خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
علق المحللون الإسرائيليون على التصريحات الأخيرة لولي العهد السعودي، “محمد بن سلمان”، التي انتقد فيها تركيا, حيث نشرت صحيفة (إسرائيل اليوم) العبرية مقالاً تحليلياً للكاتبين، “يوئيل غوزنسكي”، و”غليا ليندشتراوس”، حول توتر العلاقات السعودية التركية واختلاف مواقف البلدين بشأن العديد من القضايا الإقليمية؛ وعلى رأسها قرار “ترامب” الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وموقف أنقرة من الأزمة القطرية ودعمها لجماعة “الإخوان المسلمين”.
التوتر يسود العلاقات السعودية التركية..
يقول الكاتبان الإسرائيليان: خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها ولي العهد السعودي، “محمد بن سلمان”، إلى مصر، أجرى مقابلة مع صحيفة (الشروق) اليومية المصرية، وشن فيها هجوماً على تركيا. حيث قال إنها: “جزء من ثالوث الشر، الذي يضم تركيا وإيران والجماعات الإرهابية”. كما اتهم تركيا بأنها تريد إقامة الخلافة من جديد. ورغم أن السفارة السعودية في أنقرة أوضحت أن تلك التصريحات لم تكن موجهة ضد تركيا بل ضد، جماعة “الإخوان المسلمين”، والجماعات الأخرى المتطرفة، إلا أنها كشفت عن التوتر القائم بالفعل بين البلدين.
إن التوتر بين الرياض وأنقرة قد اندلع بسبب دعم تركيا لقطر وتعاونها مع إيران وروسيا من أجل التوصل إلى تسوية للأزمة السورية, حيث ترى أنقرة أن التسوية مهمة لتحجيم القوات الكردية في شمال سوريا ولمنع قدوم موجة أخرى من اللاجئين, إضافة إلى الـ 3.5 مليون لاجئ متواجدين بالفعل في أراضيها. كما أن المملكة العربية السعودية ليست راضية عن الإنتقادات اللاذعة التي توجهها أنقرة ضد الرئيس المصري، “عبدالفتاح السيسي”، وهي ترفض أيضاً الدعم التركي للإخوان المسلمين.
ويزعم المقال أن “البطش”؛ الذي تمارسه القاهرة ضد جماعة “الإخوان المسلمين” قد دفع لاجئين سياسيين للفرار إلى إسطنبول، وهو ما زاد من حدة التوتر.
تركيا: صديق الأمس عدو اليوم !
يبدو أن التوتر الحالي بين تركيا والمملكة العربية السعودية يُنهي فترة من التقارب بين البلدين. حيث كانت تركيا قد انضمت إلى “التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب”، الذي دعا إلى تشكيله ولي العهد السعودي عام 2015. وقام قادة البلدين بزيارات متبادلة، وقامت الدولتان بإنشاء “مجلس للتعاون الإستراتيجي المشترك”.
ولقد كانت تركيا تُعد لاعباً رئيساً ضمن المخطط الإقليمي للأمير، “محمد بن سلمان”، الذي سعى لكبح النفوذ المتنامي لإيران. وباعتبار تركيا قوة إقليمية سُنية، فإن بإمكانها أن تُصبح ثقلاً في مواجهة إيران. ومع ذلك، فإن التوترات الداخلية بين دول المحور السني لها تأثير بالغ على سلوك القوى الإقليمية بما لا يقل عن تأثير الإنقسام السني الشيعي. حيث ترى المملكة العربية السعودية أن ما يسمى بمحور “الإخوان المسلمين” – الذي يضم تركيا وقطر – يمثل خطراً إيديولوجيا عليها.
أنقرة وطهران: تحالف المصالح..
لقد رأى ولي العهد السعودي، في المقابلة التي أجراها مع الصحيفة المصرية، أن الأزمة مع قطر سوف تطول. ويبدو أن الإحباط السعودي من إصرار الموقف القطري يفسر التصريحات المعادية لتركيا. أما أنقرة، فإنها من جانبها – في ضوء الأزمة الشديدة مع الغرب وعزلتها الإقليمية النسبية – تسعى قدر الإمكان للحفاظ على علاقات طبيعية مع إيران وروسيا، كما تتجنب التدخل في الصراع السعودي الإيراني. ويرجع ذلك أيضاً إلى اعتماد تركيا على إستيراد مصادر الطاقة من إيران، فضلاً عن رغبة أنقرة في زيادة حجم التجارة بين الدولتين بعد رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران.
«القدس» سبب الخلاف بين الرياض وأنقرة..
يدور التوتر أيضاً، بين المملكة العربية السعودية وتركيا، حول الاعتراف الأميركي بـ”القدس” عاصمة لإسرائيل. فالمملكة العربية السعودية، التي تُبدي إرتياحاً لموقف إدارة “ترامب” تجاه إيران، لا تريد الصدام معه حول “قضية القدس”, بل إنها تحاول مساعدة الإدارة الأميركية على إنجاح عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، من خلال الضغط على الفلسطينيين لتليين مواقفهم حتى تتسق مع مبادرة “ترامب”. أما تركيا، فهي في المقابل تتزعم معسكر المنتقدين للسياسة الأميركية تجاه “القدس”.
وفي الآونة الأخيرة، حدث تقارب بين عمان وأنقرة حول تلك القضية، رغم اعتماد الأردن على المساعدات الاقتصادية السعودية. وتنسيق المواقف السياسية بين الأردن وتركيا بشأن “قضية القدس” قد يُعقد الأمور مع اقتراب موعد نقل السفارة الأميركية من “تل أبيب” إلى “القدس”.
التحالف بين السعودية وإسرائيل..
بحسب المقال العبري فإن الرياض ترى أن الانقسام داخل المحور السني يعزز أهمية التحالف مع إسرائيل لمواجهة إيران. ومع ذلك، هناك قيود أمام السعودية تعوق التقارب مع إسرائيل خاصة في ظل جمود عملية السلام مع الفلسطينيين. علاوة على ذلك، فإن السياسة الخارجية النشطة بل والمتهورة التي ينتهجها ولي العهد السعودي – تثير ردود أفعال مضادة في المنطقة. وقد تشكل بعض تلك الردود تحديًا لإسرائيل، لا سيما ردود طهران وأنقرة.
وربما لا توجد دولتان في الشرق الأوسط متفقتان تماماً بشأن خطورة التهديد الإيراني على المدى الطويل أكثر من السعودية وإسرائيل. وبالتالي, فإن نهاية “شهر العسل السعودي التركي” يمثل إنفراجة لتعزيز منظومة العلاقة بين الرياض و”القدس”.