8 سبتمبر، 2024 2:58 ص
Search
Close this search box.

“إيران إنترناشيونال” ترصد .. السينما ضد الاستبداد !

“إيران إنترناشيونال” ترصد .. السينما ضد الاستبداد !

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

“إذا كنتم تتصورن أنكم تسُّيطرون على الحدود الإيرانية، فأنتم في حلمٍ جميل. وإذا كانت إيران تتألم كجغرافيا تحت قبضة استبدادكم الديني، فإن إيران بمثابة ثقافة مشتركة تحيّا في أذهان ملايين الإيرانيين الذين أُجبروا على مغادرة إيران بسبب ظلم ووحشيتكم”.. كانت هذه التصريحات أول رد فعل من المخرج؛ “محمد رسول‌اف”، التي تحمل سنوات من العقوبات بجريمة الاستقلال والنقد، وهرب بشكلٍ سري من “إيران” حاليًا. بحسب تقرير “إحسان إبراهيمي”؛ المنشور على موقع (إيران إنترناشيونال).

خرج حتى يبقى حيًا ويحكي ما حدث؛ بحيث لا تفقد الحقيقة روايٍ شجاع آخر. ويصف الكثيرون الأفلام بالانعكاس للأوضاع السياسية والاجتماعية. لكن ماذا يعرفون عن صعوبة إنتاج الأفلام تحت الحكم الاستبدادي؟

صعوبات إنتاج الأفلام يمكن العثور عليها في خاتمة فيلم (لن يحرقوا المخطوطات)؛ للمخرج “محمد رسول‌اف”، حيث ينتهي الفيلم بعزف مؤلم وصورة سوداء بالكامل يليّها عبارة: “نتيجة ظروف التدقيق الصعبة، والسيّطرة على محتويات الأعمال الفنية، قرر صُّناع الفيلم عدم إدراج أسمائهم”.

يُشارك “رسول‌اف”؛ صانع أفلام (الجزيرة الحديدية) و(الحقول البيضاء)، في الدورة الـ (77) من “مهرجان كان السينمائي”؛ بفيلم (بذرة التين المقدس)، علمًا أن آخر حكم قضائي صُدر ضده في “إيران” كان السجن مدة (08) سنوات، والجلد، والتغريم المالي.

وما كان يشّغله خلال العقدين الآخيرين، يتخطى صناعة الأفلام والنشاط الفني، فالشيء الذي يُمّيز مخرج (لا وجود للشيطان)؛ عن الكثير من صُّناع الأفلام الإيرانيين الناجحين، هو الصمود في مواجهة جيش الرقابة والقمع.

إن أسلوب تعاطي “الجمهورية الإيرانية” مع الفنانين، يفتقر إلى الإبداع والحداثة، وإنما هو نفس الأسلوب الذي انتهجه من قبل رفاقهم في “ألمانيا الشرقية والاتحاد السوفياتي” والأنظمة المشابهة؛ وهو: إذا يُريد الفنانون التقدم والدعم، فإن عليهم الرضوخ لـ”قرارات” السلطة، وإلا فسيكون عليهم ارتداء لبُاس الحرب والتأهب للقتال.

لكن “رسول‌اف” رفض الخضوع، ويجب اعتباره كخط ثالث لتيار السينما. خط رفض الخضوع للحكومة، ولم يلجأ للعزلة، ورفض الهجرة قدر استطاعته، ولم يستّسلم لسيف الرقابة. لقد قاوم ليس فقط في عالم أفلامه الخيالي، وإنما كذلك في الحياة الواقعية، حتى أُجبر مؤخرًا على مغادرة “إيران”، لكنه يعتبر نفسه: “مقيُّم بإيران الثقافية”، وقد عقد عزمه ليكون شوكة في عين الاستبداد.

الخط الثالث: سينما مستقلة أم مقاومة ؟

قال المخرج “رسول‌اف”؛ في حوار مع قناة (إيران إنترناشيونال)، بعد منعه من السفر للحصول على جائزة (الدب الذهبي) في “مهرجان برلين السينمائي الدولي” بدورته السبعين؛ عن فيلم (لا وجود للشيطان): “أسّعى للمحافظة على السينما المستقلة؛ حتى لا يتعرض صُّناع الفيلم للضرر”.

وأضاف تعليقًا على تكلفة هذا العمل: “إذا كنا نصُّدق بضرورة صنع التغييّر حولنا، فالمقطوع به إن علينا دفع التكلفة… إذا كان بمقدورنا الاستماع إلى نداء وجداننا، فإن علينا الحذر من ألا نتحول في أي مرحلة إلى حلقة في سلسلة الاستبداد”.

وعليه فليس من قبيل المبالغة إذا ندعي أن الخط الثالث الذي أوجده “رسول‌اف” في السينما الإيرانية، هو “سينما مقاومة”؛ ليس بالمعني الإيديولوجي لـ”الجمهورية الإيرانية”، وإنما بمعنى رفض القمع.

الخط الثالث اليوم أقوى من الأمس..

وجد هذا المخرج قوته في قول: “لا” للسلطة، وظل وفيًا لذلك القرار حتى آخر لحظاته في “إيران”. والآن وبعد حركة (المرأة، الحياة، الحرية)؛ وجد الكثير من الفنانيين هويتهم المفقودة في قول: “لا” وصّمدوا حتى لا تسقط الراية التي حملها “رسول‌اف” مدة سنوات.

ولا تقتصّر التقارير عن مقاومة الفنانين، حول عدم خضوع بضعة من فناني السينما الإيرانية للحجاب الإجباري، ولكن وفق ما نقلت صحيفة (اعتماد) عن مصدر مطلع، فقد شارك في مهرجان (كان) للعام الجاري نحو: (71) عمل من السينما السرية الإيرانية.

وهو الخبر الذي أثار غضب؛ “محمد مهدي إسماعيلي”، وزير الإرشاد الإيراني، ووصف ما حدث: بـ”الجريمة المؤكدة”، وتوعد بالمواجهة الشديدة مع صناع هذه الأفلام.

ويبدو أن “سينما المقاومة”؛ باعتبارها خط ثالث في السينما الإيرانية، سوف تسُّجل فصلًا جديدًا في تاريخ الفن الإيراني. وعلى الحكومة الآن أن تخوض حربًا ضد الشعب على جبهة جديدة سّعت على مدار سنوات لمصادرتها لصالحها، لكن جبهة المقاومة تقف هذه المرة ضد الاستبداد.

والفوز في هذه الحرب الجديدة، سيُّحدد الدعم المعنوي لعشاق السينما الإيرانية والدعم المنظم لمؤسسات السينما العالمية لفناني الخط الثالث.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة