إنشاء “معهد أوروبي لتدريب الأئمة” .. هل يكفي لمواجهة التطرف وموجات الهجمات الإرهابية ؟

إنشاء “معهد أوروبي لتدريب الأئمة” .. هل يكفي لمواجهة التطرف وموجات الهجمات الإرهابية ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة تستهدف مواجهة التطرف والتشدد النابع من تصدير الأئمة للدول الأوروبية، دعا رئيس المجلس الأوروبي، “شارل ميشيل”، الإثنين الماضي، إلى إنشاء “معهد أوروبي لتدريب الأئمة”، وذلك خلال إحيائه ذكرى ضحايا الهجوم الذي وقع في العاصمة النمساوية، “فيينا”، الأسبوع الماضي.

وقال “ميشيل”: “يجب أن نكون حازمين في هذا الأمر. ينبغي أن يكون لدينا نقاش على المستوى الأوروبي، مرتبط بالفكرة التي أثيرت منذ بعض الوقت لإنشاء معهد أوروبي لتدريب الأئمة”.

وأضاف: “رسالة التسامح والانفتاح هذه يمكن نقلها على المستوى الأوروبي، لضمان قبول سيادة القانون المدني”.

وقال “ميشيل”، في وقت لاحق عبر (تويتر): “تجب إزالة الرسائل الإلكترونية التي تمجد الإرهاب بسرعة. يجب ألا يكون هناك إفلات من العقاب للإرهابيين وأولئك الذين يمتدحونهم على الإنترنت”.

وأضاف: “نعتقد أن هذا التهديد الإرهابي يشكل خطرًا أساسيًا لقيم أوروبا الحديثة”، مشيرًا إلى عدم وجود نية لإظهار أي ضعف أو تراخي.

يُذكر أن “فيينا” كانت قد شهدت ليلة دامية، في 2 تشرين ثان/نوفمبر الجاري، بعد أن قام مسلح بهجوم على عدة أماكن في العاصمة، بدءًا من معبد يهودي، أسفر عنه مصرع 4 مدنيين وإصابة 22 آخرين بجروح.

ودهمت الشرطة أكثر من 60 موقعًا على إرتباط بجماعة “الإخوان المسلمين” وحركة “حماس”، في 4 مناطق مختلفة، على ما أعلنت النيابة العامة، في حملة: “لا علاقة لها بالإعتداء الذي وقع الأسبوع الماضي في فيينا”.

وعقد الثلاثاء الماضي؛ في العاصمة الفرنسية، “باريس”، قمة إفتراضية مُصغرة لمناقشة الردّ الأوروبي على “التهديدات الإرهابية”، بعد الإعتداءات الدامية التي شهدتها العاصمة النمساوية، “فيينا”؛ ومدينة “نيس”، جنوب فرنسا، وذلك بعد خطاب الرئيس الفرنسي المعادي للإسلام كرد فعل على حادث ذبح المعلم الفرنسي الذي نشر رسوم مسيئة لرسول الإسلام “محمد”.

جيدة.. لكنها متأخرة !

وقال “حسن شلغومي”، رئيس مؤتمر أئمة فرنسا، في مقابلة مع (سكاي نيوز عربية)، إنه قد تواصل مع رئيس المجلس الأوروبي بشأن المقترح الجديد، وقدم توصيات باسم “مؤتمر أئمة فرنسا”، الذي يرأسه منذ العام 2009، وهو الجهة التي طرحت مبادرة إنشاء “معهد أوروبي لتدريب الأئمة”، منذ سنوات.

وأضاف “شلغومي”: “المبادرة جيدة؛ رغم أنها متأخرة جدًا، فقد خاطبنا أكثر من مرة الاتحاد الأوروبي، بصفتي عضوًا في مجلس حوار الديانات ومكافحة التطرف، لوقف تدفق الأئمة من تركيا ومن أعضاء جماعة الإخوان المسلمين ومن السلفيين”.

وكان الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، قد أعلن، في شباط/فبراير الماضي، عن توجه إدارته نحو سن قانون جديد، الهدف منه تحسين الرقابة على خطب المساجد التي قد لا تتوافق أحيانًا مع قيم الجمهورية، والتوقف عن استقبال أئمة ترسلهم وتموّلهم دول أجنبية.

وكشف في المقابل عن توجه لزيادة الأئمة الذين نشأوا في “فرنسا”. كما أعلن “ماكرون”، في بداية تشرين أول/أكتوبر الماضي، عن إنشاء ما سماه “المعهد العلمي لعلوم الإسلام” لتدريب علماء الإسلام وباحثين مختصين في دراسة الإسلام والمعرفة الإسلامية الدينية.

تعترضها العديد من العوائق..

وعن المبادرة، قالت صحيفة (لاكروا) الفرنسية في تقرير لها، الخميس، إن المبادرة الأوروبية تعترضها العديد من العوائق التي تخص الجاليات المسلمة وخصوصياتها المتنوعة من جهة، أو تلك المتعلقة بالقوانين المحلية لكل دولة أوروبية، حيث يمنع القانون الفرنسي العلماني تمويل أي مؤسسات دينية.

وحول هذه العوائق؛ يقول الإمام “شلغومي” إن: “اختلاف القوانين المحلية وتنوع المناهج والمذاهب التي تطبع الجاليات المسلمة في أوروبا، يمكن أن تشكل عقبات في طريق هذه المبادرة، لكنها لا يمكن أن تمنع قيامها، في قضية تمويل النشاط الديني في القانون الفرنسي يمكن تجاوزها من خلال التمويل الأوروبي المباشر”.

موضحًا: “أما مسألة اختلاف المذاهب والمدارس العقدية بين المسلمين في أوروبا، فيمكن الإشتغال عليها من طرف الأئمة أنفسهم، حيث يمكن تجسير الهوة بإبتكار فقه مقارن يحاول التقريب بين المذاهب ويراعي خصوصيات المسلمين في أوروبا، باعتبارهم مواطنون مندمجون في مجتمعاتهم وليسوا مجرد مهاجرين أو مقيمين”.

ولاء مزدوج..

يُذكر أنه صدر تقرير عن “مجلس الشيوخ” الفرنسي، في تموز/يوليو الماضي، قد كشف عن وجود نحو 151 إمام مسجد مبتعث من “تركيا”، كما يوجد 300 إمام تدفع رواتبهم من خارج “فرنسا”، في مقابل 970 إمامًا في مساجد “ألمانيا” تدفع السلطات التركية رواتبهم شهريًا.

ويشير التقرير إلى ما سماه “الولاء المزدوج” لهؤلاء الأئمة بين الدولة التي يعملون فيها والدولة التي يتلقون منها رواتبهم، مؤكداً أن هذه الازدواجية “ستعزز تأثير هذه الدول على الداخل الفرنسي والأوروبي”.

بناء خطاب إسلامي يتوافق مع المجتمع الأوروبي..

فيما يرى الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية في أوروبا، “هادي يحمد”؛ أن: ”العقبة الكبرى أمام بناء خطاب إسلامي أوروبي يتوافق مع المجتمع الأوروبي وقيمه العلمانية، ليس مكان تدريب الأئمة، بل المناهج التي يتعلمونها ثم يعيدون إنتاجها في شكل خطب وممارسة دعوية’.

مضيفًا أن: “مسألة توطين معاهد تدريب الأئمة في الداخل الأوروبي؛ لن تكون ذات نجاعة ما لم يرافقها تجديد في مناهج التدريب، ففي فرنسا وفي كثير من الدول الأوروبية عشرات من معاهد التدريب التابعة لجماعات الإسلام السياسي، الإخوان والسلفيون، وتتمتع باعتراف إداري وقانوني، لكن مناهجها متطابقة مع مناهج الأئمة الذين يأتون من خارج الفضاء الأوروبي”.

إغلاق معاهد التدريب الإخواني..

وفي هذا السياق، يقول “شلغومي” إنه: “إذا كانت المؤسسات الأوروبية جادة في مكافحة التدخل الأجنبي والإسلام السياسي، فعليها أن تُغلق معاهد التدريب الإخوانية والسلفية، فهي لا تُكرس فقط القطيعة بين الأئمة والمجتمع الذي يعملون فيه، بل تُدرس مناهج تشجع على الكراهية والتطرف”.

مشيرًا إلى أن: “الاختراق الإخواني والتركي وصل إلى المؤسسات التمثيلية للمسلمين، حيث أصبح هؤلاء يسيطرون على تمثيل عموم المسلمين أمام المؤسسات الرسمية الأوروبية”.

ويوجد في “فرنسا” ثلاثة معاهد إخوانية لتدريب الأئمة، هي: “المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية”، في “شاتو شينون”، و”معهد ليل”، شمال البلاد، و”المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية”، بـ”سان دوني”، والذي يواجه تحقيقًا قضائيًا، منذ تموز/يوليو الماضي، يتعلق بتمويله القطري.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة