خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
بقدر ما تراجعت مكانة “عُمان” كوسيط بين “الجمهورية الإيرانية” والغرب؛ لا سيّما “الولايات المتحدة”، خلال العقد الأخير، ضاعفت “قطر” من نفوذها على المسؤولين الإيرانيين وجعلتهم يعتمدون عليها. وهذه المقالة؛ التي أعدها “فرامرز داور”، ونشرها موقع (إيران واير)، توضح كيف تمكنت “الدوحة” من مليء فراغ وساطة “مسقط”.
في أعقاب هجوم الطلاب من أتباع “علي خامنئي” عام 2015م، على مقر السفارة السعودية في “طهران” وإحراقها، على خلفية إعدام “الرياض” رجل دين شيعي، الأمر الذي دفع المسؤولين السعوديين إلى قطع العلاقات مع “إيران” ودعوة الدول العربية لاتخاذ إجراء مشترك.
وسارعت بعض دول “مجلس التعاون الخليجي”؛ كـ”البحرين”، إلى قطع العلاقات مع “إيران”، بينما خفض البعض الآخر كـ”الإمارات” مستوى العلاقات، بعكس “قطر” التي لم تمُّثل إلى قرار قطع العلاقات، واستعرضت متانة علاقاتها مع “طهران”.
وقبلها؛ وعقب اختطاف المعارضة السورية، عددًا من مبعوث “الجمهورية الإيرانية” إلى “سورية”، طلب “علي أكبر صالحي”؛ وزير الخارجية الإيراني، آنذاك، إلى أمير “قطر” الوساطة للإفراج عن الرهائن.
“السعودية”.. الخصومة التي ساهمت في التقريب بين “طهران” و”الدوحة”..
أعلنت “السعودية، والبحرين، والإمارات”؛ في العام 2018م، قطع العلاقات مع “قطر” وإغلاق مجالاتها الجوية والبحرية والبرية مع هذا البلد.
وواجهت “الدوحة”؛ التي تُعتبر أحد دول العالم ثراءً، أزمة في تلبية احتياجاتها مع السلع الغذائية، وهو الأمر الذي ساهم في توطيد العلاقات “القطرية-الإيرانية”، وحطت خمس طائرات إيرانية محملة بالأغذية وغيرها من المتطلبات في “مطار الدوحة”، واستغلت “طهران” هذه الفرصة قدر المستطاع في الترويج لعلاقاتها مع إحدى دول الخليج.
لاعب جديد فوق إقليمي من منطقة الخليج..
بعد حربي الخليج وفي إطار التفوق السعودي بالمنطقة، تبنى أمير “قطر” السابق؛ الشيخ “حمد بن خليفة آل ثاني”، سياسة من شأنها تحويل “قطر” إلى دولة قوية ومرنة بالوقت نفسه، من خلال الاعتماد على مصادر “الغاز الطبيعي”.
وتشترك “قطر” مع “إيران” في أحد حقول الغاز يُعرف في “إيران” باسم: (حقل فارس الجنوبي)، وفي “قطر” باسم: (حقل الشمال). وقد نجحت “قطر” في احتواء الخلافات المتزايدة مع “إيران” بخصوص هذا الحقل.
وبعد المناوشات الدبلوماسية مع “كوريا الجنوبية” بشأن أموال النفط الإيراني بسبب “العقوبات الأميركية”، توسّطت “قطر” بين “إيران والولايات المتحدة”، ونجحت في الإفراج عن مبلغ: (06) مليار دولار.
ومن المقرر أن تتحول “قطر”؛ تحت حكم الشيخ “تميم بن حمد”، إلى لاعب إقليمي. وافتتاح مكتب (طالبان) السياسي، ولجوء “إسماعيل هنية”؛ رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) السابق، كانت بمثابة مؤشرات على جهود “قطر” للاضطلاع بدور قوى بين القوى الإقليمية المتعارضة.
كذلك أقام شيخ الأزهر السابق؛ “محمد طنطاوي”، بـ”الدوحة”، بحيث لا تكون محلًا للقيادات السياسية فقط. ووضدت “قطر” علاقاتها مع دول مثل “الولايات المتحدة”، و”إيران”، و”إسرائيل”؛ (بشكل غير رسمي)، دون تنسيق واضح مع أيًا من هذه الأطراف.
وقد وفقت القيادة القطرية في سياساتها. وبعد؛ سّعت “قطر” بالسماح للقوات الأميركية بالتواجد بالقرب من “الدوحة”، بالحد من نفوذ “المملكة العربية السعودية” في شؤونها الداخلية. وكان إطلاق فضائية (الجزيرة) مؤشر على التوسعات القطرية والنفوذ الدولي. وهذه الفضائية تُمثل “قطر” أكثر من البعثات الدبلوماسية.
كانون ثان الأكثر خسارة لـ”الجمهورية الإيرانية” !
يجب اعتبار كانون ثان/يناير 2020م؛ مرحلة مهمة في تاريخ “الجمهورية الإيرانية”؛ ففي تلك الفترة اغتالت “الولايات المتحدة” أشهر قادة (الحرس الثوري)، وهو “قاسم سليماني”، كما فشلت جهود النظام في إخفاء قصف الطائرة الأوكرانية الأمر الذي تسبب في فضيحة تاريخية.
والخسارة الثالثة كانت بوفاة سلطان عُمان؛ “قابوس بن سعيد”، والذي كان يدور في فلك “إيران” منذ دعمه من جانب الشاه؛ “محمد رضا بهلوي”، للحيلولة دون تقسيم “عُمان” والمحافظة على حكمه، وكما وصف ضحايا “إيران” في “حرب ظفار”: بـ”الشهداء”، وصفه المرشد؛ “علي خامنئي”، في تصريح نادر: بـ”أحد المحترمين في المنطقة”، ووصف “عُمان”: بـ”الجار الجيد والحقيقي للجمهورية الإيرانية”.
وتُمثل وفاته خسارة كبيرة لـ”الجمهورية الإيرانية”، لا سيّما بعد أن استضاف بشكلٍ سري مسؤولين بارزين من “الخارجية الإيرانية” والأميركية وتوسط للتوقيع على “الاتفاق النووي”.