خاص : كتبت – نشوى الحفني:
فيما يبدو أن “العراق” بات مقبلاً على أزمة سياسية بعد إنهاء عضوية رئيس “مجلس النواب” العراقي؛ “محمد الحلبوسي”، بقرار من “المحكمة الاتحادية العُليا”؛ (أعلى سلطة قضائية في العراق)، الثلاثاء، بسبب دعوى تزوير أوراق رسّمية؛ (طلب استقالة سابق باسمه)، تقدم بها ضده؛ النائب “ليث الدليمي”، بهدف طرده من المؤسسة التشّريعية، حيث تبعها قرار الوزراء والنواب المنضوون في حزب (تقدم)، الاستقالة من مناصبهم ومقاطعة اجتماعات ائتلاف (إدارة الدولة) والجلسات البرلمانية والعملية السياسية.
وبين مرحب ورافض للقرار؛ يبدو أن المشهد السياسي وضع تحت العديد من السيناريوهات الخاصة بالمرحلة القادمة، وهو ما أشار إليه قيادي سُني، بطرح اجتماعات القيادات السُنية التي انطلقت منذ مساء الثلاثاء للعديد من الخيارات.
خيارات التعامل مع الموقف..
وأضاف؛ أن الخيارات هي التوجه لتشّكيل تحالف سُني بعيدًا عن (تقدم) من أجل ترشيح أحد الشخصيات لإدارة البرلمان، فيما سيكون الخيار الثاني هو طرح عدة شخصيات والتنافس داخل البرلمان أو ترك البرلمان دون رئيس لحين التوافق التام؛ فيما سيكون الخيار الأخير هو التوجه نحو “المحكمة الاتحادية” من اجل تسّمية الكتلة السُنية التي ستكون لها الأحقية في اختيار رئيس البرلمان.
شغور كرسي الرئيس..
ويؤكد عضو اللجنة القانونية النيابية؛ “رائد المالكي”، شغور منصب رئاسة “مجلس النواب” بعد قرار “المحكمة الاتحادية”، مؤكدًا أن النائب الأول؛ “محسن المندلاوي”، سيتولى قيادة “مجلس النواب” مؤقتًا إلى حين التصّويت على رئيس جديد.
وقال “المالكي”؛ في حديث لوكالة (المعلومة)، إن: “النائب الأول لرئيس مجلس النواب؛ هو من يُدير إدارة الجلسات بدلاً عن؛ محمد الحلبوسي”.
وأضاف أنه: “يجب في أول جلسة يعقدها المجلس انتخاب رئيس بالأغلبية المطلقة؛ حسّب المادة (12) من النظام الداخلي”.
وأشار إلى أنه: “لا يحق لأي جهة الطعن بقرارات المحكمة الاتحادية العُليا؛ كونها باتة ومُلزمة للسلطات كافة”.
إعادة الثقة بالقضاء..
فيما يُشير الأمين العام لحزب (بيارق الخير)؛ “محمد الخالدي”، إلى أن قرار إنهاء عضوية رئيس البرلمان؛ “محمد الحلبوسي”، أعاد ثقة الناس بالعملية السياسية.
وقال “الخالدي”؛ في حديث لـ (المعلومة)، أن: “القضاء العراقي عادل ومنُصف وقراره بإنهاء عضوية الحلبوسي؛ يوم أمس، يُمثل انجازًا تاريخيًا إعادة ثقة الناس بالعملية السياسية”.
وأضاف، أن: “المرحلة التالية تتطلب تحرك النزاهة وفتحت ملفات الفساد والثراء الفاحش مع؛ الحلبوسي، وكل من عليه شّبهات”، مؤكدًا أن: “القضاء يبقى قويًا؛ وهو يُمثل حصن للشعب في مواجهة الفاسدين ومن يحاول فرض سطوته من خلال أدوات التلاعب”.
مشيرًا إلى أن: “إنهاء عضوية؛ الحلبوسي، لن تخلق أي أزمة سياسية، وأي محاولة لتسّيس ما حصل لن يخدم أي طرف والأمن يجب أن يكون خطًا أحمر”.
انتحار سياسي..
ويصف النائب عن تحالف (الفتح)؛ “محمد البلداوي”، انسّحاب حزب (تقدم)؛ برئاسة “محمد الحلبوسي”، من الحكومة والبرلمان بالانتحار السياسي، مبينًا إن (الإطار) لم يكن ضمن مسّاعي إقالة “الحلبوسي”.
وقال “البلداوي”؛ إن: “قرار الحلبوسي بسّحب حزبه من السلطة؛ يُعد انتحارًا سياسيًا وبمثابة لف الحبل حول رقبته”.
مضيفًا أن: “انسّحاب الوزراء لن يؤثر على عمل الحكومة؛ وأن حزب (تقدم) يعيش الآن ذروة انفعاله ضد إقالة الحلبوسي”.
موضحًا أن: “(الإطار) ليس طرفًا في إقالة الحلبوسي؛ كون (التنسّيقي) الشيعي هو الضامن لوجود هذه الحكومة وحتى البرلمان”.
إنهاء مشاركة حزب “تقدم”..
ومن جانبه؛ توقع القيادي في تحالف (العزم)؛ “حيدر الملا”، صدور قرار قضائي بإنهاء مشاركة حزب (تقدم) عن الانتخابات المقبلة؛ بعد عزل رئيسه؛ “محمد الحلبوسي”، بتهم التزوير.
وقال “الملا”؛ في حوار متلفز، إن: “قرار المحكمة الاتحادية بإنهاء عضوية؛ الحلبوسي، انتصار حقيقي وهو يجب أن يُدّرس بمدارس القضاء”.
وأضاف أن: “الحلبوسي؛ أصبح من الماضي ويخضع لسلطة القانون، حيث سيتم شّطب حزب (تقدم) من انتخابات مجالس المحافظات قانونيًا بسبب اتهام رئيسه بالتزوير”.
وأشار إلى أن: “الحلبوسي؛ أصغر من أن يتسّلم منصبًا أكبر منه؛ وأن جميع الكتل السُنية رحبت بقرار المحكمة الاتحادية بإنهاء عضوية؛ الحلبوسي، وهذا يحدث لأول مرة بالإجماع”.
مُلزم لكافة السلطات وغير قابل للاستئناف..
ويقول الخبير القانوني العراقي؛ “علي التميمي”، في لقاء مع موقع (سكاي نيوز عربية)، إنه بموجب المادة (93) من الدستور، فإن من صلاحيات “المحكمة الاتحادية” المصادقة على أعضاء البرلمان؛ وبالنتيجة فهي تمتلك حق الإقالة أيضًا من عضويته، ولها الحق في مراقبة تطبيق القوانين والفصل في القضايا والدعاوى الناشئة حول مدى صحة تنفيذها وشروط تحققها وفق صلاحياتها الواسعة.
المحكمة لا شك أنها تحققت من حصول واقعة التزوير، ما يعني عدم توفر مبدأ حُسن السّيرة والسلوك، وأصدرت قرارها بناءً على ذلك، وهو بات ومُلزم لكافة السلطات وغير قابل للاستئناف.
تحولات في المشهد السياسي السُني..
بدوره؛ يقول الكاتب والمحلل السياسي؛ “علي البيدر”، في حديث مع موقع (سكاي نيوز عربية): “غالبًا سيمر الأمر، كونه هناك تجارب سابقة مماثلة، وإن لم تصل لحد إقالة رئيس البرلمان، والواضح أن الأنظار ستتجه نحو الخطوة التالية والمنافسة على الظفر بمقعد رئاسة مجلس النواب؛ والذي هو المنصب السّيادي من حصة العرب السُنة، وهو ما ينطبق على الوزارات الثلاث الشاغرة بعد استقالة وزراء حزب (تقدم) من مناصبهم”.
لا شك ستحدث خلال المرحلة المقبلة تحولات في المشهد السياسي السُني وتبرز وجوه صف أول أخرى، سيما ونحن على أبواب استحقاق انتخابي محلي مهم، وبما يُسّهم في تعزيز الدور والحضور السُني الإيجابي بعيدًا عن التخندقات الطائفية ونحو تغليب خيارات التنافس الوطني، بما يخدم وحدة العراقيين ومصالحهم العُليا المشتركة في التنمية والاستقرار والأمن وضمان مشاركة كافة المكونات وتوازنها.