خاص : ترجمة – آية حسين علي :
بأقنعة “غاي فوكس”؛ يخرج آلاف الشباب في “هونغ كونغ”، على مدار ستة أشهر؛ للتعبير عن رفضهم للسياسات التي تتبعها “الصين”، في المدينة ذات الحكم الذاتي، وفقًا لمبدأ “بلد واحد، نظامان مختلفان”، بعدما ضاقوا ذرعًا من استمرار قمع الحريات وممارسات “الصين” المقيدة ومشروع قانون قيل عنه إنه قد يُستخدم كأداة في يد النظام الصيني لدهس المعارضين لها.
ولا تزال الشوارع تمتليء بالمتظاهرين، منذ حزيران/يونيو الماضي، رغم الأثر الاقتصادي الذي خلفته الاحتجاجات على المدينة، التي تُعتبر مركزًا ماليًا آسيويًا، يضاف إليه العواقب السلبية على مستوى العلاقات الاجتماعية؛ إذ تسبب اختلاف المواقف ما بين مؤيد ومعارض في إحداث شرخ في المجتمع وتفاقمت الأزمة بعدما تخلى جزء من المتظاهرين عن مبدأ السلمية واستخدموا العنف في مواجهة الشرطة التي لم تتوقف يومًا طيلة ستة أشهر عن القمع.
فريق يؤيد العنف لأنه لا سبيل غيره..
صرح أحد المشاركين في الاحتجاجات؛ لصحيفة (الموندو) الإسبانية، عمره 17 عامًا، بأن والديه لم يتمكنوا من تفهم موقفه وتوقفوا عن دعمه بمجرد بدء الصراع، وأضاف: “لا يتحدثون معي، لكنهم لا يفهمون أنه بدون عنف لم يكن لنا الظهور على شاشات التلفاز، إنه ضرر نحتاج إليه كي يُسمع صوتنا، بغض النظر عن العواقب”، ويتفاخر الشاب بمشاركته في الاحتجاجات الأكثر عنفًا، خلال 6 أشهر، في “هونغ كونغ”، إنه يقول بأنه قطع علاقته بعائلته لأن أبويه “جبناء للغاية”؛ كما أن أعمامه “صينيون أكثر من الزعيم الصيني الأسبق، ماو تسي دونغ”.
وأوضحت الطبيبة النفسية، “أنغيلا سونغ”، أن “هونغ كونغ” تحولت إلى مدينة “الأطفال الغاضبين”، مشيرة إلى أن هذا الجيل من المراهقين والشباب بعمر العشرين أمتلأ عقول أبناءه بالكره تجاه “الصين”، والشرطة والنظام الذي يريد السيطرة عليهم، وهذا ما يبرر العنف بحسب تفكيرهم، لكن على الجانب الآخر يوجد جيل آخر يخشى أبناءه من أن يصبحوا فئة منبوذة، ويشعرون بالإنتماء إلى المباديء التي أسستها “بكين”.
يؤيدون الحراك ويرفضون العنف..
يجتمع الشباب المؤيد للحراك عادة بالقرب من محطة “مونغ كوك”؛ للنقاش مع شرب أكواب الشاي، وكان من أبرز الموضوعات التي طرحت على الطاولة، خلال الفترة الأخيرة، حالة الانقسام المجتمعي التي تولدت، خلال 6 أشهر من الاحتجاجات، ورغم تباين الآراء إلا أن الجميع اتفق على نبذ العنف وأنه لن يؤدي إلى شيء.
وقالت شابة تدعى، “أستريد”، إنها رفضت مشروع القانون الذي يُلزم حكومة “هونغ كونغ” بتسليم المطلوبين إلى “الصين”، لذا شاركت في المسيرات الأولى التي إتخذت طابعًا سلميًا، وأضافت: “لكن بعد ذلك أصاب الناس الجنون، وتحول عدد من أصدقائي إلى متطرفين يعتدون على كل من يعتبرونه مواليًا لبكين، كما يقومون بحرق محال لأنهم يعتقدون أن أصحابها يدعمون الحكومة الموالية لبكين”، وأضافت طالبة أخرى تدعى، “راني”؛ أن: “ما بدأ بصفته حراك وأمتلأت أفواه مؤيديه بالحديث عن الديموقراطية؛ تحول إلى عصبية قومية خطيرة للغاية تهاجم أي شخص لا يتخذ نفس وجهة النظر”.
بينما رد شاب اسمه، “غاورن”؛ بأن ما يقال ليس صحيح؛ “لقد خرجنا إلى الشوارع للمطالبة بديموقراطية حقيقة، لكن بكين كانت هي من أمرت الشرطة بالإعتداء علينا”، وأضاف أن: “المتظاهرين لا يعادون الصينيين، لكننا نعارض وحشية رجال الشرطة، ونرفض خسارة الحكم الذاتي، وأغلبية سكان هونغ كونغ يؤيدون هذا الإتجاه وعليهم أن يستمعوا لنا”.
بينما يتفق الزوجان؛ “وينغ” و”غوناثان”، على رفض العنف المبالغ فيه الذي يرونه في بعض الاحتجاجات، لكنهما في نفس الوقت يدركان ما سوف تصل إلى الأمور، وأوضحا: “كثير منا يفكر في أن نهاية كل هذا هو الحصول على الاستقلال، رغم أن هذا يجب أن يتحقق بالتدريج، وفي البداية علينا تخطي طموح بكين في اعتبار، هونغ كونغ، واحدة من أبناءها المطيعين”.
وقال شاب آخر يدعى، “سو”: “لا أطمح إلى الاستقلال، لكن هناك 5 آلاف معتقل؛ والصين لم تدين العنف المفرط من جانب الشرطة، وهذا لا يمكن التسامح فيه، لذا لن نتوقف”.
بينما كانت الكلمة الأخيرة لأكبرهم سنًا في الفريق، وهو “هوبرت”، الذي قال: “كل منكم لديه جزء من الحق، الصين بلد استبدادي صرف وتريد فرض سيطرتها، ونحن نريد الديموقراطية، لكن كثير من المتظاهرين لجأوا إلى العنف وهذا ليس طريقنا، لكن أكثر ما يؤلمني هو حالة الفرقة التي بات يعاني منها الشعب والعلاقات التي إنتهت بسبب الاختلاف في وجهات النظر”.
الاختلافات السياسية أفشلت مشروع زواج..
نشرت وكالة (فرانس برس)، منذ عدة أيام، قصة الشابة، “ماي”، المؤيدة للحراك التي جمعتها علاقة حب بشاب يعمل ضمن قوات مكافحة الشغب، وشارك خلال الأشهر الماضية؛ في قمع التظاهرات، وروت “ماي” كم الضغوط التي تعرضت لها من جانب أسرتها وأصدقاءها كي تتخلى عن خطيبها، كما حكت عن العراقيل التي واجهتها في ترتيبات العرس، وأن فريق من أصدقاءها أبلغوها بأنهم لن يحضروا الحفل، كما رفضت المطبعة طباعة الدعوات لأنها لا تتعامل مع رجال شرطة، وفي النهاية اضطرت إلى التخلي عن رجل الشرطة الذي كان عليه الاختيار بين الاستمرار في عمله والإحتفاظ بعلاقتهما.