خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
من جديد تشتعل نيران احتجاجات العام 2017م و2019م؛ والتي هدأت تدريجيًا تحت وطأة القتل والقمع الشديد. وقد تحولت في البداية مدن محافظة “خوزستان” إلى ساحة للاحتجاجات الشعبية؛ قبل أن ينضم إليها مدن محافظات: “چهارمحال وبختیاري، وکرمانشاه، ولرستان، وأردبیل”، نتيجة غلاء أسعار الخبز والزيت والدجاج وعدد من السلع الأساسية الأخرى؛ بحسب تقرير “رقية رضائي”؛ الذي نشره موقع (إيران واير) المعارض.
والفيديوهات المنشورة على الشبكات الاجتماعية لتجمعات المواطنين وترديد الشعارات ضد حكومة؛ “إبراهيم رئيسي”، ونظام “الجمهورية الإيرانية” والمرشد، تؤكد ذلك. وتقول بعض المصادر بمقتل أحد المتظاهرين الشباب في “اندیمشک”.
الخوف من “انتفاضة الجياع”..
والسؤال: هل هذه التظاهرات جزء من حركة اجتماعية جديدة للإطاحة بالنظام؛ مصدرها الطبقات الفقيرة في المجتمع الإيراني أم هي كما يقول المسؤولون “انتفاضة الجياع” ؟..
للأجابة أجرى موقع (إيران واير) المعارض؛ الحوار التالي مع الخبير في علم الاجتماع: “سعيد مدني”، على النحو التالي:
استيقظ المواطنون؛ الخميس الماضي، على أخبار الغلاء الذي طال هذه المرة الخبز. وسعت وكالات الأنباء الحكومية إلى تصدير صورة عن غلاء أسعار الخبز من أنواع المخبوزات الغربية فقط.
وإلى جانب ذلك؛ حذر بعض المسؤولين والنشطاء السياسيين الإصلاحيين، حكومة “رئيسي” من انتفاضة جياع. مع هذا أعلنت الحكومة رفع أسعار أربع سلع أخرى شملت الدجاج، والبيض، والزيت، والألبان.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات هجوم المواطنين على الأسواق المركزية ونقص السلع الغذائية. ثم أعلنت الحكومة ضخ: 300 – 400 ألف طومان؛ كدعم في حسابات المواطنيين قبل تحرير صرف جميع السلع. في حين أن أسعار معظم السلع قد ارتفعت بنحو: 50% العام الماضي.
لكن التظاهرات اندلعت الأربعاء في معظم مدن “خوزستان”، وسادت أجواء أمنية مشددة، لكن هذا لم يمنع تجمع أعداد محدودة من المواطنين. يقول “م”؛ المواطن العربي من سكان مدينة “كوت عبدالله” بالقرب من “الأحواز”: “الأجواء في المدينة أمنية تمامًا. وكل مئة متر كمين لـ (الباسيج). معظم العناصر من (الباسيج)؛ لكن يتواجد بينهم عناصر بالزي المدني أيضًا. يقومون بدوريات باستمرار. وتنتشر قواتهم كذلك في القرى. وقُطع الإنترنت عن شادﮔان. لكن أحد الشباب أخبرني أنهم أحرقوا بالأمس إحدى الحوزات العلمية. كذلك تنتشر القوات في شوارع کوی علوی، وکوی عبدالله، وشلنگآباد، وقلعه چنعان”.
لكن كانت هناك تجمعات في “شلنگآباد، الهیه، وشادگان”، لأن النظام أغلق جميع الشوارع؛ وكان يرصد منازل المواطنين عبر كاميرات المسيرات. وتعرض “البعفي الخفاجيه” للاعتقال.
استهداف المتظاهرين..
وعن استهداف المتظاهرين في “ايذه”؛ أضاف: “أخبروني أن أحد المتظاهرين تعرض للإصابة وحملوه على الفور إلى المستشفى الذي رفض استقباله، إلا أن أحد المسعفين من أبناء القومية العربية قدم المساعدة للمصاب قبل أن يتعرض الإثنان للاعتقال”.
ثم انتقلت المظاهرات إلى عدد من المحافظات الأخرى واستهدف المتظاهرون بشعاراتهم نواة النظام الأساسية؛ “علي خامنئي”. وفي الفيديو المنشور على شبكات التواصل من مظاهرات “كرمانشاه”، يطأ المتظاهرون بأقدامهم صور “خامنئي”.
وفي قرية “فارسان”؛ بمحافظة “چهارمحال” أشعل المتظاهرون النيران في الحوزة العلمية، وكذلك ألقت قوات الأمن القبض على الناشط المدني المعروف؛ “حبیب فدایي”، في مدينة “حلبجه” بنفس المحافظة. وفي الفيديوهات تُسمع أصوات الأعيرة النارية، بل إن أحد المواطنين في “بروجرد” كان يصور الأحداث؛ ويقول: “إنهم بصدد إطلاق النار علينا”.
وتحدث نشطاء التواصل الاجتماعي عن انقطاع خدمات الإنترنت، وخطوط الاتصالات، واعتقالات لكن لم تصدر حتى الآن أي بيانات عن أعداد المعتقلين.
طبيعة التظاهرات..
وعن طبيعة التظاهرات الأخيرة؛ يقول “سعيد مدني”، خبير علم الاجتماع المقيم بـ”طهران”: “هذه الاحتجاجات ذاتية. فلم يُعلن مسبقًا عن مكان التجمعات، وإنما الجماهير الغاضبة تجمعت فجأة في مكان وبدأت الاحتجاجات. ويتربط مضمون الشعارات بارتفاع أسعار السلع الغذائية وسياسات حكومة؛ إبراهيم رئيسي، وعليه يمكن اعتبارها حتى اللحظة؛ انتفاضة ضد غلاء أشعار الخبز والسلع الأساسية وصعوبة الأوضاع المعيشية، لكن هل قد تُفضي الانتفاضة إلى حركة ؟..”.
مضيفًا: “الحقيقة إن الانتفاضة المرحلة الأولى في تشكيل الحركات. والطبيعي حال استمرار هذه الاحتجاجات وإزادت من حيث موجات الاحتجاج، والنطاق الجغرافي، والكثافة فقد تتحول إلى حركة”.
وحول التوقعات بشأن مصير هذه الاجتجاجات؛ أضاف: “ترتبط نتائج الانتفاضات أو الاحتجاجات أو حتى الحركات بالعديد من العوامل المختلفة. ويلعب موقف النظام الحاكم من هذه الاحتجاجات دورًا بالغ الأهمية في النتائج. وفي حال الاستجابة فقد تكون نتائج هذه الاحتجاجات محدودة. لكن حال استمرار القمع فقد تحدث توترات خطيرة لأنه مهما زاد القمع فلا بديل بالنهاية عن السقوط”.