29 مارس، 2024 10:52 ص
Search
Close this search box.

“إيتوميديت” ليس الوحيد .. قصة عقاقير الإعدام في أميركا وفزع شركات الأدوية !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – أماني الجبالي :

دواء جديد انضم لقائمة الأدوية المستخدمة في تنفيذ أحكام الإعدام بالولايات المتحدة الأميركية، ودخل حيز التنفيذ منذ أيام، بدون اختباره للاستخدام في هذا المجال، بسبب توقف بعض مصنعي العقاقير المستخدمة في الإعدام بالحقنة القاتلة، والتي تعد من أكثر الوسائل استخداماً في الإعدامات بالولايات المتحدة الأميركية، حيث يتم حقن المدان بواسطة مواد كيماوية قاتلة، تدفع المحكوم عليه للنوم فيتم تقييد تنفسه مما يؤدي لتوقف نبضه.

وأعدمت سلطات ولاية “فلوريدا” في 25 آب/أغسطس 2017، السجين “مارك أساي” بإستخدام عقار طبى جديد، “إيتوميديت” المهدئ, القابل للحقن للمرة الأولى في تنفيذ حكم الإعدام، ويعتبر أول مدان أبيض يتم إعدامه في تاريخ الولاية بسبب قتله رجلين أحدهما من أصول إفريقية عام 1987.

يعتبر “إيتوميديت” المستخدم في عملية الإعدام، عقار منوم تم إختراعه في بلجيكا خلال ستينيات القرن الماضى، يستخدم للتخدير ويعطى للسجين حقناً، ثم يغفو في غضون 10 إلى 30 ثانية، ومن أعراضه الفورية: “تشنج في العضلات وتوسع في الأوعية التاجية وإنخفاض في ضغط الرأس”، ويعد أحد ثلاثة عقاقير تستخدم في تنفيذ أحكام الإعدام بالولاية، والعقارين الآخرين هما: “روكورونيوم بروميد”, وهو عقار يصيب بالشلل حتى الموت، والآخر هو: “أسيتات البوتاسيوم” الذي يتسبب في توقف القلب.

وتم استخدامه بدلاً من عقار “ميدازولام”، الذي أصبح من الصعب الحصول عليه من شركات الأدوية التي ترفض تزويد السلطات بالدواء لغرض الإعدام، وتحولت ولاية “فلوريدا” إلى استخدام عقار “ميدازولام” كمادة للتخدير في عام 2013, عندما توقف بعض مصنعي العقار عن توفير العقاقير التي كانت تستخدم في السابق لتنفيذ الإعدام، وتم استخدامه في 11 حالة حقن مميتة، وعلى الرغم من أن محكمة فلوريدا العليا كانت قد وافقت على إستخدام هذا العقار، إلا أن العديد من الهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان إنتقدت إعتماده، لأنه لم يتم إختباره للإستخدام في هذا المجال.

محاولات فاشلة..

هناك بعض حالات إعدام تمت بطريقة فاشلة، وفي جو من التجارب والتسرع من قبل سلطات الولايات، ومن دون إشراف طبي، ففي آيار/مايو 2006، استغرق إعدام “جوزيف كلارك”، في سجن بأوهايو 90 دقيقة، عقب فشل الطاقم الطبي في السجن في حقنه، وخلال 2007، استغرق إدخال الإبرة في ذراع “كريستوفر نيوتن” ساعتين وتم غرزها في ذراعه ما يقرب من عشر مرات حتى أن العملية استغرقت وقتاً طويلاً لدرجة أنهم سمحوا له بأن يأخذ استراحة ويذهب إلى الحمام.

كما شهد عام 2014 ثلاث عمليات إعدام تمت بشكل فاشل تماماً, بسبب تلك العقاقير، حيث توفي “دينيس ماغواير” في 16 كانون ثان/يناير بعد 26 دقيقة اختناقاً من مضاعفات الحقنة القاتلة, التي كانت تحتوي على مادتين لم يختبرا من قبل، وفي 29 نيسان/أبريل توفي “كلايتون لوكيت” بعد 43 دقيقة أمضاها وهو يئن ويتأوه، وفي 23 تموز/يوليو توفي “جوزف وود” بعد 117 دقيقة، وبعد 15 جرعة من “كوكتيل عقاقير” للإجهاز عليه في عملية إعدام بسجن في “أريزونا”.

وكان القاسم المشترك بين هذه العمليات الثلاث هو استخدام مادة “ميدازولام” المستخدمة لعلاج القلق, والتي لم يرخص باستخدامها في التخدير، وفي كل مرة استخدم العقار في الحقنة الأولى التي يفترض أن تؤدي إلى فقدان الوعي قبل حقن المحكوم بالمادة القاتلة، واستخدام الـ”ميدازولام” مع مادة تؤدي إلى الشلل المؤقت في “فلوريدا” مما لا يتيح معرفة ما إذا كان المحكوم شعر بالألم أم لا، كما أن تلك المادة لا تؤدي إطلاقاً إلى الغيبوبة العميقة.

وفي نهاية عام 2016، أصدرت محكمة بولاية “أوهايو” حكماً بالإعدام منذ عام 2009 على مجرم مدان بقتل فتاة قاصر، لكن لم يتمكن تنفيذ الحكم بعد 18 محاولة فاشلة، ثم قدم “روميل بروم”، طعناً على حكم إعدامه، ودعا محاموه المحكمة العليا لوقف تنفيذ الحكم، إلا أن المحكمة رفضت الطعن وطالبت بإعدامه للمرة الثانية، ولم تتمكن إدارة السجن في المحاولات الـ 18 السابقة من العثور على وريد لحقن “بروم” بالحقنة القاتلة، وخلال محاكمته قال “بروم” إنه حاول مساعدة منفذي الحكم على تطبيقه، ويعتبر “بروم” أول محكوم عليه بالإعدام في الولايات المتحدة يتمكن من البقاء على قيد الحياة بعد عملية الإعدام، إلا أنه مجرد حالة واحدة ضمن العديد من الحالات التي تتعرض لمضاعفات أثناء الحقنة المميتة.

غضب شركات الأدوية..                   

في عام 2011، قامت “ساندوز” (وهي فرع من شركة نوفارتيس) بتزويد الثيوبنتال (باربيتور) إلى الولايات المتحدة عن طريق وسيط، وفي نفس العام، قامت أيضا شركة “Naari” لصناعة الأدوية في “بازل” بنفس العمل عبر وسيط هندي، وقد نفت كلتا الشركتين استخدام منتجاتها كدواء قاتل.

كما فرضت شركة “فايزر” للأدوية الأميركية, بدءاً من آيار/مايو 2016 قيوداً على منتجاتها لضمان عدم استخدامها في تنفيذ عمليات الإعدام بالحقن، فامتنعت عن تزويد تلك الأدوية، مؤكدة على أن منتجاتها تهدف إلى انقاذ أرواح المرضى، كما فرضت قيوداً ومراقبة على سبعة منتجات أخرى، وبذلك أغلفت “فايزر” أخر مصدر لتلك العقاقير، كما تبنت حوالي عشرين شركة من شركات الأدوية الأميركية والأوروبية مواقف مماثلة على مدى السنوات الست الماضية، فضلاً عن انضمام شركتي “نوفارتيس” و”روش” السويسريتين، اللتان أنتجتا سابقاً المهدئات والمسكنات المستخدمة في الكوكتيل القاتل، مما أدى إلى لجوء الولايات المتحدة إلى شركات لا تخضع لرقابة صارمة لتركيب هذه العقاقير، وأسفر ذلك عن رفع العديد من الدعاوى القضائية ضد سرية عملية الشراء ونوعية التركيبة المستخدمة.

وفي 2015 قالت ولاية “أوهايو” إنها ستؤجل تنفيذ جميع أحكام الإعدام حتى عام 2017, على الأقل, بسبب مشكلات في الحصول على العقاقير المناسبة، مما أدى إلى انخفاض عدد تلك الحالات في السنوات الأخيرة، ونفذ الاحكام في 28 سجينًا عام 2015 في 31 ولاية، وهو أقل عدد منذ عام 1991، حينما أعدم 14 سجينًا فقط.

الصراع القضائي..

أثارت هذه الإعدامات جدلًا ومعارك قضائية كثيرة, لا سيما بشأن المواد المستخدمة في تنفيذها، ولا تزال مستمرة مع نقص في الحقن المميتة المستخدمة في تنفيذ الأحكام، مما سبب تأجيل تنفيذ تلك العقوبة في بعض الولايات، وكان الاتحاد الأوروبي قد فرض حظراً على تصدير مثل هذه المواد عام 2011, مما دفع الشركات الأميركية لأن تتخذ إجراءات مماثلة تاركة المسؤولين يبحثون عن تركيبة جديدة يمكن استخدامها في حقن الإعدام، وأصبحت ولايات أميركية تعتمد على مختبرات غير مرخصة قانونياً.

وخلال نيسان/أبريل 2017، أصدرت “أليس غراي”، قاضية محكمة مقاطعة “بولاسكي”، قراراً بتأييد دعوى رفعتها شركة “ماكيسن” للأدوية، التي تمد السجون بعقار “فيكيورونيوم برومايد” المرخي للأعصاب، وهي المرة الأولى في تاريخ القضاء التي تقدم فيها شركة خاصة دعوى قضائية مباشرة لمنع استخدام أدوية لها في تنفيذ أحكام الإعدام، وأكدت الشركة أنها باعته لأنظمة السجون لاستخدامه في أغراض طبية فقط، وأن “أركنسو” حصلت على العقار بواسطة الخداع.

بنتوباربيتال”..

بدأ استخدام “بنتوباربيتال” منذ عام 1930، وهو عقار يسبب الوفاة عند تناوله بجرعات عالية؛ لأنه يؤدي إلى توقف التنفس، وقد استخدم في الولايات المتحدة الأميركية لإعدام المجرمين؛ لذلك لا تسمح شركة “وندبيك” ببيعه إلى أقسام الشرطة أو السجون، وبدأت ولاية “تكساس” باستخدامه لتطبيق العقوبة في 18 تموز/يوليو عام 2012، وتم استخدامه فى ولايات “أريزونا، وأوهايو، وإيداهو، وواشنطن”، بعد نقص “بروميد بانكورونيوم”, الذي يؤدي إلى ارتخاء العضلات، والذي استخدم سابقاً بوصفه أحد مكوّنات كوكتيل الأدوية الثلاثة، وفي تشرين أول/أكتوبر عام 2013، غيّرت ولاية “ميسوري” بروتوكولها لتسمح باستخدام “بنتوباربيتال” مركّب بجرعة قاتلة.

وفي عام 2007، تم استخدام ثلاث جرعات من مواد كيماوية، وهم “صوديوم ثيوبنتالط للتسبب السريع بفقدان الوعي، و”كلوريد البوتاسيوم” ليسبب توقف القلب، و”بروميد البانكورونيوم” ليسبب إيقاف عملية التنفس، وقد أعرب الأطباء حينها عن قلقهم من أنه في حال إعطاء مقادير غير كافية من “صوديوم ثيوبنتال”، فلن يتحقق العمق التخديري الصحيح أو أن تأثير المخدر يمكن أن يزول بسرعة ويعاني السجين من ألم مبرح مع دخول “بوتاسيوم كلورايد” المميت إلى الأوردة وإصابة السجين بالسكتة القلبية، ونتيجة للشلل الذي يسببه “بانكورونيوم برومايد”، فقد لا يتمكن السجين من إبلاغ أحد بالألم الذي يشعر به.

وفى نيسان/أبريل 2017، منع قاضٍ أميركي السلطات في ولاية “أركنساس” من إستخدام واحدة من ثلاث جرعات حقن مميتة قُبيل تنفيذ سلسلة من حالات إعدام في الولاية قبل أن تنتهي صلاحية دفعة عقاقير مميتة ومنها عقار “ميدازولام”، لكن منظمات حقوقية أنتقدت الخطوة، ووصفتها بأنها انتهاك للإجراءات القانونية في الولايات المتحدة.

وتقدمت شركات “فريسنيوس” و”كابي. يو. إس. إيه” و”ويست وورد للمستحضرات الصيدلية”, بدعوى قضائية في إطار قضية فيدرالية أكبر حركها السجناء المدانون، وقالت شركات الأدوية إنه تبين أن العقاقير قد اشتراها طرف ثالث، وأضافوا أنها لا تبيع تلك العقاقير سوى لمقدمي الخدمات الطبية، وإن عمليات الإعدام ربما تحد من قدرتهم التجارية في الإتحاد الأوروبي.

تاريخ الحقن المميتة..

ترجع عملية الإعدام بالحقنة المميتة إلى “كارل براند” الطبيب الشخصي لـ”أدولف هتلر”, وهو أول من اقترح حقن المحكوم عليه بالسم، وربما كانت أول عملية اعدام بالسم قد حدثت في معسكر “اوشفيتيز” للأسرى، حيث تم قتل الأسرى المرضى بواسطة الحقن السامة، كانت الولايات المتحدة الأميركية الدولة الثانية التي قامت بتجربة الحقنة المميتة, وذلك في السابع من كانون أول/ديسمبر من العام 1972, حيث تم إعدام “تشارلز بروكس” في ولاية “تكساس”.

وتحتل الولايات المتحدة المرتبة الخامسة بين الدول التي تسمح بعقوبة الإعدام، وتتضمن الجرائم التي يعاقب عليها المجرمون بالإعدام، “قتل رئيس الولايات المتحدة، والخيانة العظمى، التجسس، وبيع المخدرات، ومحاولة قتل المحلفين أو أحد الشهود، وإحتجاز الطائرات في ولايتي جورجيا وميسوري، وجريمة التعذيب حتى الموت، وجريمة القتل المرتبطة بسرقة سيارة، ووضع قنبلة بالقرب من محطة حافلات في ولاية ميسوري فقط، وجريمة القتل من الدرجة الأولى”.

وأشار تقرير “منظمة العفو الدولية”, الذي صدر بعنوان: (عقوبة الإعدام في عام 2016: حقائق وأرقام)، إلى أن الولايات المتحدة البلد الوحيد الذي ينفذ إعدامات في منطقة الأميركيتين للعام الثامن على التوالي، وذلك عقب إعدام 20 شخصاً في عام 2016 (أي أقل بواقع 8 عمليات إعدام من عام 2015)، وكان عدد الإعدامات المنفذة عام 2016 هو الأدنى الذي يتم تسجيله منذ العام 1991، وقد أعدمت خمس ولايات أشخاصاً في عام 2016، مقارنة بست ولايات في 2015، وتضاعف تقريباً عدد الإعدامات المنفذة في ولاية جورجيا (حيث ارتفع من 5 إلى 9 عمليات إعدام)، فيما تراجع هذا العدد بواقع النصف تقريباً في ولاية تكساس (من 13 إلى 7 عمليات إعدام فقط) وتكفلت الولايتان معاً بتنفيذ 80% من مجموع الإعدامات في الولايات المتحدة خلال العام، وظل 2832 شخصاً تحت طائلة الإعدام مع نهاية العام 2016.

البديل..

قد أقر مجلس النواب بولاية “ميسيسبي” في شباط/فبراير 2017, قانوناً يسمح بتنفيذ أحكام الإعدام رمياً بالرصاص، وصعقاً بالكهرباء، وفي غرف الغاز السام، بسبب نقص في العقاقير، وكانت جماعات يسارية قد شنت حملة على عقاقير الحقن القاتلة، مما منع تنفيذ أي أحكام منذ 2012، وينص القانون على استخدام “غاز النتروغين”، إذا لم يتوافر فرمياً بالرصاص، أسوة بولايتي “يوتا وأوكلاهوما”، فيما تسمح ثلاث ولايات بالإعدام شنقاً، في حين تسمح خمس أخرى بغرف الغاز، وتجيز 8 ولايات الإعدام صعقاً، بينما لا تزال 33 ولاية تستخدم الحقن المميتة لتنفيذ الإعدام.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب