خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
في نهاية لقائه المصيري مع؛ “إبراهيم رئيسي”، على الحدود “الإيرانية-الأذربيجانية”، أشاد الرئيس الأذربيجاني؛ “إلهام علييف”، بقوة العلاقات الثنائية، وقال: “ستكون هناك اجتماعات أخرى كثيرة في المستقبل. الوحدة والصداقة بين إيران وأذربيجان لا تتزعزع. ولا أحد يستطيع الفصل بيننا”. بحسب ما استهل به “الدار محمداف”؛ خبير في السياسة الخارجية مقيم في بروكسل، مقاله التحليلي المنشور على موقع “مؤسسة الدراسات الإيرانية-الأورآسيوية”؛ (إيراس)، نقلًا عن (Eurasianet).
ما بين إيران وأذربيجان..
وسلط اللقاء بين “رئيسي” و”علييف” الضوء على اهتمام “طهران” و”باكو” المتبادل بتحسّين العلاقات الثنائية، وكشف بالوقت نفسه، عن العقبات التي لا تزال تُشكل مصدر إزعاج، وتحديدًا العلاقة الاستراتيجية القوية بين “أذربيجان” و”إسرائيل”.
وكما هو مُّعلن فقد سافر الرئيسان إلى المنطقة الحدودية، لافتتاح منشأة للطاقة الكهرومائية على نهر (آرس)؛ الذي يُشكل الحدود بين البلدين. وهذه المنشأة، التي يُطلق عليها اسم: (قیز قلعهسی)، هي الأولى من بين العديد من المشاريع المماثلة التي بدأت العمل على النهر بهدف مزدوج يتمثل في توليد الكهرباء لكلا البلدين، وتسّهيل الري للزراعة.
وقال “علييف”؛ في كلمة أثناء الحفل الذي أقيم بتاريخ 19 آيار/مايو: “مثل هذا المشروع الجميل سيُزيد من الرفاهية والتوظيف لشعبينا، وبالتالي سيكون الخطوة التالية نحو النجاح. وأنا متأكد من أنه سيكون هناك العديد من المشاريع المشتركة المماثلة في المستقبل”.
ورسم خططًا كبيرة للمناطق الواقعة شمال نهر (أرس) مباشرة، وأضاف: “سوف تتحول إلى أجزاء رئيسة لمنطقة (الطاقة الخضراء) التي تضم محطتين للطاقة الكهرومائية بقدرة: (280) ميغاوات”.
وأعلن أن الطاقة المولدة عن طريق الرياح والمياه والشمس في “المنطقة الخضراء”؛ في “أذربيجان”، ستُّفيد المنطقة بأكملها. وكما أكد مراراً في خطابه، فإن التجارة والاقتصاد هما المحركان لتوسيّع العلاقات الثنائية “الإيرانية-الأذربيجانية”.
أهمية اجتماع 19 آيار..
وتحتل “إيران” مكانة بارزة في خطط “باكو”؛ لتكون بمثابة مركز تجاري رئيس للتجارة بين الشرق والغرب وبين الشمال والجنوب.
يُذكر أن اجتماع 19 آيار/مايو 2024، كان بمثابة لحظة مهمة بالنسبة لـ”إيران” و”أذربيجان”؛ حيث أشار البلدان إلى تجاوزهما الضغينة غير الدقيقة التي ميزت العلاقات الثنائية في السنوات الأخيرة وعّززت البراغماتية الجديدة القائمة.
وقد توج حفل نهر (أرس) شهورًا من العمل لوضع اللمسذات الأخيرة على مجموعة متنوعة من المشاريع المتعلقة بتوليد الطاقة والاتصال، وعلى نطاق أوسع، إعادة ضبط العلاقات.
واعتبرت “إيران” أن استعادة “أذربيجان”؛ (كاراباخ)، الجبلية في الفترة: (2020-2023م)، يضّر بمصالحها، بالنظر إلى علاقات “باكو” الوثيقة مع كل من “إسرائيل وتركيا”.
لكن في نهاية المطاف، يبدو أن صناع القرار في “طهران” اختاروا تنحية مخاوفهم جانبًا والسّعي إلى توطيد العلاقة مع “باكو”. وفي حين أن وفاة “رئيسي” قد تتسبب في صراع على الخلافة وراء الكواليس في “طهران”، الأمر الذي يمكن أن يكون له آثار جانبية مقلقة في مناطق أخرى، لكن من غير المتوقع أن يُسبب أي تغييّر كبير في النهج العملي الذي تتبعه “إيران” تجاه “باكو”.
براغماتية متبادلة.. وعقبة “إسرائيل”..
وربما كشف اجتماع “رئيسي-علييف” عن براغماتية متبادلة، لكنه قدم أيضًا أدلة مهمة على أن الطبيعة الأساسية للسياسة الخارجية لـ”أذربيجان” ستبقى دون تغيّير. فلم تقدم تصريحات “علييف”؛ بتاريخ 19 آيار/مايو الجاري، أي إشارة إلى استعداد “أذربيجان” خفض مستوى علاقاتها مع “إسرائيل”، العدو اللدود لـ”إيران”.
في المقابل ألمح “رئيسي”؛ في نفس اللقاء إلى استياء “طهران” المستمر بشأن علاقات “باكو” مع “إسرائيل”، مقدمًا ما يمكن اعتباره نداءً طموحًا لـ”أذربيجان” لإعادة التفكير في العلاقة.
ونقل الموقع الرئاسي الأذربيجاني عن “رئيسي”؛ قوله: “نود بشدة تعميق التعاون في المنظمات الدولية وإظهار التضامن بشأن بعض القضايا الخاصة، بما في ذلك قضية فلسطين. نحن شعب أذربيجان وإيران، لا نتردد في دعم الشعب الفلسطيني وشعب غزة”.
ونوه “سعيد عظيمي”؛ مراقب الشؤون الإيرانية، إلى أن تعليق “رئيسي” بشأن “غزة” يمكن أن يُنظر إليه أيضًا على أنه انتقاد غير مباشر لعلاقات “علييف” الوثيقة مع “إسرائيل”. كما أظهر عمق المخاوف الإيرانية بشأن العلاقات “الأذربيجانية-الإسرائيلية”، في تعليق المحافظ البارز؛ “فؤاد إيزدي”، الذي أشار إلى أنه لا ينبغي استبعاد أي خطأ إسرائيلي محتمل في حادث تحطم المروحية.
إصرار أذربيجاني..
ويبدو أن “أذربيجان” عازمة بحماس للمحافظة على استقلالها الاستراتيجي، مسّتفيدة من حقيقة أن البلاد محور رئيس يربط جميع أنواع شبكات التجارة والطاقة التي تشمل اللاعبين العالميين والإقليميين الكبار مثل “الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والصين وروسيا، وأوروبا، إيران”.
ويبدو أن “إيران” على استعداد للتسّامح مع عزم “أذربيجان” العمل كقوة جيوسياسية من أجل تحقيق هدفها المتمثل في تطوير الممر التجاري بين الشمال والجنوب باعتباره شريان حياة اقتصادي.