خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
بدأت جميع الحكومات الإيرانية تقريبًا عملها بالحديث عن ضرورة تغييّر العاصمة، ولم يكن “مسعود بزشكيان”؛ استثناءًا حيث تطريق بتاريخ 09 أيلول/سبتمبر 2024م، أثناء الحديث عن مشكلات “طهران”، وخلق بيئة مناسبة للمنافسة في مجال الإنتاج، إلى فكرة نقل العاصمة إلى المناطق الجنوبية بالقرب من البحر. بحسب تقرير “عطا محامد”؛ المنشور على موقع (إيران واير).
ولطالما كانت “طهران”؛ باعتبارها العاصمة التي تُصارع منذ سنوات تحديات على شاكلة الكثافة السكانية، والتلوث، ونقص المياه، وخطر الزلازال، محورًا للنقاش حول المركزية وضرورة النقل، لكن مع هذا ورغم التحديات والمشكلات، لاتزال “طهران” هي العاصمة.
وتثبت الكثير من الدراسات إن تنفيذ فكرة تغيّير العاصمة تواجه عقبات حقيقية. والسؤال: هل تجديد “بزشكيان” طرح الفكرة يؤشر إلى إمكانية تنفيذها ؟
كما سبقت الإشارة؛ تصارع “طهران”، باعتبارها أكبر المدن الإيرانية، العديد من المشكلات، ويضاعف تركز الصناعات الكبرى كصناعة السيارات، والجامعات المعتبرة في “طهران”، من الضغوط على البُنية التحتية للمدينة، وهذا الأمر بحاجة إلى حلول أساسية.
وهناك رؤيتان للتخلص من هذه المشكلات، الأولى: مقترح نقل العاصمة، الثانية: تقضي الإدارة العلمية وعدم المركزية على الكثير من مشكلات “طهران” أو تقليلها. لكن لم تدخل أيًا من هذه الرؤى مرحلة التنفيذ، فلم ينجح صانع القرارات في تحسين أوضاع “طهران”، ولم يتمكن المسؤولون السياسيون من تنفيذ مقترح نقل العاصمة.
والحقيقة لم ينجح أيًا من أصحاب هذه الرؤى في تقديم خطة شاملة للقضاء على مشكلات “طهران”، أو اتخاذ قرار حاسم بشأن مستقبل هذه المدينة، ومن ثم تزداد مشكلات العاصمة عمقًا في ظل هذا التردد بالقرارات.
نقل العاصمة.. فكرة عقيمة منذ بداية الثورة وحتى الآن !
ذكر “غلام حسين كرباسجي”؛ عمدة “طهران” الأسبق، أن موضوع نقل العاصمة طرح للمرة الأولى إبان فترة الحرب “الإيرانية-العراقية”، في فترة تولى “مير حسين موسوي” رئاسة الوزراء، واستمرت النقاشات خلال فترة رئاسة؛ “هاشمي رفنسجاني”، الجمهورية، لكن لم يؤخذ الموضوع على محل الجد.
وفي العام 2000م؛ تم إعداد دراسة شاملة بعنوان: “إمكانية نقل المركز السياسي من طهران”، لكن الدراسة توقفت عن المرحلة الأولى.
وفي العام 2004م، قال “حسن روحاني”؛ أمين عام المجلس العلى للأمن القومي آنذاك: “يبحث المجلس بسبب (خطر الزلزال) مشاريع متوسطة وطويلة الأمد لنقل العاصمة”.
وجدد “سيد محمد جهرمي”؛ وزير العمل والشؤون الاجتماعية، بحكومة “أحمدي نجاد”، طرح الموضوع عام 2007م، ورحب وزير الداخلية آنذاك بالمقترح، إلا أن الحكومة لم تتخذ إجراءات جادة للمضي قدمًا في هذا المشروع، حتى ضرب زلزال عام 2009م جنوب “طهران”. آنذاك صدق مجمع تشخيص مصلحة النظام على قرار بشأن نقل المركز السياسي للبلاد إلى مكان مناسب بنهاية (رؤية 2025م) بهدف تحسين حالة التوطين السكاني.
“بزشكيان” وتجديد الحديث عن نقل العاصمة..
بعد الجدال بشأن نقل العاصمة، طرح الرئيس “بزشكيان”، من جديد موضوع نقل العاصمة، في جولة بمعسكر (خاتم الأنبياء)؛ التابع لـ (الحرس الثوري)، الذي يتأهب لـ (مشروع جهود تعمير إيران).
وقال: “من المستحيل تطوير البلاد من خلال الاستمرار في الاتجاه الحالي. إذا أردنا الاستمرار في جلب الموارد إلى طهران من الجنوب والبحر، ثم تحويلها إلى منتجات وإرسالها جنوبًا مرة أخرى للتصدير، فإن هذا سيؤدي إلى مزيد من التخفيض في قدرتنا التنافسية ويُقللها، وليس أمامنا خيار سوى نقل المركز السياسي والاقتصادي للبلاد إلى الجنوب والاقتراب من البحر”.
ومن غير الواضح حاليًا إذا كان قد طرأ تغيير جديد هذه المرة على طبيعة الدراسات المتعلقة بنقل مدينة “طهران”، أم أنها مجرد وجهة نظر رئيس الجمهورية الشخصية، لكن تصريحات “بزشكيان”؛ بحضور وزير التنمية العمرانية، ومن داخل معسكر (خاتم الأنبياء)؛ المنخرط بشكلٍ مباشر في موضوع نقل العاصمة، تبدو ذات مغزى.
لكن أعداد المعارضين لتلك التصريحات ليست قليلة؛ وقال “مهدي چمران”؛ رئيس مجلس مدينة طهران: “طرحت الحكومات المختلفة هذا الموضوع، لكن لم تصل إلى نتائج واضحة بهذا الشأن. والأهم هو تقسّيم مشاكل الدولة على كافة المحافظات والمدن”.
بدوره؛ تطرق “عبدالرضا جلبايجاني”، نائب رئيس بلدية “طهران” الأسبق، للحديث عن الدراسات حول هذا الموضوع، وقال: “وصلت وزارة الطرف إلى نتيجة مفادها أنه لابد من تنظيم طهران، وبالتالي انتفاء موضوع نقل العاصمة”.
والحديث عن انتقال العاصمة كان يراعي منظور العاصمة السياسية. وفي الدراسات السابقة، إذا كانوا يريدون نقل كل موظفي الوزارات، فسيكون العدد (500) ألف شخص، وسيبلغ العدد بالنهاية مليون شخص. وعلى فرض أنه سيتم تخفيض عدد السكان ثلاثة ملايين آخرين، هل تُحل مشكلة “طهران” ؟!