خاص : كتبت – نشوى الحفني :
رغم الاحتجاج العراقي واستدعاء السفير الإيراني وتسليمه مذكرة احتجاج شديدة اللهجة، أعلنت “إيران” مواصلة عملياتها في “كُردستان العراق”.
وأوضح (الحرس الثوري) الإيراني؛ مساء الخميس، أنه سيواصل هجماته في “كُردستان العراق” ضد المجموعات المسلحة التابعة للمعارضة الكُردية الإيرانية التي تصفها “طهران”: بـ”الإرهابية”.
وقال في بيان إنه: “شن سلسلة عمليات ضد قواعد ومقرات إرهابية في شمال العراق باستخدام صواريخ من جميع الأنواع وطائرات مُسيّرة قتالية وطائرات مُسيّرة انتحارية”.
كما أكد أن: “هذه العمليات ستستمر حتى نزع سلاح الجماعات الإرهابية”، داعيًا الحكومة العراقية وحكومة “إقليم كُردستان” إلى: “تحمل مسؤولياتهما بمزيد من الجدية تجاه إيران كجارة”.
يتوعد بالرد على الأميركيين..
من جهته؛ قال رئيس الأركان الإيراني؛ “محمد باقري”، أمس الجمعة، إن القوات المسلحة الإيرانية سترد على اتخاذ الأميركيين أي إجراءات ضد المُسيّرات الإيرانية في “كُردستان العراق”.
كذلك أضاف رئيس الأركان، في تصريحات صحافية أن بلاده تحتفظ بحق الرد على الأميركيين وفي الوقت المناسب.
وحذر “باقري” من أنه: “إذا حدث عمل عدائي ضد أمن ومصالح إيران إنطلاقًا من القواعد الأميركية في الدول المجاورة؛ فسنرد بالتأكيد على هذه القواعد”.
فوبيا إيرانية من “أميركا”..
من جهته؛ قال المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية؛ “أحمد الصحاف” إن: “الحديث عن تنسيق (عراقي-إيراني) بشأن قصف المدنيين في العراق كاذب”.
وتابع: “الحكومة لن توافق على ضرب المواطنين العراقيين وقتلهم وترويعهم وتخريب البنى التحتية وخرق السيادة بدواعٍ واهية من إيران”.
وأضاف “الصحاف”: “لن ننسق مع العدوان التركي أو الإيراني ونرفض أن يتم استخدام العراق ساحة لتصفية الحسابات”، مضيفًا: “سنتجه إلى محاسبة أي دولة تنتهك سيادة العراق”.
ومضى قائلاً: “إيران تُعاني من فوبيا أميركا، وتقوم بشن حملتها بذلك الداعي، وشنت سلسلة هجمات صاروخية وبالراجمات والطائرات الانتحارية”.
وتساءل: “هل تسمح الأخلاق الإسلامية لجمهورية إيران بانتهاك سيادة العراق وترويع شعبه وقتل مواطنيه بداعي محاربة أميركا أو الإرهاب ؟”.
قتلى ونزوح في “كُردستان”..
يُذكر أن: 13 شخصًا على الأقل قُتلوا وجرح نحو خمسين آخرين بينهم نساء وأطفال، في ضربات إيرانية بصواريخ وطائرات مُسيّرة؛ الأربعاء، في “كُردستان العراق”، حيث توجد مقار مجموعات معارضة كُردية إيرانية.
بدوره؛ قال مدير منطقة “كويسنجق” العراقية؛ “طارق حيدر”، الخميس، إن: “أكثر من: 600 أسرة نزحت إلى مركز القضاء، ويسكنون في منازل تابعة لأهالي كويسنجق ويُعانون من أوضاع إنسانية صعبة”.
وأضاف أن: “إدارة كويسنجق على تواصل مع مجلس وزراء إقليم كُردستان، ووزارتي: الداخلية والصحة بهذا الخصوص”، مؤكدًا: “وجود مفقودين جراء القصف لمقر حزب كُردي معارض بالقرب من كويسنجق، وعند إزالة الأنقاض سيتم تحديد مصير المفقودين”.
وتأتي هذه الضربات في أجواء توتر في “إيران”، حيث تجري تظاهرات ليلية يوميًا في البلاد منذ وفاة الشابة؛ “مهسا أميني”، (22 عامًا)؛ بعدما اعتقلتها “شرطة الأخلاق”، في 16 أيلول/سبتمبر.
صواريخ باليستية وطائرات بدون طيار..
صحيفة (وول ستريت جورنال) الأميركية، قالت: “هاجمت إيران شمال العراق بأكثر من: 40 صاروخًا باليستيًا وطائرات مُسيّرة مسلحة، أسقطت طائرة حربية أميركية إحداها أثناء توجهها نحو مدينة أربيل، حيث تتمركز القوات الأميركية”.
وأكدت القيادة المركزية الأميركية، التي تشرف على العمليات العسكرية في الشرق الأوسط تلك الرواية، حينما ذكرت في بيان أن الطائرة المُسيّرة أسقطت بعد ظهر الأربعاء بالتوقيت المحلي؛ حيث: “بدا أنها تُشكل تهديدًا لقوات القيادة المركزية في المنطقة”.
وأضافت الصحيفة، أن طائرات بدون طيار أخرى وصواريخ (فاتح-110) الباليستية الإيرانية قصيرة المدى؛ استهدفت معسكرات وقواعد يستخدمها مسلحون ولاجئون أكراد في ضواحي “أربيل” وبالقرب من “السليمانية”.
وأشارت الصحيفة، إلى أن (الحرس الثوري) الإيراني دأب على قصف مناطق كُردية في شمال “العراق”؛ منذ الأسبوع الماضي، بعد أن ألقت “طهران” باللوم على جماعات كُردية إيرانية متمركزة هناك في إثارة الاضطرابات التي تجتاح “إيران” منذ نحو أسبوعين.
وشنت “إيران” بشكلٍ منتظم في السنوات الأخيرة؛ مثل هذه الهجمات التي استهدفت ما قالت إنها جماعات كُردية إيرانية تختبيء عبر الحدود الشمالية الغربية في المنطقة الكُردية الجبلية بـ”العراق”.
وقالت السلطات الإيرانية، إن المعارضين شاركوا في الاحتجاجات التي اندلعت في المنطقة الكُردية بـ”إيران”؛ عقب جنازة الفتاة؛ “مهسا أميني”، (22 عامًا)، التي توفيت بعد احتجازها في أحد مراكز “شرطة الأخلاق”؛ (الآداب)، بدعوى إرتدائها ملابس غير محتشمة؛ في 17 أيلول/سبتمبر الجاري، بمسقط رأسها في المنطقة.
دليل على يأس الحكومة الإيرانية..
ومن جهتها؛ اعتبرت صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية، أن الضربات التي نفذتها “طهران” ضد الأكراد في شمال “العراق” تدل على: “يأس” الحكومة الإيرانية التي: “تواجه واحدة من أكبر الاحتجاجات في تاريخ البلاد”.
وقالت الصحيفة، إن “طهران” شنت هجمات دامية استهدفت من خلالها مقار ثلاثة أحزاب معارضة كُردية إيرانية تدعم التظاهرات الجارية داخل “إيران”.
ورأت الصحيفة الأميركية أن الضربات الإيرانية تؤكد: “إرتباك” حكومة الرئيس؛ “إبراهيم رئيسي”، في التعامل مع الاحتجاجات التي أسفرت عن مقتل العشرات من المتظاهرين وإصابة المئات.
وأوضحت (واشنطن بوست)؛ أنه: “لطالما استقرت الأحزاب الكُردية الإيرانية المعارضة في العراق، وبينما أعربت عن دعمها للاحتجاجات في إيران، لا يوجد ما يُشير إلى ارتباطها المباشر بالاضطرابات”.
ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم إن: “الهجمات الإيرانية كانت بمثابة محاولة يائسة من قبل النظام الإيراني للنأي بنفسه عن المساءلة عن الاحتجاجات وعدم قدرته على حلها بالطرق السلمية، تُريد طهران إلقاء اللوم على قوى خارجية”.
وقال المحلل السياسي الكُردي المقيم في أربيل؛ “هيوا عثمان”، للصحيفة الأميركية: “ما يُريد الإيرانيون قوله؛ هو أن الاضطرابات داخل إيران تُحرض عليها أحزاب المعارضة في العراق، لكنها في الواقع معارضة علنية من قبل الشعب الإيراني ضد النظام”.
الخطاب لن يُهديء الشباب..
فيما استبعدت صحيفة (الغارديان) البريطانية أن يُهديء الخطاب الذي ألقاه “رئيسي”؛ الأربعاء: “الشباب الإيراني المنتفض الذي فقد الثقة في نظام بلاده المتطرف، خاصة أن الرئيس الإيراني هو الذي أمر بتطبيق أكثر صرامة لقوانين الحجاب في وقتٍ سابق من هذا الصيف”.
ونقلت الصحيفة عن نشطاء في “إيران”: “ثقتنا آخذة في الإزدياد… لن نتراجع عن انتفاضتنا رغم الاعتقالات، هناك إعتقاد سائد بأن شيئًا ما سيتغير هذه المرة”.
وأضافت (الغارديان): “الحكومة الإيرانية تسعى لضمان عدم امتداد الاحتجاجات إلى المزيد من أحياء الطبقة العاملة، ومن المُرجح أن تصور المتظاهرين على أنهم ليبراليون مناهضون للوطنية على خلاف مع قيم النظام”.
انتكاسة كبيرة لـ”الجمهورية الإسلامية”..
بالتزامن؛ نقلت صحيفة (فايننشال تايمز) عن إحدى الصحافيات الإيرانيات من “طهران” أنه مع استمرار الاحتجاجات التي فجرتها وفاة “أميني”، اختفت “شرطة الأخلاق” من الشوارع؛ وأن السلطات بدأت تستخدم أساليب أقل صرامة في مراقبة قواعد الملابس؛ خاصة “الحجاب”.
وجاء في التقرير أن السيارات ذات اللونين الأبيض والأخضر، التي تستخدمها “شرطة الأخلاق” الإيرانية لمراقبة واعتقال النساء غير المُلتزمات بقواعد الزي الإسلامي، لم تظهر حتى خارج مركز “شرطة الأخلاق” نفسها في وسط “طهران”، رغم أنها كانت على مدار العقد الماضي رمزًا لرقابة السلطات على النساء.
مُشّيرة الصحيفة البريطانية، إلى أن الغضب من وفاة الفتاة الكُردية دفع الناس من مختلف الأطياف السياسية الإيرانية؛ للمطالبة بإنهاء المراقبة الرسمية لملابس النساء.
ورأى فريق من المحللين أنه: “سيتم سحب دوريات الإرشاد من الشوارع، الجمهورية الإسلامية ستواجه انتكاسة كبيرة ولن يكون أمامها خيار آخر سوى إعطاء المزيد من الحرية الاجتماعية لشباب الطبقة الوسطى في المناطق الحضرية”.
وبشكلٍ يومي منذ وفاة “أميني”، يتدفق متظاهرون شباب، كثير منهم في نفس عمرها، إلى الشوارع في البلدات والمدن في أنحاء البلاد، مرددين شعارات مناهضة للنظام مثل: “لا نُريد الجمهورية الإسلامية” و”الموت للديكتاتور”.
كما تظاهر طلاب في الجامعات وواجهت متظاهرات؛ “شرطة مكافحة الشغب”، دون إرتداء “الحجاب”، وقد تراجع الخوف في نفوسهن.
وقال عالم الاجتماع؛ “عماد أفرو”، لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، إنه بالنسبة للشباب الذين يُعانون من مشاكل اقتصادية هائلة مثل؛ الفقر وعدم المساواة: “أصبحت هذه الدوريات تؤجج غضبهم” .
تنديد دولي..
وقوبلت الحملة الإيرانية للتعامل مع الاحتجاجات التي خرجت بعد وفاة “أميني” بتنديد دولي ومطالبات للنظام الإيراني بضبط النفس وضرورة احترام حقوق الإنسان، بما في ذلك حرية التعبير والتجمع السلمي.
وأثارت تصرفات “إيران” ردود فعل دولية مختلفة. ففي “ألمانيا”، ندد البرلمان؛ (بوندستاغ)، بحملة القمع العنيفة للسلطات في “إيران”.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية؛ “أنالينا بيربوك”، الخميس، إنه: “يتعين على السلطات الإيرانية أن تتوقف فورًا عن أعمالها الوحشية ضد المتظاهرين”.
واستدعت “الخارجية الألمانية”؛ سفير “إيران” لدى “برلين”، على خلفية مقتل “مهسا أميني”.
وأعلنت “وزارة الخزانة” الأميركية، عقوبات على عناصر من الشرطة الإيرانية على خلفية مقتل “مهسا”.
وألمح “جوزيف بوريل”؛ ممثل الشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بـ”الاتحاد الأوروبي”، إلى إمكانية فرض عقوبات من جانب التكتل ضد “إيران”.
وفي “النرويج”، حاول العديد من المتظاهرين اقتحام السفارة الإيرانية خلال مظاهرة في “أوسلو”.