خاص : ترجمة – د. محمد بناية:
هاجم الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، على نحو غير مسّبوق؛ “بنيامين نتانياهو”، رئيس وزراء “الكيان الصهيوني” وحكومته، وهو ما يؤشر إلى تحول إعلامي على الأقل في الموقف الأميركي من الحرب الصهيونية على “قطاع غزة”. بحسب ما استهل “صابر ﮔل عنبري”، تقريره المنشور بوكالة أنباء (إيسنا) الإيرانية.
وقد طلب إلى “نتانياهو” تغيّير حكومته؛ وقال: “يفقد الإسرائيليون في الوقت الحالي؛ الدعم نتيجة القصف الأعمى”.
كذلك وصف “بايدن” الحكومة الإسرائيلية: بـ”الأشد تطرفًا في التاريخ الإسرائيلي”، وأنها لا تُريد حل الدولتين. كذلك كان قد أكد في ليلة الخامس من عيد (حانوكا) اليهودي، على الاستمرار في دعم “إسرائيل” حتى القضاء على (حماس)، وأضاف: “يجب أن نُحذر لأن الرأي العام العالمي قد يتغيّر في لحظة، ولا يجب أن نسمح بحدوث ذلك”.
خلافات عميقة تخرج للعلن..
لكن تصريحات الرئيس الأميركي الأخيرة؛ إنما توحي بتطور الخلافات بينه وبين “نتانياهو” إلى مرحلة متقدمة، ولا أدل على ذلك من سحب هذا الخلاف إلى الساحة العامة.
وفيما يخص مطلب “بايدن” بتغيّير الحكومة الإسرائيلية، يُجدر في البداية أن نرى إذا كان يريد إقصاء المتطرفين أمثال “بن غفير”، فهذا يعني سقوط الحكومة بالكامل وضرورة إجراء انتخابات جديدة، أو ما إذا كان يُريد تشّكيل حكومة جديدة من المعسكر المعارض الذي أعرب عن عدم الاستعداد للشراكة مع “نتانياهو”، لا سيما بعد هجوم السابع من تشرين أول/أكتوبر. وعلى كل حال فإنه يُريد الإطاحة بحكومة “نتانياهو”؛ قبل الانتخابات الأميركية.
وبالنسبة إلى حل الدولتين؛ فعلى الرُغم من تقديم “بايدن” معارضة حكومة “نتانياهو”؛ لذلك الحل، كأهم سبب للخلافات، إلا أن هذه المعارضة ليست جديدة في الواقع، أو لم تلتفت انتباه الرئيس الأميركي قبلًا، بل إن تقطيع “الضفة الغربية” إلى عشرات المسّتوطنات، وتشّكيل الحكومة الأشد تطرفًا في التاريخ الإسرائيلي، ينفي هذا الموضوع.
كذلك لا يبدو؛ كما أوضح “نتانياهو”، أن يكون الخلاف الأساس حول مستقبل “غزة”، وإنما قد يكون أحد العوامل، لكن الحديث عن ذلك قد يكون أكثر موضوعية حين يتحقق الهدف من الحرب أي القضاء على (حماس)، أو على الأقل وجود مؤشرات حقيقية على إمكانية تحقيقه.
في حين أنه وبعد مرور (67) يومًا من التدمير والقصف غير المسّبوق على “قطاع غزة”، اعترف المحللون ووسائل الإعلام الإسرائيلية؛ مثل (هاآرتس)، بأن القضاء على (حماس) يتطلب المزيد من الوقت، مع احتدام هجمات الفلسطينيين وتصاعد وتيرة الخسائر الإسرائيلية.
إشكالية تدمير “حماس”..
والحقيقة ثمة اختلاف رئيس في وجهات النظر حول شكل استمرار الحرب والفترة الزمنية. وكان من الواضح منذ بداية الحرب أن “إسرائيل” لا تمتلك استراتيجية واضحة للخروج من هذا المأزق، ولكن تأثرت بداية الحرب وتحديد أهدافها بالغضب والثأر لعميات (حماس)؛ في السابع من تشرين أول/أكتوبر.
والحقيقة لم يكن لـ”إسرائيل” تعويض خسارتها التاريخية إلا بهذه الطريقة. ورُغم انتباه “بايدن” أثناء زيارة “إسرائيل” من خطورة انعدم استراتيجية الخروج من الحرب، لكن كان متأثر بالمعطيات الإسرائيلية ومسّتلزمات السابع من تشرين أول/أكتوبر.
ومع مرور الوقت تغيّرت نبرة “أميركا”، رّغم الإشارات المتكررة إلى موضوع تدمير (حماس)، وكذلك نبرة الدول الأوروبية بدليل تصريحات “إيمانويل ماكرون”؛ رئيس “فرنسا”، بشأن صعوبة تحقيق هدف تدمير (حماس)، لأنه يتطلب عدة سنوات.
في غضون ذلك؛ ازدادت الضغوط على “بايدن”، الذي يُصارع ضرورتين متناقضتين، استمرار الحرب وتبعاتها، وفي الوقت نفسه وقف الحرب وتداعيات ذلك.
ذلك أن استمرار الحرب وإبادة نساء وأطفال “غزة”، وبالتالي استمرار الدعم غير المشروط لـ”الكيان الإسرائيلي”، يُثير ضده الرأي العام الداخلي، وبخاصة التيار الليبرالي للحزب (الديمقراطي)، وكذلك تأليب الرأي العام العالمي ضد “الولايات المتحدة” وتهديد قوتها الناعمة ومكانتها العالمية مستقبلًا.
وغني عن القول إن “بايدن”؛ الذي أكد على ضرورة إيجاد “إسرائيل” لو لم تكن موجودة، يُقلق بشدة إزاء تغيّر الرأي العام، وبخاصة في الدول الغربية تجاه “إسرائيل”، لا سيما حال استمرار حكومة “نتانياهو” اليمينية، وبالتالي التبعات الخطيرة لذلك التغييّر على مستقبل “إسرائيل”، واستمرار الدعم الأميركي للسياسات الإسرائيلية في الشرق الأوسط.