إيقاف التأشيرات بين واشنطن وأنقرة .. ينبئ بخطوات انتقامية وتحول محفوف بالمخاطر في العلاقات !

إيقاف التأشيرات بين واشنطن وأنقرة .. ينبئ بخطوات انتقامية وتحول محفوف بالمخاطر في العلاقات !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

رغم صداقتهما المعروفة، إلا أنه يبدو أن سلوكيات الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، التي يتخذها ضد كل من يقف في وجهه، لن تجعل للصداقة مكان في السياسة، فانقلبت الصداقة إلى عداوة تلوح في الأفق بسبب ما قامت به تركيا ضد أحد العاملين بالسفارة الأميركية في تركيا بتهمة تواصله من “عبد الله غولن” العدو اللدود للرئيس التركي.

على إثر التطورات، استدعت الخارجية التركية السفير الأميركي في أنقرة، “جون باس”، وطالبته بإنهاء أزمة تعليق التأشيرات، التي صاعدت من وتيرة الخلافات حينما أعلنت السفارة الأميركية في أنقرة وقفها طلبات التأشيرات الصادرة من تركيا لأجل غير مسمى، وفي خطوة مماثلة أعلنت تركيا أيضاً وقف طلبات التأشيرات الصادرة من الولايات المتحدة.

ثم أشارت السفارة الأميركية، في بيانها، إلى اعتقال موظف القنصلية الأميركية في إسطنبول “متين تابوز” كسبب لهذا الإجراء لكن بصورة غير مباشرة، مفيدة أن التطورات الأخيرة دفعت الحكومة الأميركية إلى إعادة النظر في تعهدات الحكومة التركية بشأن أمن مرافق البعثات الأميركية وطواقمها، كما ذكرت السفارة عبر حسابها بموقع التواصل الاجتماعي أنها أوقفت طلبات التأشيرة من تركيا بدافع تقليل أعداد الزائرين إلى قنصلياتها..

المعاملة بالمثل..

في رد منها على قرار الولايات المتحدة، قررت تركيا اللجوء إلى مبدأ المعاملة بالمثل، حيث أصدرت السفارة التركية في واشنطن بياناً استخدمت خلاله العبارات عينها التي استخدمتها السفارة الأميركية في بيانها.

موضحة السفارة التركية، في بيانها، أن التطورات الأخيرة دفعت الحكومة التركية إلى إعادة النظر في تعهدات الحكومة الأميركية بشأن أمن مرافق البعثات التركية وطواقمها، وأنها أوقفت طلبات التأشيرة من أميركا بدافع تقليل أعداد الزائرين إلى قنصلياتها، على أن يشمل هذا القرار التأشيرات الإلكترونية والتأشيرات التي كانت تُمنح للمواطنين الأميركان فور وصولهم إلى تركيا.

من جانبها، أعلنت السفارة الأميركية في بيانها وقفها استصدار تأشيرات غير المهاجرين، وتشمل هذه التأشيرات؛ التأشيرات التي تُمنح إلى الأشخاص الراغبين في السفر إلى الولايات المتحدة بصورة مؤقتة  بغرض السياحة أو العمل أو العمل المؤقت أو التعليم أو تلقي العلاج.

تزايد حدة التوتر..

تسبب اعتقال السلطات التركية لأحد موظفي القنصلية الأميركية داخل إسطنبول في تزايد حدة التوترات بين البلدين، حيث انتقدت القنصلية الأميركية في بيانها اعتقال السلطات التركية لأحد موظفيها، معربة عن قلقها من سعي السلطات التركية إلى محاكمة ذلك الموظف عبر وسائل الإعلام عوضاً عن محكمة تستند إلى القانون.

يشار إلى أن وسائل الإعلام التركية لديها معلومات كاملة حول الموظف، الذي تم نشر اسمه بالكامل في بعض الوسائل، في حين أشارت إليه وسائل أخرى بـ”إم. تي”.

بتهمة التجسس..

قالت التقارير إنه جرى إلقاء القبض عليه لاتهامه بالتجسس.. وتضيف التقارير، ومن بينها تقرير لصحيفة “صباح” الموالية للحكومة التركية، إن الموظف كان على اتصال دائم بمدعي عام تركي، مضيفة أن هذا المدعي العام قام بقيادة تحقيقات فساد مع مسؤول حكومي بارز عام 2013، ومع ذلك، تم إسقاط التحقيقات، بعدما أقالت الحكومة ممثلي الادعاء.

وتقول الحكومة إن التهم كانت لأغراض سياسية من قبل أنصار الداعية الإسلامي “فتح الله غولن”، الذي كان حليفاً للرئيس “رجب طيب أردوغان”، وتتهمه أنقرة بأنه وراء محاولة الانقلاب التي تمت العام الماضي.

ومنذ انطلاق التحقيقات بشأن الفساد، تهاجم الحكومة منتقديها، وهي عملية أصبحت أكثر جدية عقب الانقلاب الفاشل. وقد أقالت الحكومة عدة آلاف من ممثلي الادعاء وضباط الشرطة والقضاة. وفي العام الماضي، فقد أكثر من 150 ألف موظف حكومي وظائفهم.

تبحث كل دولة عن مصالحها..

في تعليق منه على الأمر ذكر المتحدث باسم الرئاسة التركية، “إبراهيم كالين”، أنه في العلاقات الدولية تبحث كل دولة عن مصالحها، مشيرًا إلى إثبات الأجهزة التركية كون موظف القنصلية الأميركية على علاقة وثيقة بالمتهم الرئيس في المحاولة الانقلابية “عادل أوكسوز”، بينما أعلنت الخارجية التركية أن موظف القنصلية المعتقل “متين توبوز” ليس موظفاً رسمياً بالقنصلية.

الاتهامات لا تستند إلى أساس..

من جانبه أفاد السفير الأميركي لدى تركيا، المنتهية ولايته، “جون باس”، خلال اجتماعه مع عدد من الصحافيين الأتراك قبل مغادرته تركيا، أن الاتهامات الموجهة إلى موظف القنصلية المحبوس بحجة التواصل مع المدعي العام السابق “زكريا أوز” لا تستند إلى أسس سليمة، مؤكداً على أنه لا يعتقد أن السلطات التركية تمتلك أدلة تثبت صحة هذه الاتهامات.

تهدف إلى الانتقام..

مضيفاً “باس” أنه يشعر بخيبة الأمل بسبب تناول بعض قيادات الحكومة التركية للقضية عبر الصحافة عوضاً عن المحكمة، مشيراً إلى أن الأمر يعكس حرص بعض قيادات الحكومة التركية على الانتقام من السلطات الأميركية عوضاً عن العدالة، وهو الأمر الذي أصابه بخيبة أمل كبيرة.

يُذكر أنه في مطلع العام الجاري قامت السلطات التركية باعتقال أحد موظفي القنصلية الأميركية في “أضنة”، خلال حملة ضد “حزب العمال الكردستاني”، مما دفع الخارجية الأميركية إلى نشر تحذير جديد لرعاياها من السفر إلى تركيا عبر موقعها الإلكتروني.

خطوة انتقامية..

صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، أكدت أن أزمة التأشيرات بين تركيا والولايات المتحدة الأميركية وفرض قيود على السفر بين البلدين، هي خطوة انتقامية وعلامة على تدهور لتحالفات دامت لسنين طويلة.

وقالت الصحيفة الأميركية في تقرير لها، إن “التوتر المتزايد بين تركيا والولايات المتحدة اتخذ انخفاضاً حاداً عندما أعلنت الحكومتان فجأة إلغاء معظم تأشيرات الزائرين بين البلدين وزرع الارتباك بين المسافرين وكشف النقاب عن اتساع الفجوة بين شركاء الناتو”.

مضيفة: أنه “يبدو أن هذه الخطوة انتقامية، بعد أيام من اعتقال حكومة الرئيس رجب طيب اردوغان موظفاً في القنصلية الاميركية في اسطنبول”.

علاقة سريعة التدهور..

يعتبر بيان السفارة الأميركية توبيخ استثنائي يؤكد على وجود علاقة سريعة التدهور بين الحلفاء منذ فترة طويلة.

وتابعت الصحيفة الأميركية أن “التحركات الحزبية أظهرت كيف أن التحالف الحاسم بين تركيا والولايات المتحدة، الراسخ في العلاقات العسكرية والاستخباراتية والتجارية، قد تعرض للضرب في الأشهر الأخيرة بسبب سلسلة من الخلافات العميقة حول الحرب في سوريا ومصير فتح الله غولن، رجل الدين التركي الذي يعيش في المنفى في ولاية بنسلفانيا والمطلوب من قبل السلطات التركية”.

تقويض النذور..

قد قوضت هذه التوترات نذور الرئيس “ترامب” لإصلاح العلاقات الأميركية مع تركيا، التي أصبحت معتلة خلال إدارة الرئيس “باراك أوباما”، كما جاءت التوترات المتصاعدة على الرغم من أن العلاقات الشخصية الدافئة بين “أردوغان” و”ترامب” تمتد لعدة سنوات.

وأشارت إلى أن: “تركيا التي سعت مرة واحدة بحماس إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، أصبحت متوترة أيضاً من الدول الأوروبية، ولا سيما ألمانيا”.

تحول محفوف بالمخاطر..

محللون قالوا، بحسب “واشنطن بوست”، إن “وقف التأشيرات بين البلدين يمثل تحولاً محفوفاً بالمخاطر بشكل غير اعتيادي في العلاقات، بينما يؤثر على عدد لا يحصى من المسافرين، بمن فيهم السياح ورجال الأعمال والطلاب وغيرهم”.

ومن المستبعد أن تقف الأزمة عند هذا الحد، حيث يقول “سونر كاغابتاي”، مدير البرنامج التركي في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن ما يحدث الآن يشير لأزمة عميقة مزمنة بين واشنطن وأنقرة.

وقال إنه من المرجح أن يقوم “أردوغان” بمزيد من التصعيد، والدليل على ذلك ما ذكرته صحيفة “يني شفق” المقربة من الرئاسة التركية، بأن “ما فعلته أميركا أمر مخز”.

والسبب في التصعيد سيكون غالباً لشعور “أردوغان” بأن الإدارة الأميركية الجديدة لم تقم بتحسين العلاقات معه كما كان يريد؛ وبعدما كان يتهم إدارة “أوباما” بأنها تدعم الإرهاب برفض تسليم المعارض التركي “فتح الله غولن”.

مشيراً “كاغابتاي” إلى أن “قرار تركيا الأخير بشراء نظام دفاعي صواريخ (أرض – جو) من روسيا كدليل على الشكوك المتزايدة من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي إلى درجة أن تركيا كانت تشتري صراحة أسلحة للدفاع عن نفسها ضد الغرب”، مبيناً أنه “لا يثق بالولايات المتحدة على الإطلاق”.

أسباب التوترات السابقة..

بدأت التوترات بين البلدين تقريباً عندما تولى “ترامب” مهام منصبه، وانتخبت إدارته، التي أبعدت المعارضة التركية، واختارت الشراكة مع القوات الكردية المسيطرة في المنطقة في المعركة ضد تنظيم “داعش” المسلحة في سوريا، سيما وأن الأكراد السوريون ينحازون إلى “حزب العمال الكردستاني” التركي، أو “حزب العمال الكردستاني”، الذي تعتبره كل من تركيا والولايات المتحدة مجموعة إرهابية.

كما طالبت تركيا بقوة بتسليم “غولن”، الذي تتهمه بتدبير محاولة فاشلة لإسقاط الحكومة التركية في حزيران/يوليو 2016، وحاول المسؤولون الأتراك الفوز بالإفراج عن “رضا زاراب” تاجر الذهب التركي الإيراني، الذي يواجه اتهامات في الولايات المتحدة للتهرب من العقوبات المفروضة على إيران.

وفي الشهر الماضي اتهم الادعاء الفيدرالي الأميركي وزير الاقتصاد التركي السابق بتهمة التآمر مع “زاراب” لتخفيض العقوبات، فيما وصف “أردوغان” هذه القضية بأنها “خطوة ضد الجمهورية التركية”.

مشكلة حرس “أردوغان”..

كما أثارت واقعة اعتداء مجموعة من الحرس الشخصي للرئيس التركي على متظاهرين أتراك في واشنطن، نوعاً من الاضطراب بين البلدين، إذ أصدرت شرطة واشنطن مذكرات اعتقال بحق 12 من عناصر المرافقة الأمنية لـ”أردوغان”، اعتدوا على المتظاهرين الذين شاركوا في احتجاج أمام مقر السفارة التركية في واشنطن.

ورداً على هذا القرار، استدعت الخارجية التركية سفير الولايات المتحدة لدى أنقرة وأبلغته برفضها لقرار بلاده باعتقال 12 من حراس الرئيس التركي. وقالت الخارجية، في بيان صدر عنها بهذا الصدد، إن “قرار السلطات الأميركية إعطاء أوامر باعتقال الحراس الأتراك لا يعد قراراً مستقلاً ولا موضوعياً”.

وعلق “أردوغان” على الأمر، في مؤتمر صحافي، قائلاً: “عندما كنت في الولايات المتحدة، نظم أعضاء حزب العمال الكردستاني ومنظمة فيتو تظاهرة على بعد 40 أو 50 متراً من الموقع الذي كنت موجوداً فيه، لكن الشرطة الأميركية لم تتخذ أي إجراءات، هل تتصورون ماذا كان سيحدث لو حصل نفس الشيء في تركيا ؟”.

وقررت واشنطن، الشهر الماضي، تجميد عملية بيع الأسلحة إلى خدمة الحماية الشخصية للرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، الذي هاجم حراسه متظاهرين في واشنطن في آيار/مايو الماضي، حسب ما أعلن عضوان في مجلس الشيوخ الأميركي.

أضرار القرار..

حول أضرار القرار، قالت “جمعية رجال الأعمال والصناعيين الأتراك” إن الخلافات بين تركيا والولايات المتحدة ستضر بالعلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأكاديمية بين البلدين وكذلك بالمواطنين العاديين.

مطالبة الجمعية، فى بيان مكتوب، إن العمليات الدبلوماسية لحل “أزمة التأشيرات” يجب أن تبدأ على الفور، وإن الخلافات والنزاعات يجب تسويتها بالدبلوماسية الهادئة.

 المتضررون من وقف التأشيرات..

من آثار القرار المتبادل بين الولايات المتحدة وتركيا أنه سيتضرر مواطنو البلدين الراغبون في السفر مستقبلاً إلى أي منهما، إذ إنه لن يتمكن الأتراك الراغبون في السفر إلى الولايات المتحدة بعد اليوم من التوجه إلى القنصلية والسفارة الأميركية والتقدم بطلب الحصول على تأشيرة الولايات المتحدة.

وسيشمل قرار الحظر هذا كل أنواع جوازات السفر بما فيها جوازات السفر الدبلوماسية، إذ لن يتمكن مواطنو تركيا من الحصول على أية تأشيرة للولايات المتحدة بما يشمل تأشيرات السياحة والعمل والدراسة والصحافيين والعمال حتى صدور قرار آخر.

لكن لن يتأثر حاملو تأشيرات تركيا وأميركا أو من تقدموا بالفعل بطلبات الحصول على تأشيرات البلدين وتم التصديق عليها بقرار وقف استصدار التأشيرات الذي اتخذته كل من تركيا والولايات المتحدة بحق بعضهما البعض.

ولن يتمكن مواطنو الولايات المتحدة أيضاً من التقدم بطلبات الحصول على تأشيرة تركيا حتى إشعار آخر، حيث بدأ بالفعل تطبيق القرار على التأشيرة الإلكترونية لتركيا بإزالة الولايات المتحدة من قائمة الدول المتاح لها الحصول على التأشيرة الإلكترونية على أن يتم الشروع في تطبيق القرار على المعابر الحدودية بسرعة.

يُذكر أنه كان بإمكان مواطني الولايات المتحدة الراغبين في السفر إلى تركيا الحصول على تأشيراتهم إلكترونياً أو فور وصولهم إلى تركيا.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة