“إيران” : عمق العلاقات بين الشعبين الإيراني والعراقي .. يفرض وجوده على “الكاظمي” !

“إيران” : عمق العلاقات بين الشعبين الإيراني والعراقي .. يفرض وجوده على “الكاظمي” !

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

يوم الأحد الماضي؛ تجمع الكثير من أبناء الشعب العراقي لإحياء ذكرى الجنرال “قاسم سليماني” و”أبومهدي المهندس”، في موقع عملية الاغتيال.

في حين شهد “العراق”، باعتباره دولة جوار وشريك اقتصادي وسياسي لـ”الجمهورية الإيرانية”، المزيد من التوتر الذي أفضى بدوره إلى تلاسن بين “إيران” و”أميركا” على الأراضي العراقية.

كما تسبب القصف الصاروخي على “المنطقة الخضراء” والسفارة الأميركية، بـ”بغداد”، في أن يوجه المسؤولون الأميركيون سهام اتهاماتهم تجاه “إيران”؛ في محاولة لاستغلال الموقف والتصعيد العسكري ضد “إيران”. بحسب “أمير موسوي”؛ الخبير الإيراني في الشأن الإستراتيجي، في مقاله التحليلي المنشور بصحيفة (إيران) الرسمية.

ميزانية العراق المأزومة..

في الوقت نفسه، عانى “العراق”، مؤخرًا، ثلاث أزمات، أحداها استقرار الحكومة العراقية بشكل مؤقت، وبالتالي إهمال الاستفادة الكاملة في إدارة المشكلات الداخلية، لاسيما مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد.

تلك الأزمة التي برزت بالتوازي مع تقديم حكومة “مصطفى الكاظمي”، الميزانية العامة للبرلمان. فشلت الحكومة، رغم الميزانية الكبيرة، في التعامل مع العديد من المشكلات، لأن ثلث العوائد النفطية العراقية من نصيب “الولايات المتحدة”، مع تخصيص جزء كتعويض لـ”الكويت”، عن خسائر الحرب، والجزء الأكبر من نصيب “كُردستان” و”أربيل” العراقية، في حين يتم تخصيص الجزء المتبقي، وهو ضئيل جدًا، للمناطق المركزية والجنوبية العراقية، الأمر الذي أفضى إلى وجود عجز بنسبة 30% برواتب الموظفين، وكذلك إلغاء الكثير من المشروعات الخدمية والعمرانية، في ميزانية العام 2021م.

والحقيقة أن هذه الميزانية مأزومة بشدة. ومشكلة الحكومة العراقية؛ إنما تكمن في الوجود الأميركي بالبلاد، لأن الأجواء الراهنة تشهد اختلاف وجهات النظر بين فصائل المقاومة من جهة؛ والبرلمان والحكومة العراقية من جهة أخرى، بشأن الوجود العسكري الأميركي على الأراضي العراقية، ويسعون إلى حل وسط يرضي جميع الأطراف.

سياسات مسك العصا من المنتصف !

ثانيًا: تسعى الحكومة العراقية إلى موازنة علاقاتها مع “أميركا” و”إيران”، وكذلك بين الدول العربية و”إيران”. وهذه مسألة بالغة الصعوبة بالنسبة للحكومة العراقية، لأن حالة التناقض في العلاقات الدولية تمتد داخل الحكومة والبرلمان والشعب العراقي، ولا يستطيع رئيس الوزراء، منفردًا، اتخاذ القرار.

على كل حال لـ”الجمهورية الإيرانية” أنصار داخل البرلمان والشعب العراقي، وكذلك “الولايات المتحدة الأميركية”؛ وهذه الأجواء تزيد من صعوبة الوضع بالنسبة للحكومة العراقية، لاسيما وأن الإدارة الأميركية لا تعبأ أساسًا بمشكلات ومطالب الحكومة العراقية، في حين تهبط طائرات المسؤولين الأميركيين داخل المطارات العراقية دون الحصول على تصريح الحكومة.

“الكاظمي” ومساعي التهدئة..

عمومًا أفضت المشتركات العميقة بين الشعبين، الإيراني والعراقي، وتعاون الأجهزة الأمنية بالبلدين؛ بوجود الجنرال “قاسم سليماني” والمساعدات الإيرانية لـ”العراق”؛ في مكافحة تنظيم (داعش) الإرهابي، إلى سعي حكومة “الكاظمي” إلى تهدئة التوتر المتصاعد بين “إيران” و”أميركا” أثناء الأزمة الأخيرة.

ورغبة في تهدئة الأجواء، بعد القصف الصاروخي الأخير على السفارة الأميركية بـ”العراق”، واتهام “إيران”، أوفد “أبوجهاد الهاشمي”، صديق “إيران” وصاحب العلاقات الجيدة مع المسؤولين الإيرانيين، إلى “طهران”، وهي خطوة تعكس مسعى “الكاظمي” للوصول إلى تفاهمات من شأنها تبادل المناقشات بين “طهران” و”بغداد” عن أزمة طرفها “الولايات المتحدة”.

في حين لا توجد شكوك عن إرتباط قطاع عريض من الشعب العراقي وفصائل المقاومة بعلاقة وثيقة مع “إيران”، فضلاً عن سوابق “إيران” بشأن دعم “العراق” في الحرب ضد (داعش)، والمساعدات الاقتصادية للعراق قبل سقوط “صدام”.

وما التجمعات الكبيرة، بالأمس الأول، في “العراق” إحياءً لذكرى “سليماني” و”المهندس”، إلا دليل بارز على صدق هذه الإدعاءات، ومؤشر واضح على عمق إرتباط الشعبين الإيراني والعراقي، ويدحض المؤامرات التي تهدف إلى الوقيعة بينهما. وليس خطأً لو نعتبر أن هذه التجمعات ومظاهر التكريم بمثابة رسالة من الشعب العراقي لأولئك الذين سعوا مؤخرًا إلى تصدير رسالة أخرى عن الشعب العراقي تحت ذرائع متفاوتة. وهذه الرسالة سوف تؤثر على التقييمات والحسابات الأميركية الخاصة بـ”إيران”.

وعليه؛ وبالنظر إلى مثل هذه السوابق ورغبة الشعبين الإيراني والعراقي في تقوية التعاون والعلاقات التاريخية والمذهبية، يمكن عقد الآمال على وساطة “العراق” في الأزمة الحالية بين “طهران” و”واشنطن”، رغم ما قد يجد المسؤولون العراقيون من صعوبات في هذا المسار.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة