خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
أعلنت وسائل الإعلام الإيرانية بالنهاية؛ خبر مقتل “إبراهيم رئيسي” ورفاقه، ومن بينهم “حسين أمير عبداللهيان”، والسؤال: ما هي السياسة التي سوف تتبعها السلطة لإجراء انتخابات رئاسية ؟.. هل تلجأ إلى تقييّد المنافسة، أو تتبّنى طريقًا آخر ؟.. فإذا كانت السلطة تُريد التعامل بنفس النهج الذي سبق في انتخابات العام 2021م، وإقصّاء جميع المنافسين، فإن الإصوليين يفتقدون للإجماع على مرشحٍ واحد، وإذا كان “مجلس صيانة الدستور” يُريد رفض صلاحية جميع المنافسين بما فيهم الأصوليين المعتدلين؛ مثل: “علي لاريجاني”، فالطبيعي أن ينخفض معدل الإقبال الشعبي على صناديق الاقتراع بنسّبة أقل من الدورة الانتخابية السابقة. بحسب المقال التحليلي الذي أعده “علي رضا نامور حقیقي”؛ المحلل السياسي، والمنشور على موقع (إيران إنترناشنول) المعارض.
تحديات داخلية..
وفي ضوء هذه الأوضاع؛ تواجه السلطة كذلك تحديًا داخليًا عقب الهزات الاحتجاجية على مدار العام 2022م، وكذلك الاحتجاجات المستمرة لنقابات “المعلمين، والمتقاعدين، والعمال، وباعة الذهب”، بالتوازي مع الزيادة المستمرة في معدل التضخم وأسعار العُملات، والتي تسُّبب في أزمة اقتصادية كبرى.
على الصعيد الدولي؛ تتعرض “الجمهورية الإيرانية” لتحديات هشّة مثل الأزمة النووية، وكذلك الأزمات الإقليمية ومنها التعارض مع “إسرائيل”، مع تصاعد الاحتمالات بفوز؛ “دونالد ترامب”، بولاية رئاسية جديدة، وهو ما يُفرض على السلطة الإيرانية إتباع سياسة إدارة التوتر مع “الولايات المتحدة” والسيّطرة عليه.
ومع الأخذ في الاعتبار لكل ما سّبق يبدو أن السلطة الإيرانية بحاجة إلى إقبالٍ شعبي كبير على الانتخابات، وحكومة أكثر فاعلية، وشكلًا أفضل على الساحة الدولية. كما انتبه النظام إلى أن عدم فاعلية حكومة “رئيسي” وفشله في تحقيق وعوده قد يؤدي إلى حشد ساسي واسع النطاق من المسّتائين ضد الحكومة.
وهذه الملاحظات قد يقترن انفتاح واسع في المنافسات الانتخابية، وذلك قد يوصي “مجلس صيانة الدستور” باتخاذ تدابير أكثر انفتاحًا.
أسماء على قوائم الترشح..
ومن جُملة الشخصيات التي قد تترشح في الانتخابات الرئاسية؛ نذكر “محمد باقر قالیباف” و”محمد مخبر” و”علي لاریجاني” و”علي أکبر صالحي” و”پرویز فتاح” و”سعید جلیلي” و”اسحاق جهانگیري”.
وبالنظر إلى فشل حكومة “رئيسي” الكبير، فقد تكون الحكومة المقبلة أكثر نجاحًا في حال جاءت بانتخابات تنافسّية. وقد انتبه النظام أن فشل الرئيس الراحل في إدارة الدولة؛ رُغم الوعود، إنما يُقوض بالطبع من شرعية النظام في الانتخابات، وهذا هو سبب استياء المواطنين وعزوفهم عن المشاركة في الدورتين الانتخابيتين السابقتين.
وبوفاة “رئيسي” سوف تتسّع دائرة التحديات داخل معسكر الأصوليين، بل إنهم دخلوا في سِجال إعلامي عنيف على كسّب رئاسة البرلمان.
بالوقت نفسه وفي ضوء هذه الأوضاع؛ لم تُعد رئاسة البرلمان تُغري “قاليباف”، ولذلك ربما سيتجه للمنافسة على منصب رئيس الجمهورية.
انعدام “رئيسي” ومستقبل القيادة..
سوف يؤثر غياب “رئيسي”؛ على “مجلس الخبراء” ومستقبل القيادة؛ فقد كان يتمتع بفرصة أكبر مقارنة بالآخرين لخلافة “خامنئي”؛ لأنه كان المرشح الوحيد الذي سبق وأن تولى رئاسة السلطتين التنفيذية والتشريعية.
كما كان يحظى بدعم وتأييد رجال الدين من تيار اليمين الأصولي في البرلمان، وقد كان اسمه مدرج بالفعل على قوائم المرشحين المحتملين للقيادة. ووفق تسجيل صوتي للعضو السابق بمؤسسة القيادة؛ “وحيد حقانيان”، فقد سأل “رئيسي” في العام 2017م، قبيل الترشح للرئاسة، عن تأثير هذا الأمر على فرصه حال أراد أن يكون مرشدًا.
وتدور مثل هذه التسّجيلات قد أثار بالقطع حسّاسية المنافسين السياسيين. من ذلك ما فعل آية الله “أحمد جنتي”؛ رئيس مجلس الخبراء، بتاريخ 06 آذار/مارس 2023م، من عزل “رئيسي” عن رئاسة أمانة “مجلس الخبراء”، أهم منصب تنفيذي في المجلس، دون أن يشكره، وعين بدلًا منه؛ آية الله “حسيني بوشهري”.
ومن المُّقرر أن يعقد “مجلس الخبراء” الجديد أولى جلساته؛ الثلاثاء 21 أيار/مايو 2024م، وغياب “رئيسي” يعني أنه لن يكون عضو الهيئة الرئاسية لذلك المجلس، في حين أن فريق مكتب رئاسة الجمهورية كان قد عقد تحالفات كبيرة لاختيار “رئيسي” لمنصب رئيس “مجلس الخبراء”، فقد كانت فرصه أكبر للحصول على المنصب في ظل غياب “جنتي”.
لكن خروج “رئيسي” من منافسات القيادة، قوض جهود تيار اليمين في “مشهد” وجبهة (پايداري) والأصوليين الراديكاليين، ومن المسّتبعد أن يستطيع هؤلاء العثور على بديل مناسب.
بشكلٍ عام ومع الأخذ في الاعبتار للأزمات الإقليمية، والتحديات داخل المعسكر الأصولي، وتصاعد وتيرة الغضب الشعبي، فلابد بديل للسلطة عن الانفتاح المحدود وجعل الانتخابات تنافسية مقارنة بالدورات السابقة، وإلا فلن يكون من الواضح مدى ثقل تداعيات مخزون الأزمات على النظام.