إلتزام حكومي ورفض داخلي .. العقوبات الأميركية تطال أذرع “إيران” بالعراق وسط توقعات بالمزيد !

إلتزام حكومي ورفض داخلي .. العقوبات الأميركية تطال أذرع “إيران” بالعراق وسط توقعات بالمزيد !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في إطار فرض المزيد من الضغوط على أذرع “إيران”، أعلنت “وزارة الخزانة الأميركية”، الخميس الماضي، أن “الولايات المتحدة” فرضت عقوبات على إثنين من زعماء الميليشيات العراقية المسلحة المرتبطة بـ”إيران”، ومحافظين إثنين سابقين تتهمهم بإنتهاك حقوق الإنسان وممارسات تنطوي على فساد.

وذكرت الوزارة، في بيان، أن العقوبات تستهدف: “ريان الكلداني” و”وعد الشبكي”؛ وهما من زعماء الفصائل المسلحة، وكذلك المحافظين السابقين: “نوفل العاكوب” و”أحمد الجبوري”.

ويعتبر المشمولون بـ”العقوبات الأميركية” من كبار الشخصيات التي تحوم حولهم اتهامات بالفساد وغالبيتهم متهمون بتنفيذ أجندات إيرانية. وهؤلاء الشخصيات هم :

“وعد الشبكي”، قائد اللواء 30 في ميليشيات “الحشد الشعبي”، وهو متهم بالإستيلاء على منازل لمسيحيين في “نينوى” وحرق أخرى.

“ريان الكلداني”، وهو مسيحي وزعيم ما يعرف بـ”كتائب بابليون”، ومتهم بتهجير المسيحيين والإستيلاء على ممتلكاتهم وتوزيعها على قادة ميليشيات “الحشد الشعبي”.

و”الكلداني”؛ متهم أيضًا بقتل فتاة عراقية تدعى، “رفيف الياسري”، وهو من أكثر المقربين لرجل “إيران” الأول في “العراق”، “أبومهدي المهندس”، الذي تدخل شخصيًا لوقف التحقيق مع “الكلداني” بخصوص التورط في مقتل “الياسري”.

حظر الممتلكات ومنع التعامل..

وبموجب العقوبات الجديدة؛ ستفرض “واشنطن” حظرًا على ممتلكات العراقيين الأربعة في “الولايات المتحدة”، كما ستمنع مواطنيها من إجراء أي تعاملات تجارية معهم.

وتأتي تلك العقوبات بعد أشهر على عقوبات فرضتها “واشنطن” على شركة عراقية وشخصيتين؛ قالت “الخزانة الأميركية” إنهما يسهّلان تعاملات “الحرس الثوري الإيراني”.

والشخصيتان هما؛ “محمد الحساني” و”مكي الأسدي”، وشركة “موارد الجنوب” الخاصة، وذلك بعد عقوبات فرضت على السياسي، “آراس حبيب الفيلي”، و”أكرم الكعبي”، زعيم ميليشيا “النجباء”، المرتبطة بـ”إيران”.

إلتزام بالعمل مع الحكومة العراقية..

وعلقت “السفارة الأميركية”، بالعراق، على قرار العقوبات قائلة أن: “هذه الخطوات تظهر إلتزامنا بالعمل مع الحكومة العراقية وجميع العراقيين المناهضين للفساد وإنتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة من قِبل مسؤولين حكوميين”.

وأشارت إلى أنها: “ستواصل مساءلة الأفراد المتورطين بإنتهاكات حقوق الإنسان؛ بما في ذلك اضطهاد الأقليات الدينية والمسؤولين الفاسدين الذين يستغلون مناصبهم لملء جيوبهم بالمال واحتكار السلطة لصالحهم على حساب مواطنيهم”.

البنك المركزي يمتثل للقرار ويجمد حساباتهم..

وعلى إثره جمد “البنك المركزي العراقي” ودائعهم وأموالهم؛ وكشف كتاب صادر من البنك، تم تعميمه على كافة المصارف والمؤسسات المالية غير المصرفية العاملة في “العراق”، عن تجميد ودائع وأصول ومنع إجراء أي تعامل مالي مع الذين تضمنتهم قائمة العقوبات الأخيرة التي صدرت من “وزارة الخزانة الأميركية”، والتي طالت أربع شخصيات عراقية، بينها محافظ وبرلماني وقياديان اثنان بـ”الحشد الشعبي”.

ودعا البنك، كافة الجهات المالية في “العراق”، إلى منع حصول هؤلاء الأربعة على عُملة “الدولار”، وإلى تزويد “البنك المركزي” بالحسابات المصرفية التابعة لهم وأي معلومات أخرى خاصة بهم.

وتباينت ردود الفعل في الداخل العراقي تجاه هذه الخطوة، فبينما رآها متابعون جزاءً لما إرتكبه هؤلاء من إنتهاك لحقوق الإنسان، عدها آخرون تدخلًا في الشأن العراقي.

قد تطال العقوبات 67 شخصية جديدة..

وكشف رئيس اللجنة المالية في البرلمان العراقي، “هيثم الجبوري”، عن تسريبات تتحدث عن شمول 67 شخصية سياسية عراقية جديدة بـ”العقوبات الأميركية”، مشيرًا إلى وجود نية أميركية لإصدار قوائم أخرى للعقوبات.

ولفت “الجبوري” إلى أنّ لجنته بانتظار وصول مؤشرات وأدلة بشأن الفساد وغسل الأموال من قِبل الجانب الأميركي، لتبدأ التحقيق مع السياسيين المشمولين بالعقوبات.

وعبّر عن خشيته من احتمال وجود استهداف سياسي لبعض الشخصيات، مؤكدًا على أنّ الصراع “الإيراني-الأميركي” له انعكاساته السياسية في “العراق”.

وقال: “كان على الأميركيين إشراك بعض المؤسسات العراقية، كالبنك المركزي ودائرة غسل الأموال وبعض المصارف الموثوقة، قبل إصدار العقوبات”، لافتًا إلى أنّ: “شمول العقوبات لأربعة أسماء قد يكون جسّ نبض، قبل إدراج أسماء أكبر وأكثر تأثيرًا في الساحة العراقية”، مؤكدًا أنّ الأمور ستتضح أكثر لدى لجنته في حال حصلت على وثائق من الجانب الأميركي.

تحركات لإدانة قرار العقوبات..

إلى ذلك؛ قال عضو في لجنة الأمن والدفاع البرلمانية إنّ قيادات في “الحشد الشعبي” تتحرّك منذ أيام، تجاه اللجنة والكتل البرلمانية، من أجل إصدار قرار يدين “العقوبات الأميركية”، موضحًا أنّ بعض نواب “تحالف الفتح”، (الجناح السياسي للحشد الشعبي)، بدأوا بحملة جمع تواقيع بهذا الشأن.

وأشار إلى وجود فريق آخر داخل لجنة الأمن وبقية مكونات البرلمان، يدعو للتريث ومطالبة “واشنطن” بتقديم أدلتها بشأن أي شخص تُفرض عليه عقوبات، لافتًا إلى وجود إصرار لدى المعسكر المؤيد لـ”الحشد الشعبي” على زجّ البرلمان في المواجهة مع “واشنطن”، للحيلولة دون شمول زعامات بـ”الحشد” بعقوبات جديدة.

تعلب بالنار وتجر “الحشد الشعبي” لضربها..

وحذر رئيس “كتلة بدر”، (الجناح السياسي لميليشيا بدر بزعامة هادي العامري)، في البرلمان، “حسن الكعبي”، الأميركيين، ممّا وصفه بموقف شديد في حال شُملت قيادات “الحشد الشعبي” بالعقوبات، أو جُرّمت فصائل من “الحشد”، موضحًا في تصريح صحافي أنّ البرلمان، ووزارة الخارجية، والقائد العام للقوات المسلحة، (رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي)، مطالبون بتبني موقف يأخذ بالاعتبار المخاوف من احتمال شمول قادة “الحشد” الكبار بالعقوبات.

وأضاف أن: “أميركا تسعى للّعب بالنار، وجرّ (الحشد الشعبي) إلى ضربها؛ لتكون لديها حجة في إتخاذ إجراءات جديدة في هيئة الأمم المتحدة، ويكون العراق تحت طاولتها”.

تدخل سافر في الشأن الداخلي..

الأمين العام لما يعرف بـ”عصائب أهل الحق”، “قيس الخزعلي”، رأى في تغريدة عبر (تويتر)؛ أن: “إصدار عقوبات على شخصيات عراقية يُعد تدخلًا سافرًا في الشأن الداخلي”، معتبرًا أنّ المطلوب “من الجميع إدانة هذا الفعل من حيث المبدأ؛ بغض النظر عن المواقف السياسية”.

بسبب ممارساتهم في سهل نينوى..

ويرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في السليمانية، “عقيل عباس”، بأن: “ورود اسمي، ريان الكلداني ووعد القدو، على تلك اللائحة يرجع إلى الممارسات الحاصلة في منطقة سهل نينوى، التي يتواجد فيها هذان الفصيلان العسكريان”، كما أن “ريان الكلداني؛ متهم بإيقاف مشروعات إنمائية للأمم المتحدة، بإرشادات من الحشد الشعبي”.

وأوضح أن الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، يخضع لضغوط بهذا الإتجاه، متوقعًا “صدور قوائم أخرى ربما بقوانين مغايرة، أو بقرارات رئاسية تنفيذية؛ كانت تصدر من عهد الرئيس بوش”، على حد وصفه.

واعتبر “عباس” أن: “ما صدر بحق هؤلاء الأربعة لا يعني أمرًا بالسجن أو القبض، لكن مصادرة أي أموال لهم في البنوك الأميركية، ومنع أي كيانات أميركية سواء كانوا أشخاصًا أو مؤسسات من التعاطي معهم”.

جهود المؤسسات المدنية تأتي ثمارها..

فيما يرى المحلل السياسي، “وائل الركابي”، أن: “هذا الإجراء مؤشر على عودة المناطق المحررة من تنظيم (داعش) إلى واجهة الأحداث الدولية”، معتبرًا أنّ الجهود التي بذلها نشطاء وسياسيون ومؤسسات عراقية في المجتمع الدولي أثمرت، وكانت هذه بعض نتائجها، متوقعًا أيضًا صدور إجراءات أخرى بحق سياسيين آخرين وقادة فصائل مسلحة.

وأشار إلى أن: “التوجه الأميركي الجديد يأتي في سياقين، الأول هو العقوبات الأميركية على طهران، والتوتر الحاصل بين البلدين، ومعاقبة الأشخاص المرتبطين بها، خاصة أن الكلداني مرتبط مباشرة بقاسم سليماني؛ الذي زار منطقة سهل نينوى خلال الأشهر الماضية، والسياق الآخر، هو ضغط الإنجيليين على ترامب لتسوية أوضاع المسيحيين في العالم”.

لن تكون ذات تأثير..

بالنسبة إلى الخبير، “أحمد الحمداني”، فقد رأى إن: “العقوبات الأميركية لن تكون ذات تأثير، لكنها حققت رسائل عدة أو منافع معنوية، فهي بمثابة إعلان عن أذرع إيرانية في العراق”.

وأضاف بأن: “العقوبات فُرضت على أهم المتعاملين مع إيران في المناطق الغربية والشمالية في البلاد، وصحيح أن العقوبات ستقوّي الجبهة السُنية الثانية الرافضة لإيران، لكن في حقيقة الأمر لا تأثير لها، ولن تكون مهمة للأشخاص الذين تعرضوا لعقوبات الخزانة الأميركية”.

واعتبر أن: “المصرف المركزي العراقي والمصارف العراقية الأخرى، ملزمة بالتحرك نحو أصول الأربعة في المصارف ووقف التعامل المالي معهم. وهي مشكلة قد لا تكون مهمة لدى المعاقبين الأربعة على الأغلب”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة