كتبت – لميس السيد :
هناك أربعة أسباب رئيسة للقلق حول مستقبل الجيش التركي، الذي قوضه الرئيس “رجب طيب أردوغان” بطموحه القاتل، وايديولوجياته، وجنون العظمة، وفقاً لما رأى الكاتب والمفكر الأميركي “مايكل روبن” في مقاله بموقع معهد “أميركان انتربايز” للأبحاث السياسية العامة.
طائرتين لكل طيار واحد لكثرة عدد الطائرين المعتقلين..
أولاً: أدت محاولة الانقلاب الفاشلة, في العام الماضي, إلى إضعاف صفوف الجيش. واياً كان مصدر هذا الإنقلاب, سواء من عدو أردوغان، “فتح الله غولن”، أو بتدبير من “أردوغان” نفسه، أو كان من بنات أفكار مجموعات ذات مصالح أخرى مضادة لأردوغان في تركيا، فإن هناك شئ واحد واضح: أن مدى التطهير اللاحق لهذا الحدث الهائل قد دمر معنويات تركيا العسكرية واستعدادها، حيث أصبح هناك طائرتين من طراز “F-16” في تركيا لكل طيار غير معتقل بالسجون، حيث يصل عدد الضباط المحبوسين لضابط بين كل أربعة ضباط.
إخماد شعلة الخبرة العسكرية..
ثانياً: تسبب “أردوغان” في إخماد شعلة خبرة عسكرية نشأت على مدار عقود بشق الأنفس في مجال مكافحة الإرهاب والمجالات التقنية, من خلال فصل أي ضابط لا يشاركه في رؤيته المتطرفة بحكم البلاد. تركيا دائماً تواجه تهديدات لا تعد ولا تحصى ولا يتناقص أعدائها. وعادة ما كانت تحبط قوات الأمن المؤامرات الإرهابية قبل أن تتمكن من النجاح، غير أن الإرهابيين يقومون اليوم بتهريب القنابل إلى اسطنبول وأنقرة بسهولة كما هو الحال في سائر المدن التركية، وأصبح يمكن للمتمردين أن ينتشروا في شمال غرب تركيا, التي هي على مسافة قريبة ولا تتعدى 1100 ميل من جنوب شرق تركيا.
الصراع بين “بيرينسك” و”تانريفري”..
ثالثاً: هناك معركة فئوية تدور في صفوف القوات المسلحة التركية، فبالرغم من أن السياسي ورجال الأعمال السابق، “رودينا دوغو بيرينسك” قد حقق نجاحاً انتخابياً ضئيلاً جداً, وله تأثير ضئيل جداً على الصعيد المدني، إلا أنه قد أنشأ قاعدة كبيرة من القوة لنفسه في الجيش التركي، حيث يتبنى العديد من كبار الضباط قوميته المتشددة “التركمانية”، غارقة برؤية تآمرية ضد كل من الولايات المتحدة و”الناتو”. وإذا كان الانقلاب وظيفة يتم حياكتها داخل صفوف الجيش، فإن “بيرنسك” قد حاكها بشكل جيد، حيث كان إلقاء اللوم على “غولن” و”الناتو” و”أميركا” هو الفرصة التي سنحت له توجيه ضربة قاتلة ضد الجميع.
ولكن وجهات نظر “أردوغان” الدينية كانت تغضب “بيرينسك”، ما جعلهم حلفاء غير طبيعيين، حيث كان تعيين “أردوغان” للجنرال “عدنان تانريفري” – العميد المتقاعد قسراً بسبب إتصاله بالإسلاميين في عام 1997 – ليكون مستشاره العسكري، كان كفيلاً بأن يكون مطهراً مبيداً لأتباع “بيرينسك”. ولم يكن هذا مفاجئاً، حيث أن “أردوغان” قد كان على تعاون مستمر مع “غولن” قبل أن ينقلب عليه.. فلماذا لا يفعل الشئ نفسه مع أتباع “بيرينسك” ؟.
ولا شك ايضاً ان رغبة “روسيا” في استيعاب إسلاموية “أردوغان” مقابل معاداته لأميركا، أضعفت “بيرينسك” بالفعل، علاوة على أن تحرك “تانريفري” لجلب أعضاء شبه عسكريين من مجموعات إسلامية في الجيش التركي تعرف باسم (سادات) تهدف بشكل أساسي إلى حل محل أتباع “بيرينسك” والعلمانيين التقليديين.
التحالف مع المتمردين الأكراد..
رابعاً: التحالف مع المتمردين الأكراد. قد يصف أردوغان “حزب العمال الكردستاني” بأنه من الإرهابيين، لكنه قام بإضفاء الشرعية عليه من خلال اتصاله بزعيم الحزب المعتقل “عبد الله أوغلان”، لأن إذا كانت تركيا محقة بشأن دخول سوريا بأي عدد كان فإن التنسيق مع الأكراد ضرورياً وإلا سيجد الأتراك أنفسهم متورطين في صراع لا يمكن الخروج منه بسهولة.