  سعر صرف الدولار.

وقال مدير التنفيذي لرابطة المصارف الخاصة، “علي طارق”، لوكالة الأنباء العراقية، (واع): إن “البنك المركزي سيمتص أزمة انخفاض العُملة العراقية أمام الدولار الأميركي، خلال الفترة المقبلة حتى تعود الأسعار إلى وضعها الطبيعي”.

وتابع: “الرابطة تعمل حاليًا على محورين، الأول هو الدعم الذي يتقدم عن طريق صندوق تمكين المبادرات المجتمعية، الذي يشرف عليه البنك المركزي ورابطة المصارف، تجاه المشاريع الرياضية والفنية والثقافية والاجتماعية، وأيضًا المشاريع الشبابية بشكل عام”.

وأضاف أن: “المحور الآخر يتعلق بالعمل المصرفي، إذ إن البنك المركز العراقي سهلَّ كثيرًا موضوع تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة عن طريق المصارف، إذ هناك أكثر من 35 مصرفًا مشاركًا في هذه المبادرة”.

وأشار إلى أن: “نسبة الفائدة تتراوح من 3 – 4 بالمئة، حسب حجم القرض، لكن يجب أن تكون المشاريع قائمة أو أفكار لمشاريع مؤسسة حديثة”.

كما أوضح المدير التنفيذي لـ”رابطة المصارف الخاصة”، أن أسعار صرف الدولار تخضع لمسألة العرض والطلب، فالتصريحات السلبية جدًا نحو تخفيض قيمة الدينار العراقي في الفترة المقبلة؛ الذي أسهم بالتجار والمواطنين المتعاملين الى تحويل أموالهم للعُملة الصعبة.

ولفت إلى أن “البنك المركزي” العراقي لديه أدواته في إدراة السياسة النقدية، ففي الوقت الحالي هنالك ضغط كبير على الدولار الذي أدى إلى ارتفاعه في السوق الموازية.

ارتفاع مؤقت نتيجة الشائعات والمضاربات..

وكانت الحكومة العراقية قد أكدت مسبقًا أن الشائعات والمضاربات هما ما يقف وراء ارتفاع سعر الدينار مؤخرًا، وذلك وسط اتهامات برلمانية بفساد “البنك المركزي”.

ونفى “مظهر محمد صالح”، المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي، الثلاثاء الماضي، وجود توجه حكومي لرفع سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي.

وقال “صالح”، في بيان؛ إن: “الحديث عن وجود توجه حكومي لرفع سعر صرف الدولار إلى مستوى 150 ألف دينار مقابل الـ 100 دولار، غير صحيح على الإطلاق ولا توجد خطة مطروحة من قِبل الحكومة لهكذا خيار”.

وأضاف أن: “ارتفاع سعر صرف الدولار في الأسواق المحلية، في الوقت الحالي جاء بسبب الشائعات، التي تطلق هنا وهناك، وهي لا أساس لها من الصحة”.

وأوضح أن:”هذا الارتفاع مؤقت، وستشهد الأيام القادمة انخفاضًا جديدًا بسعر الصرف”.

مزاد العُملة من أخطر ملفات الفساد..

ومن جانبه، قال “يونس الكعبي”، نائب رئيس مركز “القمة” للدراسات الإستراتيجية، في تعليق على زيادة سعر الدولار، إن مزاد العُملة للبنك المركزي العراقي، من أخطر ملفات الفساد في العراق المجهولة لإرتباطها بمصالح حزبية لها امتدادات إقليمية ودولية.

مشيرًا إلى أن: “الأحزاب تمول نشاطها من فساد مزاد العُملة؛ الذي يُعد مصدر ربح لمصارف أهلية تتخذها جهات سياسية متنفذة كواجهة “.

وشدد على: “ضرورة منع احتكار الجهات السياسية للبنك المركزي”.

الورقة البيضاء” وخلافات الإقليم وبغداد..

كما عزا الاستشاري في التنمية الصناعية والخبير الاقتصادي، “عامر الجواهري”، ارتفاع سعر الدولار أمام الدينار؛ إلى التصريحات المتكررة من قِبل اللجان المالية النيابية وبعض الاقتصاديين، عن تغيير سعر صرف الدولار لتمويل عجز الموازنة، وقلق السوق وجشع المضاربين.

وقال “الجواهري”، في تصريح للوكالة الوطنية العراقية للأنباء، (نينا): إن “تأثيرات وتداعيات ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار؛ كثيرة على المواطن وعلى اقتصاد البلد”، مشيرًا إلى: “أن المتصدين للعُملية الاقتصادية والمالية لم يراعوا هشاشة الوضع الاقتصادي بتصريحاتهم المتتابعة بتغيير سعر الدولار. وهذه التصريحات خلقت القلق لدى السوق وخلقت المبررات الإضافية للمضاربين لزيادة حساسية هذه العملية، وفي الوقت نفسه زادت عمليات إخراج الأموال خارج العراق، مما أدى إلى رفع سعر الدولار أمام الدينار”.

وأشار إلى أن: “مشروع الإصلاح الاقتصادي الحكومي، الورقة البيضاء، تكرر فيه التفكير بتغيير سعر الدولار. وهذا التكرار أدى إلى القلق المتزايد ونشاط المضاربين في السوق، وهو أحد أسباب ارتفاع الدولار”.

مؤكدًا على أن الحكومة حاليًا لا تستطيع تغيير سعر الدولار، ولا توجد وجهة نظر جادة من “البنك المركزي” لتغيير سعر الصرف، مشيرًا إلى: “أن تصاعد الخلافات بين الإقليم وبغداد، هو أيضًا سبب في ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار”.

اختفاء 26 مليار دولار !

وعلى خلفية الأزمة، يُذكر أن السلطات العراقية كانت قد فتحت تحقيقًا في طلب أحد نواب البرلمان ضد “مزاد العُملة”، الذي يبيع “المركزي” العراقي بمقتضاه النقد الأجنبي للمصارف والتي بدورها تبيعه للتجار.

وقال النائب، “محمد صاحب الدراجي”، في شكوى للنائب العام: “تواردت معلومات عن عدم صحة الفواتير الخاصة بالاعتمادات المستندية للمصارف التي تتعامل ببيع العُملة”.

واتهم البرلماني، “البنك المركزي العراقي”: “بعدم القيام بواجباته بفرض الغرامات والكشف عن الوثائق غير الصحيحة المقدمة من الشركات والأشخاص المستفيدين”.

وبحسب إحصائيات رسمية، بلغت قيمة مبيعات “البنك المركزي” العراقي، لعام 2019، من الدولار 44 مليار دولار بواقع يصل لنحو 150 مليون دولار يوميًا، لتغطية استيراد المواد والسلع التي تحتاجها البلاد، وتثبيت سعر الدينار.

فيما بلغ حجم الاستيراد في نفس العام 18 مليار دولار، ما يكشف اختفاء نحو 26 مليار دولار.

وأكد النائب “الدراجي”، وزير الصناعة سابقًا: “عدم تطابق قيمة الواردات المالية الجمركية والضريبية نسبيًا مع قيمة المبالغ المحولة للخارج عن طريق بيع الدولار في نافذة بيع العُملة”.

تحذير من اقتراب العراق من “الإفلاس”..

وفي منتصف الشهر الماضي، كشفت اللجنة المالية بالبرلمان العراقي، عن حجم ديون العراق الخارجية، مشيرًة إلى أن الأرقام المسجلة تقترب من نحو 160 مليار دولار.

وحذرت اللجنة البرلمانية من كارثة “الإفلاس”، في حال استمرار العمل بالاقتراض لسد العجز التشغيلي في الموازنة العامة.

ويعيش العراق أزمة اقتصادية خانقة جراء انخفاض أسعار “النفط” والفساد وسياسة الاعتماد الريعي، وهو ما انعكس مؤخرًا على تعثر الحكومة في تأمين رواتب موظفي مؤسسات الدولة واللجوء إلى الاقتراض لسد العجز الحاصل في الإيرادات المالية العامة.

وتعاني الحكومة العراقية من تراجع الإيرادات الشهرية للعراق؛ إلى حوالي 4 مليارات دولار هذا العام، وهي نصف ما كانت عليه، في عام 2019، بسبب إنهيار أسعار “النفط” العالمية وتفشي جائحة (كورونا).

وتحتاج الحكومة العراقية إلى 3.5 مليار دولار شهريًا فقط لدفع الرواتب والديون.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة