خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
أثبت تحقيق يُجريه موقع (إيران إنترناشونال) منذ عام؛ استخدام القوات الأمنية الإيرانية العنف الجنسي على نطاقٍ واسع ومنُظم في قمع المتظاهرين بعدد من المحافظات الإيرانية؛ خلال العام (2022-2023م)؛ حيث أكد ستة متظاهرين في المراحل العمرية بين: (19-43) عامًا التعرض للاعتداء أو العنف الجنسي بعد نقلهم إلى معتقلات سرية.
وكانت المظاهرات قد اندلعت عقب مقتل الشابة؛ “مهسا أميني”، بواسّطة “شرطة الأخلاق”، في أيلول/سبتمبر 2022م، واستمرت عدة شهور؛ حيث مثّلت مظاهرات: (المرأة-الحياة-الحرية) أكبر تحدي للحكومة ونظام رجال الدين.
وبعد عام ونصف على قمع القوات الشرطية والعسكرية للمظاهرات، نُعد هذا الوثائقي عن قصص الضحايا، واتساع نطاق الإيذاء الجنسي ضد المعارضين والمتظاهرين المعتقلين.
العنف الجنسي أداة للقمع السياسي..
استنادًا إلى الحوار مع متظاهرين تعرض أغلبهم للاعتقال، فقد شمل الاعتداء الجنسي على المتظاهرين المعتقلين في مظاهرات (المرأة-الحياة-الحرية) الاعتداء، والاغتصاب، وتحسّس أجساد النساء والرجال، واستخدام الألفاظ الجنسية.
وقد اتخذ أولئك الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي، قرارًا أن يُطلقوا على أنفسهم إما ضحايا أو ناجين. وقد أبلغ اثنين من الضحايا عن التعرض للاعتداء الجنسي، أحدهما رجل.
وبخلاف الضحايا أو الناجين، تعرض البعض للعنف الجسدي أو الجنسي الشديد مصحوب بإهانات لفظية وتهديدات. ورغم تورط عناصر استخباراتية وأمنية ذكورية في أغلب حالات الاعتداء الجنسي، لكن هناك تقارير تُفيد بضلوع عناصر شرطية نسوية ترتدي في الغالب “تشادر” في عمليات القمع؛ حيث أكدت إحدى النساء تورط عناصر شرطية نسوية بشكل مباشر في عمليات العنف الجنسي ضدها.
“سآخذ أنفاسك” !
تتصور “ساناز”؛ إحدى المعتقلات من ميدان بلدية “رشت”، شمال “إيران”، أن سيارة الشرطة كانت قد اتجهت نحو طريق “أنزلي” وفقًا للمسّار الذي اتخذته، وتقول: “أخذوني إلى مكان يُشّبه مدرسة ابتدائية، وتعرضت هناك للإيذاء الروحي والجنسي. كانت تراقبني شرطيتان بينما كان الشرطي الرجل يتحسس بدني، وقال لي بعبارة بذيئة: سوف آخذ أنفاسك، وسوف يُعثر على جثتك في البحر، وسيصدر تقرير بأن سبب الوفاة الانتحار، وسوف أقضي على شرفك أنت وأسرتك”.
وفي حالة أخرى؛ تُفيد إحدى الأمهات بعجز ابنتها عن المشي بطريقة معتدلة بعد الإفراج عنها من سجن (کچوئي)، وأن وجهها كان قاتم اللون؛ حيث ضربها عناصر الأمن بالقدر الذي تسبب في الحاق الضرر بإحدى كليتيها، وأن الفتاة ماتزال تحت الإشراف الطبي إلى الآن.
لقد تعرضت إلى الضرر الروحي والبدني بقسوة. تقول الأم: “قال ضباط السجن لابنتي: لا أحد ينتظرك بالخارج، سوف نقتلك، ونقوم بدفن جثتك، ونقول لوالدك ووالدتك هربت”.
وقد تم تصميم هذه الإجراءات بحيث تفرض على المعتقلات شعور عميق بالخذلان والإذلال والعار، وتجعلها منبوذة ومعزولة في عين أسرتها.
وبحسّب تقرير الشهود، تستخدم في الغالب العناصر المخابراتية والأمنية هذا التكنيك ضد المعارضين.
أعمال عنف ممنهجة في أمكان سرية..
تُفيد التقارير بالاستفادة من الاعتداء الجنسي والاغتصاب ضد المعتقلين المعارضين للنظام في المحافظات المختلفة؛ حيث روى معتقلون في مدن “طهران” و”الكرج” و”آمل” و”مهاباد”، عن التعرض للاعتداء الجنسي.
من بين هذه الحالات ناشطة نسوية باسم “هستي”؛ من مدينة “الكرج”، تقول: “تعرضت للاعتداء الجنسي من عناصر الأمن داخل شاحنة الشرطة. ضربوني بقوة داخل السيارة، ثم رأيت بعد توقف السيارة أننا كنا وسط عدة زنازين. وكانوا يضغوط على رقبتي بحيث تكون للأسفل، ثم أخذوني إلى إحدى هذه الزنازين، وجذبني رجل من شعري، وضرب رأسي بالجدار، وشعرت بالدوار مدة ثواني، فجردني من ملابسي ومن ثم دخل آخرون إلى الزنزانة… ولا أريد أن أحكي عن المزيد من التفاصيل، فالموضوع بالغ الصعوبة بالنسبة لي. لكنهم تناوبوا الاعتداء علي. وبعد فترة نقلوني إلى مكان يشبه المستوصف، وأعطوني المضادات الحيوية”.
و”ليلا” حالة أخرى تعرضت للاعتقال في شارع “وليعصر”؛ بمدينة “طهران”؛ حيث هجم عليها أربعة من أفراد الأمن من الأربع جهات وأسعوها ضربًا، تقول: “بداخل سيارة الشرطة أجلسوني بالقوة بين اثنين من العناصر، وكان أحدهما يضغط على ثديي باستمرار. وبعد حوالي الساعة ترجلنا من السيارة وشعرت بهواء بارد فأدركت أننا في مكان مفتوح نسبيًا. وبينما وضع العناصر الأربعة حجابي على رأسي كالقبعة، ربطوني من رقبتي ونزعوا عن ملابسي واعتدوا عليّ. وبعد فترة على هذه الحالة تركونيّ. وبعد فترة فتح أحدهم الباب ورماني ببطانية سيئة الرائحة، ولفتت نفسي بهذه البطانية بيديي المقيدتان”.
وتُفيد التقارير بأن الاعتداءات الجنسية كانت تقع في أماكن مختلفة كالشقق، والمدارس، والأزقة، والمخازن، والمستشفيات وغيرها.