إعلان الاتفاق “التركي-الأميركي” حول منبج .. يستهدف إحراج واشنطن لمنعها من الإنسحاب !

إعلان الاتفاق “التركي-الأميركي” حول منبج .. يستهدف إحراج واشنطن لمنعها من الإنسحاب !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في محاولة من الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، لمواصلة مخططه للسيطرة على عدد من المدن السورية، عبر مجموعة تفاهمات تجريها “أنقرة” مع “واشنطن” للاتفاق على المدن التي ستتواجد بها القوات الأميركية والروسية.

نشرت وسائل الإعلام التركية أنباء حول التوصل لاتفاق “تركي-أميركي” على وضع خارطة طريق للتعاون في مدينة “منبج” السورية، خلال اجتماع مشترك حضره مسؤولون أميركان وأتراك من مجموعة العمل الخاصة بسوريا، الجمعة 25 أيار/مايو الماضي.

وذكرت أن الاتفاق أشتمل على تنفيذ خطة من 3 بنود بشأن “منبج” السورية.

الاتفاق المقرّر توقيعه في الرابع من حزيران/يونيو المقبل؛ يقضي بخروج المسلّحين الكرد خلال 30 يومًا، على أن تشرف أميركا وتركيا خلال 45 يوماً على “منبج”، عبر قوات مشتركة، إضافةً إلى إنشاء إدارة محلية في المدينة خلال 60 يومًا.

لافتة إلى إن قيادات التنظيم بدأت بمغادرة المدينة السورية للتوجه لاحقًا إلى “عين عيسى”.

إدارة “منبج” بواسطة قوات أميركية تركية..

وكان وزير الخارجية التركي، “مولود جاويش أوغلو”، سبق أن أعلن أن قوات أميركية وتركية ستدير “منبج”.

مؤكدًا أن تأييد خارطة الطريق بشأن “سوريا” سيكون الموضوع الأساس لمباحثاته مع نظيره الأميركي في واشنطن، لافتًا إلى أن خارطة الطريق التي جرى التوصل إليها مع واشنطن “لا تقتصر على منبج فقط؛ بل تشمل شمال سوريا كله”.

واشنطن تنفي..

فيما نفت وزارة الخارجية الأميركية ما نشر من تقارير إعلامية عن اتفاق بين واشنطن وأنقرة على خطة من ثلاث مراحل لسحب و”حدات حماية الشعب” الكردية السورية من مدينة “منبج” بشمال سوريا.

وقالت المتحدثة باسم الوزارة، “هيذر ناورت”، في بيان: “لم نتوصل لأي اتفاق بعد مع حكومة تركيا.. نحن مستمرون في المحادثات الجارية بخصوص سوريا والقضايا الأخرى التي تهم الجانبين”.

مشيرة إلى أن المسؤولين الأميركيين والأتراك التقوا في أنقرة، الأسبوع الماضي، لإجراء محادثات بشأن هذه القضية.

“قسد” تنفي إنسحاب وحداتها..

في رد كـ”الصعفة” على وجه أنقرة، نفى “شروان درويش”، المتحدث باسم “مجلس منبج العسكري” التابع لـ”قسد”، إنسحاب الوحدات الكردية من “منبج” تمهيدًا لدخول قوات تركية إليها.

قائلاً: إن “التنسيق مستمر بين مجلس منبج العسكري وقوات التحالف الدولي، ولا صحة لما يروّج عن إنسحاب قوات المجلس من المدينة”.

وأضاف: “بعض الجهات تحاول استهداف الأمن والاستقرار في المدينة من خلال نشر أكاذيب عارية عن الصحة”، منوهًا بأنهم على علم باجتماع بين التحالف الدولي وتركيا، ولم يتوصلا بعد إلى أي اتفاق حول مصير “منبج”.

ولفت “درويش” إلى أن وفدًا من وزارة الخارجية الأميركية زار “مجلس منبج العسكري” منذ يومين، مضيفًا أنهم “أكدوا دعمهم لقوات المجلس”.

القوات ما زالت موجودة..

كما ذكرت مصادر إعلامية معارضة بأن القوات الكردية لا تزال موجودة في “منبج” وفي نقاط تمركزها بمحيطها، ولم تجرِ أي إنسحابات حتى الآن من المدينة، وأضافت: إن “مجلس منبج العسكري” عمد في الأشهر الأخيرة لتشكيل أفواج عسكرية ومكاتب عسكرية، وسط تنسيق كامل مع “التحالف الدولي”، والتي توجد قواتها في المدينة ومحيطها.

وتشكل مدينة “منبج” أحد أبرز الملفات الشائكة بين واشنطن وأنقرة؛ وتسببت في توترت العلاقات بينهما إثر مطالبة الأخيرة بإنسحاب ميليشيا “الحماية” الكردية التي تصنفها منظمة “إرهابية” من المدينة.

كلام إعلامي فقط..

كما أكد القائد العام لمجلس “منبج” العسكري، “محمد أبو عادل”، على أنه لا توجد قوات كردية في مدينة “منبج”، شمال سوريا، مشددًا على أن “قوات سوريا الديمقراطية” إنسحبت من المدينة بعد 4 أشهر من تحريرها من قبضة تنظيم (داعش) الإرهابي.

وأضاف “أبو عادل”: أنه “لم يتم التوصل حتى الآن لأي اتفاق أميركي تركي”، متابعًا: “ما يثار حول الاتفاق الأميركي التركي بتسليم قيادة منبج كلام إعلامي فقط صادر من وسائل الإعلام التركية، ونحن في المدينة ولا يحدث أي شيء”.

ولفت “أبو عادل”، قائلاً: “كنا مجتمعين قبل يومين فقط بمبعوث أميركي في منبج ولم يثر موضوع تسليم قيادة المدينة”.

تركيا تُصر على دفع الأكراد لطلب المباحثات..

رغم النفي المستمر من الجانب الأميركي والكردي، يؤكد رئيس الوزراء التركي، “بن علي يلدريم”، على أن خطة إنسحاب مسلحي “وحدات حماية الشعب” الكردية من غرب “الفرات” في سوريا ستطبق أيضًا في جانبه الشرقي.

وقال “يلدريم”، خلال لقاء أجراه الخميس 30 أيار/مايو 2018، مع ممثلي المنظمات المدنية في ولاية “غريسون” شمال تركيا، في تطرقه إلى المحادثات الجارية بين بلاده والولايات المتحدة بشأن الوضع في مدينة “منبج” بريف محافظة “حلب” السورية: “نُصر في موضوع مدينة منبج على دفعهم إلى القول تعالوا لنجلس ونبحث هذا الموضوع”.

الاتفاق لم يخرج بشكل رسمي..

تعليقًا على الحدث؛ قال الدكتور “أحمد أويصال”، الأستاذ في جامعة اسطنبول ومدير مركز دراسات الشرق الأوسط، إن تفاصيل الاتفاق الموقع بين تركيا والولايات المتحدة لم تخرج بشكل رسمي، لكن الذي تم تسريبه أن الاتفاق نص على أن إدارة مدينة “منبج” سيتم بتعاون تركي أميركي من خلال إدارة محلية، يشكل فيها العرب أغلبية، والحفاظ على الأراضي السورية موحدة.

تُحرج الطرف الأميركي لمنعه من الإنسحاب..

أوضح المحلل السياسي التركي، “فوزي زاكر أوغلوا”، إن الاتفاق بين تركيا والولايات المتحدة حول سحب المقاتلين الأكراد من “منبج، كان من المفترض الإعلان عنه في الرابع من حزيران/يونيو 2018، وأثناء إنعقاد اجتماع وزيري الخارجية – التركي/الأميركي – في واشنطن، موضحًا أن تركيا تعمدت تسريب بنود الاتفاق قبل توقيعه، لوجود شكوك لديها حول معارضين لهذا الاتفاق في واشنطن، لذلك قررت تركيا إحراج الطرف الأميركي لمنعه من الإنسحاب.

تطبيق عملي لاتفاق سري سابق..

وفي موقع (المدن) الإلكتروني؛ يقول الكاتب، “عدنان الحسين”، أن الاتفاق الذي يدور الحديث حوله في الوقت الراهن هو تطبيق عملي لاتفاق سري سابق بين “تركيا” و”أميركا”، بخصوص منطقة “منبج”، عُقد في قاعدة “أنغرليك” الأميركية في “أضنة” التركية، أواخر العام 2016. وحضر ذلك الاجتماع، من بين آخرين، قائد “جند الحرمين” في منبج، “إبراهيم البناوي”، والذي أنضم لاحقاً لـ”قسد”، وكذلك قائد “كتائب شمس الشمال”، “فيصل أبو ليلى”، الذي إنضم لاحقاً أيضاً لـ”قسد”. واتفق حينها الجانبان، على أن تتم إدارة “منبج” من قبل الجانب الأميركي لمدة عامين، وإرساء الاستقرار فيها، مقابل عدم دخول قوات تتبع لـ”الوحدات” الكردية إليها، على أن تتعهد تركيا بعدم شنّ فصائل المعارضة أي عملية عسكرية بإتجاه المدينة. وبحسب “اتفاق أضنة”، ستدخل “منبج” في النهاية تحت سيطرة وإدارة مشتركة من القوات التركية والأميركية.

“العمال الكردستاني” دفع تركيا لتعديل الاتفاق..

وأضاف أن اكتشاف الاستخبارات التركية وجود عشرات العناصر من حزب “العمال الكردستاني”، بالإضافة لمئات العناصر من “الوحدات” الكردية، ممن يديرون شؤون المدينة، تسبب بإستياء الجانب التركي. الأمر الذي دفع الجانب التركي لتعديل الاتفاق، قبل نهاية مدة العامين المتفق عليها. وينتهي الاتفاق في آب/أغسطس المقبل، وهو الموعد الذي تحدث فيه “جاويش أوغلو”، عن إنسحاب “الوحدات” الكردية من مدينة “منبج”.

وأوضح أن “قسد” لم تلتزم بالتعليمات الأميركية، وحاولت الوصول لمدينة “جرابلس”، والسيطرة على مساحات واسعة خارج الخريطة التي وضعت لها، ما عجل حينها بدخول فصائل “الجيش الحر” إلى “جرابلس” بدعم من الجيش التركي ضمن عملية “درع الفرات”. وتم حينها طرد “قسد” من كافة المناطق التي تقدمت إليها شمالي نهر “الساجور”، الحد الفاصل المتفق عليه بين أنقرة وواشنطن.

سيجعلها أول مدينة منزوعة السلاح..

لفت “الحسين” إلى أن الاتفاق الجديد، إن تم التوقيع عليه، سيجعل من “منبج” أول مدينة منزوعة السلاح، وأول مدينة تخضع لسيطرة مشتركة “تركية-أميركية”، رغم الخلافات بين الطرفين. وتسعى تركيا من خلال الاتفاق، لتخفيف أعباء الضغط السكاني في المناطق الحدودية، التي تشرف عليها، كما ستكون نقطة بداية للتخلص من المخاطر على حدودها، بداية بـ”منبج”؛ ومن ثم المدن الحدودية مع تركيا شرقي “نهر الفرات”.

“منبج” ورقة ضغط أميركية على تركيا..

وتبقى خريطة الطريق بخصوص “منبج” معلقة، حتى يتم توقيعها بشكل رسمي. ولأنقرة تجارب غير سارة مع واشنطن، خاصة بعد خرق الأخيرة لتعهداتها بعدم تسليح “الوحدات”، وكذلك بعدم السماح لها بدخول “منبج”. ورغم بنائها للعديد من القواعد العسكرية الجديدة في محيط “منبج”، إلا أن الإدارة الأميركية تعتبر المدينة ورقة ضغط على تركيا، لخفض سقف مطالب أنقرة المستقبلية في ما يخص شرقي “الفرات”.

وإذا حصل الاتفاق؛ فستعمل تركيا على إعادة قبر مؤسس الدولة العثمانية، “سليمان شاه”، إلى مكانه القديم في منطقة “قره قوزاق” شرقي “منبج”، على الضفة الشرقية لـ”نهر الفرات”.

وفي حال لم يحصل توقيع الاتفاق بين الطرفين، ستعمل الولايات المتحدة على إخلاء “منبج” من القوات التابعة لـ”الوحدات” الكردية، وستبقي على “المجلس العسكري”، التابع لـ”قسد”، والذي تقول إنه مُشكّلٌ بنسبة كبيرة من العرب.

محاولات سابقة للسيطرة عليها..

يرى موقع (العهد) الإخباري الإلكتروني؛ أن الأتراك حاولوا، في فترات سابقة، ضمن عملية “درع الفرات” أن يشنوا هجوماً بإتجاه “منبج” للسيطرة عليها، إلا إنهم فشلوا حينها في ذلك، ولكن الفترة الماضية شهدت تصريحات عديدة تركية وأميركية بخصوص هذه المدينة، إلى أن أعلنت وسائل الإعلام التركية خارطة الطريق، التي تترك تساؤلات عديدة حول مغزاها وتوقيتها.

أسباب الإعلان عن خارطة الطريق..

وأوضح مصدرٌ سياسي سوري مطلع على الوضع في الشمال السوري، لموقع (العهد)؛ أن “الإعلان عن خارطة الطريق التركية الأميركية يرتبط بأكثر من جانب، أولها أن أميركا تريد أن تقدم للأتراك مغريات بالقدرة على إنجاز واقع جديد في منطقة منبج خاصة، وأن تركيا تُصر على أن وجود حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي هو خط أحمر، ولذلك تحاول واشنطن إرضاءها في فترة تشهد العلاقات بينهما توتراً واضحاً فيما يتعلق بهذا الشأن”.

لن تنجح الخطط التقسيمية..

خروج “الأكراد” من مدينة “منبج”، بعد مدينة “عفرين”، إن صحت المعلومات التي نقلتها وسائل الإعلام التركية، يعني أن وجودهم سينحصر في شرق “نهر الفرات”، ويعتقد المصدر السياسي السوري ذاته هنا أنه لا يمكن أن تنجح خطط تركيا وواشنطن التقسيمية، إن وجدت النية التركية لمثل هذه الخطط، فهناك إلتزام تركي واضح في محادثات “آستانة” فيما يتعلق بوحدة الأراضي السورية واستقلالها وسيادتها؛ والأتراك يبدون ملتزمين إلى حد ما في هذا المسار من خلال إقامة نقاط المراقبة في “إدلب”، وأكد على أن: “الاتفاقيات التي يجري الحديث عنها في الجنوب السوري ستسري في عدة مناطق أخرى ولن تتمكن أية جهة خارجية من إنجاز واقع يخالف إرادة الدولة السورية وحلفائها، لأن وحدة سوريا وسيادة أراضيها خط أحمر بالنسبة للدولة السورية وحلفائها، وحتى الأتراك بشكل أو بآخر من مصلحتهم عودة سيادة الدولة السورية، لكن يبقى لدى تركيا هاجس، وهو إنجاز نوع من التغيير الديموغرافي في شمال سوريا، بحيث تمنع الغالبية الكردية من أن تشكل خطراً مستقبلياً عليها يتجلى بأي مشروع كردي مستقبلي بدعم أميركي غربي”.

رهان فاشل..

أضاف المصدر السياسي السوري ذاته؛ أنه “إن تم الاتفاق، فهذا الأمر يؤكد أن رهان الأكراد على الأميركي كان فاشلاً، وأي رهان على قوى غير وطنية سورية هو رهان فاشل، وبالتالي فإن مخرج النجاة الوحيد للأكراد الانفصاليين الذين فضلوا التحالف مع الأميركي؛ هو العودة إلى الدولة السورية والتحاور معها وكل الخيارات الأخرى لن تعطي لهم أية نتيجة وسيبقون بشكل أو بآخر أداة بيد الولايات المتحدة”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة