خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
مركز القوة الذي أخرج؛ “أحمدي نجاد”، من صندوق الاقتراع، حال هذه المرة دون خروج؛ “سعيد جليلي”، وهذا التغيّير في التوجهات هو بمثابة تغيّير هام في مسألة السلطة ويُجبر الجميع على اتباع المسّار القانوني وقبول قواعد اللعبة. بحسّب تقرير “صادق ملكي”؛ المنشور بصحيفة (إيران الدبلوماسية).
والانتخابات التي انتهت بتصعيد؛ “مسعود بزشكيان”، إلى منصب رئاسة الجمهورية، قد تكون أبعد من مجرد انتخاب رئيس جمهورية، وقد تكون منشأ الإصلاحات وإعادة تعريف الهياكل، وإصلاح النظام العسكري الذي رضخ نتيجة المأزق الراهن على صعيد السياسات الداخلية والخارجية.
“بزشكيان” وتنوع مراكز السلطة..
إن نوعية وتنوع علاقات المراكز والشخصيات المرجعية؛ والأهم المراكز الأساسية للسلطة، مع “بزشكيان”، عشّية انتخابه رئيسًا للجمهورية، قد تكون بارقة أمل على هذا التغييّر، وأتمنى ألا تكون هذه الرؤية نابعة عن أمنيات وأوهام.
ورغم تعامل المنافسين للرئيس “بزشكيان”، غير العادل بما يحظون من دعم خفي ومُعلن، فإن خسارتهم مسألة جديرة بالتعمق ليس فقط من جانب الشعب وإنما أيضًا صناع اللعبة الانتخابية.
مواجهة “بزشكيان” الأخلاقية..
في غضون ذلك، فإن نوعية مواجهة “بزشكيان” الأخلاقية مع المنافسين أثناء وبعد الانتخابات، دفع في ذاته المجتمع إلى الحكم على صانع القرار.
وهوامش لقاء مشهد بين المرشحين (يقصد جليلي وقاليباف)؛ وحرب القوة خلال اللقاء، والمقاومة ضد التوصيات بالانسحاب لصالح المرشح الطيار (يقصد قاليباف)، الذي كان من المقرر أن يتولى قيادة البلاد، جعله يرى الخطر ليس في وجه المنافس، وإنما في وجهه هو.
خطر حرية إطلاق النار؛ حيث لم يُعد ينتظر أمر القيادة، وإنما يُريد أن يكون هو نفسه القائد. وربما إذا لم ينتهي الأمر بعد ذلك، فسيكون عمل حكومة الظل التي أشرقت عليها الشمس بالغ الصعوبة. وقد كانت حكومة الظل من جملة الكلمات المفتاحية في انتخابات الرئاسة الإيرانية بدورتها الرابعة عشر، ورغم دخول هذا المصطلح الساحة السياسية من خلف المشهد السياسي، إلا أنه لم يوضح هويتها المعقدة، والمتعددة، والغامضة وغير الشفافة.
ولعل طرح هذا المصطلح لم يكن خطوة مرغوبة، لكنه كان مباركًا في نفس الوقت؛ إذ ربما تؤدي حواشي هذا الموضوع إلى اسدال الستار على حكومة الظل أو ضعاف وجودها على الساحات السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية.
حكومة الظل..
وحكومة الظل في الأنظمة الديمقراطية هو دولة بديلة، ودورها شفاف وأوضح من ضوء الشمس. وحكومة الظل في الواقع هي أحزاب بديلة وتحظى بدعم الحكومة، وتمتلك خطط وميزانية وإمكانيات أخرى وتقبل المسؤولية.
لكن حكومة الظل التي طُرحت في انتخابات رئاسة الجمهورية، هي في الحقيقة حكومة يجب الخوف منها، لأنها لا تفتقر فقط إلى معايير الشفافية والديمقراطية، وإنما تُمثل عائقًا أمام الشفافية والديمقراطية.
ومن خلال سنوات إقامتي في “تركيا” كدبلوماسي، فحكومة الظل التي دار عنها الحديث في انتخابات رئاسة الجمهورية الرابعة عشر هى حكومة سرية. فلقد كانت “تركيا” رمز الحكومة السرية يُديرها العسكر مدة سنوات.
ولطالما كانت الحكومات التي نشأت عن آلية الانتخابات تخشى هذه الحكومة السرية. ففي حال تخطت الحكومة المنتخبة الخطوط الحمراء تتعرض للإطاحة، أو الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة، أو تعود إلى المسّار الذي رسمته الحكومة السرية، التي تعمل لصالح نفسها قبل خدمة المصالح الوطنية، لأن مصدر نشأتها الأساس كان العسكر ومافيا المؤسسات الأمنية والقضائية، وقد تسببت في الكثير من المشكلات للحكومات التركية المتعاقبة سواءً على الصعيد الداخلي أو الخارجي.
وقد خرجت حكومة السر في “تركيا” من اللعبة عبر مسّار استغرق أربعة عقود، ثم اُقصيت عن المعادلة السياسية تمامًا بعد الانقلاب الفاشل في 15 حزيران/يونيو 2016م.
ومكانة “إيران” الخاصة والأوضاع الخطيرة على الساحتين الداخلية والخارجية، لا سيما مسألة الاستخلاف؛ (يقصد خامنئي)، زاد من أهمية انتخابات رئاسة الجمهورية الرابعة عشر. وبعض الشواهد توحي بأن انتخاب “بزشكيان” للرئاسة بارقة أمل قد تؤدي عبر السياسات الإيجابية والمقبولة إلى تغيّير التوجهات على الصعيدين الداخلي والخارجي.