أرغم فرار نصف سكان مدينة الفلوجة التي يسكنها نصف مليون نسمة بمحافظة الانبار العراقية الغربية واستمرار قصف الجيش لها حكومتها المحلية على اعتبار المدينة التي يسيطر عليها المسلحون منكوبة والمطالبة بمساعدات غذائية وإنسانية لانقاذ السكان وسط دعوات للقوات الامنية بمطاردة المسلحين بعيدا عن المدن وعدم محاصرتهم داخلها وجعل مواطنيها دروعا بشرية.
وقال رئيس مجلس محافظة الانبار صباح كرحوت ان مجلس محافظة الانبار قرر اعتبار قضاء الفلوجة الذي يقطنه نصف مليون نسمة مدينة منكوبة بسبب ما تتعرض له من قصف عشوائي ونزوح اكثر من 250 الف مواطن منها. وحمل المسؤول المحلي وزارة الدفاع مسؤولية مقتل واصابة المئات من المواطنين بجروح نتيجة القصف العشوائي لمدينة الفلوجة بقذائف الهاون والمدفعية والدبابات وتضرر مئات المنازل وعدد من المساجد ومستشفى المدينة وعدد من ادارات الدولة.
وشدد على حاجة المدينة بحاجة ماسة إلى مساعدات غذائية وإنسانية نتيجة وجود الالاف الآلاف ممن المواطنين الذين انقطعت بهم السبل وهم يقبعون تحت القصف العنيف يوميا . واوضح ان هناك اكثر من خيار لحل ازمة الفلوجة بالتعاون مع شيوخ العشائر وعلماء الدين بالاضافة الى حل ازمة نزوح المدنيين من المدينة الا ان استمرار القصف العشوائي للمدينة حال دون حل الازمة. ودعا في تصريحات بثتها وكالات محلية واطلعت عليها “ايلاف” الحكومة المركزية الى وقف القصف العشوائي للمدينة واعطاء دور اكبر لشيوخ العشائر وعلماء الدين لانهاء الازمة بعد ما وصلت الاوضاع الانسانية الى درجة خطيرة في المدينة التي عتبر واحدة من اكبر مدن محافظة الانبار.
وبالترافق مع ذلك فقد اكد مصدر طبي بأن عددا من الاشخاص سقطوا بين قتيل وجريح بقصف استهدف عدد من الاحياء السكنية في الفلوجة. وقال المصدر إن “قصف عنيف استهدف احياء الصناعي والضباط والمعلمين ونزال والجولان أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى” مشيرا الى أن “اندلاع نيران كثيفة داخل الاحياء التي تعرضت للقصف”. واضاف ان “سيارات الاسعاف هرعت لمكان الحادث لنقل المصابين الى المستشفى”.
يأتي ذلك في وقت لايزال الحصار مستمراً على الفلوجة والاجهزة الامنية تستعد لاقتحام المدينة بينما هناك جهود من قبل رؤساء العشائر للتوسط بين الاجهزة الامنية والمجميع المسلحة لمنع اندلاع الحرب ونزع فتيل الازمة وهذه الجهود ستستمر خلال 48 ساعة المقبلة وبخلاف ذلك ستتخذ الاجهزة الامنية اجراءات اخرى ومنها اقتحام المدينة.
وتشهد الفلوجة نزوحاً كبيرا للعوائل مع وصول التعزيزات العسكرية واللوجستية باستمرار الى قيادة عمليات الانبار، لدعم الاجهزة الامنية واستعدادا لاقتاحم مدينة الفلوجة برغم المخاطر التي يشكلها هذا على مواطنيها من مخاطر كبيرة.
ومن جهتها طالبت النائبة وحدة الجميلي الحكومة بمطاردة المسلحين بعيدا عن المدن وعدم محاصرتهم داخلها وجعل سكانها الامنين دروعا بشرية. واضافت النائبة عن ائتلاف “متحدون للاصلاح” بزعامة رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي في بيان صحافي ان ما تشهده الفلوجة اليوم “من قصف عشوائي وحرب شوارع يجعلنا نصنفها من المدن المنكوبة وان ما يحدث لسكانها المدنيين من قتل وتهجير وجوع والام يصنف ضمن مستوى الابادة الجماعية”.
ودعت الجميلي الحكومة الى “التمييز بين الارهابيين الذين ينبغي تعبئة الجماهير لمحاربتهم والقضاء عليهم من جهة والمواطنين الابرياء والعشائر الكريمة من جهة اخرى” ولذلك فأن من واجب الحكومة مطاردة الارهابيين وطردهم بعيدا عن المدن وليس محاصرتهم بداخلها.
واكدت ضرورة اللجوء الى المحاكم الدولية لاتخاذ الاجراءات للحفاظ على ارواح الابرياء في المدينة داعية منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الانسان الى “تسليط الضوء على اوضاع عوائل الفلوجة التي تهجر يوميا نتيجة الابادة الجماعية التي ترغم العوائل على ترك مساكنها في الفلوجة للبحث عن ملاذ آمن”.
وكانت وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في العراق قالت الجمعة إن أكثر من 65 الف شخص فروا من الصراع الدائر في مدن الفلوجة والرمادي بمحافظة الانبار خلال الأسبوع الماضي ليصل العدد الإجمالي للنازحين منذ اندلاع القتال في 21 من الشهر الماضي إلى أكثر من 140 الف شخص.
واضافت ان هذه الموجة من النزوح حسب هذه الأرقام التي أوردتها وزارة الهجرة والمهجرين العراقية تعد أكبر موجة تشهدها البلاد منذ أعمال العنف الطائفية التي شهدها العراق بين عامي 2006و2008 بسبب الاشتباكات الدامية بين القوات الامنية والمسلحين. واوضحت ان هذه الموجة من النازجين تضاف إلى 1.13 مليون من المشردين داخليا في العراق والذين يقيمون في محافظات بغداد وديالى ونينوى واقليم كردستان الشمالي .
وقال المتحدث باسم المفوضية ادريان ادواردز إن “سكان الأنباربما في ذلك موظفو المفوضية أفادوا بعدم قدرة العديد من المدنيين على مغادرة المناطق المتضررة من النزاع ويعانون من نقص المواد الغذائية والوقود . واشار أن “المفوضية وشركاءها قد نجحوا في توزيع قطع القماش المشمع والبطانيات وفرش النوم والطعام، ومستلزمات النظافة كما قامت بتوزيع 2400 رزمة من مواد الإغاثة الأساسية كما أرسلت وزارة الهجرة والمهجرين والبرلمان العراقي أيضا المساعدات”. لكنه اكد انه لا زال العديد من النازحين رغم ذلك بحاجة ماسة إلى الغذاء والرعاية الطبية وغيرها من المساعدات . واضاف ان بعثة الأمم المتحدة في العراق طلبت من الحكومة تسهيل فتح ممر إنساني للوصول إلى الأسر النازحة والذين تقطعت بهم السبل في محافظة الانبار خاصة وانه قد تم في الأسابيع الأخيرة تدمير العديد من الجسور المؤدية إلى منطقة الصراع والمجتمعات التي تستضيف النازحين مما جعل من الصعب الوصول إليها.