22 سبتمبر، 2024 2:39 ص
Search
Close this search box.

“إيراس” ترصد .. داعيات الهوية-الثقافية لهجمات “داعش” على حوزة الحضارة الإيرانية (2)

“إيراس” ترصد .. داعيات الهوية-الثقافية لهجمات “داعش” على حوزة الحضارة الإيرانية (2)

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

بشكلٍ عام تهدف هجمات (داعش) في “إيران”؛ بخلاف تلبية المقاصد الإرهابية، إلى تحقيق أغراض أخرى يمكن تسّميتها بالتداعيات “الحضارية-الثقافية”، بحسّب ما يواصل “میر أحمد مشعل”؛ خبير الشأن الأفغاني، تحليله المنشور على موقع “مؤسسة الدراسات الإيرانية-الأورآسيوية”؛ (إيراس)، وفيما يلي نُشير إلى أهمها:

( أ ) نشر الفكر “التكفيري-السلفي” في الحوزة الفارسية الطاغيكية..

أول التداعيات التخريبية التي قد تتمخض عنها هجمات (داعش) في الموطن التاريخي “الإيراني-الخراساني”، والذي كان في الماضي مهد التسّاهل والمدارة الدينية والمذهبية النابعة عن المذهب الحنفي والشيعي الوسّطي، ونشر المذهب السلفي والشيعي التكفيري.

فلقد طوت الحوزة الفارسية الطاغيكية؛ التي لطالما اقترنت تجربتها “التاريخية-المذهبية” بالمسّالمة الدينية والمذهبية، عهد الهدوء وضرورة أن تتلوث بالأفكار التكفيرية المعادية للإسلام، لأنه في حال نجح أرباب الإرهاب التكفيري الداعشي بتحقيق أهدافهم السيئة، فسوف ينتشر النفاق والعداء بين أتباع المذهب الحنفي المسالمين عبر نشر الفكر التكفيري.

( ب ) اقتلاع الوحدة بين الناطقين بالفارسية عبر التفرقة المذهبية..

كما سبقت الإشارة؛ لطالما كانت اللغة الفارسية عامل للوحدة والألفة بين كل حاملي الجنسية الإيرانية الناطقين بالفارسية، وحتى اليوم ورُغم ما يبدو من ابتعادهم بسبب الحدود السياسية، لكن الهوية العرقية والثقافية التي ماتزال محفوظة بواسّطة اللغة الفارسية، تعمل على التقريب والتأليف بين حاملي هذه الهوية من خلال تجاوز الحدود السياسية المصطنعة.

لقد فشل أرباب الاستعمار الذين استفادوا قبلًا من كل أنواع الأدوات للتفرقة بين الأشقاء في اللغة، يتكالبون على ميدان خلق التفرقة المذهبية عن طريق هذه العمليات الإرهابية ذات الدوافع المذهبية.

ولو نراجع شعارات (داعش) قبل وبعد الهجمات، سوف نُدرك بوضوح أن التفرقة المذهبية بين أشقاء اللغة في دول “إيران وأفغانستان وطاغيكستان”، هو أحد مقاصد التنظيم الإرهابي.

( ت ) بناء عقلية سلبية بين الإيرانيين عن أشقائهم في العرق واللغة..

قد يترتب على بث التفرقة المذهبية تداعيات أخرى مؤسفة؛ بالنسّبة للإيرانيين بشأن سّحب الأولوية في تعريف العلاقات من اللغة ومنحها إلى المذهب.

وحال تكرار هذه العمليات الإرهابية قد لا ينظر الإيرانيون إلى الطاغيك باعتبارهم أخوة في الدم واللغة، وإنما أعداء في المذهب، ومن إثارة البحث في إثرهم بالنار والدم.

واتساع هذه الرؤية ستكون مدعومة عبر دعاية العدو، وقد تتحول على المدى البعيد إلى عقلية أغلب الإيرانيين ومن ثم الوقوف باستمرار ضد إخوانهم في الدم واللغة.

( ث ) انحسّار مجالات التقارب حول الهوية اللغوية الموحدة للناطقين بالفارسية..

تسبب (داعش) في ضربة مهلكة لا يمكن إصلاحها عبر الاستفادة من أصحاب الأصل الإيراني؛ (الطاغيك)، الناطقين بالفارسية، عبر اقصاء مجالات التقارب بين الناطقين بالفارسية في النطاقات السياسية الثلاثية: (إيران، وأفغانستان، وطاغيكستان).

وفي هذا الصّدد شهدت السنوات الأخير؛ القيام بأعمال ثقافية من مثل إقامة احتفالات مشتركة بأعياد النيروز على المستويات الرسّمية وغير الرسّمية، وفضلًا عن المزيد من الأعمال الثقافية المشتركة في الفضاء المجازي بهدف خلق المزيد من التقارب بين الناطقين بالفارسية.

وقد تفقد هذه الجهود جدواها بسبب هجمات (داعش)؛ لأنها ستجعل الخوف بديل الرغبة ومن ثم تقوض للأبد مجالات التقارب بين الناطقين بالفارسية.

الخلاصة..

كما سبقت الإشارة، فقد تمكنت الحضارة الإيرانية باعتبارها منبع اللغة الفارسية والمصدر الرئيس للهوية، من المحافظة على نفسها منذ القدم وحتى الآن وتجاوز الكثير من تقلبات الزمن.

وبغض النظر عن الحوادث والأحداث التاريخية التي كانت سببًا في انقسام الجذور المشتركة لمنطقة أصحاب الأصل الإيراني الناطقين بالفارسية، فقد اتخذ أرباب الاستعمار على مدى القرنين الأخيريين المزيد من الخطوات والإجراءات التي تهدف لفصل وتقسّيم وحدة أصحاب الأصل الإيراني الناطقين بالفارسية.

وحاليًا يسّتفيد المستعمر من أشد الأدوات المهلكة لتعميق الفجوة بين الناطقين بالفارسية، وهي (الدولة الإسلامية ولاية خراسان). والاستفادة من اسم جزء من “إيران”؛ (خراسان)، وعناصر ذات هوية إيرانية ناطقة بالفارسية ضد جزء آخر من “إيران” يحمل نفس الهوية ويتحدث نفس اللغة؛ لا يُحقق فقط أهداف المتورطين في تشكيل (داعش) ضد الإسلام بالكلية، وإنما يعكس أيضًا سّعي أرباب الإرهاب الداعشي للوقيعة وخلق العداء بين الهوية والثقافة الواحدة والتي سبق وأن قسّموها في الماضي إلى أجزاء سياسية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة