27 ديسمبر، 2024 9:40 م

اتفاق العراق وإيران على نزع سلاح الانفصاليين بـ”كُردستان” .. هل يتم تنفيذه أم يحتاج لضمانات دولية ؟

اتفاق العراق وإيران على نزع سلاح الانفصاليين بـ”كُردستان” .. هل يتم تنفيذه أم يحتاج لضمانات دولية ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في واحد من أكثر الملفات حساسية؛ أعلنت “إيران” توصلها إلى اتفاق مع “العراق” لنزع سلاح مجموعات معارضة مناوئة لـ”طهران”، ونقلها من “إقليم كُردستان العراق”، الذي يتمتع بالحكم الذاتي، في أيلول/سبتمبر المقبل.

وقال المتحدث باسم “وزارة الخارجية” الإيرانية؛ “ناصر كنعاني”، في تصريحات نقلتها وكالة (مهر) شبه الرسّمية، الاثنين: “حصل اتفاق بين إيران والحكومة العراقية، وعلى أساس هذا الاتفاق، التزمت الحكومة العراقية أن تنزع السلاح من الجماعات الإرهابية الانفصالية المسّلحة في العراق وإقليم كُردستان؛ حتى أواسط شهر أيلول/سبتمبر المقبل، وإخلاء الثكنات العسكرية التي أقامتها هناك ونقلها إلى المعسكرات التي خططت لها الحكومة العراقية”.

وأضاف “كنعاني”: “بناءً على معلوماتنا، قامت الحكومة العراقية بإبلاغ بنود هذا التفاهم إلى سلطات إقليم كُردستان لتنفيذه، ونحن بانتظار تنفيذ هذا الاتفاق، وكما أعلنت السلطات المختصة في إيران، لن يتم تمديد هذه المهلة بأي شكلٍ من الأشكال”.

وقال “كنعاني” إن العلاقات بين “إيران” و”العراق” ودية تمامًا؛ وتقوم على حُسن الجوار، مضيفًا: “ننتظر التنفيذ الكامل للاتفاق (الإيراني-العراقي)… الأمن مهم بالنسّبة لنا، فإذا لم يتم تنفيذ الاتفاق بعد انتهاء هذه المهلة، فإن إيران ستعمل على إطارها الأمني”.

رسالة لدول الجوار..

من جانبه؛ أكد المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي؛ “هشام الركابي”، الاثنين، إن الاتفاق مع “إيران” رسالة لدول الجوار برفض الجماعات المهددة لأراضيها.

وقال “الركابي”؛ لوكالة الأنباء العراقية؛ (واع): إن “الاتفاق مع إيران بشأن الجماعات المسّلحة في شمال العراق، هو ليس بجديد على العراق”، منوهًا أن: “العراق لديه مواقف ثابتة وواضحة من مسألة تهديد دول الجوار من قبل الجماعات المسّلحة التي تتخذ من الحدود العراقية أو الأماكن البعيدة عن الرقابة الحكومية ملجأ لتهديد الآخرين”.

وأوضح “الركابي” أن: “الاتفاق الأمني ينص على ثلاث فقرات، وهي: (منع تسّلل المسّلحين بعد نشر قوات حرس الحدود وتسليم المطلوبين بعد صدور أوامر القبض وفقًا للقانون، ونزع السلاح وإزالة المعسكرات”.

توقيع اتفاقية التعاون الأمني المشترك..

وفي آذار/مارس الماضي؛ وقّع أمين مجلس الأمن القومي الإيراني السابق؛ “علي شمخاني”، ونظيره العراقي؛ “قاسم الأعرجي”، على اتفاقية “التعاون الأمني المشترك”، بعد مفاوضات بدأت على وقع هجمات متعددة بالصواريخ والمُسيّرات ضد مواقع داخل “إقليم كُردستان”.

وسبق وأن قال رئيس الأركان الإيراني؛ “محمد باقري”، في 11 تموز/يوليو الماضي، إن بلاده تستأنف الهجمات على “إقليم كُردستان العراق” في حال: “لم تفِ بغداد بالتزاماتها بشأن الجماعات المسّلحة”، وأمهل الحكومة العراقية؛ حتى أيلول/سبتمبر، لنزع أسلحة الأحزاب الكُردية الإيرانية المناوئة لـ”طهران”.

شّن هجمات سابقة..

وشّن (الحرس الثوري) الإيراني؛ في أيلول/سبتمبر الماضي، هجومًا بأكثر من: 70 صاروخ (أرض-جو) والعشرات من الطائرات المُسيّرة المفخخة على “كُردستان العراق”، استهدفت مقرات الحزب (الديمقراطي الكُردستاني) الإيراني ومدرسة للاجئين الإيرانيين ومخيمات اللاجئين في “قضاء كويسنجق”؛ بمحافظة “أربيل”، ومقرات جناحي حزب (الكوملة الكُردستاني) في “منطقة زركويز”؛ بمحافظة “السليمانية”، ومقرات حزب (الحرية الكُردستاني) الإيراني؛ في جنوب “أربيل”.

تصّفير المعسكرات الكُردية في الإقليم..

وقال مسؤول في مكتب مستشار الأمن الوطني العراقي؛ لـ (الشرق الأوسط)، إن: “الاتفاق بين طهران وبغداد بشأن المعارضة وصل إلى المراحل النهائية، وسيدخل حيز التنفيذ الشهر المقبل”.

مؤكدًا أن العملية ستنتهي بتصّفير المعسكرات الكُردية في الإقليم، رافضًا الكشف عن المواقع الجديدة التي ستنتقل إليها، وقال، إن: “ذكرها ليس مهمًا الآن”.

المقرات موجودة ومفتوحة حتى الآن..

بينما قال المتحدث باسم حزب (الحرية الكُردستاني)؛ “خليل نادري”، لوكالة (أنباء العالم العربي)، إن: “مقراتنا ما زالت موجودة ومفتوحة في إقليم كُردستان، ليس هناك أي قرار بإغلاقها ولم نتلق أي طلب بذلك”.

وأكد القيادي في حزب (كادحي كُردستان إيران)، أحد الفصائل المنشّقة من (حزب كوملة)؛ “أمجد بناهي”، أن: “ما يتداول عن إغلاق مقراتنا في إقليم كُردستان لا أساس له من الصحة، نحن موجودون في الإقليم ولم نتلق أي تبليغ رسّمي بإخلاء مقراتنا”.

وأوضح قيادي في الحزب (الديمقراطي الكُردستاني) الإيراني، لوكالة (أنباء العالم العربي)، أن: “الحزب سيُصدر بيانًا فيما بعد بهذا الخصوص”، على الأرجح سيُعلن فيه رفض نزع السلاح، والامتثال للاتفاق الأمني بين “بغداد” و”طهران”.

وحتى قبل توقيع الاتفاق؛ كانت السلطات الكُردية تواجه صعوبات في التعامل مع ملف المعارضة الإيرانية، إذ كانت مسألة نزع السلاح شبه مسّتحيلة بسبب الممانعة التي أظهرتها قيادات كُردية إيرانية.

خياران وضمانة من طرف ثالث..

وقالت مصادر كُردية؛ على صلة بملف المعارضة الإيرانية، لوسائل إعلام عربية إن الوقائع على الأرض حتى الآن: “لم تتغير أبدًا (…) لم يتحرك أحد للقيام بنزع السلاح”.

وتنشط مجموعات إيرانية معارضة في “إقليم كُردستان”، أقدمها الحزب (الديمقراطي الكُردستاني) الإيراني؛ (حدكا)، وحزب (كوملة) الكُردي اليساري، وحزب (الحياة الحرة)، ومنظمة (خبات) القومية، وجماعات متفرقة أخرى.

وتنتشر تلك المجموعات في مناطق جبلية صعبة، يصعب الوصول إليها، لكن في الغالب نشاطها محدود بسبب ضعف الإمكانات والعدد، وفقًا لتعبير قيادي إيراني معارض، لكن تأثيرها الأكبر في الداخل الإيراني نظرًا لوجود أنصار انخرطوا بشكلٍ فاعل في الحراك الاحتجاجي هناك.

وتتوزع مخيمات اللاجئين الإيرانيين في أطراف “السليمانية” وسّهل “أربيل” ومدينة “كويسنجق”، وتعرضت غالبيتها خلال السنوات الماضية لهجمات برية وجوية من (الحرس الثوري) الإيراني.

وأفادت المصادر بأن المعطيات الميدانية في “كُردستان” تُفيد بأن تلك المجموعات غيّرت من تكتيكاتها منذ توقيع الاتفاق بين البلدين: “مثلاً، لم تُعد تستعرض بسلاحها علنًا كما كانت تفعل سابقًا”، لكنها لا تنوي تسّليم سلاحها، ولا حتى ترك مواقعها.

وحسّب مسؤولي أمن في “إقليم كُردستان”، فإن: “عدد المعارضين الإيرانيين الذين يملكون سلاحًا لا يتعدى المئات، بينما العدد الأكبر منهم لاجئون في مخيمات معروفة، بينهم نساء وأطفال”، كما أن تلك المجموعات لا تمتلك سلاحًا ثقيلاً أو متوسطًا، باستثناء حزب (الحياة الحرة)، القريب من حزب (العمال الكُردستاني).

وقالت المصادر إن احتمالات التعامل مع جميع الحركات صعب؛ لكنه وارد إلى حدٍ ما، لأن بعض المجموعات أبدت مرونة في التعامل مع ضمانات من طرف دولي ثالث، لم يذكره.

غير أن المصادر استبعدت أن يوافق حزب (الحياة الحرة) على أي تسّوية، ويتمرد على الاتفاق بين “بغداد” و”طهران”، لا سيما وأنه يتمركز في مناطق وعرة لا تخضع لسّيطرة الحزبين الكُرديين، (الديمقراطي الكُردستاني) و(الاتحاد الوطني).

نقل المعسكرات إلى العمق الكُردستاني..

وأفاد سياسيون كُرد بأن المعلومات المتوافرة حتى الآن؛ تُفيد بأن السلطات العراقية ليس لديها الكثير لتقوم به، سوى نقل المعسكرات إلى العمق الكُردستاني، بعيدًا عن الحدود الإيرانية، وأن تخضع لرقابة أمنية؛ وهي فرضية تدرسّها السلطات في “أربيل”.

في المقابل؛ تداولت وسائل إعلام محلية أن الاتفاق الأمني توصل إلى قرار بنقل المعارضين الإيرانيين إلى مناطق معزولة غرب “العراق”، لكن المصادر الكُردية تقول إن قيادات المعارضة ستواجه هذا المقترح بالرفض القاطع.

وقال مسؤول الأمن العراقي؛ لـ (الشرق الأوسط)، إن نقل المعارضة إلى مواقع في غرب “العراق” طرح كواحد من الخيارات، دون ذكر المزيد من التفاصيل.

فشل الاتفاق..

وأكدت المصادر فشل الاتفاق على فرضيتين طرحتا خلال المفاوضات؛ الأولى تتعلق بنشر وحدات من الجيش العراقي على طول الشريط الحدودي، بسبب رفض الإقليم، والثانية تسّوية ملف المعارضة على طريقة (مجاهدي خلق)، التي تضمن فتح باب الترحيل واللجوء إلى دول أخرى، لكن هذا بحاجة إلى حوار مع أطراف دولية للحصول على جهات توافق على منحهم هذا الحق.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة