خاص : كتبت – نشوى الحفني :
يبدو أن السياسات الأميركية، تجاه “إيران”، في طريقها نحو التغيير مع إدارة الرئيس “جو بايدن” الجديدة، حيث أشادت مصادر إيرانية، أمس، بإحراز تقدم كبير في محادثات “الاتفاق النووي”، في “فيينا”، فيما يتعلق برفع “العقوبات الأميركية”.
ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية، (إسنا)، عن رئيس ديوان الرئاسة، “محمود واعظي”، قوله إنه سيتم: “رفع 1040 نقطة من نقاط العقوبات، بما في ذلك تلك المتعلقة بصادرات النفط والمعاملات المصرفية والشحن”.
وبحسب “واعظي”، فإن العقوبات السياسية، مثل الإجراءات العقابية التي تستهدف المرشد الأعلى، آية الله “علي خامنئي”، ومكتبه وموظفيه، هي من بين العقوبات التي وافقت “الولايات المتحدة” على رفعها.
ورغم ذلك، قال إن هناك قضايا عقوبات لا تتعلق مباشرة بـ”الاتفاق النووي”، لعام 2015، ولا تزال بحاجة إلى المناقشة.
وبحسب البيان الذي نقلته وكالة أنباء، (إسنا)، فإن موضوعات مثل برنامج “إيران” الصاروخي وسياستها في الشرق الأوسط وحقوق الإنسان لم تتم مناقشتها، لأنها لا علاقة لها بالمحادثات النووية.
لا تعليق من جانب الإدارة الأميركية !
فيما قالت قناة (الغد)، إن الإدارة الأميركية بقيادة، “جو بايدن”، لم تعلق بعد على أنباء رفع العقوبات التي يتحدث عنها الجانب الإيراني.
وأضافت أن مستشار الأمن القومي الأميركي، “جيك سوليفان”، قال إن هناك مسافة معقولة للتوصل إلى اتفاق مع “إيران”، بشأن “الاتفاق النووي”، وهناك الكثير من الإلتزامات التي يجب أن تفي بها “إيران” للعودة إلى “الاتفاق النووي”.
وأوضحت أن “إيران”؛ هي التي تسوق لهذه الأنباء التي تقول إنه تم رفع العقوبات عن “إيران”، لافتًا إلى أن اسم الرئيس الإيراني الجديد، “إبراهيم رئيسي”، من غير المرجح أن يكون من بين الأسماء التي تُرفع عنها هذه العقوبات.
العقبات لا تزال قائمة..
فيما حذرت “فرنسا” و”ألمانيا”، الدولتان الأوروبيتان المشاركتان في اجتماعات “فيينا”؛ بشأن الملف النووي الإيراني، عقب التصريحات الإيرانية من: “إن العقبات لا تزال قائمة”، وهي تصريحات أُخذت: كـ”تنبيه”، لـ”الولايات المُتحدة”، من الاستعجال في الاتفاق مع “إيران”، قبل الاستلام الرسمي للرئيس المتشدد المنتخب، “إبراهيم رئيسي” لمنصبه، أوائل شهر آب/أغسطس المقبل.
وزير الخارجية الألماني، “هايكو ماس”، قال في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأميركي، “آنتوني بلينكن”: “صحيح أننا حققنا تقدمًا، لكن لا يزال ثمة الكثير من الصعوبات التي يجب تجاوزها”.
وهو ما أكد عليه نائب وزير الخارجية الفرنسي، “فرانك ريستر”، قائلاً: “لا يزال ثمة قرارات صعبة يجب اتخاذها”.
ولا تُعارض السياسة الخارجية الأوروبية؛ رفع العقوبات عن “إيران”، لكنها ترى بأن بقاء العقوبات من أهم عوامل الضغط على المفاوضين الإيرانيين، للتوصل إلى اتفاق واضح المعالم، يُخرج المسألة الإيرانية من إطار التصارع الدائم، ويستطيع أن يمنع “إيران” من ممارسة المزيد من التوتر في محيطها الإقليمي، الأمر الذي يؤثر بعمق على الأمن القومي الأوروبي.
والتحذير الأوروبي ليس الوحيد، فثمة عدد من دول الشرق الأوسط تعتبر التساهل الدولي مع “إيران”، خاصة “الولايات المُتحدة”، بمثابة دفع لسباق تسلح استثنائي في المنقطة، فهي تعتبر حصول “طهران” على أسلحة إستراتيجية بمثابة مسٍ بأمنها القومي.
يعطي دفعة قوية لـ”رئيسي”..
وحول تأثيرات الرفع المستعجل للعقوبات، يرى الباحث الإيراني، “رضا حق غلامي”، أن ثمة تأثيرات مركبة لذلك، اقتصادية وسياسية، وكلها يؤدي الغرض نفسه، هو التعزيز المجاني لشوكة الجناح المتشدد من النظام، فالموارد التي سيوفرها رفع العقوبات ربما تصل لقرابة ستة مليارات دولار شهريًا، وهي تعادل كامل الميزانية التشغيلية للنظام الإيراني، بما في ذلك ما تصرفه من أموال على استطالاتها الإقليمية، التي كان واضحًا أنها تعاني من نقص حاد في الموارد”.
وتابع: “كذلك فإن هذا الرفع سيُعطي دفعة معنوية قوية للرئيس المتشدد القادم، إبراهيم رئيسي، حيث سيشعر مع فريق عمله بمستويات عالية من التساهل معه من قِبل القوى العالمية، بالذات الولايات المتحدة”.
انسحاب وفرض عقوبات..
وانسحبت “واشنطن” من جانب واحد، من “الاتفاق النووي”، في عام 2018، تحت قيادة الرئيس السابق، “دونالد ترامب”، وفرضت عقوبات موجعة اقتصاديًا مجددًا على “طهران”.
ووسعت “إيران” أنشطتها النووية تدريجيًا بما يتعارض مع الاتفاقيات وقيدت عمليات التفتيش النووية الدولية.
وتجري منذ أسابيع محادثات مستمرة لمحاولة إقناع الجانبين بالعودة إلى “الاتفاق النووي”، في “فيينا”.
وتوقفت المفاوضات الدولية مع “إيران”، قبل 5 أيام، بعد 6 جولات من التفاوض، بدأت قبل أشهر.
وأعلن الطرفان بأن الجولة القادمة ستكون لاتخاذ القرارات النهائية، وجميع الأطراف قالت بأن العقبات الفاصلة، فيما بينها، لا تزال واسعة. لكن التصريحات الإيرانية الأخيرة تدل على وجود قنوات للتواصل بينها وبين “الولايات المُتحدة”، خارج الإطار الرسمي للتفاوض.
عدم الاتفاق قد يؤدي “للحرب”..
وفي محاولة لتوضيح سيناريوهات ما سيحدث مستقبلاً، نشر موقع (هاواي تريبيون) الأميركي؛ تقريرًا تحليلًيًا حول هذا المستوى من التساهل في التوصل إلى اتفاق، الذي قد يؤدي لنفس النتيجة التي قد يفرزها عدم التوصل لأي اتفاق: “الحرب”، والمصاعب التي تواجه المفاوضين الأوروبيين في ذلك الإطار.
ويقول الموقع: “يقع الضغط على المفاوضين الأوروبيين على وجه الخصوص، ففي وقت يستعد الجميع للتوصل إلى اتفاق، يستعد رئيس جديد متشدد للسيطرة على طهران، وصورته منبوذة في الولايات المتحدة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان السابقة، الأمر الذي يُبشر بتعقيد الصورة التفاوضية أكثر مما هي عليه بالفعل”.
وتابع: “يجب على الأميركيين، وعلى جميع الأطياف السياسية أن يهتموا بشدة بكيفية سير هذه المفاوضات بسبب المخاطر الكبيرة للغاية: قد يؤدي الفشل في حل القضية النووية دبلوماسيًا إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط، ستكون ذات أبعاد كارثية، لكنها ليست الكارثة الوحيدة المتوقعة”.