“إيمانويل ماكرون” .. هل يتبع سيناريو “تاتشر” أم “أولاند” في التعامل مع الاحتجاجات ؟

“إيمانويل ماكرون” .. هل يتبع سيناريو “تاتشر” أم “أولاند” في التعامل مع الاحتجاجات ؟

خاص : ترجمة – آية حسين علي :

يواجه الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، معضلة كبيرة؛ فإما أن يصبح نسخة مطابقة لرئيسة الوزراء البريطانية السابقة، “مارغريت تاتشر”، التي ضربت النقابات بيد من حديد أو أن يشبه سابقه، “فرانسوا أولاند”، الذي تعامل مع الاحتجاجات بهدوء وتفهم.

ويبدو أن العالم إعتاد على وصول أي رئيس فرنسي إلى هذه النقطة، إذ يضطر الرئيس عادة إلى التراجع عن قرارات وإصلاحات يراها مهمة وجوهرية أمام ضغط واستطلاعات الرأس السلبية.

جولة مفاوضات لإحتواء الشارع..

ورغم أن “ماكرون” أعلن أنه لن يتنازل عن قرار زيادة الضرائب على المحروقات، إلا أن “الإليزيه” أعلن جولة جديدة من المفاوضات هدفها جعل الانتقال البيئي مقبولاً اجتماعيًا أمام ضغط الشارع المتمثل في مظاهرات أصحاب “السترات الصفراء”، وهو ما يُعد تراجعًا، إذ أصدر الرئيس، خلال الفترة الأخيرة، مجموعة من التصريحات على طريقة رئيسة الوزراء البريطانية السابقة، “مارغريت تاتشر”، تؤكد على موقفه، لكن يبدو أن “مانويل” سوف يتبع طريقة الرؤساء السابقين له، “فرانسوا أولاند”، و”نيكولاس ساركوزي”، وهنا تكمن الخطورة؛ إذ اختير “ماكرون” لكونه مختلفًا عمن سبقوه إلى “الإليزيه”.

“ماكرون” كان يختلف عمن سبقوه..

وأوضح المحلل السياسي، “بيريه أنطوني ديلومايس”، لمجلة (لو بوينت) الفرنسية، أن “ماكرون” يختلف عمن سبقوه في أمرين، وهما؛ أنه لم يستطع أحد قط تحديد قناعات “أولاند” أو “ساركوزي” فيما يخص الاقتصاد، لكن العالم كله الآن بات يعرف جيدًا التوجهات الاقتصادية التي يتبعها “ماكرون”، وهي إما ليبرالية عامة أو ليبرالية على الطريقة الفرنسية أو اجتماعية ليبرالية، أي ما يعني ليبرالية بإعتدال.

وأضاف “ديلومايس” أن الاختلاف الثاني هو؛ أن الرئيس الحالي يحاول إجراء الإصلاحات التي طرحها في برنامجه الانتخابي، وهو أمر غريب على الشعب الفرنسي، لذا فإنهم يشعرون بالقلق حيال ذلك.

وفي تصريحات تليفزيونية، قال وزير البيئة والتنمية المستدامة والطاقة الفرنسي الأسبق، “نيكولا إولو”، إن الأزمة التي نشأت بسبب تظاهرات أصحاب “السترات الصفراء” كان من الممكن تجنبها إذ وُجد تعامل لائق مع الأزمة.

وأوضح أنه قال للحكومة هذا الكلام، لكنهم لم يقتنعون، وكان مبررهم هو المشكلات المتعلقة بالموازنة العامة.

شعبية كبيرة لأصحاب “السترات الصفراء”..

نشرت صحيفة (لو فيغارو) اليومية، الجمعة الماضي، استطلاعًا للرأي يظهر أن 77% من الفرنسيين يبررون حركة أصحاب “السترات الصفراء”، بارتفاع قدره 3% خلال 7 أيام فقط، وطالب 82% بإلغاء زيادة الضرائب المفروضة على وقود “الديزل”، (السولار)، وبينما ترجع الحكومة الزيادة إلى أسباب متعلقة بالبيئة، يؤكد الشارع أن الأمر ينطوي على رغبة الدولة في جمع المزيد من المال.

وصرح زعيم نقابي في التليفزيون بأنه: “إذا كانت الحكومة تؤكد أن الاحتجاجات تسببت في سقوط شخصين وإصابة العشرات، بالإضافة إلى حدوث مشكلات مرورية فإننا نقول إنهم دمرونا”.

ونظمت الحركة، التي نشأت من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، السبت الماضي، مظاهرة جابت شوارع العاصمة، “باريس”، لكن السلطات منعتهم من دخول شارع “الشانزلزيه” وميدان “الكونكورد”، وحاولت تفريق المتظاهرين، الذين بلغ عددهم 283 ألفًا بحسب بيان “وزارة الداخلية”، باستخدام الغاز المسيل للدموع.

تراجع شعبية الرئيس وضغط الشارع..

يبدو أن “ماكرون” سوف يتراجع عن موقفه، إذ أعلن القصر الرئاسي أنه سوف تنطلق، الثلاثاء، جلسات مفاوضات يشارك فيها ممثلون عن النقابات والمناطق، ومن المتوقع أن يتم تعديل الإجراءات بشكل يجعلها مقبولة، وأعلن “الإليزيه” أن: “رسالة المواطنين وصلتنا”.

وتُظهر استطلاعات الرأي أن شعبية “ماكرون”، منذ عدة أشهر باتت على المحك، وتبقى محاولاته للتودد إلى الشعب بلا فائدة، إذ أظهر استطلاعًا نشرته صحيفة (غورنال دو ديمانتش)؛ أن 25% من الشعب يشعرون بالرضا عن أداء الرئيس، بينما عبر 73% عن عدم الرضا عنه، أي أن شعبيته أصبحت أضعف من مرشحة اليمين المتطرف الخاسرة، “مارين لوبان”، التي بلغت 27%، خلال الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة، وأعلى بقليل عن شعبية مرشح اليسار المتطرف، “غين لوك ميليشون”، الذي حصل على 24% من الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات، لكن “لوبان” و”ميليشون” يؤيدان حركة أصحاب “السترات الصفراء”.

ولعل الحدث الأغرب هو ارتفاع شعبية “سيغولين رويان”، التي جاءت في المرتبة الخامسة في ترتيب مرشحي الرئاسة، إذ بلغت 30%، وعادت إلى المشهد السياسي بخطاب مناصر للمرأة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة